الوجه التاسع:
nindex.php?page=treesubj&link=26460_28713_28712أن يقال له: أما صيغة التثنية فإنها نص في مسماها، لأنها من أسماء العدد، وأسماء العدد نصوص لا يجوز اثنان أو ثلاثة أو أربعة، ويعني به إلا ذلك العدد حتى أنه قيل في مثل قوله: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [البقرة: 228] أن ذلك يوجب القروء الكاملة لكونه بلفظ العدد بخلاف قوله: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الحج أشهر معلومات [البقرة: 197] فإنه يراد به بعض الثلاث، لكونه لفظ جمع ولكون مثل ذلك مستعملا في أسماء الزمان، وأما صيغة المفرد فكثيرا ما يراد بها الجنس فيتناوله سواء كان واحدا أو اثنين أو ثلاثة، كما قد يراد بها الواحد في العين، وقد يقال: الأصل هو الأول، ولهذا إذا دخل حرف النفي عليها كان ظاهرها نفي الجنس، وقد يراد بها نفي الواحد من الجنس فيقال: ما جاءني رجل بل رجلان. هذا خلاف الظاهر.
والأصل عند الإطلاق إذا قلت: ما جاءني رجل أن تكون
[ ص: 484 ] نافية للجنس، ونفي الواحد يكون بقرينة، ولهذا عامة المفرد المضاف في القرآن كذلك، مثل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ليلة الصيام و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=211نعمة الله ونحو ذلك.
وإذا كان كذلك، فقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26بيدك الخير و
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1بيده الملك يدل على جنس اليد، فيعم ما للمضاف إليه، سواء كانت يدا أو يدين، أو يكون مطلقا لا يدل على عموم ولا خصوص، وكذلك قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39ولتصنع على عيني يتناول ما للمضاف إليه من ذلك، وقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=711485 "فيكشف الرب عن ساقه" nindex.php?page=hadith&LINKID=656168و"حتى يضع رب العزة فيها قدمه" يقال: إنه من المطلق أيضا، إذ الجنس المضاف يراد به العموم تارة، ويراد به مطلق الجنس تارة، والمقصود أن ذلك لا يوجب أن يكون واحدا بالعين.
وأما صيغة الجمع واستعمالها بمعنى التثنية فقد تقدمت
[ ص: 485 ] شواهده وإذا كان كذلك: كان ظاهر القرآن بل نصه أن لله يدين، وكان ما ذكر فيه من لفظ المفرد أريد به الجنس، وما ذكر فيه من لفظ الجمع أريد به المثنى، وكل هذا هو من ظاهر الخطاب وفصيح اللغة، ليس فيه شيء من غريب اللغة وخفيها، بل هو جار على الاستعمال الظاهر المشهور، فتبين: أنما جعله ظاهر القرآن هو خلاف نصه وظاهره.
الوجه العاشر: أنه إذا كان مقصوده أن الله ليس موصوفا بظواهر النصوص فكان ينبغي أن يذكر ما وردت به الأخبار أيضا فإنه موصوف بالأمرين جميعا، وفيما وصف به من الأخبار ما إذا ضم إلى القرآن تبين من مجموع النصوص زوال ما ادعاه من الشناعة، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687049 "المقسطون عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين".
