[ ص: 262 ] سورة الأنبياء فيها ثلاث آيات
الآية الأولى قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=18996 { nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون } . فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى : روى الأئمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وغيره ، واللفظ له قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33081لم يكذب إبراهيم في شيء قط إلا في ثلاث : قوله : إني سقيم ، ولم يكن سقيما ، وقوله لسارة : أختي ; وقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بل فعله كبيرهم هذا } } . وثبت أيضا في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33081لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : ثنتين منها في ذات الله ، قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=89إني سقيم } وقوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بل فعله كبيرهم هذا } وبينما هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فقيل : إن هاهنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه ، فسأله عنها ، فقال : من هذه ؟ قال : أختي . فأتى سارة فقال : يا سارة ، ليس على وجه الأرض مؤمن غيري [ ص: 263 ] وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي ، فلا تكذبينني . فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده ، فأخذ ، فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت الله ، فأطلق . ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد . فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فأطلق ، فدعا بعض حجبته فقال : لم تأتني بإنسان ، إنما أتيتني بشيطان ، فأخدمها هاجر } .
المسألة الثانية : قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بل فعله كبيرهم هذا } اختلف الناس في ظاهر المقصود به ، فمنهم من قال : هذا تعريض ، وفي التعاريض مندوحة عن الكذب . ومنهم من قال : بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون ; فشرط النطق في الفعل . والأول أصح : لأنه عدده على نفسه ، فدل على أنه خرج مخرج التعريض ، وذلك أنهم كانوا يعبدونهم ويتخذونهم آلهة دون الله ، وهم كما قال
إبراهيم لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ؟ فقال
إبراهيم : بل فعله كبيرهم هذا ، ليقولوا إنهم لا ينطقون ولا يفعلون ولا ينفعون ولا يضرون ، فيقول لهم : فلم تعبدون ؟ فتقوم الحجة عليهم منهم . ولهذا يجوز عند الأئمة فرض الباطل مع الخصم حتى يرجع إلى الحق من ذات نفسه ، فإنه أقرب في الحجة وأقطع للشبهة ، كما قال لقومه : هذا ربي ، على معنى الحجة عليهم ، حتى إذا أفل منهم تبين حدوثه ، واستحالة كونه إلها .
المسألة الثالثة : قوله : هذا ربي ، هذه أختي ، وإني سقيم ، وبل فعله كبيرهم : هذه وإن كانت معاريض وحسنات ، وحججا في الحق ، ودلالات ، لكنها أثرت في الرتبة ، وخفضت عن
محمد من المنزلة ، واستحيا منها قائلها على ما ورد في حديث الشفاعة ; لأن الذي كان يليق بمرتبته في النبوة والخلة أن يصدع بالحق ، ويصرح بالأمر فيكون ما كان ، ولكنه رخص له فقبل الرخصة ، فكان ما كان من القصة ، ولهذا جاء في حديث الشفاعة :
[ ص: 264 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12418إنما اتخذت خليلا من وراء وراء } يعني بشرط أن تتبع عثراتي ، وتختبر أحوالي ، والخلة المطلقة
لمحمد ; لأنه قال له : {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } ، ولذلك تقول
العرب في أمثالها : ابغني من ورائي ، أي اختبر حالي .
[ ص: 262 ] سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ فِيهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ
الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=18996 { nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ } . فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ ، وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33081لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلَّا فِي ثَلَاثٍ : قَوْلُهُ : إنِّي سَقِيمٌ ، وَلَمْ يَكُنْ سَقِيمًا ، وَقَوْلُهُ لِسَارَةَ : أُخْتِي ; وقَوْله تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } } . وَثَبَتَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33081لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ إلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ : ثِنْتَيْنِ مِنْهَا فِي ذَاتِ اللَّهِ ، قَوْلُهُ : { nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=89إنِّي سَقِيمٌ } وَقَوْلُهُ : { nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } وَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنْ الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ : إنَّ هَاهُنَا رَجُلًا مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : أُخْتِي . فَأَتَى سَارَةَ فَقَالَ : يَا سَارَةُ ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي [ ص: 263 ] وَغَيْرَك ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْته أَنَّك أُخْتِي ، فَلَا تَكْذِبِينَنِي . فَأَرْسَلَ إلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ ، فَأُخِذَ ، فَقَالَ : اُدْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّك ، فَدَعَتْ اللَّهَ ، فَأُطْلِقَ . ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ . فَقَالَ : اُدْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّك ، فَأُطْلِقَ ، فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ : لَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ ، إنَّمَا أَتَيْتنِي بِشَيْطَانٍ ، فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ } .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ظَاهِرِ الْمَقْصُودِ بِهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هَذَا تَعْرِيضٌ ، وَفِي التَّعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ; فَشَرَطَ النُّطْقَ فِي الْفِعْلِ . وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ : لِأَنَّهُ عَدَّدَهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّعْرِيضِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَيَتَّخِذُونَهُمْ آلِهَةً دُونَ اللَّهِ ، وَهُمْ كَمَا قَالَ
إبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْك شَيْئًا ؟ فَقَالَ
إبْرَاهِيمُ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ، لِيَقُولُوا إنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يَفْعَلُونَ وَلَا يَنْفَعُونَ وَلَا يَضُرُّونَ ، فَيَقُولُ لَهُمْ : فَلِمَ تَعْبُدُونَ ؟ فَتَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ . وَلِهَذَا يَجُوزُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ فَرْضُ الْبَاطِلِ مَعَ الْخَصْمِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْحَقِّ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ فِي الْحُجَّةِ وَأَقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ ، كَمَا قَالَ لِقَوْمِهِ : هَذَا رَبِّي ، عَلَى مَعْنَى الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ ، حَتَّى إذَا أَفَلَ مِنْهُمْ تَبَيَّنَ حُدُوثُهُ ، وَاسْتِحَالَةُ كَوْنِهِ إلَهًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : هَذَا رَبِّي ، هَذِهِ أُخْتِي ، وَإِنِّي سَقِيمٌ ، وَبَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ : هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَعَارِيضَ وَحَسَنَاتٍ ، وَحُجَجًا فِي الْحَقِّ ، وَدَلَالَاتٍ ، لَكِنَّهَا أَثَّرَتْ فِي الرُّتْبَةِ ، وَخَفَّضَتْ عَنْ
مُحَمَّدٍ مِنْ الْمَنْزِلَةِ ، وَاسْتَحْيَا مِنْهَا قَائِلُهَا عَلَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ ; لِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَلِيقُ بِمَرْتَبَتِهِ فِي النُّبُوَّةِ وَالْخِلَّةِ أَنْ يَصْدَعَ بِالْحَقِّ ، وَيُصَرِّحَ بِالْأَمْرِ فَيَكُونُ مَا كَانَ ، وَلَكِنَّهُ رُخِّصَ لَهُ فَقَبِلَ الرُّخْصَةَ ، فَكَانَ مَا كَانَ مِنْ الْقِصَّةِ ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ :
[ ص: 264 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12418إنَّمَا اُتُّخِذْت خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ } يَعْنِي بِشَرْطِ أَنْ تُتَّبَعَ عَثَرَاتِي ، وَتُخْتَبَرَ أَحْوَالِي ، وَالْخِلَّةُ الْمُطْلَقَةُ
لِمُحَمَّدٍ ; لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2لِيَغْفِرَ لَك اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ } ، وَلِذَلِكَ تَقُولُ
الْعَرَبُ فِي أَمْثَالِهَا : ابْغِنِي مِنْ وَرَائِي ، أَيْ اخْتَبِرْ حَالِي .