القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=34021_28977وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ( 86 ) )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وهدينا أيضا من ذرية
نوح "
إسماعيل " وهو :
إسماعيل بن إبراهيم "
واليسع " هو
اليسع بن أخطوب بن العجوز .
واختلفت القرأة في قراءة اسمه .
فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=86واليسع ) بلام واحدة مخففة .
وقد زعم قوم أنه " يفعل " من قول القائل : " وسع يسع " . ولا تكاد
العرب تدخل " الألف واللام " على اسم يكون على هذه الصورة أعني على " يفعل " لا يقولون : " رأيت اليزيد " ولا " أتاني اليحيى " ولا " مررت باليشكر " إلا
[ ص: 511 ] في ضرورة شعر ، وذلك أيضا إذا تحري به المدح ، كما قال بعضهم :
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأحناء الخلافة كاهله
فأدخل في " اليزيد " الألف واللام ، وذلك لإدخاله إياهما في " الوليد " فأتبعه " اليزيد " بمثل لفظه .
وقرأ ذلك جماعة من قرأة الكوفيين : ( والليسع ) بلامين ، وبالتشديد ، وقالوا : إذا قرئ كذلك ، كان أشبه بأسماء العجم ، وأنكروا التخفيف . وقالوا : لا نعرف في كلام
العرب اسما على " يفعل " فيه ألف ولام .
قال
أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندي ، قراءة من قرأه بلام واحدة مخففة ، لإجماع أهل الأخبار على أن ذلك هو المعروف من اسمه ، دون التشديد ، مع أنه اسم أعجمي ، فينطق به على ما هو به . وإنما يعلم دخول
[ ص: 512 ] " الألف واللام " فيما جاء من أسماء
العرب على " يفعل " . وأما الاسم الذي يكون أعجميا ، فإنما ينطق به على ما سموا به . فإن غير منه شيء إذا تكلمت
العرب به ، فإنما يغير بتقويم حرف منه من غير حذف ولا زيادة فيه ولا نقصان . و "
الليسع " إذا شدد ، لحقته زيادة لم تكن فيه قبل التشديد . وأخرى ، أنه لم يحفظ عن أحد من أهل العلم علمنا أنه قال : اسمه "
ليسع " . فيكون مشددا عند دخول " الألف واللام " اللتين تدخلان للتعريف .
و "
يونس " هو :
يونس بن متى " ولوطا وكلا فضلنا " من ذرية
نوح ونوحا ، لهم بينا الحق ووفقناهم له ، وفضلنا جميعهم " على العالمين " يعني : على عالم أزمانهم .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=34021_28977وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ( 86 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَهَدَيْنَا أَيْضًا مِنْ ذُرِّيَّةِ
نُوحٍ "
إِسْمَاعِيلَ " وَهُوَ :
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ "
وَالْيَسَعُ " هُوَ
الْيَسَعُ بْنُ أخْطُوبَ بْنِ الْعَجُوزِ .
وَاخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ اسْمِهِ .
فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=86وَالْيَسَعَ ) بِلَامٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٌ .
وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ " يَفْعَلُ " مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : " وَسِعَ يَسَعُ " . وَلَا تَكَادُ
الْعَرَبُ تُدْخِلُ " الْأَلِفَ وَاللَّامَ " عَلَى اسْمٍ يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَعْنِي عَلَى " يَفْعَلُ " لَا يَقُولُونَ : " رَأَيْتُ الْيزِيدَ " وَلَا " أَتَانِي الْيَحْيَى " وَلَا " مَرَرْتُ بِالْيَشْكُرِ " إِلَّا
[ ص: 511 ] فِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ ، وَذَلِكَ أَيْضًا إِذَا تُحُرِّيَ بِهِ الْمَدْحُ ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ :
وَجَدْنَا الْوَلِيدَ بْنَ الْيَزِيدَ مُبَارَكًا شَدِيدًا بِأَحْنَاءِ الْخِلَافَةِ كَاهِلُهْ
فَأَدْخَلَ فِي " الْيَزِيدِ " الْأَلِفَ وَاللَّامَ ، وَذَلِكَ لِإِدْخَالِهِ إِيَّاهُمَا فِي " الْوَلِيدِ " فَأَتْبَعَهُ " الْيَزِيدَ " بِمِثْلِ لَفْظِهِ .
وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ قَرَأَةِ الْكُوفِيِّينَ : ( وَاللَّيْسَعَ ) بِلَامَيْنِ ، وَبِالتَّشْدِيدِ ، وَقَالُوا : إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ ، كَانَ أَشْبَهَ بِأَسْمَاءِ الْعَجَمِ ، وَأَنْكَرُوا التَّخْفِيفَ . وَقَالُوا : لَا نَعْرِفُ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ اسْمًا عَلَى " يَفْعَلُ " فِيهِ أَلِفٌ وَلَامٌ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي ، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ ، لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنِ اسْمِهِ ، دُونَ التَّشْدِيدِ ، مَعَ أَنَّهُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ ، فَيُنْطَقُ بِهِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ . وَإِنَّمَا يُعْلَمُ دُخُولُ
[ ص: 512 ] " الْأَلِفِ وَاللَّامِ " فِيمَا جَاءَ مِنْ أَسْمَاءِ
الْعَرَبِ عَلَى " يَفْعَلُ " . وَأَمَّا الِاسْمُ الَّذِي يَكُونُ أَعْجَمِيًّا ، فَإِنَّمَا يُنْطَقُ بِهِ عَلَى مَا سَمَّوْا بِهِ . فَإِنْ غُيِّرَ مِنْهُ شَيْءٌ إِذَا تَكَلَّمَتِ
الْعَرَبُ بِهِ ، فَإِنَّمَا يُغَيَّرُ بِتَقْوِيمِ حَرْفٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ وَلَا زِيَادَةٍ فِيهِ وَلَا نُقْصَانٍ . وَ "
اللَّيْسَعُ " إِذَا شَدَّدَ ، لَحِقَتْهُ زِيَادَةٌ لَمْ تَكُنْ فِيهِ قَبْلَ التَّشْدِيدِ . وَأُخْرَى ، أَنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَالَ : اسْمُهُ "
لَيْسَعُ " . فَيَكُونُ مُشَدَّدًا عِنْدَ دُخُولِ " الْأَلِفِ وَاللَّامِ " اللَّتَيْنِ تَدْخُلَانِ لِلتَّعْرِيفِ .
وَ "
يُونُسُ " هُوَ :
يُونُسُ بْنُ مَتَّى " وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا " مِنْ ذُرِّيَّةِ
نُوحٍ وَنُوحًا ، لَهُمْ بَيَّنَّا الْحَقَّ وَوَفَّقْنَاهُمْ لَهُ ، وَفَضَّلْنَا جَمِيعَهُمْ " عَلَى الْعَالَمِينَ " يَعْنِي : عَلَى عَالَمِ أَزْمَانِهِمْ .