الرابعة والعشرون : واختلفوا هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ؟ فقيل : هما بمعنى واحد ; كندمان ونديم . قاله
أبو عبيدة . وقيل : ليس بناء فعلان كفعيل ، فإن فعلان لا يقع إلا على مبالغة الفعل ; نحو قولك : رجل غضبان ، للممتلئ غضبا . وفعيل قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول . قال
عملس :
فأما إذا عضت بك الحرب عضة فإنك معطوف عليك رحيم
ف ( الرحمن ) خاص الاسم عام الفعل . و ( الرحيم ) عام الاسم خاص الفعل . هذا قول الجمهور .
قال
أبو علي الفارسي : (
nindex.php?page=treesubj&link=28971الرحمن ) اسم عام في جميع أنواع الرحمة ، يختص به الله . (
nindex.php?page=treesubj&link=28723والرحيم ) إنما هو في جهة المؤمنين ; كما قال تعالى : وكان بالمؤمنين رحيما . وقال
العرزمي ( الرحمن ) بجميع خلقه في الأمطار ونعم الحواس والنعم العامة ، و ( الرحيم ) بالمؤمنين في الهداية لهم ، واللطف بهم . وقال
ابن المبارك : ( الرحمن ) إذا سئل أعطى ، و ( الرحيم ) إذا لم يسأل غضب . وروى
ابن ماجه في سننه
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في جامعه عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830080من لم يسأل الله يغضب عليه لفظ
الترمذي . وقال
ابن ماجه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830081من لم يدع الله سبحانه غضب عليه . وقال : سألت
أبا زرعة عن
أبي صالح هذا ، فقال : هو الذي يقال له :
الفارسي وهو خوزي ولا أعرف اسمه . وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال :
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
وقال
ابن عباس : هما اسمان رقيقان ، أحدهما أرق من الآخر ، أي أكثر رحمة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وهذا مشكل ; لأن الرقة لا مدخل لها في شيء من صفات الله تعالى .
[ ص: 102 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل البجلي : هذا وهم من الراوي ، لأن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شيء ، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر ، والرفق من صفات الله عز وجل ; قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830082إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَوْ بِمَعْنَيَيْنِ ؟ فَقِيلَ : هَمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ ; كَنَدْمَانَ وَنَدِيمٍ . قَالَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ . وَقِيلَ : لَيْسَ بِنَاءُ فَعْلَانَ كَفَعِيلٍ ، فَإِنَّ فَعْلَانَ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى مُبَالَغَةِ الْفِعْلِ ; نَحْوَ قَوْلِكَ : رَجُلٌ غَضْبَانٌ ، لِلْمُمْتَلِئِ غَضَبًا . وَفَعِيلٌ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ . قَالَ
عَمَلَّسُ :
فَأَمَّا إِذَا عَضَّتْ بِكَ الْحَرْبُ عَضَّةً فَإِنَّكَ مَعْطُوفٌ عَلَيْكَ رَحِيمٌ
فَ ( الرَّحْمَنُ ) خَاصُّ الِاسْمِ عَامُّ الْفِعْلِ . وَ ( الرَّحِيمُ ) عَامُّ الِاسْمِ خَاصُّ الْفِعْلِ . هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ .
قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : (
nindex.php?page=treesubj&link=28971الرَّحْمَنُ ) اسْمٌ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الرَّحْمَةِ ، يَخْتَصُّ بِهِ اللَّهُ . (
nindex.php?page=treesubj&link=28723وَالرَّحِيمُ ) إِنَّمَا هُوَ فِي جِهَةِ الْمُؤْمِنِينَ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا . وَقَالَ
الْعَرْزَمِيُّ ( الرَّحْمَنُ ) بِجَمِيعِ خَلْقِهِ فِي الْأَمْطَارِ وَنِعَمِ الْحَوَاسِّ وَالنِّعَمِ الْعَامَّةِ ، وَ ( الرَّحِيمُ ) بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الْهِدَايَةِ لَهُمْ ، وَاللُّطْفِ بِهِمْ . وَقَالَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ : ( الرَّحْمَنُ ) إِذَا سُئِلَ أَعْطَى ، وَ ( الرَّحِيمُ ) إِذَا لَمْ يُسْأَلْ غَضِبَ . وَرَوَى
ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ
أَبِي صَالِحٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830080مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ لَفْظُ
التِّرْمِذِيِّ . وَقَالَ
ابْنُ مَاجَهْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830081مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ غَضِبَ عَلَيْهِ . وَقَالَ : سَأَلْتُ
أَبَا زُرْعَةَ عَنْ
أَبِي صَالِحٍ هَذَا ، فَقَالَ : هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ :
الْفَارِسِيُّ وَهُوَ خُوزِيٌّ وَلَا أَعْرِفُ اسْمَهُ . وَقَدْ أَخَذَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ :
اللَّهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ وَبُنَيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هُمَا اسْمَانِ رَقِيقَانِ ، أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنَ الْآخَرِ ، أَيْ أَكْثَرُ رَحْمَةً .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ : وَهَذَا مُشْكِلٌ ; لِأَنَّ الرِّقَّةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى .
[ ص: 102 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ : هَذَا وَهْمٌ مِنَ الرَّاوِي ، لِأَنَّ الرِّقَّةَ لَيْسَتْ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَيْءٍ ، وَإِنَّمَا هُمَا اسْمَانِ رَفِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَرْفَقُ مِنَ الْآخَرِ ، وَالرِّفْقُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ; قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830082إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ .