nindex.php?page=treesubj&link=28973قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون
قال
الحسن : هي الزكاة المفروضة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : هذه الآية تجمع الزكاة المفروضة والتطوع . قال
ابن عطية . وهذا صحيح ، ولكن ما تقدم من الآيات في ذكر القتال وأن الله يدفع بالمؤمنين في صدور الكافرين يترجح منه أن هذا الندب إنما هو في سبيل الله ، ويقوي ذلك في آخر الآية قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254والكافرون هم الظالمون أي فكافحوهم بالقتال بالأنفس وإنفاق الأموال .
قلت : وعلى هذا التأويل يكون إنفاق الأموال مرة واجبا ومرة ندبا بحسب تعين الجهاد وعدم تعينه . وأمر تعالى عباده بالإنفاق مما رزقهم الله وأنعم به عليهم وحذرهم من الإمساك إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك نفقة ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق . والخلة : خالص المودة ، مأخوذة من تخلل الأسرار بين الصديقين . والخلالة والخلالة والخلالة : الصداقة والمودة ، قال الشاعر : ( هو
النابغة الجعدي )
وكيف تواصل من أصبحت خلالته كأبي مرحب
وأبو مرحب كنية الظل ، ويقال : هو كنية
عرقوب الذي قيل فيه : مواعيد
عرقوب . والخلة بالضم أيضا : ما خلا من النبت ، يقال : الخلة خبز الإبل والحمض فاكهتها . والخلة بالفتح : الحاجة والفقر . والخلة : ابن مخاض ، عن
الأصمعي . يقال : أتاهم بقرص كأنه
[ ص: 244 ] فرسن خلة . والأنثى خلة أيضا . ويقال للميت : اللهم أصلح خلته ، أي الثلمة التي ترك . والخلة : الخمرة الحامضة . والخلة ( بالكسر ) : واحدة خلل السيوف ، وهي بطائن كانت تغشى بها أجفان السيوف منقوشة بالذهب وغيره ، وهي أيضا سيور تلبس ظهر سيتي القوس . والخلة أيضا : ما يبقى بين الأسنان . وسيأتي في ( النساء ) اشتقاق الخليل ومعناه . فأخبر الله تعالى ألا خلة في الآخرة ولا شفاعة إلا بإذن الله . وحقيقتها رحمة منه تعالى شرف بها الذي أذن له في أن يشفع . وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو " لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة " بالنصب من غير تنوين ، وكذلك في سورة ( إبراهيم ) " لا بيع فيه ولا خلال " وفي الطور " لا لغو فيها ولا تأثيم " وأنشد
حسان بن ثابت :
ألا طعان ولا فرسان عادية إلا تجشؤكم عند التنانير
وألف الاستفهام غير مغيرة عمل " لا " كقولك : ألا رجل عندك ، ويجوز ألا رجل ولا امرأة كما جاز في غير الاستفهام فاعلمه . وقرأ الباقون جميع ذلك بالرفع والتنوين ، كما قال
الراعي :
وما صرمتك حتى قلت معلنة لا ناقة لي في هذا ولا جمل
ويروى " وما هجرتك " فالفتح على النفي العام المستغرق لجميع الوجوه من ذلك الصنف ، كأنه جواب لمن قال : هل فيه من بيع ؟ فسأل سؤالا عاما فأجيب جوابا عاما بالنفي . و " لا " مع الاسم المنفي بمنزلة اسم واحد في موضع رفع بالابتداء ، والخبر " فيه " . وإن شئت جعلته صفة ليوم ، ومن رفع جعل " لا " بمنزلة ليس . وجعل الجواب غير عام ، وكأنه جواب من قال : هل فيه بيع ؟ بإسقاط من ، فأتى الجواب غير مغير عن رفعه ، والمرفوع مبتدأ أو اسم ليس و " فيه " الخبر . قال
مكي : والاختيار الرفع ؛ لأن أكثر القراء عليه ، ويجوز في غير القرآن لا بيع فيه ولا خلة ، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لرجل من
مذحج :
هذا لعمركم الصغار بعينه لا أم لي إن كان ذاك ولا أب
ويجوز أن تبني الأول وتنصب الثاني وتنونه فتقول : لا رجل فيه ولا امرأة ، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه :
لا نسب اليوم ولا خلة اتسع الخرق على الراقع
[ ص: 245 ] ف " لا " زائدة في الموضعين ، الأول عطف على الموضع والثاني على اللفظ ووجه خامس أن ترفع الأول وتبني الثاني كقولك : لا رجل فيها ولا امرأة ، قال
أمية :
فلا لغو ولا تأثيم فيها وما فاهوا به أبدا مقيم
وهذه الخمسة الأوجه جائزة في قولك : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وقد تقدم هذا والحمد لله . ( والكافرون ) ابتداء . ( هم ) ابتداء ثان ، ( الظالمون ) خبر الثاني ، وإن شئت كانت " هم " زائدة للفصل و " الظالمون " خبر " الكافرون " . قال
عطاء بن دينار : والحمد لله الذي قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254والكافرون هم الظالمون ولم يقل والظالمون هم الكافرون .
