قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ( 87 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ( 88 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ( 89 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين ( 90 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87ولقد آتينا ) أعطينا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87موسى الكتاب ) التوراة ، جملة واحدة (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وقفينا ) وأتبعنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87من بعده بالرسل ) رسولا بعد رسول (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وآتينا عيسى ابن مريم البينات ) الدلالات الواضحات وهي ما ذكر الله في سورة آل عمران والمائدة وقيل : أراد الإنجيل ( وأيدناه ) قويناه (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87بروح القدس ) قرأ
ابن كثير القدس بسكون الدال والآخرون بضمها وهما لغتان مثل الرعب والرعب ، واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=31985روح القدس ، قال
الربيع وغيره : أراد بالروح الذي نفخ فيه ، والقدس هو الله أضافه إلى نفسه تكريما وتخصيصا نحو بيت الله ، وناقة الله ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12فنفخنا فيه من روحنا " ( 12 - التحريم ) [
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وروح منه ( 171 - النساء ) وقيل : أراد بالقدس الطهارة ، يعني الروح الطاهرة سمى روحه قدسا ، لأنه لم تتضمنه أصلاب الفحولة ولم تشتمل عليه أرحام الطوامث ، إنما كان أمرا من أمر الله تعالى ، قال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي والضحاك : روح القدس
جبريل عليه السلام قيل : وصف
جبريل بالقدس أي بالطهارة لأنه لم يقترف ذنبا ، وقال
الحسن : القدس هو الله وروحه
جبريل قال الله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قل نزله روح القدس من ربك بالحق ( 102 - النحل )
[ ص: 120 ] وتأييد
عيسى بجبريل عليهما السلام أنه أمر أن يسير معه حيث سار حتى صعد به الله ( إلى السماء ) وقيل : سمي
جبريل عليه السلام روحا للطافته ولمكانته من الوحي الذي هو سبب حياة القلوب ، وقال
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : روح القدس هو اسم الله تعالى الأعظم به كان يحيي الموتى ويري الناس به العجائب ، وقيل : هو الإنجيل جعل له روحا كما ( جعل القرآن روحا لمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه سبب لحياة القلوب ) قال تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " ( 52 - الشورى ) فلما سمع
اليهود ذكر
عيسى عليه السلام فقالوا : يا
محمد لا مثل
عيسى - كما تزعم - عملت ، ولا كما تقص علينا من الأنبياء فعلت ، فأتنا بما أتى به
عيسى إن كنت صادقا .
قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87أفكلما جاءكم ) يا معشر اليهود (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ) تكبرتم وتعظمتم عن الإيمان ( ففريقا ) طائفة ( كذبتم ) مثل
عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وفريقا تقتلون ) أي قتلتم مثل
زكريا ويحيى وشعيا وسائر من قتلوه من الأنبياء عليهم السلام
( وقالوا ) يعني اليهود ( قلوبنا غلف ) جمع الأغلف وهو الذي عليه غشاء ، معناه عليها غشاوة فلا تعي ولا تفقه ما تقول ، قاله
مجاهد وقتادة ، نظيره قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وقالوا قلوبنا في أكنة ( 5 - فصلت ) وقرأ
ابن عباس غلف بضم اللام وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج وهو جمع غلاف أي قلوبنا أوعية لكل علم فلا تحتاج إلى علمك قاله
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وقال
الكلبي : معناه أوعية لكل علم فلا تسمع حديثا إلا تعيه إلا حديثك لا تعقله ولا تعيه ولو كان فيه ( خير ) لوعته وفهمته .
