[ ص: 242 ] nindex.php?page=treesubj&link=28988قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا عن
أسماء بنت أبي بكر - رضي الله تعالى عنهما - قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839713لما نزلت سورة nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تبت يدا أبي لهب أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول :
مذمما عصينا وأمره أبينا
ودينه قلينا
والنبي - صلى الله عليه وسلم - قاعد في المسجد ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - ; فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله ، لقد أقبلت وأنا أخاف أن تراك ! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنها لن تراني وقرأ قرآنا فاعتصم به كما قال . وقرأ nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا . فوقفت على أبي بكر - رضي الله عنه - ولم تر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا أبا بكر ، أخبرت أن صاحبك هجاني ! فقال : لا ورب هذا البيت ما هجاك . قال : فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها . وقال
سعيد بن جبير - رضي الله عنه - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839714لما نزلت nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تبت يدا أبي لهب وتب جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - ، فقال أبو بكر : لو تنحيت عنها لئلا تسمعك ما يؤذيك ، فإنها امرأة بذية . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنه سيحال بيني وبينها فلم تره . فقالت لأبي بكر : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك ! فقال : والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله . فقالت : وإني لمصدقة ; فاندفعت راجعة . فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : يا رسول الله ، أما رأتك ؟ قال : لا ما زال ملك بيني وبينها يسترني حتى ذهبت . وقال
كعب - رضي الله عنه - في هذه الآية :
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستتر من المشركين بثلاث آيات : الآية التي في الكهف nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=57إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ، والآية في النحل nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=108أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ، والآية التي في الجاثية nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة الآية . فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأهن يستتر من المشركين . قال
كعب - رضي الله تعالى عنه - : فحدثت بهن رجلا من
أهل الشام ، فأتى
أرض الروم فأقام بها زمانا ، ثم خرج هاربا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن فصاروا يكونون معه على طريقه ولا يبصرونه . قال
الثعلبي : وهذا الذي يروونه عن
[ ص: 243 ] كعب حدثت به رجلا من
أهل الري فأسر
بالديلم ، فمكث زمانا ثم خرج هاربا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن حتى جعلت ثيابهن لتلمس ثيابه فما يبصرونه .
قلت : ويزاد إلى هذه الآي أول سورة يس إلى قوله فهم لا يبصرون . فإن في السيرة في هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومقام
علي - رضي الله عنه - في فراشه قال :
وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ حفنة من تراب في يده ، وأخذ الله - عز وجل - على أبصارهم عنه فلا يرونه ، فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هذه الآيات من يس : nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم - إلى قوله - nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون . حتى فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذه الآيات ، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا ، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب .
قلت : ولقد اتفق لي ببلادنا
الأندلس بحصن
منثور من أعمال
قرطبة مثل هذا . وذلك أني هربت أمام العدو وانحزت إلى ناحية عنه ، فلم ألبث أن خرج في طلبي فارسان وأنا في فضاء من الأرض قاعد ليس يسترني عنهما شيء ، وأنا أقرأ أول سورة يس وغير ذلك من القرآن ; فعبرا علي ثم رجعا من حيث جاءا وأحدهما يقول للآخر : هذا ديبلة ; يعنون شيطانا . وأعمى الله - عز وجل - أبصارهم فلم يروني ، والحمد لله حمدا كثيرا على ذلك .
وقيل : الحجاب المستور طبع الله على قلوبهم حتى لا يفقهوه ولا يدركوا ما فيه من الحكمة ; قاله
قتادة . وقال
الحسن : أي أنهم لإعراضهم عن قراءتك وتغافلهم عنك كمن بينك وبينه حجاب في عدم رؤيته لك حتى كأن على قلوبهم أغطية . وقيل : نزلت في قوم كانوا يؤذون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ القرآن ، وهم
أبو جهل وأبو سفيان والنضر بن الحارث وأم جميل أمرأة أبي لهب وحويطب ; فحجب الله - سبحانه وتعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن أبصارهم عند قراءة القرآن ، وكانوا يمرون به ولا يرونه ; قاله
الزجاج وغيره . وهو معنى القول الأول بعينه ، وهو الأظهر في الآية ، والله أعلم . وقوله : مستورا فيه قولان : أحدهما - أن الحجاب مستور عنكم لا ترونه . والثاني : أن الحجاب ساتر عنكم ما وراءه ; ويكون مستورا به بمعنى ساتر .
[ ص: 242 ] nindex.php?page=treesubj&link=28988قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا عَنْ
أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839713لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ أَقْبَلَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلِ بِنْتُ حَرْبٍ وَلَهَا وَلْوَلَةٌ وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ وَهِيَ تَقُولُ :
مُذَمَّمًا عَصَيْنَا وَأَمْرَهُ أَبَيْنَا
وَدِينَهُ قَلَيْنَا
وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ; فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَقَدْ أَقْبَلَتْ وَأَنَا أَخَافُ أَنْ تَرَاكَ ! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي وَقَرَأَ قُرْآنًا فَاعْتَصَمَ بِهِ كَمَا قَالَ . وَقَرَأَ nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا . فَوَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، أُخْبِرْتُ أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي ! فَقَالَ : لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ . قَالَ : فَوَلَّتْ وَهِيَ تَقُولُ : قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشُ أَنِّي ابْنَةُ سَيِّدِهَا . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839714لَمَّا نَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ جَاءَتِ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَوْ تَنَحَّيْتَ عَنْهَا لِئَلَّا تُسْمِعَكَ مَا يُؤْذِيكَ ، فَإِنَّهَا امْرَأَةٌ بَذِيَّةٌ . فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّهُ سَيُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا فَلَمْ تَرَهُ . فَقَالَتْ لِأَبِي بَكْرٍ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، هَجَانَا صَاحِبُكَ ! فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا يَنْطِقُ بِالشِّعْرِ وَلَا يَقُولُهُ . فَقَالَتْ : وَإِنِّي لَمُصَدِّقَةٌ ; فَانْدَفَعَتْ رَاجِعَةً . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَا رَأَتْكَ ؟ قَالَ : لَا مَا زَالَ مَلَكٌ بَيْنِي وَبَيْنَهَا يَسْتُرُنِي حَتَّى ذَهَبَتْ . وَقَالَ
كَعْبٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ :
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَتِرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِثَلَاثِ آيَاتٍ : الْآيَةِ الَّتِي فِي الْكَهْفِ nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=57إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقَرًا ، وَالْآيَةِ فِي النَّحْلِ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=108أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ، وَالْآيَةِ الَّتِي فِي الْجَاثِيَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً الْآيَةَ . فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَرَّأَهُنَّ يَسْتَتِرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . قَالَ
كَعْبٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - : فَحَدَّثْتُ بِهِنَّ رَجُلًا مِنْ
أَهْلِ الشَّامِ ، فَأَتَى
أَرْضَ الرُّومِ فَأَقَامَ بِهَا زَمَانًا ، ثُمَّ خَرَجَ هَارِبًا فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ فَقَرَأَ بِهِنَّ فَصَارُوا يَكُونُونَ مَعَهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَلَا يُبْصِرُونَهُ . قَالَ
الثَّعْلَبِيُّ : وَهَذَا الَّذِي يَرْوُونَهُ عَنْ
[ ص: 243 ] كَعْبٍ حَدَّثْتُ بِهِ رَجُلًا مِنْ
أَهْلِ الرِّيِّ فَأُسِرَ
بِالدَّيْلَمِ ، فَمَكَثَ زَمَانًا ثُمَّ خَرَجَ هَارِبًا فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ فَقَرَأَ بِهِنَّ حَتَّى جَعَلَتْ ثِيَابُهُنَّ لَتَلْمِسُ ثِيَابَهُ فَمَا يُبْصِرُونَهُ .
قُلْتُ : وَيُزَادُ إِلَى هَذِهِ الْآيِ أَوَّلُ سُورَةِ يس إِلَى قَوْلِهِ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ . فَإِنَّ فِي السِّيرَةِ فِي هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُقَامِ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي فِرَاشِهِ قَالَ :
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فِي يَدِهِ ، وَأَخَذَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى أَبْصَارِهِمْ عَنْهُ فَلَا يَرَوْنَهُ ، فَجَعَلَ يَنْثُرُ ذَلِكَ التُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ يس : nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ - إِلَى قَوْلِهِ - nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ . حَتَّى فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ .
قُلْتُ : وَلَقَدِ اتَّفَقَ لِي بِبِلَادِنَا
الْأَنْدَلُسِ بِحِصْنِ
مَنْثُورٍ مِنْ أَعْمَالِ
قُرْطُبَةَ مِثْلُ هَذَا . وَذَلِكَ أَنِّي هَرَبْتُ أَمَامَ الْعَدُوِّ وَانْحَزْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ عَنْهُ ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِي فَارِسَانِ وَأَنَا فِي فَضَاءٍ مِنَ الْأَرْضِ قَاعِدٌ لَيْسَ يَسْتُرُنِي عَنْهُمَا شَيْءٌ ، وَأَنَا أَقْرَأُ أَوَّلَ سُورَةِ يس وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ ; فَعَبَرَا عَلَيَّ ثُمَّ رَجَعَا مِنْ حَيْثُ جَاءَا وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ : هَذَا دَيْبَلَةٌ ; يَعْنُونَ شَيْطَانًا . وَأَعْمَى اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَبْصَارَهُمْ فَلَمْ يَرَوْنِي ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا عَلَى ذَلِكَ .
وَقِيلَ : الْحِجَابُ الْمَسْتُورُ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ حَتَّى لَا يَفْقَهُوهُ وَلَا يُدْرِكُوا مَا فِيهِ مِنَ الْحِكْمَةِ ; قَالَهُ
قَتَادَةُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : أَيْ أَنَّهُمْ لِإِعْرَاضِهِمْ عَنْ قِرَاءَتِكَ وَتَغَافُلِهِمْ عَنْكَ كَمَنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ فِي عَدَمِ رُؤْيَتِهِ لَكَ حَتَّى كَأَنَّ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَغْطِيَةٌ . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَهُمْ
أَبُو جَهْلٍ وَأَبُو سُفْيَانَ وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَأُمُّ جَمِيلٍ أَمْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ وَحُوَيْطِبٌ ; فَحَجَبَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَبْصَارِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَكَانُوا يَمُرُّونَ بِهِ وَلَا يَرَوْنَهُ ; قَالَهُ
الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ . وَهُوَ مَعْنَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِعَيْنِهِ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْآيَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَوْلُهُ : مَسْتُورًا فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا - أَنَّ الْحِجَابَ مَسْتُورٌ عَنْكُمْ لَا تَرَوْنَهُ . وَالثَّانِي : أَنَّ الْحِجَابَ سَاتِرٌ عَنْكُمْ مَا وَرَاءَهُ ; وَيَكُونُ مَسْتُورًا بِهِ بِمَعْنَى سَاتِرٍ .