القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29008_34025nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=123وإن إلياس لمن المرسلين ( 123 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=124إذ قال لقومه ألا تتقون ( 124 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين ( 125 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=126الله ربكم ورب آبائكم الأولين ( 126 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=127فكذبوه فإنهم لمحضرون ( 127 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=128إلا عباد الله المخلصين ( 128 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=129وتركنا عليه في الآخرين ( 129 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وإن
إلياس ، وهو
إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران فيما حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق .
وقيل : إنه
إدريس . حدثنا بذلك
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قال : كان يقال :
إلياس هو
إدريس . وقد ذكرنا ذلك فيما مضى قبل .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=123لمن المرسلين ) يقول - جل ثناؤه - : لمرسل من المرسلين (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=124إذ قال لقومه ألا تتقون ) .
يقول حين قال لقومه في
بني إسرائيل : ألا تتقون الله أيها
[ ص: 96 ] القوم ، فتخافونه ، وتحذرون عقوبته على عبادتكم ربا غير الله ، وإلها سواه (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125وتذرون أحسن الخالقين ) يقول : وتدعون عبادة أحسن من قيل له خالق .
وقد اختلف في معنى بعل ، فقال بعضهم : معناه : أتدعون ربا ؟ وقالوا : هي لغة
لأهل اليمن معروفة فيهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثنا
حرمي بن عمارة قال : ثنا
شعبة قال : أخبرني
عمارة ، عن
عكرمة ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا ) قال : إلها .
حدثنا
عمران بن موسى قال : ثنا
عبد الوارث قال : ثنا
عمارة ، عن
عكرمة ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا ) يقول : أتدعون ربا ، وهي لغة
أهل اليمن ، تقول : من بعل هذا الثور ؟ : أي من ربه ؟
حدثني
زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ومحمد بن عمرو ، قالا ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا ) قال : ربا .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا ) قال : هذه لغة باليمانية : أتدعون ربا دون الله .
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا ) قال : ربا .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، عن
عبد الله بن أبي يزيد قال : كنت عند
ابن عباس فسألوه عن هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا ) قال : فسكت
ابن عباس ، فقال رجل : أنا بعلها ، فقال
ابن عباس : كفاني هذا الجواب .
وقال آخرون : هو صنم كان لهم يقال له بعل ، وبه سميت بعلبك .
[ ص: 97 ] ذكر من قال ذلك :
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا ) يعني : صنما كان لهم يسمى بعلا .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين ) ؟ قال : بعل : صنم كانوا يعبدون ، كانوا
ببعلبك ، وهم وراء
دمشق ، وكان بها البعل الذي كانوا يعبدون .
وقال آخرون : كان بعل : امرأة كانوا يعبدونها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق قال : سمعت بعض أهل العلم يقول : ما كان بعل إلا امرأة يعبدونها من دون الله .
وللبعل في كلام العرب أوجه . يقولون لرب الشيء هو بعله ، يقال : هذا بعل هذه الدار ، يعني ربها ، ويقولون لزوج المرأة بعلها ، ويقولون لما كان من الغروس والزروع مستغنيا بماء السماء ، ولم يكن سقيا بل هو بعل ، وهو العذي . وذكر أن الله بعث إلى
بني إسرائيل إلياس بعد مهلك
حزقيل بن يوزا .
وكان من قصته وقصة قومه فيما بلغنا ، ما حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه قال : إن الله قبض حزقيل ، وعظمت في
بني إسرائيل الأحداث ، ونسوا ما كان من عهد الله إليهم ، حتى نصبوا الأوثان وعبدوها دون الله ، فبعث الله إليهم
إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران نبيا . وإنما كانت الأنبياء من
بني إسرائيل بعد
موسى يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا من التوراة ، فكان
إلياس مع ملك من ملوك
بني إسرائيل ، يقال له :
أحاب ، كان اسم امرأته :
أربل ، وكان يسمع منه ويصدقه ، وكان
إلياس يقيم له أمره ، وكان سائر
بني إسرائيل قد اتخذوا صنما يعبدونه من دون الله يقال له بعل .
[ ص: 98 ] قال
ابن إسحاق : وقد سمعت بعض أهل العلم يقول : ( ما كان بعل إلا امرأة يعبدونها من دون الله ، يقول الله
لمحمد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=123وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم ورب آبائكم الأولين ) فجعل
إلياس يدعوهم إلى الله ، وجعلوا لا يسمعون منه شيئا إلا ما كان من ذلك الملك ، والملوك متفرقة
بالشام ، كل ملك له ناحية منها يأكلها ، فقال ذلك الملك الذي كان
إلياس معه يقوم له أمره ، ويراه على هدى من بين أصحابه - يوما : يا
إلياس ، والله ما أرى ما تدعو إليه إلا باطلا والله ما أرى فلانا وفلانا ، يعدد ملوكا من ملوك
بني إسرائيل قد عبدوا الأوثان من دون الله - إلا على مثل ما نحن عليه ، يأكلون ويشربون وينعمون مملكين ، ما ينقص دنياهم أمرهم الذي تزعم أنه باطل ، وما نرى لنا عليهم من فضل ، فيزعمون - والله أعلم - أن
إلياس استرجع وقام شعر رأسه وجلده ، ثم رفضه وخرج عنه ، ففعل ذلك الملك فعل أصحابه : عبد الأوثان ، وصنع ما يصنعون ، فقال
إلياس : اللهم إن
بني إسرائيل قد أبوا إلا أن يكفروا بك والعبادة لغيرك ، فغير ما بهم من نعمتك ) أو كما قال .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
سلمة قال : ثنا
محمد بن إسحاق قال : فذكر لي أنه أوحي إليه : إنا قد جعلنا أمر أرزاقهم بيدك وإليك حتى تكون أنت الذي تأذن في ذلك ، فقال
إلياس : اللهم فأمسك عليهم المطر . فحبس عنهم ثلاث سنين ، حتى هلكت الماشية والهوام والدواب والشجر ، وجهد الناس جهدا شديدا . وكان
إلياس فيما يذكرون حين دعا بذلك على
بني إسرائيل قد استخفى ، شفقا على نفسه منهم ، وكان حيثما كان وضع له رزق ، وكانوا إذا وجدوا ريح الخبز في دار أو بيت ، قالوا : لقد دخل
إلياس هذا المكان فطلبوه ، ولقي منهم أهل ذلك المنزل شرا . ثم إنه أوى ليلة إلى امرأة من
بني إسرائيل لها ابن يقال له
اليسع بن أخطوب به ضر ، فآوته وأخفت أمره ، فدعا
إلياس لابنها ، فعوفي من الضر الذي كان به ، واتبع
اليسع غلاما شابا ، فيزعمون - والله أعلم - أن أوحى إلى
إلياس : إنك قد أهلكت كثيرا من الخلق ممن لم يعص سوى
[ ص: 99 ] بني إسرائيل من البهائم والدواب والطير والهوام والشجر ، بحبس المطر عن
بني إسرائيل ، فيزعمون والله أعلم أن
إلياس قال : أي رب دعني أنا الذي أدعو لهم وأكون أنا الذي آتيهم بالفرج مما هم فيه من البلاء الذي أصابهم ، لعلهم أن يرجعوا وينزعوا عما هم عليه من عبادة غيرك ، قيل له : نعم ، فجاء
إلياس إلى
بني إسرائيل فقال لهم : إنكم قد هلكتم جهدا ، وهلكت البهائم والدواب والطير والهوام والشجر بخطاياكم ، وإنكم على باطل وغرور ، أو كما قال لهم ، فإن كنتم تحبون أن تعلموا ذلك ، وتعلموا أن الله عليكم ساخط فيما أنتم عليه ، وأن الذي أدعوكم إليه - الحق ، فاخرجوا بأصنامكم هذه التي تعبدون وتزعمون أنها خير مما أدعوكم إليه ، فإن استجابت لكم ، فذلك كما تقولون ، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل ، فنزعتم ، ودعوت الله ففرج عنكم ما أنتم فيه من البلاء ، قالوا : أنصفت ، فخرجوا بأوثانهم ، وما يتقربون به إلى الله من إحداثهم الذي لا يرضى ، فدعوها فلم تستجب لهم ، ولم تفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء حتى عرفوا ما هم فيه من الضلالة والباطل ، ثم قالوا
لإلياس : يا
إلياس إنا قد هلكنا فادع الله لنا ، فدعا لهم
إلياس بالفرج مما هم فيه ، وأن يسقوا ، فخرجت سحابة مثل الترس بإذن الله على ظهر البحر وهم ينظرون ، ثم ترامى إليه السحاب ، ثم أدحست ثم أرسل المطر ، فأغاثهم ، فحيت بلادهم ، وفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء ، فلم ينزعوا ولم يرجعوا ، وأقاموا على أخبث ما كانوا عليه ، فلما رأى ذلك
إلياس من كفرهم ، دعا ربه أن يقبضه إليه ، فيريحه منهم ، فقيل له فيما يزعمون : انظر يوم كذا وكذا ، فاخرج فيه إلى بلد كذا وكذا ، فماذا جاءوك من شيء فاركبه ولا تهبه ، فخرج
إلياس وخرج معه
اليسع بن أخطوب ، حتى إذا كان في البلد الذي ذكر له في المكان الذي أمر به ، أقبل إليه فرس من نار حتى وقف بين يديه ، فوثب عليه ، فانطلق به ، فناداه
اليسع : يا
إلياس ، يا
إلياس ما تأمرني ؟ فكان آخر عهدهم به ، فكساه الله الريش ، وألبسه النور ، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب ، وطار في الملائكة ، فكان إنسيا ملكيا أرضيا سماويا .
[ ص: 100 ] واختلفت القراء في قراءة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=126الله ربكم ورب آبائكم الأولين ) فقرأته عامة قراء
مكة والمدينة والبصرة وبعض قراء
الكوفة : ( الله ربكم ورب آبائكم الأولين ) رفعا على الاستئناف ، وأن الخبر قد تناهى عند قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أحسن الخالقين ) وقرأ ذلك عامة قراء
الكوفة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=126الله ربكم ورب آبائكم الأولين ) نصبا ، على الرد على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125وتذرون أحسن الخالقين ) على أن ذلك كله كلام واحد .
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان متقاربتا المعنى ، مع استفاضة القراءة بهما في القراء ، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب . وتأويل الكلام : ذلك معبودكم أيها الناس الذي يستحق عليكم العبادة : ربكم الذي خلقكم ، ورب آبائكم الماضين قبلكم ، لا الصنم الذي لا يخلق شيئا ، ولا يضر ولا ينفع .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=127فكذبوه فإنهم لمحضرون ) يقول : فكذب
إلياس قومه ، فإنهم لمحضرون : يقول : فإنهم لمحضرون في عذاب الله فيشهدونه .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=127فإنهم لمحضرون ) في عذاب الله . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=128إلا عباد الله المخلصين ) يقول : فإنهم يحضرون في عذاب الله ، إلا عباد الله الذين أخلصهم من العذاب (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=129وتركنا عليه في الآخرين ) يقول : وأبقينا عليه الثناء الحسن في الآخرين من الأمم بعده .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=29008_34025nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=123وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 123 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=124إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ ( 124 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ( 125 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=126اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ( 126 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=127فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ( 127 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=128إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ( 128 )
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=129وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ( 129 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَإِنَّ
إِلْيَاسَ ، وَهُوَ
إِلْيَاسُ بْنُ يَاسِينَ بْنِ فِنْحَاصَ بْنِ الْعِيزَارِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ .
وَقِيلَ : إِنَّهُ
إِدْرِيسُ . حَدَّثَنَا بِذَلِكَ
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَالَ : كَانَ يُقَالُ :
إِلْيَاسُ هُوَ
إِدْرِيسُ . وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=123لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : لَمُرْسَلٌ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=124إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ ) .
يَقُولُ حِينَ قَالَ لِقَوْمِهِ فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ : أَلَا تَتَّقُونَ اللَّهَ أَيُّهَا
[ ص: 96 ] الْقَوْمُ ، فَتَخَافُونَهُ ، وَتَحْذَرُونَ عُقُوبَتَهُ عَلَى عِبَادَتِكُمْ رَبًّا غَيْرَ اللَّهِ ، وَإِلَهًا سِوَاهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) يَقُولُ : وَتَدَعُونَ عِبَادَةَ أَحْسَنِ مَنْ قِيلَ لَهُ خَالِقٌ .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى بَعْلٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : أَتَدْعُونَ رَبًّا ؟ وَقَالُوا : هِيَ لُغَةٌ
لِأَهْلِ الْيَمَنِ مَعْرُوفَةٌ فِيهِمْ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : ثَنَا
حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ : ثَنَا
شُعْبَةُ قَالَ : أَخْبَرَنِي
عُمَارَةُ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا ) قَالَ : إِلَهًا .
حَدَّثَنَا
عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ : ثَنَا
عُمَارَةُ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا ) يَقُولُ : أَتَدْعُونَ رَبًّا ، وَهِيَ لُغَةُ
أَهْلِ الْيَمَنِ ، تَقُولُ : مَنْ بَعْلُ هَذَا الثَّوْرِ ؟ : أَيْ مَنْ رَبُّهُ ؟
حَدَّثَنِي
زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَا ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا ) قَالَ : رَبًّا .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا ) قَالَ : هَذِهِ لُغَةٌ بِالْيَمَانِيَةِ : أَتَدْعُونَ رَبًّا دُونَ اللَّهِ .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدٌ قَالَ : ثَنَا
أَحْمَدُ قَالَ : ثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا ) قَالَ : رَبًّا .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ
ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلُوهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا ) قَالَ : فَسَكَتَ
ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا بَعْلُهَا ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : كَفَانِي هَذَا الْجَوَابُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ صَنَمٌ كَانَ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ بَعْلٌ ، وَبِهِ سُمِّيَتْ بَعْلَبَكُّ .
[ ص: 97 ] ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : أَخْبَرَنَا
عُبَيْدٌ قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا ) يَعْنِي : صَنَمًا كَانَ لَهُمْ يُسَمَّى بَعْلًا .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) ؟ قَالَ : بَعْلٌ : صَنَمٌ كَانُوا يَعْبُدُونَ ، كَانُوا
بِبَعْلَبَكَّ ، وَهُمْ وَرَاءُ
دِمَشْقَ ، وَكَانَ بِهَا الْبَعْلُ الَّذِي كَانُوا يَعْبُدُونَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ بَعْلٌ : امْرَأَةً كَانُوا يَعْبُدُونَهَا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : مَا كَانَ بَعْلٌ إِلَّا امْرَأَةً يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ .
وَلِلْبَعْلِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَوْجُهٌ . يَقُولُونَ لِرَبِّ الشَّيْءِ هُوَ بَعْلُهُ ، يُقَالُ : هَذَا بَعْلُ هَذِهِ الدَّارِ ، يَعْنِي رَبَّهَا ، وَيَقُولُونَ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ بَعْلُهَا ، وَيَقُولُونَ لِمَا كَانَ مِنَ الْغُرُوسِ وَالزُّرُوعِ مُسْتَغْنِيًا بِمَاءِ السَّمَاءِ ، وَلَمْ يَكُنْ سَقْيًا بَلْ هُوَ بَعْلٌ ، وَهُوَ الْعِذْيُ . وَذُكِرَ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلْيَاسَ بَعْدَ مَهْلِكِ
حِزْقِيلَ بْنِ يُوزَا .
وَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِ وَقِصَّةِ قَوْمِهِ فِيمَا بَلَغَنَا ، مَا حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ حِزْقِيلَ ، وَعَظُمَتْ فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ الْأَحْدَاثُ ، وَنَسُوا مَا كَانَ مِنْ عَهْدِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ ، حَتَّى نَصَبُوا الْأَوْثَانَ وَعَبَدُوهَا دُونَ اللَّهِ ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ
إِلْيَاسَ بْنَ يَاسِينَ بْنِ فِنْحَاصَ بْنِ الْعِيزَارِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ نَبِيًّا . وَإِنَّمَا كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ
مُوسَى يُبْعَثُونَ إِلَيْهِمْ بِتَجْدِيدِ مَا نَسُوا مِنَ التَّوْرَاةِ ، فَكَانَ
إِلْيَاسُ مَعَ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، يُقَالُ لَهُ :
أُحَابُ ، كَانَ اسْمُ امْرَأَتِهِ :
أَرَبَلَ ، وَكَانَ يَسْمَعُ مِنْهُ وَيُصَدِّقُهُ ، وَكَانَ
إِلْيَاسُ يُقِيمُ لَهُ أَمْرَهُ ، وَكَانَ سَائِرُ
بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اتَّخَذُوا صَنَمًا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ يُقَالُ لَهُ بَعْلٌ .
[ ص: 98 ] قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : ( مَا كَانَ بَعْلٌ إِلَّا امْرَأَةً يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ ، يَقُولُ اللَّهُ
لِمُحَمَّدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=123وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ) فَجَعْلَ
إِلْيَاسَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ ، وَجَعَلُوا لَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمَلِكِ ، وَالْمُلُوكُ مُتَفَرِّقَةٌ
بِالشَّامِ ، كُلُّ مَلِكٍ لَهُ نَاحِيَةٌ مِنْهَا يَأْكُلُهَا ، فَقَالَ ذَلِكَ الْمَلِكُ الَّذِي كَانَ
إِلْيَاسُ مَعَهُ يُقَوِّمُ لَهُ أَمْرَهُ ، وَيَرَاهُ عَلَى هُدًى مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ - يَوْمًا : يَا
إِلْيَاسُ ، وَاللَّهِ مَا أَرَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ إِلَّا بَاطِلًا وَاللَّهِ مَا أَرَى فُلَانًا وَفُلَانًا ، يُعَدِّدُ مُلُوكًا مِنْ مُلُوكِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ عَبَدُوا الْأَوْثَانَ مِنْ دُونِ اللَّهِ - إِلَّا عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ ، يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَنْعَمُونَ مُمَلَّكِينَ ، مَا يُنْقِصُ دُنْيَاهُمْ أَمْرُهُمُ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ ، وَمَا نَرَى لَنَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَضْلٍ ، فَيَزْعُمُونَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ
إِلْيَاسَ اسْتَرْجَعَ وَقَامَ شَعْرُ رَأْسِهِ وَجِلْدِهِ ، ثُمَّ رَفَضَهُ وَخَرَجَ عَنْهُ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ الْمَلِكُ فِعْلَ أَصْحَابِهِ : عَبَدَ الْأَوْثَانَ ، وَصَنَعَ مَا يَصْنَعُونَ ، فَقَالَ
إِلْيَاسُ : اللَّهُمَّ إِنَّ
بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكْفُرُوا بِكَ وَالْعِبَادَةَ لِغَيْرِكَ ، فَغَيِّرْ مَا بِهِمْ مِنْ نِعْمَتِكَ ) أَوْ كَمَا قَالَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا
سَلَمَةُ قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : فَذُكِرَ لِي أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ : إِنَّا قَدْ جَعَلْنَا أَمْرَ أَرْزَاقِهِمْ بِيَدِكَ وَإِلَيْكَ حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تَأْذَنُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ
إِلْيَاسُ : اللَّهُمَّ فَأَمْسِكْ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ . فَحُبِسَ عَنْهُمْ ثَلَاثَ سِنِينَ ، حَتَّى هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ وَالْهَوَامُّ وَالدَّوَابُّ وَالشَّجَرُ ، وَجَهِدَ النَّاسُ جَهْدًا شَدِيدًا . وَكَانَ
إِلْيَاسُ فِيمَا يَذْكُرُونَ حِينَ دَعَا بِذَلِكَ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اسْتَخْفَى ، شَفَقًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ ، وَكَانَ حَيْثُمَا كَانَ وُضِعَ لَهُ رِزْقٌ ، وَكَانُوا إِذَا وَجَدُوا رِيحَ الْخُبْزِ فِي دَارٍ أَوْ بَيْتٍ ، قَالُوا : لَقَدْ دَخَلَ
إِلْيَاسُ هَذَا الْمَكَانَ فَطَلَبُوهُ ، وَلَقِيَ مِنْهُمْ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ شَرًّا . ثُمَّ إِنَّهُ أَوَى لَيْلَةً إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ لَهَا ابْنٌ يُقَالُ لَهُ
الْيَسَعُ بْنُ أَخْطُوبَ بِهِ ضُرٌّ ، فَآوَتْهُ وَأَخْفَتْ أَمْرَهُ ، فَدَعَا
إِلْيَاسُ لِابْنِهَا ، فَعُوفِيَ مِنَ الضُّرِّ الَّذِي كَانَ بِهِ ، وَاتَّبَعَ
الْيَسَعَ غُلَامًا شَابًّا ، فَيَزْعُمُونَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ أَوْحَى إِلَى
إِلْيَاسَ : إِنَّكَ قَدْ أَهْلَكْتَ كَثِيرًا مِنَ الْخَلْقِ مِمَّنْ لَمْ يَعْصِ سِوَى
[ ص: 99 ] بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْبَهَائِمِ وَالدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ وَالْهَوَامِّ وَالشَّجَرِ ، بِحَبْسِ الْمَطَرِ عَنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَيَزْعُمُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ
إِلْيَاسَ قَالَ : أَيْ رَبِّ دَعْنِي أَنَا الَّذِي أَدْعُو لَهُمْ وَأَكُونُ أَنَا الَّذِي آتِيهِمْ بِالْفَرَجِ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ الَّذِي أَصَابَهُمْ ، لَعَلَّهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا وَيَنْزَعُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِكَ ، قِيلَ لَهُ : نَعَمْ ، فَجَاءَ
إِلْيَاسُ إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّكُمْ قَدْ هَلَكْتُمْ جَهْدًا ، وَهَلَكَتِ الْبَهَائِمُ وَالدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ وَالْهَوَامُّ وَالشَّجَرُ بِخَطَايَاكُمْ ، وَإِنَّكُمْ عَلَى بَاطِلٍ وَغُرُورٍ ، أَوْ كَمَا قَالَ لَهُمْ ، فَإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تَعْلَمُوا ذَلِكَ ، وَتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَيْكُمْ سَاخِطٌ فِيمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ الَّذِي أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ - الْحَقُّ ، فَاخْرُجُوا بِأَصْنَامِكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَعْبُدُونَ وَتَزْعُمُونَ أَنَّهَا خَيْرٌ مِمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ ، فَإِنِ اسْتَجَابَتْ لَكُمْ ، فَذَلِكَ كَمَا تَقُولُونَ ، وَإِنْ هِيَ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّكُمْ عَلَى بَاطِلٍ ، فَنَزَعْتُمْ ، وَدَعَوْتُ اللَّهَ فَفَرَّجَ عَنْكُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ ، قَالُوا : أَنْصَفْتَ ، فَخَرَجُوا بِأَوْثَانِهِمْ ، وَمَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِحْدَاثِهِمُ الَّذِي لَا يَرْضَى ، فَدَعَوْهَا فَلَمْ تَسْتَجِبْ لَهُمْ ، وَلَمْ تُفْرِجْ عَنْهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ حَتَّى عَرَفُوا مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَالْبَاطِلِ ، ثُمَّ قَالُوا
لِإِلْيَاسَ : يَا
إِلْيَاسُ إِنَّا قَدْ هَلَكْنَا فَادْعُ اللَّهُ لَنَا ، فَدَعَا لَهُمْ
إِلْيَاسُ بِالْفَرَجِ مِمَّا هُمْ فِيهِ ، وَأَنْ يُسْقُوا ، فَخَرَجَتْ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَلَى ظَهْرِ الْبَحْرِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ، ثُمَّ تَرَامَى إِلَيْهِ السَّحَابُ ، ثُمَّ أَدْحَسَتْ ثُمَّ أُرْسِلَ الْمَطَرُ ، فَأَغَاثَهُمْ ، فَحَيَتْ بِلَادُهُمْ ، وَفُرِّجَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ ، فَلَمْ يَنْزَعُوا وَلَمْ يَرْجِعُوا ، وَأَقَامُوا عَلَى أَخْبَثِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ
إِلْيَاسُ مِنْ كُفْرِهِمْ ، دَعَا رَبَّهُ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ ، فَيُرِيحَهُ مِنْهُمْ ، فَقِيلَ لَهُ فِيمَا يَزْعُمُونَ : انْظُرْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ، فَاخْرُجْ فِيهِ إِلَى بَلَدِ كَذَا وَكَذَا ، فَمَاذَا جَاءُوكَ مِنْ شَيْءٍ فَارْكَبْهُ وَلَا تَهَبْهُ ، فَخَرَجَ
إِلْيَاسُ وَخَرَجَ مَعَهُ
الْيَسَعُ بْنُ أَخْطُوبَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي ذُكِرَ لَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ ، أَقْبَلَ إِلَيْهِ فَرَسٌ مِنْ نَارٍ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ ، فَانْطَلَقَ بِهِ ، فَنَادَاهُ
الْيَسَعُ : يَا
إِلْيَاسُ ، يَا
إِلْيَاسُ مَا تَأْمُرُنِي ؟ فَكَانَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِهِ ، فَكَسَاهُ اللَّهُ الرِّيشَ ، وَأَلْبَسَهُ النُّورَ ، وَقَطَعَ عَنْهُ لَذَّةَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ ، وَطَارَ فِي الْمَلَائِكَةِ ، فَكَانَ إِنْسِيًّا مَلَكِيًّا أَرْضِيًّا سَمَاوِيًّا .
[ ص: 100 ] وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=126اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ) فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ
الْكُوفَةِ : ( اللَّهُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ) رَفْعًا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ، وَأَنَّ الْخَبَرَ قَدْ تَنَاهَى عِنْدَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ
الْكُوفَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=126اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ) نَصْبًا ، عَلَى الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=125وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ، مَعَ اسْتِفَاضَةِ الْقِرَاءَةِ بِهِمَا فِي الْقُرَّاءِ ، فَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ . وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ : ذَلِكَ مَعْبُودُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْكُمُ الْعِبَادَةَ : رَبُّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ، وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ ، لَا الصَّنَمُ الَّذِي لَا يَخْلُقُ شَيْئًا ، وَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=127فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ) يَقُولُ : فَكَذَّبَ
إِلْيَاسَ قَوْمُهُ ، فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ : يَقُولُ : فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ فِي عَذَابِ اللَّهِ فَيَشْهَدُونَهُ .
كَمَا حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=127فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ) فِي عَذَابِ اللَّهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=128إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ) يَقُولُ : فَإِنَّهُمْ يَحْضُرُونَ فِي عَذَابِ اللَّهِ ، إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الَّذِينَ أَخْلَصَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=129وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ) يَقُولُ : وَأَبْقَيْنَا عَلَيْهِ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ فِي الْآخَرِينَ مِنَ الْأُمَمِ بَعْدَهُ .