[ ص: 397 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=30832_30835_30837_29004وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا ( 26 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا ( 27 ) ) .
قد تقدم أن
بني قريظة لما قدمت جنود الأحزاب ، ونزلوا على
المدينة ، نقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد ، وكان ذلك بسفارة
حيي بن أخطب النضري - لعنه الله - دخل حصنهم ، ولم يزل بسيدهم
كعب بن أسد حتى نقض العهد ، وقال له فيما قال : ويحك ، قد جئتك بعز الدهر ، أتيتك
بقريش وأحابيشها ،
وغطفان وأتباعها ، ولا يزالون هاهنا حتى يستأصلوا
محمدا وأصحابه . فقال له
كعب : بل والله أتيتني بذل الدهر . ويحك يا
حيي ، إنك مشئوم ، فدعنا منك . فلم يزل يفتل في الذروة والغارب حتى أجابه ، واشترط له
حيي إن ذهب الأحزاب ، ولم يكن من أمرهم شيء ، أن يدخل معهم في الحصن ، فيكون له أسوتهم . فلما نقضت
قريظة ، وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ساءه ، وشق عليه وعلى المسلمين جدا ، فلما أيد الله ونصر ، وكبت الأعداء وردهم خائبين بأخسر صفقة ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة مؤيدا منصورا ، ووضع الناس السلاح . فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من وعثاء تلك المرابطة في بيت
أم سلمة إذ تبدى له
جبريل معتجرا بعمامة من إستبرق ، على بغلة عليها قطيفة [ من ] ديباج ، فقال : أوضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال : " نعم " . قال : لكن الملائكة لم تضع أسلحتها ، وهذا الآن رجوعي من طلب القوم . ثم قال : إن الله يأمرك أن تنهض إلى
بني قريظة . وفي رواية فقال له : عذيرك من مقاتل ، أوضعتم السلاح ؟ قال : " نعم " . قال : لكنا لم نضع أسلحتنا بعد ، انهض إلى هؤلاء . قال : " أين ؟ " . قال :
بني قريظة ، فإن الله أمرني أن أزلزل عليهم . فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم من فوره ، وأمر الناس بالمسير إلى
بني قريظة ، وكانت على أميال من
المدينة ، وذلك بعد صلاة الظهر ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820649 " لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة " . فسار الناس ، فأدركتهم الصلاة في الطريق ، فصلى بعضهم في الطريق وقالوا : لم يرد منا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تعجيل السير ، وقال آخرون : لا نصليها إلا في
بني قريظة . فلم يعنف واحدا من الفريقين . وتبعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد استخلف على
المدينة nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ، وأعطى الراية
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب . ثم نازلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصرهم خمسا وعشرين ليلة ، فلما طال عليهم الحال ، نزلوا على
nindex.php?page=treesubj&link=30833حكم nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ - سيد
الأوس - لأنهم كانوا حلفاءهم في الجاهلية ، واعتقدوا أنه يحسن إليهم في ذلك ، كما فعل
عبد الله بن أبي ابن سلول في مواليه
بني قينقاع ، حين استطلقهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فظن هؤلاء أن
سعدا سيفعل فيهم كما فعل
ابن أبي في أولئك ، ولم يعلموا أن
سعدا ، رضي الله عنه ، كان قد أصابه سهم في أكحله أيام الخندق ، فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكحله ، وأنزله في قبة في المسجد ليعوده من قريب . وقال
سعد فيما دعا به : اللهم إن كنت أبقيت من حرب
قريش شيئا فأبقني لها . وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها ولا تمتني حتى تقر عيني من
بني قريظة . فاستجاب الله دعاءه ، وقدر عليهم أن نزلوا على حكمه باختيارهم طلبا من تلقاء أنفسهم ، فعند ذلك استدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من
المدينة ليحكم فيهم ، فلما
[ ص: 398 ] أقبل وهو راكب [ على حمار ] قد وطئوا له عليه ، جعل
الأوس يلوذون به ويقولون : يا
سعد ، إنهم مواليك ، فأحسن فيهم . ويرققونه عليهم ويعطفونه ، وهو ساكت لا يرد عليهم . فلما أكثروا عليه قال : لقد آن
لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم . فعرفوا أنه غير مستبقيهم ، فلما دنا من الخيمة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822504 " قوموا إلى سيدكم " . فقام إليه المسلمون ، فأنزلوه إعظاما وإكراما واحتراما له في محل ولايته ، ليكون أنفذ لحكمه فيهم . فلما جلس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825902 " إن هؤلاء - وأشار إليهم - قد نزلوا على حكمك ، فاحكم فيهم بما شئت " . قال : وحكمي نافذ عليهم ؟ قال : " نعم " . قال : وعلى من في هذه الخيمة ؟ قال : " نعم " . قال : وعلى من هاهنا . - وأشار إلى الجانب الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو معرض بوجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا وإكراما وإعظاما - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " . فقال : إني أحكم أن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى ذريتهم وأموالهم . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501323 " لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة " . وفي رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822506 " لقد حكمت بحكم الملك " . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأخاديد فخدت في الأرض ، وجيء بهم مكتفين ، فضرب أعناقهم ، وكانوا ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة ، وسبى من لم ينبت منهم مع النساء وأموالهم ، وهذا كله مقرر مفصل بأدلته وأحاديثه وبسطه في كتاب السيرة ، الذي أفردناه موجزا ومقتصا . ولله الحمد والمنة .
ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وأنزل الذين ظاهروهم ) أي : عاونوا الأحزاب وساعدوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26من أهل الكتاب ) يعني :
بني قريظة من
اليهود ، من بعض أسباط
بني إسرائيل ، كان قد نزل آباؤهم
الحجاز قديما ، طمعا في اتباع النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) [ البقرة : 89 ] ، فعليهم لعنة الله .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26من صياصيهم ) يعني : حصونهم . كذا قال
مجاهد ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وغيرهم ومنه سميت صياصي البقر ، وهي قرونها; لأنها أعلى شيء فيها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وقذف في قلوبهم الرعب ) : وهو الخوف; لأنهم كانوا مالئوا المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس من يعلم كمن لا يعلم ، فأخافوا المسلمين وراموا قتلهم ليعزوا في الدنيا ، فانعكس
[ ص: 399 ] عليهم الحال ، وانقلب الفال ، انشمر المشركون ففازوا بصفقة المغبون ، فكما راموا العز ذلوا ، وأرادوا استئصال المسلمين فاستؤصلوا ، وأضيف إلى ذلك شقاوة الآخرة ، فصارت الجملة أن هذه هي الصفقة الخاسرة; ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26فريقا تقتلون وتأسرون فريقا ) ، فالذين قتلوا هم المقاتلة ، والأسراء هم الأصاغر والنساء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
هشيم بن بشير ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير ، عن
عطية القرظي قال : عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم
قريظة فشكوا في ، فأمر بي النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظروا : هل أنبت بعد ؟ فنظروا فلم يجدوني أنبت ، فخلى عني وألحقني بالسبي .
وكذا رواه أهل السنن كلهم من طرق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير ، به . وقال
الترمذي : " حسن صحيح " . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، عن
عطية ، بنحوه .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم ) أي : جعلها لكم من قتلكم لهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأرضا لم تطئوها ) قيل :
خيبر . وقيل :
مكة . رواه
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم . وقيل :
فارس والروم . وقال
ابن جرير : يجوز أن يكون الجميع مرادا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وكان الله على كل شيء قديرا ) : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يزيد ، أخبرنا
محمد بن عمرو ، عن أبيه ، عن جده
nindex.php?page=showalam&ids=16590علقمة بن وقاص قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501324أخبرتني عائشة قالت : خرجت يوم الخندق أقفو الناس ، فسمعت وئيد الأرض ورائي ، فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنه ، قالت : فجلست إلى الأرض ، فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منه أطرافه ، فأنا أتخوف على أطراف سعد ، قالت : وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم ، فمر وهو يرتجز ويقول :
لبث قليلا يشهد الهيجا حمل ما أحسن الموت إذا حان الأجل
قالت : فقمت فاقتحمت حديقة ، فإذا فيها نفر من المسلمين ، وإذا فيها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وفيهم رجل عليه تسبغة له - تعني المغفر - فقال عمر : ما جاء بك ؟ لعمري والله إنك لجريئة ، وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تحوز . قالت : فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت بي [ ص: 400 ] ساعتئذ ، فدخلت فيها ، فرفع الرجل التسبغة عن وجهه ، فإذا هو nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله فقال : يا عمر ، ويحك ، إنك قد أكثرت منذ اليوم ، وأين التحوز أو الفرار إلا إلى الله تعالى ؟ قالت : ويرمي سعدا رجل من قريش ، يقال له ابن العرقة بسهم ، وقال له : خذها وأنا ابن العرقة فأصاب أكحله فقطعه ، فدعا الله سعد فقال : اللهم ، لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة . قالت : وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية ، قالت : فرقأ كلمه ، وبعث الله الريح على المشركين ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وكان الله قويا عزيزا . فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة ، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأمر بقبة من أدم فضربت على سعد في المسجد ، قالت : فجاءه جبريل ، عليه السلام ، وإن على ثناياه لنقع الغبار ، فقال : أوقد وضعت السلاح ؟ لا والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح ، اخرج إلى بني قريظة فقاتلهم . قالت : فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا ، [ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فمر على بني غنم وهم جيران المسجد حوله فقال : ومن مر بكم ؟ قالوا : مر بنا nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي - وكان nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي تشبه لحيته وسنه ووجهه جبريل ، عليه الصلاة والسلام ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة ، فلما اشتد حصارهم واشتد البلاء قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر ، فأشار إليهم أنه الذبح . قالوا : ننزل على حكم nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ [ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انزلوا على حكم nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ " . فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ ] فأتي به على حمار عليه إكاف من ليف قد حمل عليه ، وحف به قومه ، فقالوا : يا أبا عمرو ، حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ، ومن قد علمت ، قالت : ولا يرجع إليهم شيئا ، ولا يلتفت إليهم ، حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال : قد آن لي ألا أبالي في الله لومة لائم . قال : قال أبو سعيد : فلما طلع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه " . فقال عمر : سيدنا الله . قال : " أنزلوه " . فأنزلوه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احكم فيهم " . قال سعد : فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم ، وتسبي ذراريهم ، وتقسم أموالهم ، فقال رسول الله : " لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله " . ثم دعا سعد فقال : اللهم ، إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا ، فأبقني لها . وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم ، فاقبضني إليك . قال : فانفجر كلمه ، وكان قد برئ منه إلا مثل الخرص ، ورجع إلى قبته التي ضرب عليه رسول الله .
قالت عائشة : فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وعمر قالت : فوالذي نفس محمد بيده ، إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر ، وأنا في حجرتي . وكانوا كما قال الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29رحماء بينهم ) .
قال علقمة : فقلت : أي أمه ، فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ؟ قالت : كانت عينه لا تدمع على أحد ، ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته .
[ ص: 401 ] وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة نحوا من هذا ، ولكنه أخصر منه ، وفيه دعاء
سعد ، رضي الله عنه .
[ ص: 397 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=30832_30835_30837_29004وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ( 26 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ( 27 ) ) .
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ
بَنِي قُرَيْظَةَ لَمَّا قَدِمَتْ جُنُودُ الْأَحْزَابِ ، وَنَزَلُوا عَلَى
الْمَدِينَةَ ، نَقَضُوا مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَهْدِ ، وَكَانَ ذَلِكَ بِسِفَارَةِ
حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النَّضْرِيِّ - لَعَنَهُ اللَّهُ - دَخَلَ حِصْنَهُمْ ، وَلَمْ يَزَلْ بِسَيِّدِهِمْ
كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ حَتَّى نَقَضَ الْعَهْدَ ، وَقَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ : وَيْحَكَ ، قَدْ جِئْتُكَ بِعِزِّ الدَّهْرِ ، أَتَيْتُكَ
بِقُرَيْشٍ وَأَحَابِيشِهَا ،
وَغَطَفَانَ وَأَتْبَاعِهَا ، وَلَا يَزَالُونَ هَاهُنَا حَتَّى يَسْتَأْصِلُوا
مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ . فَقَالَ لَهُ
كَعْبٌ : بَلْ وَاللَّهِ أَتَيْتَنِي بِذُلِّ الدَّهْرِ . وَيْحَكَ يَا
حَيِّيُّ ، إِنَّكَ مَشْئُومٌ ، فَدَعْنَا مِنْكَ . فَلَمْ يَزَلْ يَفْتِلُ فِي الذِّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتَّى أَجَابَهُ ، وَاشْتَرَطَ لَهُ
حُيَيُّ إِنْ ذَهَبَ الْأَحْزَابُ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِهِمْ شَيْءٌ ، أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي الْحِصْنِ ، فَيَكُونُ لَهُ أُسْوَتُهُمْ . فَلَمَّا نَقَضَتْ
قُرَيْظَةُ ، وَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَاءَهُ ، وَشَقَّ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ جِدًّا ، فَلَمَّا أَيَّدَ اللَّهُ وَنَصَرَ ، وَكَبَتَ الْأَعْدَاءَ وَرَدَّهُمْ خَائِبِينَ بِأَخْسَرِ صَفْقَةٍ ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
الْمَدِينَةِ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا ، وَوَضَعَ النَّاسُ السِّلَاحَ . فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ مِنْ وَعْثَاءِ تِلْكَ الْمُرَابَطَةِ فِي بَيْتِ
