(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ( 111 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 112 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ( 113 ) )
يبين تعالى
nindex.php?page=treesubj&link=29434اغترار اليهود والنصارى بما هم فيه ، حيث ادعت كل طائفة من
اليهود والنصارى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها ، كما أخبر الله عنهم في سورة المائدة أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18نحن أبناء الله وأحباؤه ) [ المائدة : 18 ] . فأكذبهم الله تعالى بما أخبرهم أنه معذبهم بذنوبهم ، ولو كانوا كما ادعوا لما كان الأمر كذلك ، وكما تقدم من دعواهم أنه لن تمسهم النار إلا أياما معدودة ، ثم ينتقلون إلى الجنة . ورد عليهم تعالى في ذلك ، وهكذا قال لهم في هذه الدعوى التي ادعوها بلا دليل ولا حجة
[ ص: 385 ] ولا بينة ، فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111تلك أمانيهم )
وقال
أبو العالية : أماني تمنوها على الله بغير حق . وكذا قال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس .
ثم قال : ( قل ) أي : يا
محمد ، )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111هاتوا برهانكم )
وقال
أبو العالية ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس : حجتكم . وقال
قتادة : بينتكم على ذلك . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111إن كنتم صادقين ) كما تدعونه .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن ) أي : من أخلص العمل لله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ) الآية [ آل عمران : 20 ] .
وقال
أبو العالية والربيع : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بلى من أسلم وجهه لله ) يقول : من أخلص لله .
وقال
سعيد بن جبير : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بلى من أسلم ) أخلص ، ( وجهه ) قال : دينه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112وهو محسن ) أي : متبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم . فإن للعمل المتقبل شرطين ، أحدهما : أن يكون خالصا لله وحده والآخر : أن يكون صوابا موافقا للشريعة . فمتى كان خالصا ولم يكن صوابا لم يتقبل ; ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820315 " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " . رواه
مسلم من حديث
عائشة ، عنه ، عليه السلام .
فعمل الرهبان ومن شابههم وإن فرض أنهم مخلصون فيه لله فإنه لا يتقبل منهم ، حتى يكون ذلك متابعا للرسول
[ محمد ] صلى الله عليه وسلم المبعوث إليهم وإلى الناس كافة ، وفيهم وأمثالهم ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) [ الفرقان : 23 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ) [ النور : 39 ] .
وروي عن
أمير المؤمنين عمر أنه تأولها في الرهبان كما سيأتي .
وأما إن كان العمل موافقا للشريعة في الصورة الظاهرة ، ولكن لم يخلص عامله القصد لله فهو أيضا مردود على فاعله وهذا حال المنافقين والمرائين ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ) [ النساء : 142 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون ) [ الماعون : 4 ، 7 ] ، ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) [ الكهف : 110 ] . وقال في هذه الآية الكريمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن )
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور ، وآمنهم مما يخافونه من المحذور ف (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62لا خوف عليهم ) فيما يستقبلونه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112ولا هم يحزنون ) على ما مضى مما يتركونه ، كما قال
سعيد بن جبير : ف (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62لا خوف عليهم ) يعني : في الآخرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112ولا هم يحزنون )
[ ص: 386 ] [ يعني : لا يحزنون ] للموت .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب ) يبين به تعالى تناقضهم وتباغضهم وتعاديهم وتعاندهم . كما قال
محمد بن إسحاق : حدثني
محمد بن أبي محمد ، عن
عكرمة أو
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قال : لما قدم
أهل نجران من
النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتتهم أحبار يهود ، فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال
رافع بن حريملة ما أنتم على شيء ، وكفر
بعيسى وبالإنجيل . وقال رجل من أهل نجران من
النصارى لليهود : ما أنتم على شيء . وجحد نبوة
موسى وكفر بالتوراة . فأنزل الله في ذلك من قولهما (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب ) قال : إن كلا يتلو في كتابه تصديق من كفر به ، أي : يكفر
اليهود بعيسى وعندهم التوراة ، فيها ما أخذ الله عليهم على لسان
موسى بالتصديق
بعيسى ، وفي الإنجيل ما جاء به
عيسى بتصديق
موسى ، وما جاء من التوراة من عند الله ، وكل يكفر بما في يد صاحبه .
وقال
مجاهد في تفسير هذه الآية : قد كانت أوائل
اليهود والنصارى على شيء .
وقال
قتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت اليهود ليست النصارى على شيء ) قال : بلى ، قد كانت أوائل
النصارى على شيء ، ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ) قال : بلى قد كانت أوائل
اليهود على شيء ، ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا .
وعنه رواية أخرى كقول
أبي العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس في تفسير هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ) هؤلاء أهل الكتاب الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا القول يقتضي أن كلا من الطائفتين صدقت فيما رمت به الطائفة الأخرى . ولكن ظاهر سياق الآية يقتضي ذمهم فيما قالوه ، مع علمهم بخلاف ذلك ; ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وهم يتلون الكتاب ) أي : وهم يعلمون شريعة التوراة والإنجيل ، كل منهما قد كانت مشروعة في وقت ، ولكن تجاحدوا فيما بينهم عنادا وكفرا ومقابلة للفاسد بالفاسد ، كما تقدم عن
ابن عباس ،
ومجاهد ،
وقتادة في الرواية الأولى عنه في تفسيرها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم ) يبين بهذا جهل
اليهود والنصارى فيما تقابلوا من القول ، وهذا من باب الإيماء والإشارة . وقد اختلف فيما عنى بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113الذين لا يعلمون )
[ ص: 387 ] فقال
الربيع بن أنس وقتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113كذلك قال الذين لا يعلمون ) قالا وقالت
النصارى مثل قول
اليهود وقيلهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قلت
لعطاء : من هؤلاء الذين لا يعلمون ؟ قال : أمم كانت قبل
اليهود والنصارى وقبل التوراة والإنجيل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113كذلك قال الذين لا يعلمون ) فهم : العرب ، قالوا : ليس
محمد على شيء .
واختار
أبو جعفر بن جرير أنها عامة تصلح للجميع ، وليس ثم دليل قاطع يعين واحدا من هذه الأقوال ، فالحمل على الجميع أولى ، والله أعلم .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) أي : أنه تعالى يجمع بينهم يوم المعاد ، ويفصل بينهم بقضائه العدل الذي لا يجور فيه ولا يظلم مثقال ذرة . وهذا كقوله تعالى في سورة الحج : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=17إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ) [ الحج : 17 ] ، وكما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ) [ سبأ : 26 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 111 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 112 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ( 113 ) )
يُبَيِّنُ تَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=29434اغْتِرَارَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِمَا هُمْ فِيهِ ، حَيْثُ ادَّعَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّتِهَا ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) [ الْمَائِدَةِ : 18 ] . فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مُعَذِّبُهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ، وَلَوْ كَانُوا كَمَا ادَّعَوْا لَمَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، وَكَمَا تَقَدَّمَ مِنْ دَعْوَاهُمْ أَنَّهُ لَنْ تَمَسَّهُمُ النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ، ثُمَّ يَنْتَقِلُونَ إِلَى الْجَنَّةِ . وَرَدَّ عَلَيْهِمْ تَعَالَى فِي ذَلِكَ ، وَهَكَذَا قَالَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى التِي ادَّعَوْهَا بِلَا دَلِيلٍ وَلَا حُجَّةٍ
[ ص: 385 ] وَلَا بَيِّنَةٍ ، فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ )
وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : أَمَانِيُّ تَمَنَّوْهَا عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ . وَكَذَا قَالَ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ .
ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) أَيْ : يَا
مُحَمَّدُ ، )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ )
وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ : حُجَّتُكُمْ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : بَيِّنَتُكُمْ عَلَى ذَلِكَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) كَمَا تَدَّعُونَهُ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ) أَيْ : مَنْ أَخْلَصَ الْعَمَلَ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=20فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) الْآيَةَ [ آلِ عِمْرَانَ : 20 ] .
وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ) يَقُولُ : مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ .
وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بَلَى مَنْ أَسْلَمَ ) أَخْلَصَ ، ( وَجْهَهُ ) قَالَ : دِينَهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112وَهُوَ مُحْسِنٌ ) أَيْ : مُتَّبِعٌ فِيهِ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِنَّ لِلْعَمَلِ الْمُتَقَبَّلِ شَرْطَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالْآخَرُ : أَنْ يَكُونَ صَوَابًا مُوَافِقًا لِلشَّرِيعَةِ . فَمَتَى كَانَ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُتَقَبَّلْ ; وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820315 " مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ " . رَوَاهُ
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
عَائِشَةَ ، عَنْهُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ .
فَعَمَلُ الرُّهْبَانِ وَمَنْ شَابَهَهُمْ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُمْ مُخْلِصُونَ فِيهِ لِلَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ ، حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مُتَابِعًا لِلرَّسُولِ
[ مُحَمَّدٍ ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِمْ وَإِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَفِيهِمْ وَأَمْثَالِهِمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) [ الْفُرْقَانِ : 23 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ) [ النُّورِ : 39 ] .
وَرُوِيَ عَنْ
أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ أَنَّهُ تَأَوَّلَهَا فِي الرُّهْبَانِ كَمَا سَيَأْتِي .
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْعَمَلُ مُوَافِقًا لِلشَّرِيعَةِ فِي الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ ، وَلَكِنْ لَمْ يُخْلِصْ عَامِلُهُ الْقَصْدَ لِلَّهِ فَهُوَ أَيْضًا مَرْدُودٌ عَلَى فَاعِلِهِ وَهَذَا حَالُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُرَائِينَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ) [ النِّسَاءِ : 142 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) [ الْمَاعُونِ : 4 ، 7 ] ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) [ الْكَهْفِ : 110 ] . وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ضَمِنَ لَهُمْ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ تَحْصِيلَ الْأُجُورِ ، وَآمَنَهُمْ مِمَّا يَخَافُونَهُ مِنَ الْمَحْذُورِ فَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) عَلَى مَا مَضَى مِمَّا يَتْرُكُونَهُ ، كَمَا قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : فَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) يَعْنِي : فِي الْآخِرَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=112وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )
[ ص: 386 ] [ يَعْنِي : لَا يَحْزَنُونَ ] لِلْمَوْتِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ) يُبَيِّنُ بِهِ تَعَالَى تَنَاقُضَهُمْ وَتَبَاغُضَهُمْ وَتَعَادِيَهِمْ وَتَعَانُدَهُمْ . كَمَا قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ أَوْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ
أَهْلُ نَجْرَانَ مِنَ
النَّصَارَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَتَتْهُمْ أَحْبَارُ يَهُودَ ، فَتَنَازَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ
رَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ ، وَكَفَرَ
بِعِيسَى وَبِالْإِنْجِيلِ . وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ مِنَ
النَّصَارَى لِلْيَهُودِ : مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ . وَجَحَدَ نُبُوَّةَ
مُوسَى وَكَفَرَ بِالتَّوْرَاةِ . فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ) قَالَ : إِنَّ كُلًّا يَتْلُو فِي كِتَابِهِ تَصْدِيقَ مَنْ كَفَرَ بِهِ ، أَيْ : يَكْفُرُ
الْيَهُودُ بِعِيسَى وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ ، فِيهَا مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَلَى لِسَانِ
مُوسَى بِالتَّصْدِيقِ
بِعِيسَى ، وَفِي الْإِنْجِيلِ مَا جَاءَ بِهِ
عِيسَى بِتَصْدِيقِ
مُوسَى ، وَمَا جَاءَ مِنَ التَّوْرَاةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَكُلٌّ يَكْفُرُ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : قَدْ كَانَتْ أَوَائِلُ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ .
وَقَالَ
قَتَادَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ ) قَالَ : بَلَى ، قَدْ كَانَتْ أَوَائِلُ
النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ ، وَلَكِنَّهُمُ ابْتَدَعُوا وَتَفَرَّقُوا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ) قَالَ : بَلَى قَدْ كَانَتْ أَوَائِلُ
الْيَهُودِ عَلَى شَيْءٍ ، وَلَكِنَّهُمُ ابْتَدَعُوا وَتَفَرَّقُوا .
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى كَقَوْلِ
أَبِي الْعَالِيَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ) هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهَذَا الْقَوْلُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلًّا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ صَدَقَتْ فِيمَا رَمَتْ بِهِ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى . وَلَكِنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ الْآيَةِ يَقْتَضِي ذَمَّهُمْ فِيمَا قَالُوهُ ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ) أَيْ : وَهُمْ يَعْلَمُونَ شَرِيعَةَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ كَانَتْ مَشْرُوعَةً فِي وَقْتٍ ، وَلَكِنْ تَجَاحَدُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنَادًا وَكُفْرًا وَمُقَابَلَةً لِلْفَاسِدِ بِالْفَاسِدِ ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَقَتَادَةَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى عَنْهُ فِي تَفْسِيرِهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ) يُبَيِّنُ بِهَذَا جَهْلَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِيمَا تَقَابَلُوا مِنَ الْقَوْلِ ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْإِيمَاءِ وَالْإِشَارَةِ . وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَا عَنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )
[ ص: 387 ] فَقَالَ
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَقَتَادَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) قَالَا وَقَالَتِ
النَّصَارَى مِثْلَ قَوْلِ
الْيَهُودِ وَقِيلِهِمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : قُلْتُ
لِعَطَاءٍ : مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ؟ قَالَ : أُمَمٌ كَانَتْ قَبْلَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَقَبْلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) فَهُمُ : الْعَرَبُ ، قَالُوا : لَيْسَ
مُحَمَّدٌ عَلَى شَيْءٍ .
وَاخْتَارَ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ أَنَّهَا عَامَّةٌ تَصْلُحُ لِلْجَمِيعِ ، وَلَيْسَ ثَمَّ دَلِيلٌ قَاطِعٌ يُعَيِّنُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ، فَالْحَمْلُ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْلَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) أَيْ : أَنَّهُ تَعَالَى يَجْمَعُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْمَعَادِ ، وَيَفْصِلُ بَيْنَهُمْ بِقَضَائِهِ الْعَدْلِ الذِي لَا يَجُورُ فِيهِ وَلَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ . وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَجِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=17إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [ الْحَجِّ : 17 ] ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ) [ سَبَأٍ : 26 ] .