الْوَجْهُ التَّاسِعُ:
nindex.php?page=treesubj&link=26460_28713_28712أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَمَّا صِيغَةُ التَّثْنِيَةِ فَإِنَّهَا نَصٌّ فِي مُسَمَّاهَا، لِأَنَّهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْعَدَدِ، وَأَسْمَاءِ الْعَدَدِ نُصُوصٌ لَا يَجُوزُ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَوْ أَرْبَعَةٌ، وَيَعْنِي بِهِ إِلَّا ذَلِكَ الْعَدَدَ حَتَّى أَنَّهُ قِيلَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [الْبَقَرَةِ: 228] أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْقُرُوءَ الْكَامِلَةَ لِكَوْنِهِ بِلَفْظِ الْعَدَدِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [الْبَقَرَةِ: 197] فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ بَعْضُ الثَّلَاثِ، لِكَوْنِهِ لَفْظَ جَمْعٍ وَلِكَوْنِ مِثْلِ ذَلِكَ مُسْتَعْمَلًا فِي أَسْمَاءِ الزَّمَانِ، وَأَمَّا صِيغَةُ الْمُفْرَدِ فَكَثِيرًا مَا يُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ فَيَتَنَاوَلُهُ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، كَمَا قَدْ يُرَادُ بِهَا الْوَاحِدُ فِي الْعَيْنِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَصْلُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَلِهَذَا إِذَا دَخَلَ حَرْفُ النَّفْيِ عَلَيْهَا كَانَ ظَاهِرُهَا نَفْيَ الْجِنْسِ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا نَفْيُ الْوَاحِدِ مِنَ الْجِنْسِ فَيُقَالُ: مَا جَاءَنِي رَجُلٌ بَلْ رَجُلَانِ. هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَالْأَصْلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إِذَا قُلْتَ: مَا جَاءَنِي رَجُلٌ أَنْ تَكُونَ
[ ص: 484 ] نَافِيَةً لِلْجِنْسِ، وَنَفِيُ الْوَاحِدِ يَكُونُ بِقَرِينَةٍ، وَلِهَذَا عَامَّةُ الْمُفْرَدِ الْمُضَافِ فِي الْقُرْآنِ كَذَلِكَ، مِثْلُ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187لَيْلَةَ الصِّيَامِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=211نِعْمَةَ اللَّهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26بِيَدِكَ الْخَيْرُ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=1بِيَدِهِ الْمُلْكُ يَدُلُّ عَلَى جِنْسِ الْيَدِ، فَيَعُمُّ مَا لِلْمُضَافِ إِلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ يَدًا أَوْ يَدَيْنِ، أَوْ يَكُونُ مُطْلَقًا لَا يَدُلُّ عَلَى عُمُومٍ وَلَا خُصُوصٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي يَتَنَاوَلُ مَا لِلْمُضَافِ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=711485 "فَيَكْشِفُ الرَّبُّ عَنْ سَاقِهِ" nindex.php?page=hadith&LINKID=656168وَ"حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ" يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الْمُطْلَقِ أَيْضًا، إِذِ الْجِنْسُ الْمُضَافُ يُرَادُ بِهِ الْعُمُومُ تَارَةً، وَيُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْجِنْسِ تَارَةً، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا بِالْعَيْنِ.
وَأَمَّا صِيغَةُ الْجَمْعِ وَاسْتِعْمَالُهَا بِمَعْنَى التَّثْنِيَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَتْ
[ ص: 485 ] شَوَاهِدُهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: كَانَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بَلْ نَصُّهُ أَنَّ لِلَّهِ يَدَيْنِ، وَكَانَ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ لَفْظِ الْمُفْرَدِ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ، وَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ لَفْظِ الْجَمْعِ أُرِيدَ بِهِ الْمُثَنَّى، وَكُلُّ هَذَا هُوَ مِنْ ظَاهِرِ الْخِطَابِ وَفَصِيحِ اللُّغَةِ، لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ غَرِيبِ اللُّغَةِ وَخَفِيِّهَا، بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الظَّاهِرِ الْمَشْهُورِ، فَتَبَيَّنَ: أَنَّمَا جَعْلُهُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ هُوَ خِلَافُ نَصِّهِ وَظَاهِرِهِ.
الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَقْصُودُهُ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ مَوْصُوفًا بِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ مَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ أَيْضًا فَإِنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، وَفِيمَا وَصَفَ بِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا إِذَا ضُمَّ إِلَى الْقُرْآنِ تَبَيَّنَ مِنْ مَجْمُوعِ النُّصُوصِ زَوَالُ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الشَّنَاعَةِ، مِثْلَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687049 "الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ".