القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30531_32409تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108ومن يتبدل الكفر بالإيمان )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( ومن يتبدل ) ، ومن يستبدل "الكفر" ، ويعني ب "الكفر" ، الجحود بالله وبآياته ، ( بالإيمان ) ، يعني بالتصديق بالله وبآياته والإقرار به .
وقد قيل : عنى ب "الكفر" في هذا الموضع : الشدة ، وب "الإيمان" الرخاء . ولا أعرف الشدة في معاني "الكفر" ، ولا الرخاء في معنى "الإيمان" ، إلا أن يكون قائل ذلك أراد بتأويله "الكفر" بمعنى الشدة في هذا الموضع ، وبتأويله "الإيمان" في معنى الرخاء - : ما أعد الله للكفار في الآخرة من الشدائد ، وما أعد الله لأهل
[ ص: 495 ] الإيمان فيها من النعيم ، فيكون ذلك وجها ، وإن كان بعيدا من المفهوم بظاهر الخطاب .
ذكر من قال ذلك :
1784 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
أبي العالية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108ومن يتبدل الكفر بالإيمان ) ، يقول : يتبدل الشدة بالرخاء .
1785 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسن قال : حدثني
حجاج ، عن
ابن أبي جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية بمثله .
وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ) ، دليل واضح على ما قلنا : من أن هذه الآيات من قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ) ، خطاب من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعتاب منه لهم على أمر سلف منهم ، مما سر به
اليهود ، وكرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ، فكرهه الله لهم ، فعاتبهم على ذلك ، وأعلمهم أن
اليهود أهل غش لهم وحسد وبغي ، وأنهم يتمنون لهم المكاره ، ويبغونهم الغوائل ، ونهاهم أن ينتصحوهم ، وأخبرهم أن من ارتد منهم عن دينه فاستبدل بإيمانه كفرا ، فقد أخطأ قصد السبيل .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30531_32409تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : ( وَمَنْ يَتَبَدَّلْ ) ، وَمَنْ يَسْتَبْدِلِ "الْكُفْرَ" ، وَيَعْنِي بِ "الْكُفْرِ" ، الْجُحُودَ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ ، ( بِالْإِيمَانِ ) ، يَعْنِي بِالتَّصْدِيقِ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ .
وَقَدْ قِيلَ : عَنَى بِ "الْكُفْرِ" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : الشِّدَّةَ ، وَبِ "الْإِيمَانِ" الرَّخَاءَ . وَلَا أَعْرِفُ الشِّدَّةَ فِي مَعَانِي "الْكُفْرِ" ، وَلَا الرَّخَاءَ فِي مَعْنَى "الْإِيمَانِ" ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَائِلُ ذَلِكَ أَرَادَ بِتَأْوِيلِهِ "الْكُفْرَ" بِمَعْنَى الشِّدَّةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَبِتَأْوِيلِهِ "الْإِيمَانَ" فِي مَعْنَى الرَّخَاءِ - : مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْكُفَّارِ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الشَّدَائِدِ ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِ
[ ص: 495 ] الْإِيمَانِ فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ وَجْهًا ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنَ الْمَفْهُومِ بِظَاهِرِ الْخِطَابِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
1784 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ ) ، يَقُولُ : يَتَبَدَّلِ الشِّدَّةَ بِالرَّخَاءِ .
1785 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنِ
الرَّبِيعِ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ بِمَثَلِهِ .
وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) ، دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَا قُلْنَا : مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ قَوْلِهِ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا ) ، خِطَابٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعِتَابٌ مِنْهُ لَهُمْ عَلَى أَمْرٍ سَلَفَ مِنْهُمْ ، مِمَّا سُرَّ بِهِ
الْيَهُودُ ، وَكَرِهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ ، فَكَرِهَهُ اللَّهُ لَهُمْ ، فَعَاتَبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ
الْيَهُودَ أَهْلُ غِشٍّ لَهُمْ وَحَسَدٍ وَبَغْيٍ ، وَأَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ لَهُمُ الْمَكَارِهَ ، وَيَبْغُونَهُمُ الْغَوَائِلَ ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْتَصِحُوهُمْ ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ فَاسْتَبْدَلَ بِإِيمَانِهِ كُفْرًا ، فَقَدْ أَخْطَأَ قَصْدَ السَّبِيلِ .