(
nindex.php?page=treesubj&link=28990_31981nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا ( 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ( 28 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ( 29 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ( 30 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ( 31 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=32وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ( 32 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=33والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ( 33 ) ) .
يقول تعالى مخبرا عن
مريم حين أمرت أن تصوم يومها ذلك ، وألا تكلم أحدا من البشر فإنها ستكفى أمرها ويقام بحجتها فسلمت لأمر الله - عز وجل - واستسلمت لقضائه ، وأخذت ولدها (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27فأتت به قومها تحمله ) فلما رأوها كذلك ، أعظموا أمرها واستنكروه جدا ، وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27يا مريم لقد جئت شيئا فريا ) أي : أمرا عظيما . قاله
مجاهد ، وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وغير واحد .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
عبد الله بن أبي زياد ، حدثنا
سيار حدثنا
جعفر بن سليمان ، حدثنا
أبو عمران الجوني ، عن
نوف البكالي قال : وخرج قومها في طلبها ، وكانت من أهل بيت نبوة وشرف . فلم يحسوا منها شيئا ، فرأوا راعي بقر فقالوا : رأيت فتاة كذا وكذا نعتها ؟ قال : لا ولكني رأيت الليلة من بقري ما لم أره منها قط . قالوا : وما رأيت ؟ قال : رأيتها سجدا نحو هذا الوادي . قال
عبد الله بن أبي زياد : وأحفظ عن
سيار أنه قال : رأيت نورا ساطعا . فتوجهوا حيث قال لهم ، فاستقبلتهم
مريم ، فلما رأتهم قعدت وحملت ابنها في حجرها ، فجاءوا حتى قاموا عليها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا ) أمرا عظيما . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يا أخت هارون ) أي : يا شبيهة
هارون في العبادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ) أي : أنت من بيت طيب طاهر ، معروف بالصلاح
[ ص: 227 ] والعبادة والزهادة ، فكيف صدر هذا منك ؟
قال
علي بن أبي طلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : قيل لها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يا أخت هارون ) أي : أخي
موسى ، وكانت من نسله كما يقال للتميمي : يا أخا
تميم ، وللمضري : يا أخا
مضر .
وقيل : نسبت إلى رجل صالح كان فيهم اسمه
هارون ، فكانت تقاس به في العبادة ، والزهادة .
وحكى
ابن جرير عن بعضهم : أنهم شبهوها برجل فاجر كان فيهم . يقال له : هارون . ورواه
ابن أبي حاتم عن
سعيد بن جبير .
وأغرب من هذا كله ما رواه
ابن أبي حاتم .
حدثنا
علي بن الحسين الهسنجاني حدثنا
ابن أبي مريم ، حدثنا
المفضل بن فضالة ، حدثنا
أبو صخر ، عن
القرظي في قول الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يا أخت هارون ) قال : هي أخت
هارون لأبيه وأمه ، وهي أخت
موسى أخي
هارون التي قصت أثر
موسى ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=11فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون ) [ القصص : 11 ]
وهذا القول خطأ محض ، فإن الله تعالى قد ذكر في كتابه أنه قفى
بعيسى بعد الرسل ، فدل على أنه آخر الأنبياء بعثا وليس بعده إلا
محمد صلوات الله وسلامه عليه ; ولهذا ثبت في الصحيح عند
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820615 " أنا أولى الناس بابن مريم ; إلا أنه ليس بيني وبينه نبي " ولو كان الأمر كما زعم
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، لم يكن متأخرا عن الرسل سوى
محمد . ولكان قبل
سليمان وداود ; فإن الله قد ذكر أن داود بعد
موسى ، عليهما السلام في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله ) [ البقرة : 246 ] فذكر القصة إلى أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251وقتل داود جالوت ) الآية [ البقرة : 251 ] ، والذي جرأ
القرظي على هذه المقالة ما في التوراة بعد خروج
موسى وبني إسرائيل من البحر ، وإغراق
فرعون وقومه ، قال : وكانت
مريم بنت عمران أخت
موسى وهارون النبيين ، تضرب بالدف هي والنساء معها يسبحن الله ويشكرنه على ما أنعم به على
بني إسرائيل ، فاعتقد
القرظي أن هذه هي أم
عيسى . وهي هفوة وغلطة شديدة ، بل هي باسم هذه ، وقد كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم وصالحيهم ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا
عبد الله بن إدريس ، سمعت أبي يذكره عن
سماك ، عن
علقمة بن وائل ، عن
المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
نجران ، فقالوا : أرأيت ما تقرءون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يا أخت هارون )
[ ص: 228 ] ،
وموسى قبل
عيسى بكذا وكذا ؟ قال : فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821980 " ألا أخبرتهم أنهم كانوا يتسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم ؟ " .
انفرد بإخراجه
مسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من حديث
عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن
سماك ، به ، وقال
الترمذي : حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث
ابن إدريس .
وقال
ابن جرير : حدثني
يعقوب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
سعيد بن أبي صدقة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال نبئت أن
كعبا قال : إن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يا أخت هارون ) : ليس
بهارون أخي
موسى . قال : فقالت له
عائشة : كذبت ، قال : يا أم المؤمنين ، إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، فهو أعلم وأخبر ، وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة . قال : فسكتت وفي هذا التاريخ نظر .
وقال
ابن جرير أيضا : حدثنا
بشر ، حدثنا
يزيد ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ) قال : كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح ، ولا يعرفون بالفساد ، ومن الناس من يعرفون بالصلاح ويتوالدون به ، وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به . وكان
هارون مصلحا محببا ، في عشيرته ، وليس
بهارون أخي
موسى ، ولكنه
هارون آخر ، قال : وذكر لنا أنه شيع جنازته يوم مات أربعون ألفا ، كلهم يسمى
هارون ، من
بني إسرائيل .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=31984_28990_33951فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) أي : إنهم لما استرابوا في أمرها واستنكروا قضيتها ، وقالوا لها ما قالوا معرضين بقذفها ورميها بالفرية ، وقد كانت يومها ذلك صائمة ، صامتة فأحالت الكلام عليه ، وأشارت لهم إلى خطابه وكلامه ، فقالوا متهكمين بها ، ظانين أنها تزدري بهم وتلعب بهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29كيف نكلم من كان في المهد صبيا )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29فأشارت إليه ) ، قالت : كلموه . فقالوا : على ما جاءت به من الداهية تأمرنا أن نكلم من كان في المهد صبيا!
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : لما أشارت إليه غضبوا ، وقالوا : لسخريتها بنا حين تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) أي : من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره ، كيف يتكلم ؟ قال : ( إني عبد الله ) أول شيء تكلم به أن نزه جناب ربه تعالى وبرأ الله عن الولد ، وأثبت لنفسه العبودية لربه .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) : تبرئة لأمه مما نسبت إليه من الفاحشة .
[ ص: 229 ]
قال
نوف البكالي : لما قالوا لأمه ما قالوا ، كان يرتضع ثديه ، فنزع الثدي من فمه ، واتكأ على جنبه الأيسر ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=28990_31984_33951إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) إلى قوله : ( ما دمت حيا )
وقال
حماد بن سلمة ، عن
ثابت البناني : رفع إصبعه السبابة فوق منكبه ، وهو يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) الآية .
وقال
عكرمة : ( آتاني الكتاب ) أي : قضى أنه يؤتيني الكتاب فيما قضى .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
محمد بن المصفى ، حدثنا
يحيى بن سعيد عن
عبد العزيز بن زياد ، عن
أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان
عيسى ابن مريم قد درس الإنجيل وأحكمه في بطن أمه فذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) .
يحيى بن سعيد العطار الحمصي : متروك .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وجعلني مباركا أين ما كنت ) قال
مجاهد ، وعمرو بن قيس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : وجعلني معلما للخير . وفي رواية عن
مجاهد : نفاعا .
وقال
ابن جرير : حدثني
سليمان بن عبد الجبار ، حدثنا
محمد بن يزيد بن خنيس المخزومي ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17286وهيب بن الورد مولى بني مخزوم قال : لقي عالم عالما هو فوقه في العلم ، فقال له : يرحمك الله ، ما الذي أعلن من عملي ؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر; فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده ، وقد أجمع الفقهاء على قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وجعلني مباركا أين ما كنت ) ، وقيل : ما بركته ؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أينما كان .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=31984_28990_33951وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) كقوله تعالى
لمحمد صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) [ الحجر : 99 ] .
وقال
عبد الرحمن بن القاسم ، عن
مالك بن أنس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) قال : أخبره بما هو كائن من أمره إلى أن يموت ، ما أثبتها لأهل القدر .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=32وبرا بوالدتي ) أي : وأمرني ببر والدتي ، ذكره بعد طاعة الله ربه ; لأن الله تعالى كثيرا ما يقرن بين الأمر بعبادته وطاعة الوالدين ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) [ الإسراء : 23 ] وقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) [ لقمان : 14 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=32ولم يجعلني جبارا شقيا ) أي : ولم يجعلني جبارا مستكبرا عن عبادته وطاعته وبر والدتي ، فأشقى بذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : الجبار الشقي : الذي يقبل على الغضب .
[ ص: 230 ]
وقال بعض السلف :
nindex.php?page=treesubj&link=18022لا تجد أحدا عاقا لوالديه إلا وجدته جبارا شقيا ، ثم قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=32وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ) ، قال : ولا تجد سيئ الملكة إلا وجدته مختالا فخورا ، ثم قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ) [ النساء : 36 ]
وقال
قتادة : ذكر لنا أن امرأة رأت
ابن مريم يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ، في آيات سلطه الله عليهن ، وأذن له فيهن ، فقالت : طوبى للبطن الذي حملك وللثدي الذي أرضعت به ، فقال نبي الله
عيسى ، عليه السلام ، يجيبها : طوبى لمن تلا كلام الله ، فاتبع ما فيه ولم يكن جبارا شقيا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=33والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ) : إثبات منه لعبوديته لله عز وجل ، وأنه مخلوق من خلق الله يحيا ويموت ويبعث كسائر الخلائق ، ولكن له السلامة في هذه الأحوال التي هي أشق ما يكون على العباد ، صلوات الله وسلامه عليه
(
nindex.php?page=treesubj&link=28990_31981nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ( 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ( 28 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ( 29 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ( 30 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ( 31 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=32وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ( 32 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=33وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ( 33 ) ) .
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ
مَرْيَمَ حِينَ أُمِرَتْ أَنْ تَصُومَ يَوْمَهَا ذَلِكَ ، وَأَلَّا تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنَ الْبَشَرِ فَإِنَّهَا سَتُكْفَى أَمْرَهَا وَيُقَامُ بِحُجَّتِهَا فَسَلَّمَتْ لِأَمْرِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَاسْتَسْلَمَتْ لِقَضَائِهِ ، وَأَخَذَتْ وَلَدَهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ) فَلَمَّا رَأَوْهَا كَذَلِكَ ، أَعْظَمُوا أَمْرَهَا وَاسْتَنْكَرُوهُ جِدًّا ، وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) أَيْ : أَمْرًا عَظِيمًا . قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ، وقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا
سَيَّارٌ حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، عَنْ
نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ قَالَ : وَخَرَجَ قَوْمُهَا فِي طَلَبِهَا ، وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ وَشَرَفٍ . فَلَمْ يُحِسُّوا مِنْهَا شَيْئًا ، فَرَأَوْا رَاعِيَ بَقَرٍ فَقَالُوا : رَأَيْتَ فَتَاةً كَذَا وَكَذَا نَعْتُهَا ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ مِنْ بَقَرِي مَا لَمْ أَرَهُ مِنْهَا قَطُّ . قَالُوا : وَمَا رَأَيْتَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُهَا سُجَّدًا نَحْوَ هَذَا الْوَادِي . قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ : وَأَحْفَظُ عَنْ
