[ ص: 157 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=32429_32430_28976لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ( 72 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ( 73 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=74أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ( 74 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون ( 75 ) )
يقول تعالى حاكما
nindex.php?page=treesubj&link=31989_31998_31994بتكفير فرق النصارى من الملكية واليعقوبية والنسطورية ممن قال منهم بأن المسيح هو الله ، تعالى الله عن قولهم وتنزه وتقدس علوا كبيرا .
هذا وقد تقدم إليهم
المسيح بأنه عبد الله ورسوله ، وكان أول كلمة نطق بها وهو صغير في المهد أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) ولم يقل : أنا الله ، ولا ابن الله . بل قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) إلى أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=36وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ) [ مريم : 30 - 36 ] .
وكذلك قال لهم في حال كهولته ونبوته ، آمرا لهم بعبادة الله ربه وربهم وحده لا شريك له ; ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله ) أي : فيعبد معه غيره (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) أي : فقد أوجب له النار ، وحرم عليه الجنة ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء : 48 ، 116 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=50ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين ) [ الأعراف : 50 ] .
وفي الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مناديا ينادي في الناس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823722 " إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة " ، وفي لفظ : " مؤمنة " .
وتقدم في أول سورة النساء عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ) [ النساء : 48 ، 116 ] حديث
يزيد بن بابنوس ، عن
عائشة : الدواوين ثلاثة فذكر منهم ديوانا لا يغفره الله ، وهو الشرك بالله ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة [ ومأواه النار ] ) الحديث في مسند
أحمد .
ولهذا قال [ الله ] تعالى إخبارا عن
المسيح أنه قال
لبني إسرائيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )
[ ص: 158 ] أي : وما له عند الله ناصر ولا معين ولا منقذ مما هو فيه .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
علي بن الحسن الهستجاني ، حدثنا
سعيد بن الحكم بن أبي مريم ، حدثنا
الفضل حدثني
أبو صخر في قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) قال : هو قول
اليهود : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عزير ابن الله ) وقول
النصارى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30المسيح ابن الله ) [ التوبة : 30 ] فجعلوا الله ثالث ثلاثة .
وهذا قول غريب في تفسير الآية : أن المراد بذلك طائفتا
اليهود والنصارى ، والصحيح : أنها أنزلت في
النصارى خاصة ، قاله
مجاهد وغير واحد .
ثم اختلفوا في ذلك فقيل : المراد بذلك كفارهم في
nindex.php?page=treesubj&link=29434قولهم بالأقانيم الثلاثة وهو أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن ، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ، قال
ابن جرير وغيره : والطوائف الثلاث من
الملكية واليعقوبية والنسطورية تقول بهذه الأقانيم . وهم مختلفون فيها اختلافا متباينا ليس هذا موضع بسطه ، وكل فرقة منهم تكفر الأخرى ، والحق أن الثلاث كافرة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وغيره : نزلت في جعلهم
المسيح وأمه إلهين مع الله ، فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : وهي كقوله تعالى في آخر السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ) الآية [ المائدة : 116 ] .
وهذا القول هو الأظهر ، والله أعلم . قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73وما من إله إلا إله واحد ) أي : ليس متعددا ، بل هو وحده لا شريك له ، إله جميع الكائنات وسائر الموجودات .
ثم قال تعالى متوعدا لهم ومتهددا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73وإن لم ينتهوا عما يقولون ) أي : من هذا الافتراء والكذب (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) أي : في الآخرة من الأغلال والنكال .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=74أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) وهذا من كرمه تعالى وجوده ولطفه ورحمته بخلقه ، مع هذا الذنب العظيم وهذا الافتراء والكذب والإفك ، يدعوهم إلى التوبة والمغفرة ، فكل من تاب إليه تاب عليه ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) أي : له سوية أمثاله من سائر المرسلين المتقدمين عليه ، وأنه عبد من عباد الله ورسول من رسله الكرام ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=59إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) [ الزخرف : 59 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75وأمه صديقة ) أي : مؤمنة به مصدقة له . وهذا أعلى مقاماتها فدل على أنها ليست بنبية ، كما زعمه
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وغيره ممن ذهب إلى نبوة
سارة أم
إسحاق ونبوة
أم موسى ونبوة
أم عيسى استدلالا منهم بخطاب الملائكة
لسارة ومريم وبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ) [ القصص : 7 ]
[ ص: 159 ] [ قالوا ] وهذا معنى النبوة ، والذي عليه الجمهور أن الله لم يبعث نبيا إلا من الرجال ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف : 109 ] ، وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=13711الشيخ أبو الحسن الأشعري رحمه الله الإجماع على ذلك .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75كانا يأكلان الطعام ) أي : يحتاجان إلى التغذية به ، وإلى خروجه منهما ، فهما عبدان كسائر الناس وليسا بإلهين كما زعمت فرق
النصارى الجهلة ، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75انظر كيف نبين لهم الآيات ) أي : نوضحها ونظهرها (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75ثم انظر أنى يؤفكون ) أي : ثم انظر بعد هذا البيان والوضوح والجلاء أين يذهبون؟ وبأي قول يتمسكون؟ وإلى أي مذهب من الضلال يذهبون؟ ؟
[ ص: 157 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=32429_32430_28976لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ( 72 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 73 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=74أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 74 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( 75 ) )
يَقُولُ تَعَالَى حَاكِمًا
nindex.php?page=treesubj&link=31989_31998_31994بِتَكْفِيرِ فِرَقِ النَّصَارَى مِنَ الْمَلَكِيَّةِ وَالْيَعْقُوبِيَّةِ وَالنُّسْطُورِيَّةِ مِمَّنْ قَالَ مِنْهُمْ بِأَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ وَتَنَزَّهَ وَتَقَدَّسَ عُلُوًّا كَبِيرًا .
هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمُ
الْمَسِيحُ بِأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، وَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ نَطَقَ بِهَا وَهُوَ صَغِيرٌ فِي الْمَهْدِ أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) وَلَمْ يَقِلْ : أَنَا اللَّهُ ، وَلَا ابْنُ اللَّهِ . بَلْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=30إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) إِلَى أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=36وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) [ مَرْيَمَ : 30 - 36 ] .
وَكَذَلِكَ قَالَ لَهُمْ فِي حَالِ كُهُولَتِهِ وَنَبُّوتِهِ ، آمِرًا لَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ رَبِّهِ وَرَبِّهِمْ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ ) أَيْ : فَيَعْبُدُ مَعَهُ غَيْرَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ) أَيْ : فَقَدْ أَوْجَبَ لَهُ النَّارَ ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) [ النِّسَاءِ : 48 ، 116 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=50وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ) [ الْأَعْرَافِ : 50 ] .
وَفِي الصَّحِيحِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي النَّاسِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823722 " إِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ " ، وَفِي لَفْظٍ : " مُؤْمِنَةٌ " .
وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) [ النِّسَاءِ : 48 ، 116 ] حَدِيثُ
يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ ، عَنْ
عَائِشَةَ : الدَّوَاوِينُ ثَلَاثَةٌ فَذَكَرَ مِنْهُمْ دِيوَانًا لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ ، وَهُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ [ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ] ) الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ
أَحْمَدَ .
وَلِهَذَا قَالَ [ اللَّهُ ] تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ
الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَالَ
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=72إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ )
[ ص: 158 ] أَيْ : وَمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ نَاصِرٌ وَلَا مُعِينٌ وَلَا مُنْقِذٌ مِمَّا هُوَ فِيهِ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهَسْتَجَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا
الْفَضْلُ حَدَّثَنِي
أَبُو صَخْرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) قَالَ : هُوَ قَوْلُ
الْيَهُودِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ) وَقَوْلُ
النَّصَارَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ) [ التَّوْبَةِ : 30 ] فَجَعَلُوا اللَّهَ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ .
وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ : أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ طَائِفَتَا
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَالصَّحِيحُ : أَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي
النَّصَارَى خَاصَّةً ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقِيلَ : الْمُرَادُ بِذَلِكَ كُفَّارُهُمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29434قَوْلِهِمْ بِالْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ أُقْنُومُ الْأَبِ ، وَأُقْنُومُ الِابْنِ ، وَأُقْنُومُ الْكَلِمَةِ الْمُنْبَثِقَةِ مِنَ الْأَبِ إِلَى الِابْنِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا ، قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ : وَالطَّوَائِفُ الثَّلَاثُ مِنَ
الْمَلَكِيَّةِ وَالْيَعْقُوبِيَّةِ وَالنُّسْطُورِيَّةِ تَقُولُ بِهَذِهِ الْأَقَانِيمِ . وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِيهَا اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَسْطِهِ ، وَكُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ تُكَفِّرُ الْأُخْرَى ، وَالْحَقُّ أَنَّ الثَّلَاثَ كَافِرَةٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ : نَزَلَتْ فِي جَعْلِهِمُ
الْمَسِيحَ وَأُمَّهُ إِلَهَيْنِ مَعَ اللَّهِ ، فَجَعَلُوا اللَّهَ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السَّدِّيُّ : وَهِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ ) الْآيَةَ [ الْمَائِدَةِ : 116 ] .
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَظْهَرُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ ) أَيْ : لَيْسَ مُتَعَدِّدًا ، بَلْ هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، إِلَهُ جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ وَسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُتَوَعِّدًا لَهُمْ وَمُتَهَدِّدًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ ) أَيْ : مِنْ هَذَا الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أَيْ : فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْأَغْلَالِ وَالنَّكَالِ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=74أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) وَهَذَا مِنْ كَرَمِهِ تَعَالَى وَجُودِهِ وَلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ بِخَلْقِهِ ، مَعَ هَذَا الذَّنْبِ الْعَظِيمِ وَهَذَا الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ وَالْإِفْكِ ، يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ ، فَكُلُّ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) أَيْ : لَهُ سَوِيَّةُ أَمْثَالِهِ مِنْ سَائِرِ الْمُرْسَلِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَرَسُولٌ مِنْ رُسُلِهِ الْكِرَامِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=59إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) [ الزُّخْرُفِ : 59 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ) أَيْ : مُؤْمِنَةٌ بِهِ مُصَدِّقَةٌ لَهُ . وَهَذَا أَعْلَى مَقَامَاتِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَبِيَّةٍ ، كَمَا زَعَمَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى نُبُوَّةِ
سَارَّةَ أُمِّ
إِسْحَاقَ وَنُبُوَّةِ
أُمِّ مُوسَى وَنُبُوَّةِ
أُمِّ عِيسَى اسْتِدْلَالًا مِنْهُمْ بِخِطَابِ الْمَلَائِكَةِ
لِسَارَّةَ وَمَرْيَمَ وَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ) [ الْقِصَصِ : 7 ]
[ ص: 159 ] [ قَالُوا ] وَهَذَا مَعْنَى النُّبُوَّةِ ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا مِنَ الرِّجَالِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ) [ يُوسُفَ : 109 ] ، وَقَدْ حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=13711الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) أَيْ : يَحْتَاجَانِ إِلَى التَّغْذِيَةِ بِهِ ، وَإِلَى خُرُوجِهِ مِنْهُمَا ، فَهُمَا عَبْدَانِ كَسَائِرِ النَّاسِ وَلَيْسَا بِإِلَهَيْنِ كَمَا زَعَمَتْ فِرَقُ
النَّصَارَى الْجَهَلَةِ ، عَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ) أَيْ : نُوَضِّحُهَا وَنُظْهِرُهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) أَيْ : ثُمَّ انْظُرْ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ وَالْوُضُوحِ وَالْجَلَاءِ أَيْنَ يَذْهَبُونَ؟ وَبِأَيِّ قَوْلٍ يَتَمَسَّكُونَ؟ وَإِلَى أَيِّ مَذْهَبٍ مِنَ الضَّلَالِ يَذْهَبُونَ؟ ؟