nindex.php?page=treesubj&link=29002قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم .
لما احتج على المشركين بما احتج بين أن معاني كلامه سبحانه لا تنفد ، وأنها لا نهاية لها . وقال
القفال : لما ذكر أنه سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض وأنه أسبغ النعم نبه على أن الأشجار لو كانت أقلاما ، والبحار مدادا فكتب بها عجائب صنع الله الدالة على قدرته ووحدانيته لم تنفد تلك العجائب . قال
القشيري : فرد معنى تلك الكلمات إلى المقدورات ، وحمل الآية على الكلام القديم أولى ; والمخلوق لا بد له من نهاية ، فإذا نفيت النهاية عن مقدوراته فهو نفي النهاية عما يقدر في المستقبل على إيجاده ، فأما ما حصره الوجود وعده فلا بد من تناهيه ، والقديم لا نهاية له على التحقيق . وقد مضى الكلام في معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27كلمات الله في آخر ( الكهف ) .
وقال
أبو علي : المراد بالكلمات والله أعلم ما في المقدور دون ما خرج منه إلى الوجود . وهذا نحو مما قاله
القفال ، وإنما الغرض الإعلام بكثرة معاني كلمات الله وهي في نفسها غير متناهية ، وإنما قرب الأمر على أفهام البشر بما يتناهى لأنه غاية ما يعهده البشر من الكثرة ; لا أنها تنفد بأكثر من هذه الأقلام والبحور . ومعنى نزول الآية يدل على أن المراد بالكلمات الكلام القديم . قال
ابن عباس : إن سبب هذه الآية
nindex.php?page=hadith&LINKID=864518أن اليهود قالت : يا محمد ، كيف عنينا بهذا القول nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ونحن قد أوتينا التوراة فيها كلام الله وأحكامه ، وعندك أنها تبيان كل شيء ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " التوراة قليل من كثير " ونزلت هذه الآية ، والآية مدنية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : فقد تبين أن الكلمات هاهنا يراد بها العلم وحقائق الأشياء ; لأنه عز وجل علم قبل أن يخلق الخلق ما هو خالق في السماوات والأرض من كل شيء ، وعلم ما فيه من مثاقيل الذر ، وعلم الأجناس كلها وما فيها من شعرة
[ ص: 72 ] وعضو ، وما في الشجرة من ورقة ، وما فيها من ضروب الخلق ، وما يتصرف فيه من ضروب الطعم واللون ; فلو سمى كل دابة وحدها ، وسمى أجزاءها على ما علم من قليلها وكثيرها وما تحولت عليه من الأحوال ، وما زاد فيها في كل زمان ، وبين كل شجرة وحدها وما تفرعت إليه ، وقدر ما ييبس من ذلك في كل زمان ، ثم كتب البيان على كل واحد منها ما أحاط الله جل ثناؤه به منها ، ثم كان البحر مدادا لذلك البيان الذي بين الله تبارك وتعالى عن تلك الأشياء يمده من بعده سبعة أبحر لكان البيان عن تلك الأشياء أكثر .
قلت : هذا معنى قول
القفال ، وهو قول حسن إن شاء الله تعالى . وقال قوم : إن
قريشا قالت : سيتم هذا الكلام
لمحمد وينحسر ; فنزلت . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : قالت
قريش : ما أكثر كلام
محمد ! فنزلت .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27والبحر يمده قراءة الجمهور بالرفع على الابتداء ، وخبره في الجملة التي بعدها ، والجملة في موضع الحال ; كأنه قال : والبحر هذه حاله ; كذا قدرها
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه . وقال بعض النحويين : هو عطف على ( أن ) لأنها في موضع رفع بالابتداء . وقرأ
أبو عمرو وابن أبي إسحاق : ( والبحر ) بالنصب على العطف على ( ما ) وهي اسم ( أن ) . وقيل : أي ولو أن البحر يمده أي يزيد فيه . وقرأ
ابن هرمز والحسن : ( يمده ) ; من أمد . قالت فرقة : هما بمعنى واحد . وقالت فرقة : مد الشيء بعضه بعضا ; كما تقول : مد
النيل الخليج ; أي زاد فيه . وأمد الشيء ما ليس منه . وقد مضى هذا في ( البقرة . وآل عمران ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد : ( والبحر مداده ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27ما نفدت كلمات الله تقدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27إن الله عزيز حكيم تقدم أيضا . وقال
أبو عبيدة : البحر هاهنا الماء العذب الذي ينبت الأقلام ، وأما الماء الملح فلا ينبت الأقلام .
nindex.php?page=treesubj&link=29002قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
لَمَّا احْتَجَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِمَا احْتَجَّ بَيَّنَ أَنَّ مَعَانِيَ كَلَامِهِ سُبْحَانَهُ لَا تَنْفَدُ ، وَأَنَّهَا لَا نِهَايَةَ لَهَا . وَقَالَ
الْقَفَّالُ : لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ سَخَّرَ لَهُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّهُ أَسْبَغَ النِّعَمَ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَشْجَارَ لَوْ كَانَتْ أَقْلَامًا ، وَالْبِحَارَ مِدَادًا فَكُتِبَ بِهَا عَجَائِبُ صُنْعِ اللَّهِ الدَّالَّةُ عَلَى قُدْرَتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ لَمْ تَنْفَدْ تِلْكَ الْعَجَائِبُ . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : فَرَدَّ مَعْنَى تِلْكَ الْكَلِمَاتِ إِلَى الْمَقْدُورَاتِ ، وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْكَلَامِ الْقَدِيمِ أَوْلَى ; وَالْمَخْلُوقُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِهَايَةٍ ، فَإِذَا نُفِيَتِ النِّهَايَةُ عَنْ مَقْدُورَاتِهِ فَهُوَ نَفْيُ النِّهَايَةِ عَمَّا يُقَدَّرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى إِيجَادِهِ ، فَأَمَّا مَا حَصَرَهُ الْوُجُودُ وَعَدَّهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَنَاهِيهِ ، وَالْقَدِيمُ لَا نِهَايَةَ لَهُ عَلَى التَّحْقِيقِ . وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27كَلِمَاتُ اللَّهِ فِي آخِرِ ( الْكَهْفِ ) .
وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : الْمُرَادُ بِالْكَلِمَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا فِي الْمَقْدُورِ دُونَ مَا خَرَجَ مِنْهُ إِلَى الْوُجُودِ . وَهَذَا نَحْوٌ مِمَّا قَالَهُ
الْقَفَّالُ ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ الْإِعْلَامُ بِكَثْرَةِ مَعَانِي كَلِمَاتِ اللَّهِ وَهِيَ فِي نَفْسِهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ ، وَإِنَّمَا قُرِّبَ الْأَمْرُ عَلَى أَفْهَامِ الْبَشَرِ بِمَا يَتَنَاهَى لِأَنَّهُ غَايَةُ مَا يَعْهَدُهُ الْبَشَرُ مِنَ الْكَثْرَةِ ; لَا أَنَّهَا تَنْفَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْلَامِ وَالْبُحُورِ . وَمَعْنَى نُزُولِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلِمَاتِ الْكَلَامُ الْقَدِيمُ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=864518أَنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ : يَا مُحَمَّدُ ، كَيْفَ عُنِينَا بِهَذَا الْقَوْلِ nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وَنَحْنُ قَدْ أُوتِينَا التَّوْرَاةَ فِيهَا كَلَامُ اللَّهِ وَأَحْكَامُهُ ، وَعِنْدَكَ أَنَّهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " التَّوْرَاةُ قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ " وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَالْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْكَلِمَاتِ هَاهُنَا يُرَادُ بِهَا الْعِلْمُ وَحَقَائِقُ الْأَشْيَاءِ ; لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ مَا هُوَ خَالِقٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَعَلِمَ مَا فِيهِ مِنْ مَثَاقِيلَ الذَّرِّ ، وَعَلِمَ الْأَجْنَاسَ كُلَّهَا وَمَا فِيهَا مِنْ شَعْرَةٍ
[ ص: 72 ] وَعُضْوٍ ، وَمَا فِي الشَّجَرَةِ مِنْ وَرَقَةٍ ، وَمَا فِيهَا مِنْ ضُرُوبِ الْخَلْقِ ، وَمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ ضُرُوبِ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ ; فَلَوْ سَمَّى كُلَّ دَابَّةٍ وَحْدَّهَا ، وَسَمَّى أَجْزَاءَهَا عَلَى مَا عَلِمَ مِنْ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَمَا تَحَوَّلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَمَا زَادَ فِيهَا فِي كُلِّ زَمَانٍ ، وَبَيَّنَ كُلَّ شَجَرَةٍ وَحْدَّهَا وَمَا تَفَرَّعَتْ إِلَيْهِ ، وَقَدْرَ مَا يَيْبَسُ مِنْ ذَلِكَ فِي كُلِّ زَمَانٍ ، ثُمَّ كُتِبَ الْبَيَانُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا أَحَاطَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهِ مِنْهَا ، ثُمَّ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِذَلِكَ الْبَيَانِ الَّذِي بَيَّنَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ لَكَانَ الْبَيَانُ عَنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ أَكْثَرَ .
قُلْتُ : هَذَا مَعْنَى قَوْلِ
الْقَفَّالِ ، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّ
قُرَيْشًا قَالَتْ : سَيَتِمُّ هَذَا الْكَلَامُ
لِمُحَمَّدٍ وَيَنْحَسِرُ ; فَنَزَلَتْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : قَالَتْ
قُرَيْشُ : مَا أَكْثَرَ كَلَامَ
مُحَمَّدٍ ! فَنَزَلَتْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَخَبَرُهُ فِي الْجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; كَأَنَّهُ قَالَ : وَالْبَحْرُ هَذِهِ حَالُهُ ; كَذَا قَدَّرَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ . وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ : هُوَ عَطْفٌ عَلَى ( أَنَّ ) لِأَنَّهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ . وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ : ( وَالْبَحْرَ ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى ( مَا ) وَهِيَ اسْمُ ( أَنَّ ) . وَقِيلَ : أَيْ وَلَوْ أَنَّ الْبَحْرَ يَمُدُّهُ أَيْ يَزِيدُ فِيهِ . وَقَرَأَ
ابْنُ هُرْمُزَ وَالْحَسَنُ : ( يُمِدُّهُ ) ; مِنْ أَمَدَّ . قَالَتْ فِرْقَةٌ : هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : مَدَّ الشَّيْءُ بَعْضَهُ بَعْضًا ; كَمَا تَقُولُ : مَدَّ
النِّيلُ الْخَلِيجَ ; أَيْ زَادَ فِيهِ . وَأَمَدَّ الشَّيْءَ مَا لَيْسَ مِنْهُ . وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي ( الْبَقَرَةِ . وَآلِ عِمْرَانَ ) . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : ( وَالْبَحْرُ مِدَادُهُ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ تَقَدَّمَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=27إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ تَقَدَّمَ أَيْضًا . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْبَحْرُ هَاهُنَا الْمَاءُ الْعَذْبُ الَّذِي يُنْبِتُ الْأَقْلَامَ ، وَأَمَّا الْمَاءُ الْمِلْحُ فَلَا يُنْبِتُ الْأَقْلَامَ .