nindex.php?page=treesubj&link=28973قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ
قَالَ
الْحَسَنُ : هِيَ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : هَذِهِ الْآيَةُ تَجْمَعُ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَالتَّطَوُّعَ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ . وَهَذَا صَحِيحٌ ، وَلَكِنْ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ فِي ذِكْرِ الْقِتَالِ وَأَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي صُدُورِ الْكَافِرِينَ يَتَرَجَّحُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا النَّدْبَ إِنَّمَا هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ فِي آخِرِ الْآيَةِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ أَيْ فَكَافِحُوهُمْ بِالْقِتَالِ بِالْأَنْفُسِ وَإِنْفَاقِ الْأَمْوَالِ .
قُلْتُ : وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ إِنْفَاقُ الْأَمْوَالِ مَرَّةً وَاجِبًا وَمَرَّةً نَدْبًا بِحَسَبِ تَعَيُّنِ الْجِهَادِ وَعَدَمِ تَعَيُّنِهِ . وَأَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالْإِنْفَاقِ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَحَذَّرَهُمْ مِنَ الْإِمْسَاكِ إِلَى أَنْ يَجِيءَ يَوْمٌ لَا يُمْكِنُ فِيهِ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا اسْتِدْرَاكُ نَفَقَةٍ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ . وَالْخُلَّةُ : خَالِصُ الْمَوَدَّةِ ، مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَخَلُّلِ الْأَسْرَارِ بَيْنَ الصَّدِيقَيْنِ . وَالْخِلَالَةُ وَالْخَلَالَةُ وَالْخُلَالَةُ : الصَّدَاقَةُ وَالْمَوَدَّةُ ، قَالَ الشَّاعِرُ : ( هُوَ
النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ )
وَكَيْفَ تُوَاصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ خِلَالَتُهُ كَأَبِي مَرْحَبِ
وَأَبُو مَرْحَبٍ كُنْيَةُ الظِّلِّ ، وَيُقَالُ : هُوَ كُنْيَةُ
عُرْقُوبٍ الَّذِي قِيلَ فِيهِ : مَوَاعِيدُ
عُرْقُوبٍ . وَالْخُلَّةُ بِالضَّمِّ أَيْضًا : مَا خَلَا مِنَ النَّبْتِ ، يُقَالُ : الْخُلَّةُ خُبْزُ الْإِبِلِ وَالْحَمْضُ فَاكِهَتُهَا . وَالْخَلَّةُ بِالْفَتْحِ : الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ . وَالْخَلَّةُ : ابْنُ مَخَاضٍ ، عَنِ
الْأَصْمَعِيِّ . يُقَالُ : أَتَاهُمْ بِقُرْصٍ كَأَنَّهُ
[ ص: 244 ] فِرْسِنُ خَلَّةٍ . وَالْأُنْثَى خَلَّةٌ أَيْضًا . وَيُقَالُ لِلْمَيِّتِ : اللَّهُمَّ أَصْلِحْ خَلَّتَهُ ، أَيِ الثُّلْمَةَ الَّتِي تَرَكَ . وَالْخَلَّةُ : الْخَمْرَةُ الْحَامِضَةُ . وَالْخِلَّةُ ( بِالْكَسْرِ ) : وَاحِدَةُ خِلَلِ السُّيُوفِ ، وَهِيَ بَطَائِنُ كَانَتْ تُغْشَى بِهَا أَجْفَانُ السُّيُوفِ مَنْقُوشَةٌ بِالذَّهَبِ وَغَيْرِهِ ، وَهِيَ أَيْضًا سُيُورٌ تُلْبَسُ ظَهْرَ سِيَتَيِ الْقَوْسِ . وَالْخِلَّةُ أَيْضًا : مَا يَبْقَى بَيْنَ الْأَسْنَانِ . وَسَيَأْتِي فِي ( النِّسَاءِ ) اشْتِقَاقُ الْخَلِيلِ وَمَعْنَاهُ . فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَلَّا خُلَّةَ فِي الْآخِرَةِ وَلَا شَفَاعَةَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ . وَحَقِيقَتُهَا رَحْمَةٌ مِنْهُ تَعَالَى شَرَّفَ بِهَا الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَشْفَعَ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو " لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا خُلَّةَ وَلَا شَفَاعَةَ " بِالنَّصْبِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ ، وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ ( إِبْرَاهِيمَ ) " لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا خِلَالَ " وَفِي الطُّورِ " لَا لَغْوَ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمَ " وَأَنْشَدَ
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ :
أَلَا طِعَانَ وَلَا فُرْسَانَ عَادِيَةٌ إِلَّا تَجَشُّؤُكُمْ عِنْدَ التَّنَانِيرِ
وَأَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ غَيْرُ مُغَيِّرَةٍ عَمَلَ " لَا " كَقَوْلِكَ : أَلَا رَجُلَ عِنْدَكَ ، وَيَجُوزُ أَلَا رَجُلَ وَلَا امْرَأَةَ كَمَا جَازَ فِي غَيْرِ الِاسْتِفْهَامِ فَاعْلَمْهُ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ جَمِيعَ ذَلِكَ بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ ، كَمَا قَالَ
الرَّاعِيُّ :
وَمَا صَرَمْتُكِ حَتَّى قُلْتُ مُعْلِنَةً لَا نَاقَةٌ لِي فِي هَذَا وَلَا جَمَلُ
وَيُرْوَى " وَمَا هَجَرْتُكِ " فَالْفَتْحُ عَلَى النَّفْيِ الْعَامِّ الْمُسْتَغْرِقِ لِجَمِيعِ الْوُجُوهِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ ، كَأَنَّهُ جَوَابٌ لِمَنْ قَالَ : هَلْ فِيهِ مِنْ بَيْعٍ ؟ فَسَأَلَ سُؤَالًا عَامًّا فَأُجِيبَ جَوَابًا عَامًّا بِالنَّفْيِ . وَ " لَا " مَعَ الِاسْمِ الْمَنْفِيِّ بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ ، وَالْخَبَرُ " فِيهِ " . وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ صِفَةً لِيَوْمٍ ، وَمَنْ رَفَعَ جَعَلَ " لَا " بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ . وَجَعَلَ الْجَوَابَ غَيْرَ عَامٍّ ، وَكَأَنَّهُ جَوَابُ مَنْ قَالَ : هَلْ فِيهِ بَيْعٌ ؟ بِإِسْقَاطِ مَنْ ، فَأَتَى الْجَوَابُ غَيْرَ مُغَيِّرٍ عَنْ رَفْعِهِ ، وَالْمَرْفُوعُ مُبْتَدَأٌ أَوِ اسْمُ لَيْسَ وَ " فِيهِ " الْخَبَرُ . قَالَ
مَكِّيٌّ : وَالِاخْتِيَارُ الرَّفْعُ ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ ، وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ لِرَجُلٍ مِنْ
مَذْحِجٍ :
هَذَا لَعَمْرُكُمُ الصَّغَارُ بِعَيْنِهِ لَا أُمَّ لِي إِنْ كَانَ ذَاكَ وَلَا أَبُ
وَيَجُوزُ أَنْ تَبْنِيَ الْأَوَّلَ وَتَنْصِبَ الثَّانِي وَتُنَوِّنَهُ فَتَقُولُ : لَا رَجُلَ فِيهِ وَلَا امْرَأَةً ، وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ :
لَا نَسَبَ الْيَوْمَ وَلَا خُلَّةً اتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ
[ ص: 245 ] فَ " لَا " زَائِدَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ، الْأَوَّلُ عَطْفٌ عَلَى الْمَوْضِعِ وَالثَّانِي عَلَى اللَّفْظِ وَوَجْهٌ خَامِسٌ أَنْ تَرْفَعَ الْأَوَّلَ وَتَبْنِيَ الثَّانِي كَقَوْلِكَ : لَا رَجُلٌ فِيهَا وَلَا امْرَأَةَ ، قَالَ
أُمَيَّةُ :
فَلَا لَغْوٌ وَلَا تَأْثِيمَ فِيهَا وَمَا فَاهُوا بِهِ أَبَدًا مُقِيمَ
وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَوْجُهُ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِكَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . ( وَالْكَافِرُونَ ) ابْتِدَاءٌ . ( هُمْ ) ابْتِدَاءٌ ثَانٍ ، ( الظَّالِمُونَ ) خَبَرُ الثَّانِي ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَتْ " هُمْ " زَائِدَةً لِلْفَصْلِ وَ " الظَّالِمُونَ " خَبَرُ " الْكَافِرُونَ " . قَالَ
عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ : وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَلَمْ يَقُلْ وَالظَّالِمُونَ هُمُ الْكَافِرُونَ .