أُمِّ سَلَمَةَ إِذْ تَبَدَّى لَهُ
جِبْرِيلُ مُعْتَجِرًا بِعِمَامَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ، عَلَى بَغْلَةٍ عَلَيْهَا قَطِيفَةٌ [ مِنْ ] دِيبَاجٍ ، فَقَالَ : أَوَضَعْتَ السِّلَاحَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . قَالَ : لَكِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ تَضَعْ أَسْلِحَتَهَا ، وَهَذَا الْآنَ رُجُوعِي مِنْ طَلَبِ الْقَوْمِ . ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَنْهَضَ إِلَى
بَنِي قُرَيْظَةَ . وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ لَهُ : عَذِيرَكَ مِنْ مُقَاتِلٍ ، أَوَضَعْتُمُ السِّلَاحَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . قَالَ : لَكِنَّا لَمْ نَضَعْ أَسْلِحَتَنَا بَعْدُ ، انْهَضْ إِلَى هَؤُلَاءِ . قَالَ : " أَيْنَ ؟ " . قَالَ :
بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَلْزِلَ عَلَيْهِمْ . فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَوْرِهِ ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالْمَسِيرِ إِلَى
بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَكَانَتْ عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ
الْمَدِينَةِ ، وَذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820649 " لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ " . فَسَارَ النَّاسُ ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ ، فَصَلَّى بَعْضُهُمْ فِي الطَّرِيقِ وَقَالُوا : لَمْ يُرِدْ مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا تَعْجِيلَ السَّيْرِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : لَا نُصَلِّيهَا إِلَّا فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ . فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ . وَتَبِعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدِ اسْتَخْلَفَ عَلَى
الْمَدِينَةِ nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَأَعْطَى الرَّايَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ . ثُمَّ نَازَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْحَالُ ، نَزَلُوا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30833حُكْمِ nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ - سَيِّدِ
الْأَوْسِ - لِأَنَّهُمْ كَانُوا حُلَفَاءَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ يُحْسِنُ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ، كَمَا فَعَلَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِي مَوَالِيهِ
بَنِي قَيْنُقَاعَ ، حِينَ اسْتَطْلَقَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَظَنَّ هَؤُلَاءِ أَنَّ
سَعْدًا سَيَفْعَلُ فِيهِمْ كَمَا فَعَلَ
ابْنُ أُبَيٍّ فِي أُولَئِكَ ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ
سَعْدًا ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، كَانَ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فِي أَكْحَلِهِ أَيَّامَ الْخَنْدَقِ ، فَكَوَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْحَلِهِ ، وَأَنْزَلَهُ فِي قُبَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ . وَقَالَ
سَعْدٌ فِيمَا دَعَا بِهِ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ
قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا . وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَافْجُرْهَا وَلَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ
بَنِي قُرَيْظَةَ . فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ ، وَقَدَّرَ عَلَيْهِمْ أَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ بِاخْتِيَارِهِمْ طَلَبًا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اسْتَدْعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ
الْمَدِينَةِ لِيَحْكُمَ فِيهِمْ ، فَلَمَّا
[ ص: 398 ] أَقْبَلَ وَهُوَ رَاكِبٌ [ عَلَى حِمَارٍ ] قَدْ وَطَّئُوا لَهُ عَلَيْهِ ، جَعَلَ
الْأَوْسُ يَلُوذُونَ بِهِ وَيَقُولُونَ : يَا
سَعْدُ ، إِنَّهُمْ مَوَالِيكَ ، فَأَحْسِنْ فِيهِمْ . وَيُرَقِّقُونَهُ عَلَيْهِمْ وَيُعَطِّفُونَهُ ، وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ . فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ : لَقَدْ آنَ
لِسَعْدٍ أَلَّا تَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ . فَعَرَفُوا أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْقِيهِمْ ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْخَيْمَةِ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822504 " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ " . فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ ، فَأَنْزَلُوهُ إِعْظَامًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا لَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ، لِيَكُونَ أَنْفَذَ لِحُكْمِهِ فِيهِمْ . فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825902 " إِنْ هَؤُلَاءِ - وَأَشَارَ إِلَيْهِمْ - قَدْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ ، فَاحْكُمْ فِيهِمْ بِمَا شِئْتَ " . قَالَ : وَحُكْمِي نَافِذٌ عَلَيْهِمْ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . قَالَ : وَعَلَى مَنْ فِي هَذِهِ الْخَيْمَةِ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . قَالَ : وَعَلَى مَنْ هَاهُنَا . - وَأَشَارَ إِلَى الْجَانِبِ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُعْرِضٌ بِوَجْهِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجْلَالًا وَإِكْرَامًا وَإِعْظَامًا - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ " . فَقَالَ : إِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتَلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذُرِّيَّتُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501323 " لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ " . وَفِي رِوَايَةٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822506 " لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ " . ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَخَادِيدِ فَخُدَّتْ فِي الْأَرْضِ ، وَجِيءَ بِهِمْ مُكْتَفِينَ ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ ، وَكَانُوا مَا بَيْنَ السَّبْعِمِائَةِ إِلَى الثَّمَانِمِائَةِ ، وَسَبَى مَنْ لَمْ يُنْبِتْ مِنْهُمْ مَعَ النِّسَاءِ وَأَمْوَالِهِمْ ، وَهَذَا كُلُّهُ مُقَرِّرٌ مُفَصَّلٌ بِأَدِلَّتِهِ وَأَحَادِيثِهِ وَبَسْطِهِ فِي كِتَابِ السِّيرَةِ ، الَّذِي أَفْرَدْنَاهُ مُوجَزًا وَمُقْتَصًّا . وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ ) أَيْ : عَاوَنُوا الْأَحْزَابَ وَسَاعَدُوهُمْ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) يَعْنِي :
بَنِي قُرَيْظَةَ مِنَ
الْيَهُودِ ، مِنْ بَعْضِ أَسْبَاطِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، كَانَ قَدْ نَزَلَ آبَاؤُهُمُ
الْحِجَازَ قَدِيمًا ، طَمَعًا فِي اتِّبَاعِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ) [ الْبَقَرَةِ : 89 ] ، فَعَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26مِنْ صَيَاصِيهِمْ ) يَعْنِي : حُصُونُهُمْ . كَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ ، وَعِكْرِمَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٌ ، وَقَتَادَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ، وَغَيْرُهُمْ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ صَيَاصِي الْبَقَرِ ، وَهِيَ قُرُونُهَا; لِأَنَّهَا أَعْلَى شَيْءٍ فِيهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ) : وَهُوَ الْخَوْفُ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَالَئُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ مَنْ يَعْلَمُ كَمَنْ لَا يَعْلَمُ ، فَأَخَافُوا الْمُسْلِمِينَ وَرَامُوا قَتْلَهُمْ لِيَعِزُّوا فِي الدُّنْيَا ، فَانْعَكَسَ
[ ص: 399 ] عَلَيْهِمُ الْحَالُ ، وَانْقَلَبَ الْفَالُ ، انْشَمَرَ الْمُشْرِكُونَ فَفَازُوا بِصَفْقَةِ الْمَغْبُونِ ، فَكَمَا رَامُوا الْعِزَّ ذُلُّوا ، وَأَرَادُوا اسْتِئْصَالَ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتُؤْصِلُوا ، وَأُضِيفَ إِلَى ذَلِكَ شَقَاوَةُ الْآخِرَةِ ، فَصَارَتِ الْجُمْلَةُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الصَّفْقَةُ الْخَاسِرَةُ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=26فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ) ، فَالَّذِينَ قُتِلُوا هُمُ الْمُقَاتِلَةُ ، وَالْأُسَرَاءُ هُمُ الْأَصَاغِرُ وَالنِّسَاءُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16490عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ
عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ : عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ
قُرَيْظَةَ فَشَكُّوا فِيَّ ، فَأَمَرَ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْظُرُوا : هَلْ أَنْبُتُ بَعْدُ ؟ فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُونِي أَنْبُتُ ، فَخَلَّى عَنِّي وَأَلْحَقَنِي بِالسَّبْيِ .
وَكَذَا رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ كُلُّهُمْ مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16490عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، بِهِ . وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : " حَسَنٌ صَحِيحٌ " . وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ أَيْضًا ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنْ
عَطِيَّةَ ، بِنَحْوِهِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ) أَيْ : جَعَلَهَا لَكُمْ مِنْ قَتْلِكُمْ لَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ) قِيلَ :
خَيْبَرُ . وَقِيلَ :
مَكَّةُ . رَوَاهُ
مَالِكٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ . وَقِيلَ :
فَارِسُ وَالرُّومُ . وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ مُرَادًا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ) : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16590عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501324أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ : خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو النَّاسَ ، فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الْأَرْضِ وَرَائِي ، فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّهُ ، قَالَتْ : فَجَلَسْتُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ مِنْ حَدِيدٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ أَطْرَافُهُ ، فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ ، قَالَتْ : وَكَانَ سَعْدٌ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ ، فَمَرَّ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ :
لَبَّثْ قَلِيلًا يَشْهَدِ الْهَيْجَا حَمَلْ مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ
قَالَتْ : فَقُمْتُ فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً ، فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِذَا فِيهَا nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ لَهُ - تَعْنِي الْمِغْفَرَ - فَقَالَ عُمَرُ : مَا جَاءَ بِكِ ؟ لَعَمْرِي وَاللَّهِ إِنَّكِ لِجَرِيئَةٌ ، وَمَا يُؤَمِّنُكِ أَنْ يَكُونَ بَلَاءٌ أَوْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ . قَالَتْ : فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ بِي [ ص: 400 ] سَاعَتَئِذٍ ، فَدَخَلْتُ فِيهَا ، فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبِغَةَ عَنْ وَجْهِهِ ، فَإِذَا هُوَ nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ : يَا عُمَرُ ، وَيْحَكَ ، إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ أَوِ الْفِرَارُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ؟ قَالَتْ : وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرَقَةِ بِسَهْمٍ ، وَقَالَ لَهُ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرَقَةِ فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ ، فَدَعَا اللَّهَ سَعْدٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ ، لَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ قُرَيْظَةَ . قَالَتْ : وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، قَالَتْ : فَرَقَأَ كَلْمُهُ ، وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ، وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا . فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِتِهَامَةَ ، وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ وَمَنْ مَعَهُ بِنَجْدٍ ، وَرَجَعَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي صَيَاصِيهِمْ ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ ، قَالَتْ : فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَإِنَّ عَلَى ثَنَايَاهُ لَنَقْعُ الْغُبَارِ ، فَقَالَ : أَوَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ ؟ لَا وَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ بَعْدُ السِّلَاحَ ، اخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ . قَالَتْ : فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأْمَتَهُ ، وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ أَنْ يَخْرُجُوا ، [ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] فَمَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ وَهُمْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ فَقَالَ : وَمَنْ مَرَّ بِكُمْ ؟ قَالُوا : مَرَّ بِنَا nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ - وَكَانَ nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَسِنُّهُ وَوَجْهُهُ جِبْرِيلَ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، فَلَمَّا اشْتَدَّ حِصَارُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ قِيلَ لَهُمْ : انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ . قَالُوا : نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ [ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ " . فَنَزَلُوا وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ] فَأُتِيَ بِهِ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ قَدْ حُمِلَ عَلَيْهِ ، وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا عَمْرٍو ، حُلَفَاؤُكَ وَمُوَالِيكَ وَأَهْلُ النِّكَايَةِ ، وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ ، قَالَتْ : وَلَا يُرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُورِهِمُ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ : قَدْ آنَ لِي أَلَّا أُبَالِيَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ . قَالَ : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَلَمَّا طَلَعَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ " . فَقَالَ عُمَرُ : سَيِّدُنَا اللَّهُ . قَالَ : " أَنْزِلُوهُ " . فَأَنْزَلُوهُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " احْكُمْ فِيهِمْ " . قَالَ سَعْدٌ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تَقْتُلَ مُقَاتِلَتَهُمْ ، وَتَسْبَيَ ذَرَارِيَهُمْ ، وَتَقْسِمَ أَمْوَالَهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ " . ثُمَّ دَعَا سَعْدٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ ، إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا ، فَأَبْقِنِي لَهَا . وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ . قَالَ : فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ ، وَكَانَ قَدْ بَرِئَ مِنْهُ إِلَّا مِثْلَ الْخُرْصِ ، وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ .
قَالَتْ عَائِشَةُ : فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ قَالَتْ : فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِنِّي لِأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ ، وَأَنَا فِي حُجْرَتِي . وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) .
قَالَ عَلْقَمَةُ : فَقُلْتُ : أَيْ أُمَّهْ ، فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ؟ قَالَتْ : كَانَتْ عَيْنُهُ لَا تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجِدَ فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ .
[ ص: 401 ] وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16421عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ نَحْوًا مِنْ هَذَا ، وَلَكِنَّهُ أَخْصَرُ مِنْهُ ، وَفِيهِ دُعَاءُ
سَعْدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .