2052 -
nindex.php?page=treesubj&link=33950_34064أحمد بن يحيى بن إسحاق ، أبو الحسين الريوندي الملحد الزنديق :
[قال المؤلف] : وإنما ذكرته ليعرف قدر كفره ، فإنه معتمد الملاحدة والزنادقة ، ويذكر أن أباه كان يهوديا ، وأسلم هو ، فكان بعض اليهود يقول للمسلمين: لا يفسدن عليكم هذا كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة ، فعلم
أبو الحسين اليهود وقال: قولوا عن
موسى إنه قال لا نبي بعدي .
وأنبأنا
محمد بن أبي طاهر البزاز ، قال: أنبأنا
علي بن المحسن التنوخي ، عن أبيه ، قال: كان
الريوندي يلازم
الرافضة وأهل الإلحاد ، فإذا عوتب قال: إنما أريد أن أعرف مذاهبهم ثم كاشف وناظر .
قال المصنف : وقد كنت أسمع عنه بالعظائم حتى رأيت ما لم يخطر مثله على قلب أن يقوله عاقل ، ووقعت على كتبه فمنها: كتاب "نعت الحكمة" ، وكتاب "قضيب الذهب" ، وكتاب "الزمرد" [وكتاب "التاج" ، وكتاب "الدامغ" ، وكتاب "الفريد" ، وكتاب "إمامة المفضول" .
وقد نقض عليه هذه الكتب جماعة فأما كتاب نعت الحكمة ، وكتاب قضيب
[ ص: 109 ] الذهب ، وكتاب التاج ، وكتاب الزمرد] والدامغ فنقضها عليه
أبو [علي] محمد بن عبد الوهاب الجبائي ، وقد نقض [عليه أيضا] كتاب الزمرد
أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد الخياط ، ونقض عليه أيضا كتاب إمامة المفضول .
وقد كان
ابن الريوندي ، وأبو عيسى محمد بن هارون الوراق الملحد أيضا يتراميان بكتاب الزمرد ، ويدعي كل واحد منهما على الآخر أنه تصنيفه ، وكانا يتوافقان على الطعن في القرآن ، وأما كتاب الفريد فنقضه عليه
أبو هاشم عبد السلام بن علي الجبائي .
[قال المؤلف] : ورأيت بخط
nindex.php?page=showalam&ids=13372أبي الوفاء ابن عقيل ، قال: كان
الخبيث ابن الريوندي قد سمى كتابه الذي اعترض به على الشريعة الإسلامية المعصومة على اعتراض مثله من الملحدين كتاب الزمرد ، فأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=13980أبو علي الجبائي يعيبه في تسميته بالزمرد ، ويذهب إلى أنه أخطأ وجهل في تلقيب العلم بالجواهر ، وأن أهل العلم لا يعيرون العلوم أسماء ما دونها والجواهر ناقصة بالإضافة إلى العلوم ، فأزرى عليه بذلك ظنا منه أنه قصد تلقيبه بالزمرد إعارة له اسم النفيس من الجواهر .
[قال
ابن عقيل] : فوجدنا في بعض كلامه من كتاب آخر [ما] أبان به عن غير ذلك مما هو أخبث مما ظنه
أبو علي ، فقال: إن [للزمرد خاصة هي أنه إذا رآه الأفعى وسائر الحيات عميت قال: فكان قصدي أن الشبهة التي أودعتها الكتاب تعمي حجج المحتجين! فاعتقد ما أورده عاملا في] حجج الشرع حسب ما أثر الزمرد في حدق
[ ص: 110 ] الحيات ، فانظروا إلى استقصائه في الازدراء بالشرائع . قال
ابن عقيل: وعجبي كيف عاش وقد صنف الدامغ ، يزعم أنه قد دمغ به القرآن ، والزمرد يزري به على النبوات ، ثم لا يقتل! وكم قد قتل لص في غير نصاب ولا هتك حرز ، وإنما سلم مدة وعاش ، لأن الإيمان ما صفا في قلوب أكثر الخلق بل في القلوب شكوك وشبهات ، وإلا فلما صدق إيمان بعض الصحابة قتل أباه .
ومن بلهه تتبعه للقرآن وقد مر على مسامع سادات العرب ، فدهش الكل منه وعجز الفصحاء عنه ، فطمع هو من جهله باللغة أن يستدرك عليهم ، فأبان عن فضيحته .
قال المصنف : وقد ، نظرت في كتاب الزمرد فرأيت فيه من الهذيان البارد الذي لا يتعلق بشبهه ، حتى أنه لعنه الله قال فيه: "نجد في كلام
أكثم بن صيفي أحسن من
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إنا أعطيناك الكوثر في نظائر لهذا .
قال المصنف ، وفيه أن الأنبياء وقعوا بطلسمات ، كما أن المغناطيس يجذب ، وهذا كلام ينبغي أن يستحيا من ذكره ، فإن العقاقير قد عرفت أمورها وجربت ، فكيف وقع هؤلاء الأنبياء بما خفي عمن كان أنظر منهم؟ ثم إن المغناطيس يجذب ولا يرد ، ونبينا صلى الله عليه وسلم دعا شجرة وردها .
وقال: قوله لعمار: "تقتلك الفئة الباغية ، فإن المنجم يقول مثل هذا فقيل
[ ص: 111 ] له: إنما يعرف مثل هذا المنجم إذا عرف المولد ، وأخذ الطالع ، ثم قد لا يصيب وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بخبر غيب ، فكان كما قال: ثم أخذ لعنه الله يعيب القرآن ويدعي أن فيه لحنا ، واستدرك ذاك الخلف بزعمه على الأعادي الفصحاء الذين سلموا لفصاحته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13980أبو علي الجبائي: قرأت كتاب الملحد الجاهل السفيه
ابن الريوندي ، فلم أجد فيه إلا السفه والكذب والافتراء ، قال: وقد وضع كتابا في قدم العالم ، ونفي الصانع ، وتصحيح مذهب
الدهرية ، وفى الرد على مذهب أهل التوحيد ، ووضع كتابا في الطعن على
محمد صلى الله عليه وسلم وسماه الزمرد ، وشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعة عشر موضعا في كتابه ، ونسبه إلى الكذب ، وطعن في القرآن ، ووضع كتابا لليهود والنصارى على المسلمين يحتج لهم فيه في إبطال نبوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من الكتب التي تبين خروجه عن الإسلام .
وقال
أبو هاشم بن أبي علي الجبائي : ابتدأ
ابن الريوندي لعنه الله كلامه في كتاب الفريد ، فقال: إن المسلمين احتجوا لنبوة نبيهم بالكتاب الذي أتى به وتحدى به ، فلم يقدروا على معارضته ، قال: فيقال لهم: غلطتم وغلبت العصبية على قلوبكم أخبرونا لو ادعى مدع [لمن تقدم] من الفلاسفة مثل دعواكم في القرآن ، وقال: الدليل على [صدق]
بطليموس وإقليدس فيما ادعيا أن صاحب
إقليدس جاء به فادعى أن الخلق يعجزون عنه لكان ثبتت نبوته .
قلنا: قد يكون في زمن
إقليدس من هو أعرف منه ، وإنما شاع كتابه بعده ، ولو
[ ص: 112 ] اجتمع أرباب علمه لجمعوا مثله ، ثم لو كان نبينا بكتابه لم يقدح ذلك في دلالة نبينا صلى الله عليه وسلم .
وذكر في كتاب نعت الحكمة تقبيح اعتقاد من يعتقد أن أهل النار يخلدون ، وقال:
لا نفع لهم في ذلك ولا للخالق ، والحكيم لا يفعل شيئا لا نفع فيه ، وهذا جهل منه لأنه يريد بهذا تعليل أفعال الخالق سبحانه وأفعاله لا تعلل ، لأن حكمته فوق العقل المعلل ، ثم يلزمه هذا بتعذيبهم ساعة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13980أبو علي الجبائي: كان السلطان قد طلب
أبا عيسى الوراق وابن الريوندي ، فأما
الوراق فأخذ ، وحبس ومات في السجن ، وأما
ابن الريوندي فإنه هرب إلى
ابن لاوي اليهودي ، ووضع له كتاب "الدامغ" في الطعن على
محمد صلى الله عليه وسلم وعلى القرآن ، ثم لم يلبث إلا أياما يسيرة حتى مرض ومات .
قال المصنف : وقد ذكر في كتاب "الدامغ" من الكفر أشياء تقشعر منها الجلود ، غير أني آثرت أن أذكر منها طرفا ليعرف مكان هذا الملحد من الكفر ، ويستعاذ بالله سبحانه من الخذلان! فمن ذلك أنه قال عن الخالق تعالى عن ذلك: من ليس عنده من الدواء إلا القتل فعل العدو الحنق الغضوب ، فما حاجته إلى كتاب ورسول ؟ وهذا قول جاهل بالله سبحانه لأنه لا يوصف بالحنق ولا بالحاجة وما عاقب حتى أنذر .
وقال لعنه الله ووجدناه يزعم أنه يعلم الغيب ، فيقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ثم يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم . وهذا جهل
[ ص: 113 ] منه بالتفسير ولغة العرب ، وإنما المعنى ليظهر ما علمناه ، ومثله:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=31ولنبلونكم حتى نعلم أي نعلم ذلك واقعا .
وقال بعض العلماء: حتى يعلم أنبياؤنا والمؤمنون [به] . وقال في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76إن كيد الشيطان كان ضعيفا أي أضعف له ، وقد أخرج
آدم وأزل خلقا! وهذا تغفل منه ، لأن كيد إبليس تسويل بلا حجة والحجج ترده ، ولهذا كان ضعيفا ، فلما مالت الطباع إليه آثر وفعل .
وقال: من لم يقم بحساب ستة تكلم بها في الجملة فلما صار إلى التفاريق وجدناه قد غلط فيها [باثنين] وهو قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=9خلق الأرض في يومين ، ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=10وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=12فقضاهن سبع سماوات في يومين ، فعدها هذا المغفل ثمانية ولو نظر في أقوال العلماء لعلم أن المعنى في تتمة أربعة أيام .
وقال: في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=118إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وقد جاع وعري! وهذا المغفل الملعون ما فهم أن الأمر مشروط بالوفاء بما عوهد عليه من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين .
وقال في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=25وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58وربك الغفور ذو الرحمة [ ص: 114 ] فأعظم الخطوب ذكره الرحمة مضموما إلى إهلاكهم! وهذا الأبله الملعون ما علم أنه لما وصف نفسه بالمعاقبة للمذنبين فانزعجت القلوب ضم إلى ذلك ذكر الرحمة بالحلم عن العصاة والإمهال والمسامحة في أكثر الكسب .
قال: [ونراه] يفتخر بالمكر والخداع! وهذا المسكين الملعون قد نسب المعنى إلى الافتخار! ولا يفهم أن معنى مكره جزاء الماكرين .
قال الملعون: ومن الكذب قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم وهذا كان قبل تصوير
آدم! وهذا الأحمق الملعون [لو طالع أقوال العلماء وفهم سعة اللغة علم أن المعنى خلقنا
آدم وصورناه كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11إنا لما طغى الماء حملناكم .
وقال:] ضمن فاحش ظلمه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=56كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها فعذب جلودا لم تعصه! وهذا الأحمق الملعون لا يفهم أن الجلد آلة للتعذيب ، فهو كالحطب يحرق لإنضاج غيره ، ولا يقال إنه معذب ، وقد قال العلماء: إن الجلود الثانية هي الأولى أعيدت كما يعاد الميت بعد البلى .
قال: وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإنما يكره السؤال
[ ص: 115 ] رديء السلعة لئلا تقع عليه عين التاجر فيفتضح ، فانظروا إلى عامية هذا الأحمق الملعون وجهله ، أتراه قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101لا تسألوا عن الدليل على صحة قولي؟ إنما كانوا يسألون فيقول قائلهم: من أبى؟ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101لا تسألوا عن أشياء يعنى من هذا الجنس ، فربما قيل للرجل أبوك فلان وهو غير أبيه الذي يعرف فيفتضح .
قال: ولما وصف الجنة ، قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وهو الحليب ، ولا يكاد يشتهيه إلا الجياع ، وذكر العسل ولا يطلب صرفا ، والزنجبيل وليس من لذيذ الأشربة ، والسندس يفرش ولا يلبس ، وكذلك الإستبرق الغليظ ، قال: ومن تخايل أنه في الجنة يلبس هذا الغليظ ويشرب الحليب والزنجبيل صار كعروس الأكراد والنبط ، فانظروا إلى لعب هذا الملعون المستهزئ وجهله! ومعلوم أن الخطاب إنما هو للعرب وهم يؤثرون ما وصف ، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=28في سدر مخضود nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=29وطلح منضود ، ثم إنما وصف أصول الأشياء المتلذذ [بها ، فالقدرة] قد تكون من اللبن أشياء كالمطبوخات وغيرها ومن العسل [أشياء] يتحلى بها ، ثم قال عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وقال: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فوصف ما يعرف
[ ص: 116 ] ويشتهى وضمن ما لا يعرف ، وقال: إنما أهلك
ثمود لأجل ناقة ، وما قدر ناقة؟ وهذا جهل منه الملعون [فإنه] إنما أهلكهم لعنادهم وكفرهم في مقابلة المعجزة ، لا لإهلاك ناقة .
قال: وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=28لا يهدي من هو مسرف كذاب . ولو فهم أن الإسراف الأول في الخطايا دون الشرك ، والثاني في الشرك ، وما يتعلق بكل آية يكشف معناها . قال: ووجدناه يفتخر بالفتنة التي ألقاها بينهم كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وكذلك فتنا بعضهم ببعض nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3ولقد فتنا الذين من قبلهم ، ثم أوجب للذين فتنوا المؤمنين عذاب الأبد! وهذا الجاهل الملعون لا يدري أن الفتنة [كلمة] يختلف معناها في القرآن ، فالفتنة معناها: الابتلاء . كالآية الأولى ، والفتنة الإحراق كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10فتنوا المؤمنين .
وقال: وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وله أسلم من في السماوات والأرض خبر محال ، لأنه ليس كل الناس مسلمين ، وكذلك قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44وإن من شيء إلا يسبح بحمده وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض ، ولو أن هذا الزنديق الملعون طالع التفسير
[ ص: 117 ] وكلام العرب لما قال هذا ، إنما يتكلم بعاميته وحمقه ، وإنما المعنى وله [أسلم] استسلم والكل منقاد لما قضى به وكل ذليل لأمره ، وهو معنى السجود ، ثم قد تطلق العرب لفظ الكل وتريد البعض كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=25تدمر كل شيء .
[وقد] ذكر الملعون أشياء من هذا الجنس مزجها بسوء الأدب ، والانبساط القبيح ، والذكر للخالق سبحانه وتعالى بما لا يصلح أن يذكر به أحد العوام ، وما سمعنا أن أحدا عاب الخالق وانبسط كانبساط هذا اللعين قبله ويلومه لو جحد الخالق كان أصلح له من أن يثبت وجوده ، [ثم يخاصمه] ويعيبه وليس له في شيء مما قاله شبهة ، فضلا عن حجة فتذكر ويجاب عنها ، وإنما هو خذلان فضحه الله تعالى به في الدنيا ، والله تعالى يقابله يوم القيامة مقابلة تزيد على مقابلة إبليس ، وإن خالف ، لكنه احترم في الخطاب كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82فبعزتك ولم يواجه بسوء أدب كما واجه هذا اللعين ، جمع الله بينهما ، وزاد هذا من العذاب .
وقد حكينا عن
الجبائي أن
ابن الريوندي مرض ومات ، ورأيت بخط
ابن عقيل أنه صلبه بعض السلاطين [والله أعلم] . وقال
ابن عقيل: ووجدت في تعليق محقق من أهل العلم: أن
ابن الريوندي مات وهو ابن ست وثلاثين سنة ، مع ما انتهى إليه من التوغل في المخازي لعنه الله وشدد عذابه .
[ ص: 118 ]
2053 -
nindex.php?page=treesubj&link=33935_34064الجنيد بن محمد بن الجنيد ، أبو القاسم الخزاز ، ويقال: القواريري :
قيل كان أبوه قواريريا وكان هو خزازا ، وأصله من
نهاوند إلا أن مولده ومنشأه
ببغداد ، سمع
nindex.php?page=showalam&ids=14120الحسن بن عرفة ، وتفقه على
أبي ثور ، وكان يفتي بحضرته وهو ابن عشرين سنة ، وصحب جماعة من أهل الخير ، واشتهر بصحبة
الحارث المحاسبي ، وسري السقطي ، ولازم التعبد ، وتكلم على طريقة التصوف .
أخبرنا
عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا
[أبو بكر] أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرنا
أحمد بن علي المحتسب ، قال: أخبرنا
الحسن بن الحسين الفقيه ، قال: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14244جعفرا الخلدي يقول: قال
nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد: ما أخرج الله إلى الأرض علما وجعل للخلق إليه سبيلا إلا وقد جعل [الله] لي فيه حظا ونصيبا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14244الخلدي : وبلغني عن
nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد أنه كان في سوقه ، وكان ورده في كل يوم ثلاثمائة ركعة وثلاثين ألف تسبيحة .
أخبرنا
عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا
أحمد بن علي بن ثابت قال: [أخبرني
أبو الحسن محمد بن عبد الواحد ، قال: أخبرني
محمد بن الحسين [ ص: 119 ] السلمي ، قال: سمعت
أبا بكر البجلي يقول: سمعت
أبا محمد الحريري ، يقول: كنت واقفا على رأس
nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد وقت وفاته وهو يقرأ القرآن ، فقلت: يا
أبا القاسم ارفق بنفسك ، فقال: يا
أبا محمد ما رأيت أحدا أحوج إليه مني في هذا الوقت وهو يطوي صحيفتي .
قال
الخطيب و] أخبرني
عبد العزيز بن علي الوراق قال: سمعت
علي بن عبد الله الهمذاني يقول: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14244جعفرا الخلدي ، يقول: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد يقول: ما نزعت ثوبي للفراش منذ أربعين سنة .
أنبأنا
القزاز ، قال: أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=14231أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، قال ، وأخبرني
الجوهري ، أخبرنا
محمد بن العباس ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12915ابن المنادي ، قال: مات
nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد سنة ثمان وتسعين ، فذكر لي أنه حزر الجمع الذين صلوا عليه نحو ستين ألفا .
2052 -
nindex.php?page=treesubj&link=33950_34064أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ ، أَبُو الْحُسَيْنِ الرُّيُونْدِيُّ الْمُلْحِدُ الزِّنْدِيقُ :
[قَالَ الْمُؤَلِّفُ] : وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ لِيُعْرَفَ قَدْرُ كُفْرِهِ ، فَإِنَّهُ مُعْتَمَدُ الْمَلَاحِدَةِ وَالزَّنَادِقَةِ ، وَيُذْكَرُ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَهُودِيًّا ، وَأَسْلَمَ هُوَ ، فَكَانَ بَعْضُ الْيَهُودِ يَقُولُ لِلْمُسْلِمِينَ: لَا يُفْسِدَنَّ عَلَيْكُمْ هَذَا كِتَابَكُمْ كَمَا أَفْسَدَ أَبُوهُ عَلَيْنَا التَّوْرَاةَ ، فَعَلَّمَ
أَبُو الْحُسَيْنِ الْيَهُودَ وَقَالَ: قُولُوا عَنْ
مُوسَى إِنَّهُ قَالَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي .
وَأَنْبَأْنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ ، قَالَ: أَنْبَأَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: كَانَ
الرُّيُونْدِيُّ يُلَازِمُ
الرَّافِضَةَ وَأَهْلَ الْإِلْحَادِ ، فَإِذَا عُوتِبَ قَالَ: إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَعْرِفَ مَذَاهِبَهُمْ ثُمَّ كَاشَفَ وَنَاظَرَ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ عَنْهُ بِالْعَظَائِمِ حَتَّى رَأَيْتُ مَا لَمْ يَخْطُرْ مِثْلُهُ عَلَى قَلْبٍ أَنْ يَقُولَهُ عَاقِلٌ ، وَوَقَعْتُ عَلَى كُتُبِهِ فَمِنْهَا: كِتَابُ "نَعْتِ الْحِكْمَةِ" ، وَكِتَابُ "قَضِيبُ الذَّهَبِ" ، وَكِتَابُ "الزُّمُرُّدُ" [وَكِتَابُ "التَّاجُ" ، وَكِتَابُ "الدَّامِغُ" ، وَكِتَابُ "الْفَرِيدُ" ، وَكِتَابُ "إِمَامَةُ الْمَفْضُولِ" .
وَقَدْ نَقَضَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكُتُبَ جَمَاعَةٌ فَأَمَّا كِتَابُ نَعْتِ الْحِكْمَةِ ، وَكِتَابُ قَضِيبِ
[ ص: 109 ] الذَّهَبِ ، وَكِتَابُ التَّاجِ ، وَكِتَابُ الزُّمُرُّدِ] وَالدَّامِغُ فَنَقَضَهَا عَلَيْهِ
أَبُو [عَلِيٍّ] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْجِبَائِيُّ ، وَقَدْ نَقَضَ [عَلَيْهِ أَيْضًا] كِتَابَ الزُّمُرُّدِ
أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَيَّاطُ ، وَنَقَضَ عَلَيْهِ أَيْضًا كِتَابَ إِمَامَةِ الْمَفْضُولِ .
وَقَدْ كَانَ
ابْنُ الرُّيُونْدِيِّ ، وَأَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْوَرَّاقُ الْمُلْحِدُ أَيْضًا يَتَرَامَيَانِ بِكِتَابِ الزُّمُرُّدِ ، وَيَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ تَصْنِيفُهُ ، وَكَانَا يَتَوَافَقَانِ عَلَى الطَّعْنِ فِي الْقُرْآنِ ، وَأَمَّا كِتَابُ الْفَرِيدِ فَنَقَضَهُ عَلَيْهِ
أَبُو هَاشِمٍ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَلِيٍّ الْجِبَائِيُّ .
[قَالَ الْمُؤَلِّفُ] : وَرَأَيْتُ بِخَطِّ
nindex.php?page=showalam&ids=13372أَبِي الْوَفَاءِ ابْنِ عَقِيلٍ ، قَالَ: كَانَ
الْخَبِيثُ ابْنُ الرُّيُونْدِيِّ قَدْ سَمَّى كِتَابَهُ الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْمَعْصُومَةِ عَلَى اعْتِرَاضِ مِثْلِهِ مِنَ الْمُلْحِدِينَ كِتَابَ الزُّمُرُّدِ ، فَأَخَذَ
nindex.php?page=showalam&ids=13980أَبُو عَلِيٍّ الْجِبَائِيُّ يَعِيبُهُ فِي تَسْمِيَتِهِ بِالزُّمُرُّدِ ، وَيَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ أَخْطَأَ وَجَهِلَ فِي تَلْقِيبِ الْعِلْمِ بِالْجَوَاهِرِ ، وَأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَا يُعِيرُونَ الْعُلُومَ أَسْمَاءَ مَا دُونَهَا وَالْجَوَاهِرُ نَاقِصَةٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْعُلُومِ ، فَأَزْرَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ تَلْقِيبَهُ بِالزُّمُرُّدِ إِعَارَةً لَهُ اسْمَ النَّفِيسِ مِنَ الْجَوَاهِرِ .
[قَالَ
ابْنُ عَقِيلٍ] : فَوَجَدْنَا فِي بَعْضِ كَلَامِهِ مِنْ كِتَابٍ آخَرَ [مَا] أَبَانَ بِهِ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ أَخْبَثُ مِمَّا ظَنَّهُ
أَبُو عَلِيٍّ ، فَقَالَ: إِنَّ [لِلزُّمُرَّدِ خَاصَّةٌ هِيَ أَنَّهُ إِذَا رَآهُ الْأَفْعَى وَسَائِرُ الْحَيَّاتِ عَمِيَتْ قَالَ: فَكَانَ قَصْدِي أَنَّ الشُّبْهَةَ الَّتِي أَوْدَعْتُهَا الْكِتَابُ تُعْمِي حُجَجَ الْمُحْتَجِّينَ! فَاعْتَقَدَ مَا أَوْرَدَهُ عَامِلًا فِي] حُجَجِ الشَّرْعِ حَسَبَ مَا أَثَّرَ الزُّمُرُّدُ فِي حَدَقِ
[ ص: 110 ] الْحَيَّاتِ ، فَانْظُرُوا إِلَى اسْتِقْصَائِهِ فِي الِازْدِرَاءِ بِالشَّرَائِعِ . قَالَ
ابْنُ عَقِيلٍ: وَعَجَبِي كَيْفَ عَاشَ وَقَدْ صَنَّفَ الدَّامِغَ ، يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ دَمَغَ بِهِ الْقُرْآنَ ، وَالزُّمُرُّدَ يُزْرِي بِهِ عَلَى النُّبُوَّاتِ ، ثُمَّ لَا يُقْتَلُ! وَكَمْ قَدْ قُتِلَ لِصٌّ فِي غَيْرِ نِصَابٍ وَلَا هَتْكِ حِرْزٍ ، وَإِنَّمَا سَلِمَ مُدَّةً وَعَاشَ ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ مَا صَفَا فِي قُلُوبِ أَكْثَرِ الْخَلْقِ بَلْ فِي الْقُلُوبِ شُكُوكٌ وَشُبُهَاتٌ ، وَإِلَّا فَلَمَّا صَدَقَ إِيمَانُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَتَلَ أَبَاهُ .
وَمِنْ بَلَهِهِ تَتَبُّعُهُ لِلْقُرْآنِ وَقَدْ مَرَّ عَلَى مَسَامِعِ سَادَاتِ الْعَرَبِ ، فَدُهِشَ الْكُلُّ مِنْهُ وَعَجَزَ الْفُصَحَاءُ عَنْهُ ، فَطَمِعَ هُوَ مِنْ جَهْلِهِ بِاللُّغَةِ أَنْ يَسْتَدْرِكَ عَلَيْهِمْ ، فَأَبَانَ عَنْ فَضِيحَتِهِ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَقَدْ ، نَظَرْتُ فِي كِتَابِ الزُّمُرُّدِ فَرَأَيْتُ فِيهِ مِنَ الْهَذَيَانِ الْبَارِدِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِشُبَهِهِ ، حَتَّى أَنَّهُ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ فِيهِ: "نَجِدُ فِي كَلَامِ
أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيٍّ أَحْسَنَ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فِي نَظَائِرَ لِهَذَا .
قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَقَعُوا بِطَلْسَمَاتٍ ، كَمَا أَنَّ الْمِغْنَاطِيسَ يَجْذِبُ ، وَهَذَا كَلَامٌ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَيَا مِنْ ذِكْرِهِ ، فَإِنَّ الْعَقَاقِيرَ قَدْ عُرِفَتْ أُمُورُهَا وَجُرِّبَتْ ، فَكَيْفَ وَقَعَ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءُ بِمَا خَفِيَ عَمَّنْ كَانَ أَنْظَرَ مِنْهُمْ؟ ثُمَّ إِنَّ الْمِغْنَاطِيسَ يَجْذِبُ وَلَا يَرُدُّ ، وَنَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا شَجَرَةً وَرَدَّهَا .
وَقَالَ: قَوْلُهُ لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ، فَإِنَّ الْمُنَجِّمَ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا فَقِيلَ
[ ص: 111 ] لَهُ: إِنَّمَا يَعْرِفُ مِثْلَ هَذَا الْمُنَجِّمُ إِذَا عَرَفَ الْمَوْلِدَ ، وَأَخَذَ الطَّالِعَ ، ثُمَّ قَدْ لَا يُصِيبُ وَقَدْ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِخَبَرٍ غَيْبٍ ، فَكَانَ كَمَا قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ لَعَنَهُ اللَّهُ يَعِيبُ الْقُرْآنَ وَيَدَّعِي أَنَّ فِيهِ لَحْنًا ، وَاسْتَدْرَكَ ذَاكَ الْخَلَفُ بِزَعْمِهِ عَلَى الْأَعَادِي الْفُصَحَاءِ الَّذِينَ سَلَّمُوا لِفَصَاحَتِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13980أَبُو عَلِيٍّ الْجِبَائِيُّ: قَرَأْتُ كِتَابَ الْمُلْحِدِ الْجَاهِلِ السَّفِيهِ
ابْنِ الرُّيُونْدِيِّ ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ إِلَّا السَّفَهَ وَالْكَذِبَ وَالِافْتِرَاءَ ، قَالَ: وَقَدْ وَضَعَ كِتَابًا فِي قِدَمِ الْعَالَمِ ، وَنَفْيِ الصَّانِعِ ، وَتَصْحِيحِ مَذْهَبِ
الدَّهْرِيَّةِ ، وَفَى الرَّدِّ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ، وَوَضَعَ كِتَابًا فِي الطَّعْنِ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمَّاهُ الزُّمُرُّدَ ، وَشَتَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا فِي كِتَابِهِ ، وَنَسَبَهُ إِلَى الْكَذِبِ ، وَطَعَنَ فِي الْقُرْآنِ ، وَوَضَعَ كِتَابًا لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَحْتَجُّ لَهُمْ فِيهِ فِي إِبْطَالِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي تُبَيِّنُ خُرُوجَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ .
وَقَالَ
أَبُو هَاشِمِ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْجِبَائِيُّ : ابْتَدَأَ
ابْنُ الرُّيُونْدِيِّ لَعَنَهُ اللَّهُ كَلَامَهُ فِي كِتَابِ الْفَرِيدِ ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ احْتَجُّوا لِنُبُوَّةِ نَبِيِّهِمْ بِالْكِتَابِ الَّذِي أَتَى بِهِ وَتَحَدَّى بِهِ ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مُعَارَضَتِهِ ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: غَلِطْتُمْ وَغَلَّبْتُ الْعَصَبِيَّةَ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَخْبَرُونَا لَوِ ادَّعَى مُدَّعٍ [لِمَنْ تَقَدَّمَ] مِنَ الْفَلَاسِفَةِ مِثْلَ دَعْوَاكُمْ فِي الْقُرْآنِ ، وَقَالَ: الدَّلِيلُ عَلَى [صِدْقِ]
بَطْلَيْمُوسَ وَإِقْلِيدِسَ فِيمَا ادَّعَيَا أَنَّ صَاحِبَ
إِقْلِيدِسَ جَاءَ بِهِ فَادَّعَى أَنَّ الْخَلْقَ يَعْجِزُونَ عَنْهُ لَكَانَ ثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ .
قُلْنَا: قَدْ يَكُونُ فِي زَمَنِ
إِقْلِيدِسَ مَنْ هُوَ أَعْرَفُ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا شَاعَ كِتَابُهُ بَعْدَهُ ، وَلَوِ
[ ص: 112 ] اجْتَمَعَ أَرْبَابُ عِلْمِهِ لَجَمَعُوا مِثْلَهُ ، ثُمَّ لَوْ كَانَ نَبِيُّنَا بِكِتَابِهِ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي دَلَالَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَذَكَرَ فِي كِتَابِ نَعْتِ الْحِكْمَةِ تَقْبِيحَ اعْتِقَادِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ يَخْلُدُونَ ، وَقَالَ:
لَا نَفْعَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا لِلْخَالِقِ ، وَالْحَكِيمُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا لَا نَفْعَ فِيهِ ، وَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا تَعْلِيلَ أَفْعَالِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَأَفْعَالُهُ لَا تُعَلَّلُ ، لِأَنَّ حِكْمَتَهُ فَوْقَ الْعَقْلِ الْمُعَلِّلِ ، ثُمَّ يَلْزَمُهُ هَذَا بِتَعْذِيبِهِمْ سَاعَةً .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13980أَبُو عَلِيٍّ الْجِبَائِيُّ: كَانَ السُّلْطَانُ قَدْ طَلَبَ
أَبَا عِيسَى الْوَرَّاقَ وَابْنَ الرُّيُونْدِيِّ ، فَأَمَّا
الْوَرَّاقُ فَأُخِذَ ، وَحُبِسَ وَمَاتَ فِي السِّجْنِ ، وَأَمَّا
ابْنُ الرُّيُونْدِيِّ فَإِنَّهُ هَرَبَ إِلَى
ابْنِ لَاوِي الْيَهُودِيِّ ، وَوُضِعَ لَهُ كِتَابُ "الدَّامِغُ" فِي الطَّعْنِ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الْقُرْآنِ ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِلَّا أَيَّامًا يَسِيرَةً حَتَّى مَرِضَ وَمَاتَ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ "الدَّامِغِ" مِنَ الْكُفْرِ أَشْيَاءَ تَقْشَعِرُّ مِنْهَا الْجُلُودُ ، غَيْرَ أَنِّي آثَرْتُ أَنْ أَذْكُرَ مِنْهَا طَرَفًا لِيُعْرَفَ مَكَانُ هَذَا الْمُلْحِدِ مِنَ الْكُفْرِ ، وَيُسْتَعَاذَ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْخِذْلَانِ! فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ عَنِ الْخَالِقِ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ: مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الدَّوَاءِ إِلَّا الْقَتْلُ فِعْلَ الْعَدُوِّ الْحَنِقِ الْغَضُوبِ ، فَمَا حَاجَتُهُ إِلَى كِتَابٍ وَرَسُولٍ ؟ وَهَذَا قَوْلُ جَاهِلٍ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالْحَنَقِ وَلَا بِالْحَاجَةِ وَمَا عَاقَبَ حَتَّى أَنْذَرَ .
وَقَالَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَوَجَدْنَاهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ ، فَيَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا ثُمَّ يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ . وَهَذَا جَهْلٌ
[ ص: 113 ] مِنْهُ بِالتَّفْسِيرِ وَلُغَةِ الْعَرَبِ ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى لِيُظْهِرَ مَا عَلِمْنَاهُ ، وَمِثْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=31وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ أَيْ نَعْلَمَ ذَلِكَ وَاقِعًا .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: حَتَّى يَعْلَمَ أَنْبِيَاؤُنَا وَالْمُؤْمِنُونَ [بِهِ] . وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا أَيْ أَضْعَفَ لَهُ ، وَقَدْ أَخْرَجَ
آدَمَ وَأَزَلَ خَلْقًا! وَهَذَا تَغَفُّلٌ مِنْهُ ، لِأَنَّ كَيْدَ إِبْلِيسَ تَسْوِيلٌ بِلَا حُجَّةٍ وَالْحُجَجُ تَرُدُّهُ ، وَلِهَذَا كَانَ ضَعِيفًا ، فَلَمَّا مَالَتِ الطِّبَاعُ إِلَيْهِ آثَرَ وَفَعَلَ .
وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَقُمْ بِحِسَابِ سِتَّةٍ تَكَلَّمَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ فَلَمَّا صَارَ إِلَى التَّفَارِيقِ وَجَدْنَاهُ قَدْ غَلِطَ فِيهَا [بِاثْنَيْنِ] وَهُوَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=9خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=10وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=12فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ، فَعَدَّهَا هَذَا الْمُغَفَّلُ ثَمَانِيَةً وَلَوْ نَظَرَ فِي أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ لَعَلِمَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي تَتِمَّةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ .
وَقَالَ: فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=118إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَقَدْ جَاعَ وَعَرِيَ! وَهَذَا الْمُغَفَّلُ الْمَلْعُونُ مَا فَهِمَ أَنَّ الْأَمْرَ مَشْرُوطٌ بِالْوَفَاءِ بِمَا عُوهِدَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ .
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=25وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=58وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ [ ص: 114 ] فَأَعْظَمُ الْخُطُوبِ ذِكْرُهُ الرَّحْمَةَ مَضْمُومًا إِلَى إِهْلَاكِهِمْ! وَهَذَا الْأَبْلَهُ الْمَلْعُونُ مَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ نَفْسَهُ بِالْمُعَاقَبَةِ لِلْمُذْنِبِينَ فَانْزَعَجَتِ الْقُلُوبُ ضَمَّ إِلَى ذَلِكَ ذِكْرَ الرَّحْمَةِ بِالْحِلْمِ عَنِ الْعُصَاةِ وَالْإِمْهَالِ وَالْمُسَامَحَةِ فِي أَكْثَرِ الْكَسْبِ .
قَالَ: [وَنَرَاهُ] يَفْتَخِرُ بِالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ! وَهَذَا الْمِسْكِينُ الْمَلْعُونُ قَدْ نَسَبَ الْمَعْنَى إِلَى الِافْتِخَارِ! وَلَا يُفْهَمُ أَنَّ مَعْنَى مَكْرِهِ جَزَاءُ الْمَاكِرِينَ .
