بعض الآيات والأحاديث الدالة على حقارة الدنيا
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون [يونس: 24].
معناها: أن مثل الدنيا في سرعة الذهاب، والاتصاف بوصف يضاد ما كانت عليه ويباينه، مثل ما على الأرض من أنواع النبات، في زوال رونقه، وذهاب بهجته، وسرعة تقضيه، بعد أن كان غضا: مخضرا طريا، قد تعانقت أغصانه المتمائلة، وزهت أوراقه المتصافحة، وتلألأت أنوار نوره، وحاكت الزهر أنواع زهره.
و"إنما" ليست للحصر؛ لأنه تعالى ضرب للحياة أمثالا غير هذا، و"الزخرف": الذهب، ثم يشبه به كل مموه مزور.
شبهها بالعروس التي تلبس الثياب الجيدة المتلونة ألوانا كثيرة. وطول في "فتح البيان" في بيان معنى هذه الآية، فراجعه.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=34ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=35وزخرفا معناها: لولا أن يجتمعوا على الكفر، ميلا إلى الدنيا وزخرفها، أو
[ ص: 460 ] يرغبوا فيه إذا رأوا الكفار في سعة وتنعم، لجعلنا وأعطينا في الدنيا ما وصفناه، لهوان الدنيا عندنا.
همه اندر زمن بتواين ست كه تو طفلي وخانه رنكين ست
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وصححه،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664612 "لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرا منها شربة ماء"، وعن
المسور بن شداد قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664613كنت في الركب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السخلة الميتة، فقال: "أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها؟"، قالوا: من هوانها ألقوها يا رسول الله. قال: "فإن nindex.php?page=treesubj&link=29497الدنيا أهون على الله من هذه الشاة على أهلها" رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وحسنه.
وعن
قتادة بن النعمان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664329 "إذا أحب الله عبدا، حماه من الدنيا، كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء".
أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، وقال: حسن غريب. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يرفعه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=909385 "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم.
قال
البقاعي: ولا يبعد أن يكون ما صار إليه الفسقة والجبابرة، من زخرفة الدنيا، وأبنيتها، وتذهيب السقوف وغيرها، من مبادئ الفتنة، بأن يكون الناس أمة واحدة في الكفر، قرب الساعة، حتى لا تقوم الساعة إلا على من لا يقول: الله الله، أو في زمن الدجال؛ لأن من يبقى إذ ذاك على الحق، في غاية القلة، بحيث إنه لا عداد له في جانب الكفرة؛ لأن كلام الملوك لا يخلو عن حقيقة، وإن خرج مخرج الشرط، فكيف بملك الملوك سبحانه؟! انتهى.
قلت: وقد وجد ما قاله البقاعي في هذا الزمن، فقد سمعنا أن بعضهم بنى دارا، بذل عليها سبعين لكا، ومنهم من أقل أو أكثر، وهذا من أشراط الساعة.
وهذه السنة هي المئة الثالثة عشرة من سنين الهجرة، والناس انهمكوا في
[ ص: 461 ] الزخرف، وزخرفوا كل شيء من الدور والثياب وغيرها، وصاروا أمة واحدة في الفسوق والعصيان، وشيدوا المساجد والحرمين الشريفين، بما لم يكن في السلف، وظهرت الأمارات الصغرى جميعها فيهم، ولم يبق منها إلا ظهور المهدي، ونزول المسيح، وخروج الدجال، ولعل يظهر ذلك في أوائل المئة الرابعة عشرة، أو أواسطها، أو أواخرها.
تدل على هذا قرائن كثيرة، والله أعلم بحقائق الأمور، وإليه مصير الجمهور.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=35وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا ؛ أي: ما كل ذلك إلا ما يتمتع به في الدنيا الفانية فقط.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=35والآخرة عند ربك للمتقين [الزخرف: 35]؛ أي: لمن اتقى الشرك والمعاصي، وآمن بالله وحده، وعمل بطاعته، وترك الدنيا وزخرفتها، وبدعها، وضلالاتها، وآثر الآخرة؛ فإنها الباقية، التي لا تفنى، ونعيمها الدائم لا ينقطع.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=36ومن يعش ؛ أي: يعرض، أو يعدل
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=36عن ذكر الرحمن ولم يخف عقابه، ولم يرد ثوابه. وقيل: يولي ظهره عن القرآن وعن السنة.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=36نقيض له شيطانا فهو له قرين [الزخرف: 36]؛ أي: ملازم له في الدنيا، يمنعه من الحلال، ويبعثه على الحرام، وينهاه عن الطاعة والاتباع، ويأمره بالمعصية والابتداع، ولا يفارقه.
وقيل: في الآخرة إذا قام من قبره. وقيل: فيهما. قال القشيري: وهو الصحيح.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: معنى الآية: أن من أعرض عن القرآن والحديث وما فيهما من الحكم والحكم، إلى أباطيل المضلين، يعاقبه الله بشيطان يقيضه له، حتى يضله ويلازمه قرينا، فلا يهتدي، مجازاة له حين آثر الباطل على الحق البين.
بَعْضُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى حَقَارَةِ الدُّنْيَا
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضِ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [يُونُسُ: 24].
مَعْنَاهَا: أَنَّ مَثَلَ الدُّنْيَا فِي سُرْعَةِ الذَّهَابِ، وَالِاتِّصَافِ بِوَصْفٍ يُضَادُّ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَيُبَايِنُهُ، مَثَلُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ أَنْوَاعِ النَّبَاتِ، فِي زَوَالِ رَوْنَقِهِ، وَذَهَابِ بَهْجَتِهِ، وَسُرْعَةِ تَقَضِّيهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ غَضًّا: مُخْضَرًّا طَرِيًّا، قَدْ تَعَانَقَتْ أَغْصَانُهُ الْمُتَمَائِلَةُ، وَزَهَتْ أَوْرَاقُهُ الْمُتَصَافِحَةُ، وَتَلَأْلَأَتْ أَنْوَارُ نُورِهِ، وَحَاكَتِ الزَّهْرُ أَنْوَاعَ زَهْرِهِ.
وَ"إِنَّمَا" لَيْسَتْ لِلْحَصْرِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى ضَرَبَ لِلْحَيَاةِ أَمْثَالًا غَيْرَ هَذَا، وَ"الزُّخْرُفُ": الذَّهَبُ، ثُمَّ يُشَبَّهُ بِهِ كُلُّ مُمَوَّهٍ مُزَوَّرٍ.
شَبَّهَهَا بِالْعَرُوسِ الَّتِي تَلْبَسُ الثِّيَابَ الْجَيِّدَةَ الْمُتَلَوِّنَةَ أَلْوَانًا كَثِيرَةً. وَطَوَّلَ فِي "فَتْحِ الْبَيَانِ" فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ، فَرَاجِعْهُ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=34وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=35وَزُخْرُفًا مَعْنَاهَا: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الْكُفْرِ، مَيْلًا إِلَى الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا، أَوْ
[ ص: 460 ] يَرْغَبُوا فِيهِ إِذَا رَأَوُا الْكُفَّارَ فِي سَعَةٍ وَتَنَعُّمٍ، لَجَعَلْنَا وَأَعْطَيْنَا فِي الدُّنْيَا مَا وَصَفْنَاهُ، لِهَوَانِ الدُّنْيَا عِنْدَنَا.
همه اندر زمن بتواين ست كه تو طفلي وخانه رنكين ست
أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=31سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664612 "لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ"، وَعَنِ
الْمِسْوَرِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664613كُنْتُ فِي الرَّكْبِ الَّذِينَ وَقَفُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّخْلَةِ الْمَيِّتَةَ، فَقَالَ: "أَتَرَوْنَ هَذِهِ هَانَتْ عَلَى أَهْلِهَا حِينَ أَلْقَوْهَا؟"، قَالُوا: مِنْ هَوَانِهَا أَلْقَوْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَإِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=29497الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ عَلَى أَهْلِهَا" رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
وَعَنْ
قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664329 "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا، حَمَاهُ مِنَ الدُّنْيَا، كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ".
أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=909385 "الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ" أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ.
قَالَ
الْبَقَاعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَا صَارَ إِلَيْهِ الْفَسَقَةُ وَالْجَبَابِرَةُ، مِنْ زَخْرَفَةِ الدُّنْيَا، وَأَبْنِيَتِهَا، وَتَذْهِيبِ السُّقُوفِ وَغَيْرِهَا، مِنْ مَبَادِئِ الْفِتْنَةِ، بِأَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الْكُفْرِ، قُرْبَ السَّاعَةِ، حَتَّى لَا تَقُومَ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى مَنْ لَا يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ، أَوْ فِي زَمَنِ الدَّجَّالِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَبْقَى إِذْ ذَاكَ عَلَى الْحَقِّ، فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ، بِحَيْثُ إِنَّهُ لَا عِدَادَ لَهُ فِي جَانِبِ الْكَفَرَةِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُلُوكِ لَا يَخْلُو عَنْ حَقِيقَةٍ، وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ، فَكَيْفَ بِمَلِكِ الْمُلُوكِ سُبْحَانَهُ؟! انْتَهَى.
قُلْتُ: وَقَدْ وَجَدَ مَا قَالَهُ الْبَقَاعِيُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ، فَقَدْ سَمِعْنَا أَنَّ بَعْضَهُمْ بَنَى دَارًا، بَذَلَ عَلَيْهَا سَبْعِينَ لَكًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَهَذَا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ.
وَهَذِهِ السَّنَةُ هِيَ الْمِئَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مِنْ سِنِينِ الْهِجْرَةِ، وَالنَّاسُ انْهَمَكُوا فِي
[ ص: 461 ] الزُّخْرُفِ، وَزَخْرَفُوا كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الدُّورِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا، وَصَارُوا أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَشَيَّدُوا الْمَسَاجِدَ وَالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّلَفِ، وَظَهَرَتِ الْأَمَارَاتُ الصُّغْرَى جَمِيعُهَا فِيهِمْ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا ظُهُورُ الْمَهْدِيِّ، وَنُزُولُ الْمَسِيحِ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ، وَلَعَلَّ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْمِئَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ، أَوْ أَوَاسِطِهَا، أَوْ أَوَاخِرِهَا.
تَدُلُّ عَلَى هَذَا قَرَائِنُ كَثِيرَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ، وَإِلَيْهِ مَصِيرُ الْجُمْهُورِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=35وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ؛ أَيْ: مَا كُلُّ ذَلِكَ إِلَّا مَا يُتَمَتَّعُ بِهِ فِي الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ فَقَطْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=35وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [الزُّخْرُفُ: 35]؛ أَيْ: لِمَنِ اتَّقَى الشِّرْكَ وَالْمَعَاصِيَ، وَآمَنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ، وَتَرَكَ الدُّنْيَا وَزَخْرَفَتَهَا، وَبِدَعَهَا، وَضَلَالَاتِهَا، وَآثَرَ الْآخِرَةَ؛ فَإِنَّهَا الْبَاقِيَةُ، الَّتِي لَا تَفْنَى، وَنَعِيمُهَا الدَّائِمُ لَا يَنْقَطِعُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=36وَمَنْ يَعْشُ ؛ أَيْ: يُعْرِضُ، أَوْ يَعْدِلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=36عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَخْفَ عِقَابُهُ، وَلَمْ يُرِدْ ثَوَابَهُ. وَقِيلَ: يُوَلِّي ظَهْرَهُ عَنِ الْقُرْآنِ وَعَنِ السُّنَّةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=36نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزُّخْرُفُ: 36]؛ أَيْ: مُلَازِمٌ لَهُ فِي الدُّنْيَا، يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَلَالِ، وَيَبْعَثُهُ عَلَى الْحَرَامِ، وَيَنْهَاهُ عَنِ الطَّاعَةِ وَالِاتِّبَاعِ، وَيَأْمُرُهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَالِابْتِدَاعِ، وَلَا يُفَارِقُهُ.
وَقِيلَ: فِي الْآخِرَةِ إِذَا قَامَ مِنْ قَبْرِهِ. وَقِيلَ: فِيهِمَا. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ: مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْحُكْمِ وَالْحِكَمِ، إِلَى أَبَاطِيلِ الْمُضِلِّينَ، يُعَاقِبُهُ اللَّهُ بِشَيْطَانٍ يُقَيِّضُهُ لَهُ، حَتَّى يُضِلَّهُ وَيُلَازِمَهُ قَرِينًا، فَلَا يَهْتَدِي، مُجَازَاةً لَهُ حِينَ آثَرَ الْبَاطِلَ عَلَى الْحَقِّ الْبَيِّنِ.