سَيَّارٍ أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ نُورًا سَاطِعًا . فَتَوَجَّهُوا حَيْثُ قَالَ لَهُمْ ، فَاسْتَقْبَلَتْهُمْ
مَرْيَمُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ قَعَدَتْ وَحَمَلَتِ ابْنَهَا فِي حِجْرِهَا ، فَجَاءُوا حَتَّى قَامُوا عَلَيْهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) أَمْرًا عَظِيمًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يَا أُخْتَ هَارُونَ ) أَيْ : يَا شَبِيهَةَ
هَارُونَ فِي الْعِبَادَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ) أَيْ : أَنْتِ مِنْ بَيْتٍ طَيِّبٍ طَاهِرٍ ، مَعْرُوفٍ بِالصَّلَاحِ
[ ص: 227 ] وَالْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ ، فَكَيْفَ صَدَرَ هَذَا مِنْكِ ؟
قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ : قِيلَ لَهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يَا أُخْتَ هَارُونَ ) أَيْ : أَخِي
مُوسَى ، وَكَانَتْ مِنْ نَسْلِهِ كَمَا يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ : يَا أَخَا
تَمِيمٍ ، وَلِلْمُضَرِيِّ : يَا أَخَا
مُضَرٍ .
وَقِيلَ : نُسِبَتْ إِلَى رَجُلٍ صَالِحٍ كَانَ فِيهِمُ اسْمُهُ
هَارُونُ ، فَكَانَتْ تُقَاسُ بِهِ فِي الْعِبَادَةِ ، وَالزَّهَادَةِ .
وَحَكَى
ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّهُمْ شَبَّهُوهَا بِرَجُلٍ فَاجِرٍ كَانَ فِيهِمْ . يُقَالُ لَهُ : هَارُونُ . وَرَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ .
وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَا رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الهِسِنْجَانِيُّ حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا
الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو صَخْرٍ ، عَنِ
الْقُرَظِيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يَا أُخْتَ هَارُونَ ) قَالَ : هِيَ أُخْتُ
هَارُونَ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، وَهِيَ أُخْتُ
مُوسَى أَخِي
هَارُونَ الَّتِي قَصَّتْ أَثَرَ
مُوسَى ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=11فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) [ الْقَصَصِ : 11 ]
وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ مَحْضٌ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ قَفَّى
بِعِيسَى بَعْدَ الرُّسُلِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْثًا وَلَيْسَ بَعْدَهُ إِلَّا
مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ; وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820615 " أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ ; إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ " وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ ، لَمْ يَكُنْ مُتَأَخِّرًا عَنِ الرُّسُلِ سِوَى
مُحَمَّدٍ . وَلَكَانَ قَبْلَ
سُلَيْمَانَ وَدَاوُدَ ; فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ دَاوُدَ بَعْدَ
مُوسَى ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) [ الْبَقَرَةِ : 246 ] فَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ ) الْآيَةَ [ الْبَقَرَةِ : 251 ] ، وَالَّذِي جَرَّأَ
الْقُرَظِيَّ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ مَا فِي التَّوْرَاةِ بَعْدَ خُرُوجِ
مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْبَحْرِ ، وَإِغْرَاقِ
فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ، قَالَ : وَكَانَتْ
مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ أُخْتُ
مُوسَى وَهَارُونَ النَّبِيَّيْنِ ، تَضْرِبُ بِالدُّفِّ هِيَ وَالنِّسَاءُ مَعَهَا يُسَبِّحْنَ اللَّهَ وَيَشْكُرْنَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَاعْتَقَدَ
الْقُرَظِيُّ أَنَّ هَذِهِ هِيَ أَمُّ
عِيسَى . وَهِيَ هَفْوَةٌ وَغَلْطَةٌ شَدِيدَةٌ ، بَلْ هِيَ بَاسِمِ هَذِهِ ، وَقَدْ كَانُوا يُسَمُّوْنَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ :
حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، سَمِعَتْ أَبِي يَذْكُرُهُ عَنْ
سِمَاكٍ ، عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ ، عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
نَجْرَانَ ، فَقَالُوا : أَرَأَيْتَ مَا تَقْرَءُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يَا أُخْتَ هَارُونَ )
[ ص: 228 ] ،
وَمُوسَى قَبْلَ
عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : فَرَجَعْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821980 " أَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَسَمَّوْنَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ ؟ " .
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ
مُسْلِمٌ ، nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
سَمَّاكٍ ، بِهِ ، وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ إِدْرِيسَ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَدَقَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّ
كَعْبًا قَالَ : إِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يَا أُخْتَ هَارُونَ ) : لَيْسَ
بِهَارُونَ أَخِي
مُوسَى . قَالَ : فَقَالَتْ لَهُ
عَائِشَةُ : كَذَبْتَ ، قَالَ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ ، فَهُوَ أَعْلَمُ وَأَخْبَرُ ، وَإِلَّا فَإِنِّي أَجِدُ بَيْنَهُمَا سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ . قَالَ : فَسَكَتَتْ وَفِي هَذَا التَّارِيخِ نَظَرٌ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا : حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، حَدَّثَنَا
يَزِيدُ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ) قَالَ : كَانَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يُعْرَفُونَ بِالصَّلَاحِ ، وَلَا يُعْرَفُونَ بِالْفَسَادِ ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْرَفُونَ بِالصَّلَاحِ وَيَتَوَالَدُونَ بِهِ ، وَآخَرُونَ يُعْرَفُونَ بِالْفَسَادِ وَيَتَوَالَدُونَ بِهِ . وَكَانَ
هَارُونُ مُصْلِحًا مُحَبَّبًا ، فِي عَشِيرَتِهِ ، وَلَيْسَ
بِهَارُونَ أَخِي
مُوسَى ، وَلَكِنَّهُ
هَارُونُ آخَرُ ، قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَتَهُ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا ، كُلُّهُمْ يُسَمَّى
هَارُونَ ، مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=31984_28990_33951فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) أَيْ : إِنَّهُمْ لَمَّا اسْتَرَابُوا فِي أَمْرِهَا وَاسْتَنْكَرُوا قَضِيَّتَهَا ، وَقَالُوا لَهَا مَا قَالُوا مُعَرِّضِينَ بِقَذْفِهَا وَرَمْيِهَا بِالْفِرْيَةِ ، وَقَدْ كَانَتْ يَوْمَهَا ذَلِكَ صَائِمَةً ، صَامِتَةً فَأَحَالَتِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ ، وَأَشَارَتْ لَهُمْ إِلَى خِطَابِهِ وَكَلَامِهِ ، فَقَالُوا مُتَهَكِّمِينَ بِهَا ، ظَانِّينَ أَنَّهَا تَزْدَرِي بِهِمْ وَتَلْعَبُ بِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا )
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونُ بْنُ مِهْرانَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ) ، قَالَتْ : كَلِّمُوهُ . فَقَالُوا : عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ مِنَ الدَّاهِيَةِ تَأْمُرُنَا أَنْ نُكَلِّمَ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا!
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : لَمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ غَضِبُوا ، وَقَالُوا : لَسُخْرِيَّتُهَا بِنَا حِينَ تَأْمُرُنَا أَنَّ نُكَلِّمَ هَذَا الصَّبِيَّ أَشُدُّ عَلَيْنَا مِنْ زِنَاهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) أَيْ : مَنْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي مَهْدِهِ فِي حَالِ صِبَاهُ وَصِغَرِهِ ، كَيْفَ يَتَكَلَّمُ ؟ قَالَ : ( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ) أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ نَزَّهَ جَنَابَ رَبِّهِ تَعَالَى وَبَرَّأَ اللَّهَ عَنِ الْوَلَدِ ، وَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْعُبُودِيَّةَ لِرَبِّهِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) : تَبْرِئَةٌ لِأُمِّهِ مِمَّا نُسِبَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْفَاحِشَةِ .
[ ص: 229 ]
قَالَ
نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ : لَمَّا قَالُوا لِأُمِّهِ مَا قَالُوا ، كَانَ يَرْتَضِعُ ثَدْيَهُ ، فَنَزَعَ الثَّدْيَ مِنْ فَمِهِ ، وَاتَّكَأَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=28990_31984_33951إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) إِلَى قَوْلِهِ : ( مَا دُمْتُ حَيًّا )
وَقَالَ
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ
ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ : رَفَعَ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ فَوْقَ مَنْكِبِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) الْآيَةَ .
وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : ( آتَانِيَ الْكِتَابَ ) أَيْ : قَضَى أَنَّهُ يُؤْتِينِي الْكِتَابَ فِيمَا قَضَى .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : كَانَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَدْ دَرَسَ الْإِنْجِيلَ وَأَحْكَمَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) .
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ الْحِمْصِيُّ : مَتْرُوكٌ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ) قَالَ
مُجَاهِدٌ ، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ : وَجَعَلَنِي مُعَلِّمًا لِلْخَيْرِ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ : نَفَّاعًا .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي
سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَخْزُومِيُّ ، سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=17286وُهَيْبَ بْنَ الْوَرْدِ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ : لَقِيَ عَالِمٌ عَالِمًا هُوَ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ ، فَقَالَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، مَا الَّذِي أُعْلِنُ مِنْ عَمَلِي ؟ قَالَ : الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ; فَإِنَّهُ دِينُ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ إِلَى عِبَادِهِ ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى قَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ) ، وَقِيلَ : مَا بَرَكَتُهُ ؟ قَالَ : الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، أَيْنَمَا كَانَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=31984_28990_33951وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) [ الْحِجْرِ : 99 ] .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنْ
مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=31وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) قَالَ : أَخْبَرَهُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِهِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ ، مَا أَثْبَتَهَا لِأَهْلِ الْقَدَرِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=32وَبَرًّا بِوَالِدَتِي ) أَيْ : وَأَمَرَنِي بِبِرِّ وَالِدَتِي ، ذَكَرَهُ بَعْدَ طَاعَةِ اللَّهِ رَبِّهِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَثِيرًا مَا يُقْرِنُ بَيْنَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ وَطَاعَةِ الْوَالِدَيْنِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 23 ] وَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) [ لُقْمَانَ : 14 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=32وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ) أَيْ : وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا مُسْتَكْبِرًا عَنْ عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَبِرِّ وَالِدَتِي ، فَأَشْقَى بِذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : الْجَبَّارُ الشَّقِيُّ : الَّذِي يُقْبِلُ عَلَى الْغَضَبِ .
[ ص: 230 ]
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ :
nindex.php?page=treesubj&link=18022لَا تُجِدُ أَحَدًا عَاقًّا لِوَالِدَيْهِ إِلَّا وَجَدْتَهُ جَبَّارًا شَقِيًّا ، ثُمَّ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=32وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ) ، قَالَ : وَلَا تَجِدُ سَيِّئَ الْمَلَكَةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ مُخْتَالًا فَخُورًا ، ثُمَّ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ) [ النِّسَاءِ : 36 ]
وَقَالَ
قَتَادَةُ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ امْرَأَةً رَأَتِ
ابْنَ مَرْيَمَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ ، فِي آيَاتٍ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ ، وَأَذِنَ لَهُ فِيهِنَّ ، فَقَالَتْ : طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَلِلثَّدْيِ الَّذِي أُرْضِعْتَ بِهِ ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ
عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، يُجِيبُهَا : طُوبَى لِمَنْ تَلَا كَلَامَ اللَّهِ ، فَاتَّبَعَ مَا فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا شَقِيًّا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=33وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) : إِثْبَاتٌ مِنْهُ لِعُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَحْيَا وَيَمُوتُ وَيُبْعَثُ كَسَائِرِ الْخَلَائِقِ ، وَلَكِنْ لَهُ السَّلَامَةَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ أَشَقُّ مَا يَكُونُ عَلَى الْعِبَادِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