قَالَ الْمَلْعُونُ: وَمِنَ الْكَذِبِ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ وَهَذَا كَانَ قَبْلَ تَصْوِيرِ
آدَمَ! وَهَذَا الْأَحْمَقُ الْمَلْعُونُ [لَوْ طَالَعَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ وَفَهِمَ سِعَةَ اللُّغَةِ عَلِمَ أَنَّ الْمَعْنَى خَلَقْنَا
آدَمَ وَصَوَّرْنَاهُ كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ .
وَقَالَ:] ضَمَّنَ فَاحِشَ ظُلْمِهِ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=56كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا فَعَذَّبَ جُلُودًا لَمْ تَعْصِهِ! وَهَذَا الْأَحْمَقُ الْمَلْعُونُ لَا يَفْهَمُ أَنَّ الْجَلْدَ آلَةٌ لِلتَّعْذِيبِ ، فَهُوَ كَالْحَطَبِ يُحْرَقُ لِإِنْضَاجِ غَيْرِهِ ، وَلَا يُقَالُ إِنَّهُ مُعَذَّبٌ ، وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ الْجُلُودَ الثَّانِيَةَ هِيَ الْأُولَى أُعِيدَتْ كَمَا يُعَادُ الْمَيِّتُ بَعْدَ الْبِلَى .
قَالَ: وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ السُّؤَالُ
[ ص: 115 ] رَدِيءُ السِّلْعَةِ لِئَلَّا تَقَعُ عَلَيْهِ عَيْنُ التَّاجِرِ فَيَفْتَضِحَ ، فَانْظُرُوا إِلَى عَامِّيَّةِ هَذَا الْأَحْمَقِ الْمَلْعُونِ وَجَهْلِهِ ، أَتُرَاهُ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101لا تَسْأَلُوا عَنِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِي؟ إِنَّمَا كَانُوا يُسْأَلُونَ فَيَقُولُ قَائِلُهُمْ: مَنْ أَبَى؟ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=101لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ يُعْنَى مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ، فَرُبَّمَا قِيلَ لِلرَّجُلِ أَبُوكُ فُلَانٌ وَهُوَ غَيْرُ أَبِيهِ الَّذِي يَعْرِفُ فَيَفْتَضِحُ .
قَالَ: وَلَمَّا وَصَفَ الْجَنَّةَ ، قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَهُوَ الْحَلِيبُ ، وَلَا يَكَادُ يَشْتَهِيهِ إِلَّا الْجِيَاعُ ، وَذَكَرَ الْعَسَلَ وَلَا يُطْلَبُ صِرْفًا ، وَالزَّنْجَبِيلَ وَلَيْسَ مِنْ لَذِيذِ الْأَشْرِبَةِ ، وَالسُّنْدُسَ يُفْرَشُ وَلَا يُلْبَسُ ، وَكَذَلِكَ الْإِسْتِبْرَقُ الْغَلِيظُ ، قَالَ: وَمَنْ تَخَايَلَ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ يَلْبَسُ هَذَا الْغَلِيظَ وَيَشْرَبُ الْحَلِيبَ وَالزَّنْجَبِيلَ صَارَ كَعَرُوسِ الْأَكْرَادِ وَالنَّبَطِ ، فَانْظُرُوا إِلَى لَعِبِ هَذَا الْمَلْعُونِ الْمُسْتَهْزِئِ وَجَهْلِهِ! وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخِطَابَ إِنَّمَا هُوَ لِلْعَرَبِ وَهُمْ يُؤْثِرُونَ مَا وَصَفَ ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=28فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=29وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ، ثُمَّ إِنَّمَا وَصَفَ أُصُولَ الْأَشْيَاءِ الْمُتَلَذِّذِ [بِهَا ، فَالْقُدْرَةُ] قَدْ تَكُونُ مِنَ اللَّبَنِ أَشْيَاءُ كَالْمَطْبُوخَاتِ وَغَيْرِهَا وَمِنَ الْعَسَلِ [أَشْيَاءُ] يَتَحَلَّى بِهَا ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَقَالَ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَوَصَفَ مَا يُعْرَفُ
[ ص: 116 ] وَيُشْتَهَى وَضَمَّنَ مَا لَا يُعْرَفُ ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ
ثَمُودَ لِأَجْلِ نَاقَةٍ ، وَمَا قَدْرُ نَاقَةٍ؟ وَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُ الْمَلْعُونِ [فَإِنَّهُ] إِنَّمَا أَهْلَكَهُمْ لِعِنَادِهِمْ وَكُفْرِهِمْ فِي مُقَابَلَةِ الْمُعْجِزَةِ ، لَا لِإِهْلَاكِ نَاقَةٍ .
قَالَ: وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=28لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ . وَلَوْ فُهِمَ أَنَّ الْإِسْرَافَ الْأَوَّلَ فِي الْخَطَايَا دُونَ الشِّرْكِ ، وَالثَّانِيَ فِي الشِّرْكِ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ آيَةٍ يَكْشِفُ مَعْنَاهَا . قَالَ: وَوَجَدْنَاهُ يَفْتَخِرُ بِالْفِتْنَةِ الَّتِي أَلْقَاهَا بَيْنَهُمْ كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، ثُمَّ أَوْجَبَ لِلَّذِينِ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ عَذَابَ الْأَبَدِ! وَهَذَا الْجَاهِلُ الْمَلْعُونُ لَا يَدْرِي أَنَّ الْفِتْنَةَ [كَلِمَةٌ] يَخْتَلِفُ مَعْنَاهَا فِي الْقُرْآنِ ، فَالْفِتْنَةُ مَعْنَاهَا: الِابْتِلَاءُ . كَالْآيَةِ الْأُولَى ، وَالْفِتْنَةُ الْإِحْرَاقُ كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ .
وَقَالَ: وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ خَبَرٌ مُحَالٌ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ مُسْلِمِينَ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الزِّنْدِيقَ الْمَلْعُونَ طَالَعَ التَّفْسِيرَ
[ ص: 117 ] وَكَلَامَ الْعَرَبِ لَمَا قَالَ هَذَا ، إِنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِعَامِّيَّتِهِ وَحُمْقِهِ ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى وَلَهُ [أَسْلَمَ] اسْتَسْلَمَ وَالْكُلُّ مُنْقَادٌ لِمَا قَضَى بِهِ وَكُلٌّ ذَلِيلٍ لِأَمْرِهِ ، وَهُوَ مَعْنَى السُّجُودِ ، ثُمَّ قَدْ تُطْلِقُ الْعَرَبُ لَفْظَ الْكُلِّ وَتُرِيدُ الْبَعْضَ كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=25تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ .
[وَقَدْ] ذَكَرَ الْمَلْعُونُ أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَزَجَهَا بِسُوءِ الْأَدَبِ ، وَالِانْبِسَاطِ الْقَبِيحِ ، وَالذِّكْرِ لِلْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يُذْكَرَ بِهِ أَحَدُ الْعَوَامِّ ، وَمَا سَمِعْنَا أَنَّ أَحَدًا عَابَ الْخَالِقَ وَانْبَسَطَ كَانْبِسَاطِ هَذَا اللَّعِينِ قَبْلَهُ وَيَلُومُهُ لَوْ جَحَدَ الْخَالِقَ كَانَ أَصْلَحَ لَهُ مِنْ أَنْ يُثْبِتَ وُجُودَهُ ، [ثُمَّ يُخَاصِمَهُ] وَيَعِيبَهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا قَالَهُ شُبْهَةٌ ، فَضْلًا عَنْ حُجَّةٍ فَتُذْكَرُ وَيُجَابُ عَنْهَا ، وَإِنَّمَا هُوَ خِذْلَانٌ فَضَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الدُّنْيَا ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُقَابِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُقَابَلَةً تَزِيدُ عَلَى مُقَابَلَةِ إِبْلِيسَ ، وَإِنْ خَالَفَ ، لَكِنَّهُ احْتَرَمَ فِي الْخِطَابِ كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82فَبِعِزَّتِكَ وَلَمْ يُوَاجِهْ بِسُوءِ أَدَبٍ كَمَا وَاجَهَ هَذَا اللَّعِينُ ، جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ، وَزَادَ هَذَا مِنَ الْعَذَابِ .
وَقَدْ حَكَيْنَا عَنِ
الْجِبَائِيِّ أَنَّ
ابْنَ الرُّيُونْدِيِّ مَرِضَ وَمَاتَ ، وَرَأَيْتُ بِخَطِّ
ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ صَلَبَهُ بَعْضُ السَّلَاطِينِ [وَاللَّهُ أَعْلَمُ] . وَقَالَ
ابْنُ عَقِيلٍ: وَوَجَدْتُ فِي تَعْلِيقٍ مُحَقَّقٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ
ابْنَ الرُّيُونْدِيَّ مَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، مَعَ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ مِنَ التَّوَغُّلِ فِي الْمَخَازِي لَعَنَهُ اللَّهُ وَشَدَّدَ عَذَابَهُ .
[ ص: 118 ]
2053 -
nindex.php?page=treesubj&link=33935_34064الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُنَيْدِ ، أَبُو الْقَاسِمِ الْخَزَّازُ ، وَيُقَالُ: الْقَوَارِيرِيُّ :
قِيلَ كَانَ أَبُوهُ قَوَارِيرِيًّا وَكَانَ هُوَ خَزَّازًا ، وَأَصْلُهُ مِنْ
نَهَاوَنْدَ إِلَّا أَنَّ مَوْلِدَهُ وَمَنْشَأَهُ
بِبَغْدَادَ ، سَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ ، وَتَفَقَّهَ عَلَى
أَبِي ثَوْرٍ ، وَكَانَ يُفْتِي بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً ، وَصَحِبَ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ ، وَاشْتُهِرَ بِصُحْبَةِ
الْحَارِثِ الْمُحَاسَبِيِّ ، وَسَرِيٍّ السَّقْطِيِّ ، وَلَازَمَ التَّعَبُّدَ ، وَتَكَلَّمَ عَلَى طَرِيقَةِ التَّصَوُّفِ .
أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
[أَبُو بَكْرٍ] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُحْتَسِبُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَقِيهُ ، قَالَ: سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14244جَعْفَرًا الْخَلَدِيَّ يَقُولُ: قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14021الْجُنَيْدُ: مَا أَخْرَجَ اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ عِلْمًا وَجَعَلَ لِلْخَلْقِ إِلَيْهِ سَبِيلًا إِلَّا وَقَدْ جَعَلَ [اللَّهُ] لِي فِيهِ حَظًّا وَنَصِيبًا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14244الْخَلَدِيُّ : وَبَلَغَنِي عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14021الْجُنَيْدِ أَنَّهُ كَانَ فِي سُوقِهِ ، وَكَانَ وِرْدُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَمِائَةِ رَكْعَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ .
أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: [أَخْبَرَنِي
أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ [ ص: 119 ] السُّلَمِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ
أَبَا بَكْرٍ الْبَجَلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ
أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَرِيرِيَّ ، يَقُولُ: كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى رَأْسِ
nindex.php?page=showalam&ids=14021الْجُنَيْدِ وَقْتَ وَفَاتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، فَقُلْتُ: يَا
أَبَا الْقَاسِمِ ارْفُقْ بِنَفْسِكَ ، فَقَالَ: يَا
أَبَا مُحَمَّدٍ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنِّي فِي هَذَا الْوَقْتِ وَهُوَ يَطْوِي صَحِيفَتِي .
قَالَ
الْخَطِيبُ وَ] أَخْبَرَنِي
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ قَالَ: سَمِعْتُ
عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14244جَعْفَرًا الْخَلَدِيَّ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14021الْجُنَيْدَ يَقُولُ: مَا نَزَعْتُ ثَوْبِي لِلْفِرَاشِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً .
أَنْبَأَنَا
الْقَزَّازُ ، قَالَ: أَنْبَأَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14231أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ ، وَأَخْبَرَنِي
الْجَوْهَرِيُّ ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12915ابْنُ الْمُنَادِي ، قَالَ: مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=14021الْجُنَيْدُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ ، فَذُكِرَ لِي أَنَّهُ حُزِرَ الْجَمْعُ الَّذِينَ صَلَّوْا عَلَيْهِ نَحْوَ سِتِّينَ أَلْفًا .