قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال nindex.php?page=treesubj&link=28985قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال أي في
بلاد ثمود ونحوها فهلا اعتبرتم بمساكنهم ، بعد ما تبين لكم ما فعلنا بهم ، وبعد أن ضربنا لكم الأمثال في القرآن . وقرأ
أبو عبد الرحمن السلمي " ونبين لكم " بنون والجزم على أنه مستقبل ومعناه الماضي ; وليناسب قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45كيف فعلنا بهم . وقراءة الجماعة " وتبين " وهي مثلها في المعنى ; لأن ذلك لا يتبين لهم إلا بتبيين الله إياهم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وقد مكروا مكرهم أي بالشرك بالله وتكذيب الرسل والمعاندة ; عن
ابن عباس وغيره .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " إن " بمعنى " ما " أي ما كان مكرهم لتزول منه الجبال لضعفه ووهنه ;
وإن بمعنى " ما " في القرآن في مواضع خمسة : أحدها هذا . الثاني :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك . الثالث :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا [ ص: 334 ] أي ما كنا . الرابع :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=81قل إن كان للرحمن ولد . الخامس :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه . وقرأ الجماعة " وإن كان " بالنون . وقرأ
عمرو بن علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وأبي " وإن كاد " بالدال . والعامة على كسر اللام في لتزول على أنها لام الجحود وفتح اللام الثانية نصبا . وقرأ
ابن محيصن nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي لتزول بفتح اللام الأولى على أنها لام الابتداء ورفع الثانية وإن مخففة من الثقيلة ، ومعنى هذه القراءة استعظام مكرهم ; أي ولقد عظم مكرهم حتى كادت الجبال تزول منه ; قال
الطبري : الاختيار القراءة الأولى ; لأنها لو كانت زالت لم تكن ثابتة ; قال
أبو بكر الأنباري : ولا حجة على مصحف المسلمين في الحديث الذي حدثناه
أحمد بن الحسين : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع بن الجراح عن
إسرائيل عن
أبي إسحاق عن
عبد الرحمن بن دانيل قال سمعت
علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول : إن جبارا من الجبابرة قال لا أنتهي حتى أعلم من في السماوات ، فعمد إلى فراخ نسور ، فأمر أن تطعم اللحم ، حتى اشتدت وعضلت واستعلجت أمر بأن يتخذ تابوت يسع فيه رجلين ; وأن يجعل فيه عصا في رأسها لحم شديد حمرته ، وأن يستوثق من أرجل النسور بالأوتاد ; وتشد إلى قوائم التابوت ، ثم جلس هو وصاحب له في التابوت وأثار النسور ، فلما رأت اللحم طلبته ، فجعلت ترفع التابوت حتى بلغت به ما شاء الله ; فقال الجبار لصاحبه : افتح الباب فانظر ما ترى ؟ فقال : أرى الجبال كأنها ذباب ، فقال : أغلق الباب ; ثم صعدت بالتابوت ما شاء الله أن تصعد ، فقال الجبار لصاحبه : افتح الباب فانظر ما ترى ؟ فقال : ما أرى إلا السماء وما تزداد منا إلا بعدا ، فقال : نكس العصا فنكسها ، فانقضت النسور . فلما وقع التابوت على الأرض سمعت له هدة كادت الجبال تزول عن مراتبها منها ; قال : فسمعت
عليا - رضي الله عنه - يقرأ " وإن كان مكرهم لتزول " بفتح اللام الأولى من " لتزول " وضم الثانية . وقد ذكر
الثعلبي هذا الخبر بمعناه ، وأن الجبار هو
النمرود الذي حاج
إبراهيم في ربه ، وقال
عكرمة : كان معه في التابوت غلام أمرد ، وقد حمل
[ ص: 335 ] القوس والنبل فرمى بهما فعاد إليه ملطخا بالدماء وقال : كفيت نفسك إله السماء . قال
عكرمة : تلطخ بدم سمكة من السماء ، قذفت نفسها إليه من بحر في الهواء معلق . وقيل : طائر من الطير أصابه السهم ثم أمر
نمرود صاحبه أن يضرب العصا وأن ينكس اللحم ، فهبطت النسور بالتابوت ، فسمعت الجبال حفيف التابوت والنسور ففزعت ، وظنت أنه قد حدث بها حدث من السماء ، وأن الساعة قد قامت ، فذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال . قال
القشيري : وهذا جائز بتقدير خلق الحياة في الجبال . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي عن
ابن عباس : أن
النمرود بن كنعان بنى الصرح في قرية
الرس من سواد
الكوفة ، وجعل طوله خمسة آلاف ذراع وخمسين ذراعا ، وعرضه ثلاثة آلاف ذراع وخمسة وعشرين ذراعا ، وصعد منه مع النسور ، فلما علم أنه لا سبيل له إلى السماء اتخذه حصنا ، وجمع فيه أهله وولده ليتحصن فيه . فأتى الله بنيانه من القواعد ، فتداعى الصرح عليهم فهلكوا جميعا ، فهذا معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وقد مكروا مكرهم وفي الجبال التي عنى زوالها بمكرهم وجهان : أحدهما : جبال الأرض . الثاني : الإسلام والقرآن ; لأنه لثبوته ورسوخه كالجبال . وقال
