المسألة الثالثة :
أما من يصل قرابته ليكون غنيا فالنية في ذلك متنوعة ، فإن كان ليتظاهر به دنيا فليس لوجه الله تعالى ، وإن كان ذلك لما له من حق القرابة وبينهما من وشيجة الرحم ، فإنه لوجه الله تعالى .
وأما من يعين الرجل بخدمته في سفره بجزء من ماله فإنه للدنيا لا لوجه الله ، ولكن هذا المربي ليس ليربو في أموال الناس ، وإنما هو ليربو في مال نفسه ، وصريح الآية فيمن يهب يطلب الزيادة من أموال الناس في المكافأة ، وذلك له .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : " أيما رجل وهب هبة يرى أنها للثواب فهو على هبته حتى يرضى منها " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الهبة إنما تكون لله أو لجلب المودة ، كما جاء في الأثر : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16975تهادوا تحابوا } .
[ ص: 524 ] وهذا باطل ; فإن العرف جار بأن يهب الرجل الهبة لا يطلب إلا المكافأة عليها ، وتحصل في ذلك المودة تبعا للهبة .
وقد روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2792أن النبي صلى الله عليه وسلم أثاب على لقحة } ، ولم ينكر على صاحبها حين طلب الثواب ، إنما أنكر سخطه للثواب ، وكان زائدا على القيمة .
وقد اختلف علماؤنا فيما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=7291طلب الواهب في هبته زائدا على مكافأته ، وهي :
المسألة الرابعة : فإن كانت الهبة قائمة لم تتغير ، فيأخذ ما شاء ، أو يردها عليه .
وقيل : تلزمه القيمة ، كنكاح التفويض .
وأما إذا كان بعد فوات الهبة فليس له إلا القيمة اتفاقا .
وقد قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6ولا تمنن تستكثر } أي لا تعط مستكثرا على أحد التأويلات ، ويأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
أَمَّا مَنْ يَصِلُ قَرَابَتَهُ لِيَكُونَ غَنِيًّا فَالنِّيَّةُ فِي ذَلِكَ مُتَنَوِّعَةٌ ، فَإِنْ كَانَ لِيَتَظَاهَرَ بِهِ دُنْيَا فَلَيْسَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ الْقَرَابَةِ وَبَيْنَهُمَا مِنْ وَشِيجَةِ الرَّحِمِ ، فَإِنَّهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَأَمَّا مَنْ يُعِينُ الرَّجُلَ بِخِدْمَتِهِ فِي سَفَرِهِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ لِلدُّنْيَا لَا لِوَجْهِ اللَّهِ ، وَلَكِنَّ هَذَا الْمُرْبِي لَيْسَ لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ ، وَإِنَّمَا هُوَ لِيَرْبُوَ فِي مَالِ نَفْسِهِ ، وَصَرِيحُ الْآيَةِ فِيمَنْ يَهَبُ يَطْلُبُ الزِّيَادَةَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ فِي الْمُكَافَأَةِ ، وَذَلِكَ لَهُ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : " أَيُّمَا رَجُلٍ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهَا لِلثَّوَابِ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ حَتَّى يَرْضَى مِنْهَا " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : الْهِبَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِلَّهِ أَوْ لِجَلْبِ الْمَوَدَّةِ ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16975تَهَادَوْا تَحَابُّوا } .
[ ص: 524 ] وَهَذَا بَاطِلٌ ; فَإِنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ الْهِبَةَ لَا يَطْلُبُ إلَّا الْمُكَافَأَةَ عَلَيْهَا ، وَتَحْصُلُ فِي ذَلِكَ الْمَوَدَّةُ تَبَعًا لِلْهِبَةِ .
وَقَدْ رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2792أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثَابَ عَلَى لَقْحَةٍ } ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى صَاحِبِهَا حِينَ طَلَبَ الثَّوَابَ ، إنَّمَا أَنْكَرَ سَخَطَهُ لِلثَّوَابِ ، وَكَانَ زَائِدًا عَلَى الْقِيمَةِ .
وَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7291طَلَبَ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ زَائِدًا عَلَى مُكَافَأَتِهِ ، وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَائِمَةً لَمْ تَتَغَيَّرْ ، فَيَأْخُذُ مَا شَاءَ ، أَوْ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ .
وَقِيلَ : تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ ، كَنِكَاحِ التَّفْوِيضِ .
وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ فَوَاتِ الْهِبَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْقِيمَةُ اتِّفَاقًا .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ } أَيْ لَا تُعْطِ مُسْتَكْثِرًا عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ ، وَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .