قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله أي جادلوك بالأقاويل المزورة والمغالطات ، فأسند أمرك إلى ما كلفت من الإيمان والتبليغ وعلى الله نصرك . وقوله وجهي بمعنى ذاتي ; ومنه الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=831839سجد وجهي للذي خلقه وصوره . وقيل : الوجه هنا بمعنى القصد ; كما تقول : خرج فلان في وجه كذا . وقد تقدم هذا المعنى في البقرة
[ ص: 44 ] مستوفى ; والأول أولى . وعبر بالوجه عن سائر الذات إذ هو أشرف أعضاء الشخص وأجمعها للحواس . وقال :
أسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا
وقد قال حذاق المتكلمين في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك : إنها عبارة عن الذات وقيل : العمل الذي يقصد به وجهه . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20ومن اتبعن " من " في محل رفع عطفا على التاء في قوله أسلمت أي ومن اتبعني أسلم أيضا ، وجاز العطف على الضمير المرفوع من غير تأكيد للفصل بينهما . وأثبت
نافع وأبو عمرو ويعقوب ياء " اتبعني " على الأصل ، وحذف الآخرون اتباعا للمصحف إذ وقعت فيه بغير ياء . وقال الشاعر :
ليس تخفى يسارتي قدر يوم ولقد تخفي شيمتي إعساري
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد يعني
اليهود والنصارى والأميين الذين لا كتاب لهم وهم مشركو العرب . أأسلمتم استفهام معناه التقرير وفي ضمنه الأمر ، أي أسلموا ; كذا قال
الطبري وغيره . وقال
الزجاج : أأسلمتم تهديد . وهذا حسن لأن المعنى أأسلمتم أم لا . وجاءت العبارة في قوله فقد اهتدوا بالماضي مبالغة في الإخبار بوقوع الهدى لهم وتحصيله . و " البلاغ " مصدر بلغ بتخفيف عين الفعل ، أي إنما عليك أن تبلغ . وقيل : إنه مما نسخ بالجهاد . وقال
ابن عطية : وهذا يحتاج إلى معرفة تاريخ نزولها ; وأما على ظاهر نزول هذه الآيات في وفد
نجران فإنما المعنى فإنما عليك أن تبلغ ما أنزل إليك بما فيه من قتال وغيره .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ أَيْ جَادَلُوكَ بِالْأَقَاوِيلِ الْمُزَوَّرَةِ وَالْمُغَالَطَاتِ ، فَأَسْنِدْ أَمْرَكَ إِلَى مَا كُلِّفْتَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّبْلِيغِ وَعَلَى اللَّهِ نَصْرُكَ . وَقَوْلُهُ وَجْهِي بِمَعْنَى ذَاتِي ; وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=831839سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ . وَقِيلَ : الْوَجْهُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَصْدِ ; كَمَا تَقُولُ : خَرَجَ فُلَانٌ فِي وَجْهِ كَذَا . وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْبَقَرَةِ
[ ص: 44 ] مُسْتَوْفًى ; وَالْأَوَّلُ أَوْلَى . وَعَبَّرَ بِالْوَجْهِ عَنْ سَائِرِ الذَّاتِ إِذْ هُوَ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الشَّخْصِ وَأَجْمَعُهَا لِلْحَوَاسِّ . وَقَالَ :
أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِمَنْ أَسْلَمَتْ لَهُ الْمُزْنُ تَحْمِلُ عَذْبًا زُلَالَا
وَقَدْ قَالَ حُذَّاقُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ : إِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الذَّاتِ وَقِيلَ : الْعَمَلُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُهُ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وَمَنِ اتَّبَعَنِ " مَنْ " فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَطْفًا عَلَى التَّاءِ فِي قَوْلِهِ أَسْلَمْتُ أَيْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي أَسْلَمَ أَيْضًا ، وَجَازَ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ مِنْ غَيْرِ تَأْكِيدٍ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا . وَأَثْبَتَ
نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ يَاءَ " اتَّبَعَنِي " عَلَى الْأَصْلِ ، وَحَذَفَ الْآخَرُونَ اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ إِذْ وَقَعَتْ فِيهِ بِغَيْرِ يَاءٍ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
لَيْسَ تَخْفَى يَسَارَتِي قَدْرَ يَوْمٍ وَلَقَدْ تُخْفِي شِيمَتِي إِعْسَارِي
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ يَعْنِي
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْأُمِّيِّينَ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَهُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ . أَأَسْلَمْتُمُ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ وَفِي ضِمْنِهِ الْأَمْرُ ، أَيْ أَسْلِمُوا ; كَذَا قَالَ
الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : أَأَسْلَمْتُمْ تَهْدِيدٌ . وَهَذَا حَسَنٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَأَسْلَمْتُمْ أَمْ لَا . وَجَاءَتِ الْعِبَارَةُ فِي قَوْلِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا بِالْمَاضِي مُبَالَغَةً فِي الْإِخْبَارِ بِوُقُوعِ الْهُدَى لَهُمْ وَتَحْصِيلُهُ . وَ " الْبَلَاغُ " مَصْدَرُ بَلَغَ بِتَخْفِيفِ عَيْنِ الْفِعْلِ ، أَيْ إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُبَلِّغَ . وَقِيلَ : إِنَّهُ مِمَّا نُسِخَ بِالْجِهَادِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ تَارِيخِ نُزُولِهَا ; وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي وَفْدِ
نَجْرَانَ فَإِنَّمَا الْمَعْنَى فَإِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُبَلِّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ بِمَا فِيهِ مِنْ قِتَالٍ وَغَيْرِهِ .