القشيري :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وعند الله مكرهم أي هو عالم بذلك فيجازيهم أو عند الله جزاء مكرهم فحذف المضاف .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال بكسر اللام ; أي ما كان مكرهم مكرا يكون له أثر وخطر عند الله تعالى ، فالجبال مثل لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وإن كان مكرهم في تقديرهم
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46لتزول منه الجبال وتؤثر في إبطال الإسلام . وقرئ " لتزول منه الجبال " بفتح اللام الأولى وضم الثانية ; أي كان مكرا عظيما تزول منه الجبال ، ولكن الله حفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=22ومكروا مكرا كبارا والجبال لا تزول ولكن العبارة عن تعظيم الشيء هكذا تكون .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ nindex.php?page=treesubj&link=28985قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ أَيْ فِي
بِلَادِ ثَمُودَ وَنَحْوِهَا فَهَلَّا اعْتَبَرْتُمْ بِمَسَاكِنِهِمْ ، بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَكُمْ مَا فَعَلْنَا بِهِمْ ، وَبَعْدَ أَنْ ضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ فِي الْقُرْآنِ . وَقَرَأَ
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ " وَنُبَيَّنْ لَكُمْ " بِنُونٍ وَالْجَزْمِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ وَمَعْنَاهُ الْمَاضِي ; وَلِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ . وَقِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ " وَتَبَيَّنَ " وَهِيَ مِثْلُهَا فِي الْمَعْنَى ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُمْ إِلَّا بِتَبْيِينِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ أَيْ بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ وَتَكْذِيبِ الرُّسُلِ وَالْمُعَانَدَةِ ; عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ " إِنْ " بِمَعْنَى " مَا " أَيْ مَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ لِضَعْفِهِ وَوَهَنِهِ ;
وَإِنْ بِمَعْنَى " مَا " فِي الْقُرْآنِ فِي مَوَاضِعَ خَمْسَةٍ : أَحَدُهَا هَذَا . الثَّانِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ . الثَّالِثُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا [ ص: 334 ] أَيْ مَا كُنَّا . الرَّابِعُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=81قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ . الْخَامِسُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ . وَقَرَأَ الْجَمَاعَةُ " وَإِنْ كَانَ " بِالنُّونِ . وَقَرَأَ
عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيٌّ " وَإِنْ كَادَ " بِالدَّالِ . وَالْعَامَّةُ عَلَى كَسْرِ اللَّامِ فِي لِتَزُولَ عَلَى أَنَّهَا لَامُ الْجُحُودِ وَفَتْحِ اللَّامِ الثَّانِيَةِ نَصْبًا . وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ لَتَزُولُ بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى عَلَى أَنَّهَا لَامُ الِابْتِدَاءِ وَرَفْعِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ ، وَمَعْنَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ اسْتِعْظَامُ مَكْرِهِمْ ; أَيْ وَلَقَدْ عَظُمَ مَكْرُهُمْ حَتَّى كَادَتِ الْجِبَالُ تَزُولُ مِنْهُ ; قَالَ
الطَّبَرِيُّ : الِاخْتِيَارُ الْقِرَاءَةُ الْأُولَى ; لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ زَالَتْ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةٌ ; قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ : وَلَا حُجَّةَ عَلَى مُصْحَفِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ
أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ
إِسْرَائِيلَ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دَانِيلَ قَالَ سَمِعْتُ
عَلِيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ : إِنَّ جَبَّارًا مِنَ الْجَبَابِرَةِ قَالَ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَعْلَمَ مَنْ فِي السَمَاوَاتِ ، فَعَمَدَ إِلَى فِرَاخِ نُسُورٍ ، فَأَمَرَ أَنْ تُطْعَمَ اللَّحْمَ ، حَتَّى اشْتَدَّتْ وَعَضَلَتْ وَاسْتَعْلَجَتْ أَمَرَ بِأَنْ يُتَّخَذَ تَابُوتٌ يَسَعُ فِيهِ رَجُلَيْنِ ; وَأَنْ يُجْعَلَ فِيهِ عَصًا فِي رَأْسِهَا لَحْمٌ شَدِيدٌ حُمْرَتُهُ ، وَأَنْ يُسْتَوْثَقَ مِنْ أَرْجُلِ النُّسُورِ بِالْأَوْتَادِ ; وَتُشَدُّ إِلَى قَوَائِمِ التَّابُوتِ ، ثُمَّ جَلَسَ هُوَ وَصَاحِبٌ لَهُ فِي التَّابُوتِ وَأَثَارَ النُّسُورَ ، فَلَمَّا رَأَتِ اللَّحْمَ طَلَبَتْهُ ، فَجَعَلَتْ تَرْفَعُ التَّابُوتَ حَتَّى بَلَغَتْ بِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ; فَقَالَ الْجَبَّارُ لِصَاحِبِهِ : افْتَحِ الْبَابَ فَانْظُرْ مَا تَرَى ؟ فَقَالَ : أَرَى الْجِبَالَ كَأَنَّهَا ذُبَابٌ ، فَقَالَ : أَغْلِقِ الْبَابَ ; ثُمَّ صَعِدَتْ بِالتَّابُوتِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَصْعَدَ ، فَقَالَ الْجَبَّارُ لِصَاحِبِهِ : افْتَحِ الْبَابَ فَانْظُرْ مَا تَرَى ؟ فَقَالَ : مَا أَرَى إِلَّا السَّمَاءَ وَمَا تَزْدَادُ مِنَّا إِلَّا بُعْدًا ، فَقَالَ : نَكِّسِ الْعَصَا فَنَكَّسَهَا ، فَانْقَضَّتِ النُّسُورُ . فَلَمَّا وَقَعَ التَّابُوتُ عَلَى الْأَرْضِ سُمِعَتْ لَهُ هَدَّةٌ كَادَتِ الْجِبَالُ تَزُولُ عَنْ مَرَاتِبِهَا مِنْهَا ; قَالَ : فَسَمِعْتُ
عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقْرَأُ " وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ " بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى مِنْ " لَتَزُولُ " وَضَمَّ الثَّانِيَةِ . وَقَدْ ذَكَرَ
الثَّعْلَبِيُّ هَذَا الْخَبَرَ بِمَعْنَاهُ ، وَأَنَّ الْجَبَّارَ هُوَ
النُّمْرُودُ الَّذِي حَاجَّ
إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ ، وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : كَانَ مَعَهُ فِي التَّابُوتِ غُلَامٌ أَمْرَدُ ، وَقَدْ حَمَلَ
[ ص: 335 ] الْقَوْسَ وَالنَّبْلَ فَرَمَى بِهِمَا فَعَادَ إِلَيْهِ مُلَطَّخًا بِالدِّمَاءِ وَقَالَ : كَفَيْتَ نَفْسَكَ إِلَهَ السَّمَاءِ . قَالَ
عِكْرِمَةُ : تَلَطَّخَ بِدَمِ سَمَكَةٍ مِنَ السَّمَاءِ ، قَذَفَتْ نَفْسَهَا إِلَيْهِ مِنْ بَحْرٍ فِي الْهَوَاءِ مُعَلَّقٌ . وَقِيلَ : طَائِرٌ مِنَ الطَّيْرِ أَصَابَهُ السَّهْمُ ثُمَّ أَمَرَ
نُمْرُودُ صَاحِبَهُ أَنْ يَضْرِبَ الْعَصَا وَأَنْ يُنَكِّسَ اللَّحْمَ ، فَهَبَطَتِ النُّسُورُ بِالتَّابُوتِ ، فَسَمِعَتِ الْجِبَالُ حَفِيفَ التَّابُوتِ وَالنُّسُورِ فَفَزِعَتْ ، وَظَنَّتْ أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ مِنَ السَّمَاءِ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ قَدْ قَامَتْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : وَهَذَا جَائِزٌ بِتَقْدِيرِ خَلْقِ الْحَيَاةِ فِي الْجِبَالِ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ
النُّمْرُودَ بْنَ كَنْعَانَ بَنَى الصَّرْحَ فِي قَرْيَةِ
الرَّسِّ مِنْ سَوَادِ
الْكُوفَةِ ، وَجَعَلَ طُولَهُ خَمْسَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا ، وَعَرْضَهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا ، وَصَعِدَ مِنْهُ مَعَ النُّسُورِ ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى السَّمَاءِ اتَّخَذَهُ حِصْنًا ، وَجَمَعَ فِيهِ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ لِيَتَحَصَّنَّ فِيهِ . فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ ، فَتَدَاعَى الصَّرْحُ عَلَيْهِمْ فَهَلَكُوا جَمِيعًا ، فَهَذَا مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَفِي الْجِبَالِ الَّتِي عَنَى زَوَالَهَا بِمَكْرِهِمْ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : جِبَالُ الْأَرْضِ . الثَّانِي : الْإِسْلَامُ وَالْقُرْآنُ ; لِأَنَّهُ لِثُبُوتِهِ وَرُسُوخِهِ كَالْجِبَالِ . وَقَالَ
الْقُشَيْرِيُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ أَيْ هُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ فَيُجَازِيهِمْ أَوْ عِنْدَ اللَّهِ جَزَاءُ مَكْرِهِمْ فَحَذَفَ الْمُضَافَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ بِكَسْرِ اللَّامِ ; أَيْ مَا كَانَ مَكْرُهُمْ مَكْرًا يَكُونُ لَهُ أَثَرٌ وَخَطَرٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَالْجِبَالُ مَثَلٌ لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ فِي تَقْدِيرِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ وَتُؤَثِّرَ فِي إِبْطَالِ الْإِسْلَامِ . وَقُرِئَ " لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ " بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى وَضَمِّ الثَّانِيَةِ ; أَيْ كَانَ مَكْرًا عَظِيمًا تَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَفِظَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=22وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا وَالْجِبَالُ لَا تَزُولُ وَلَكِنَّ الْعِبَارَةَ عَنْ تَعْظِيمِ الشَّيْءِ هَكَذَا تَكُونُ .