قال الله عز وجل (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88بل لعنهم الله ) طردهم الله وأبعدهم عن كل خير (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) قال
قتادة : معناه لن يؤمن منهم إلا قليل ؛ لأن من آمن من المشركين أكثر ممن آمن من اليهود ، أي فقليلا يؤمنون ، ونصب قليلا [ على الحال وقال
معمر : لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم ويكفرون بأكثره ، أي فقليل يؤمنون ونصب قليلا ] بنزع الخافض ، و ( ما ) صلة على قولهما ، وقال
الواقدي : معناه لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا كقول الرجل للآخر : ما أقل ما تفعل كذا أي لا تفعله أصلا
( ولما جاءهم كتاب من عند الله ) يعني القرآن ( مصدق ) موافق ( لما معهم ) يعني التوراة ( وكانوا ) يعني
اليهود ( من قبل ) قبل مبعث
محمد صلى الله عليه وسلم ( يستفتحون ) يستنصرون ( على الذين كفروا ) على
مشركي العرب ، وذلك أنهم كانوا يقولون إذا حزبهم أمر ودهمهم عدو : اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث في آخر الزمان ، الذي نجد صفته في التوراة ، فكانوا ينصرون ، وكانوا يقولون لأعدائهم من المشركين قد أظل زمان نبي يخرج
[ ص: 121 ] بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وثمود وإرم (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فلما جاءهم ما عرفوا ) يعني
محمدا صلى الله عليه وسلم من غير بني إسرائيل وعرفوا نعته وصفته ( كفروا به ) بغيا وحسدا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فلعنة الله على الكافرين )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=28973_32424بئسما اشتروا به أنفسهم ) بئس ونعم : فعلان ماضيان وضعا للمدح والذم ، لا يتصرفان تصرف الأفعال ، معناه : بئس الذي اختاروا لأنفسهم حين استبدلوا الباطل بالحق . وقيل : الاشتراء هاهنا بمعنى البيع والمعنى بئس ما باعوا به حظ أنفسهم أي حين اختاروا الكفر وبذلوا أنفسهم للنار (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90أن يكفروا بما أنزل الله ) يعني القرآن ( بغيا ) أي حسدا وأصل البغي : الفساد ويقال بغى الجرح إذا فسد والبغي : الظلم ، وأصله الطلب ، والباغي طالب الظلم ، والحاسد يظلم المحسود جهده ، طلبا لإزالة نعمة الله تعالى عنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90أن ينزل الله من فضله ) أي النبوة والكتاب (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90على من يشاء من عباده )
محمد صلى الله عليه وسلم ، قرأ أهل مكة والبصرة ينزل بالتخفيف إلا ( في سبحان الذي ) في موضعين
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=82وننزل من القرآن " ( 82 - الإسراء ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93حتى تنزل ( 93 - الإسراء ) فإن
ابن كثير يشددهما ، وشدد
البصريون في الأنعام " على أن ينزل آية " ( 37 - الأنعام ) زاد
يعقوب تشديد ( بما ينزل ) في النحل ووافق
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي في تخفيف (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34وينزل الغيث ) في سورة
لقمان وحم عسق ، والآخرون يشددون الكل ، ولم يختلفوا في تشديد "
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=21وما ننزله إلا بقدر " في الحجر ( 21 (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90فباءوا بغضب ) أي رجعوا بغضب (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90على غضب ) قال
ابن عباس ومجاهد : الغضب الأول بتضييعهم التوراة وتبديلهم ، والثاني بكفرهم
بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، وقال
قتادة : الأول بكفرهم
بعيسى الإنجيل ، ، والثاني
nindex.php?page=treesubj&link=32428_32423بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : الأول بعبادة العجل والثاني بالكفر
بمحمد صلى الله عليه وسلم ( وللكافرين ) الجاحدين بنبوة
محمد صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90عذاب مهين ) مخز يهانون فيه .
قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ( 87 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ( 88 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ( 89 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ( 90 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وَلَقَدْ آتَيْنَا ) أَعْطَيْنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87مُوسَى الْكِتَابَ ) التَّوْرَاةَ ، جُمْلَةً وَاحِدَةً (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وَقَفَّيْنَا ) وَأَتْبَعْنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ) رَسُولًا بَعْدَ رَسُولٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ ) الدَّلَالَاتِ الْوَاضِحَاتِ وَهِيَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَالْمَائِدَةِ وَقِيلَ : أَرَادَ الْإِنْجِيلَ ( وَأَيَّدْنَاهُ ) قَوَّيْنَاهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87بِرُوحِ الْقُدُسِ ) قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ الْقُدْسِ بِسُكُونِ الدَّالِ وَالْآخَرُونَ بِضَمِّهَا وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ الرُّعُبِ وَالرُّعْبِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31985رُوحِ الْقُدُسِ ، قَالَ
الرَّبِيعُ وَغَيْرُهُ : أَرَادَ بِالرُّوحِ الَّذِي نُفِخَ فِيهِ ، وَالْقُدُسُ هُوَ اللَّهُ أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ تَكْرِيمًا وَتَخْصِيصًا نَحْوَ بَيْتِ اللَّهِ ، وَنَاقَةِ اللَّهِ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا " ( 12 - التَّحْرِيمِ ) [
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَرُوحٌ مِنْهُ ( 171 - النِّسَاءِ ) وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْقُدُسِ الطِّهَارَةَ ، يَعْنِي الرُّوحَ الطَّاهِرَةَ سَمَّى رُوحَهُ قُدُسًا ، لِأَنَّهُ لَمْ تَتَضَمَّنْهُ أَصْلَابُ الْفُحُولَةِ وَلَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الطَّوَامِثِ ، إِنَّمَا كَانَ أَمْرًا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ : رُوحُ الْقُدُسِ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِيلَ : وُصِفَ
جِبْرِيلُ بِالْقُدُسِ أَيْ بِالطَّهَارَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَرِفْ ذَنْبًا ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : الْقُدُسُ هُوَ اللَّهُ وَرُوحُهُ
جِبْرِيلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ( 102 - النَّحْلِ )
[ ص: 120 ] وَتَأْيِيدُ
عِيسَى بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ حَيْثُ سَارَ حَتَّى صَعِدَ بِهِ اللَّهُ ( إِلَى السَّمَاءِ ) وَقِيلَ : سُمِّيَ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رُوحًا لِلَطَافَتِهِ وَلِمَكَانَتِهِ مِنَ الْوَحْيِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ حَيَاةِ الْقُلُوبِ ، وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : رُوحُ الْقُدُسِ هُوَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى الْأَعْظَمُ بِهِ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُرِي النَّاسَ بِهِ الْعَجَائِبَ ، وَقِيلَ : هُوَ الْإِنْجِيلُ جَعَلَ لَهُ رُوحًا كَمَا ( جَعْلَ الْقُرْآنَ رُوحًا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِحَيَاةِ الْقُلُوبِ ) قَالَ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا " ( 52 - الشُّورَى ) فَلَمَّا سَمِعَ
الْيَهُودُ ذِكْرَ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالُوا : يَا
مُحَمَّدُ لَا مِثْلَ
عِيسَى - كَمَا تَزْعُمُ - عَمِلْتَ ، وَلَا كَمَا تَقُصُّ عَلَيْنَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَعَلْتَ ، فَأْتِنَا بِمَا أَتَى بِهِ
عِيسَى إِنْ كُنْتَ صَادِقًا .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ ) يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ) تَكَبَّرْتُمْ وَتَعَظَّمْتُمْ عَنِ الْإِيمَانِ ( فَفَرِيقًا ) طَائِفَةً ( كَذَّبْتُمْ ) مِثْلَ
عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ) أَيْ قَتَلْتُمْ مِثْلَ
زَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَشَعْيَا وَسَائِرِ مَنْ قَتَلُوهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ
( وَقَالُوا ) يَعْنِي الْيَهُودَ ( قُلُوبُنَا غُلْفٌ ) جَمْعُ الْأَغْلُفِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ غِشَاءٌ ، مَعْنَاهُ عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ فَلَا تَعِي وَلَا تَفْقَهُ مَا تَقُولُ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ ( 5 - فُصِّلَتْ ) وَقَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ غُلُفٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13724الْأَعْرَجِ وَهُوَ جَمْعُ غِلَافٍ أَيْ قُلُوبُنَا أَوْعِيَةٌ لِكُلِّ عِلْمٍ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى عِلْمِكَ قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٌ وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : مَعْنَاهُ أَوْعِيَةٌ لِكُلِّ عِلْمٍ فَلَا تَسْمَعُ حَدِيثًا إِلَّا تَعِيهِ إِلَّا حَدِيثَكَ لَا تَعْقِلُهُ وَلَا تَعِيهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ ( خَيْرٌ ) لَوَعَتْهُ وَفَهِمَتْهُ .
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ) طَرَدَهُمُ اللَّهُ وَأَبْعَدَهُمْ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ) قَالَ
قَتَادَةُ : مَعْنَاهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ؛ لِأَنَّ مَنْ آمَنَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَكْثَرُ مِمَّنْ آمَنَ مِنَ الْيَهُودِ ، أَيْ فَقَلِيلًا يُؤْمِنُونَ ، وَنَصْبُ قَلِيلًا [ عَلَى الْحَالِ وَقَالَ
مَعْمَرٌ : لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا بِقَلِيلٍ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ وَيَكْفُرُونَ بِأَكْثَرِهِ ، أَيْ فَقَلِيلٌ يُؤْمِنُونَ وَنَصْبُ قَلِيلًا ] بِنَزْعِ الْخَافِضِ ، وَ ( مَا ) صِلَةٌ عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَقَالَ
الْوَاقِدِيُّ : مَعْنَاهُ لَا يُؤْمِنُونَ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِلْآخَرِ : مَا أَقَلَّ مَا تَفْعَلُ كَذَا أَيْ لَا تَفْعَلُهُ أَصْلًا
( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) يَعْنِي الْقُرْآنَ ( مُصَدِّقٌ ) مُوَافِقٌ ( لِمَا مَعَهُمْ ) يَعْنِي التَّوْرَاةَ ( وَكَانُوا ) يَعْنِي
الْيَهُودَ ( مِنْ قَبْلُ ) قَبْلَ مَبْعَثِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَسْتَفْتِحُونَ ) يَسْتَنْصِرُونَ ( عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) عَلَى
مُشْرِكِي الْعَرَبِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِذَا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ وَدَهَمَهُمْ عَدُوٌّ : اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَيْهِمْ بِالنَّبِيِّ الْمَبْعُوثِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، الَّذِي نَجِدُ صِفَتَهُ فِي التَّوْرَاةِ ، فَكَانُوا يُنْصَرُونَ ، وَكَانُوا يَقُولُونَ لِأَعْدَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُ نَبِيٍّ يَخْرُجُ
[ ص: 121 ] بِتَصْدِيقِ مَا قُلْنَا فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَثَمُودَ وَإِرَمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا ) يَعْنِي
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعَرَفُوا نَعْتَهُ وَصِفَتَهُ ( كَفَرُوا بِهِ ) بَغْيًا وَحَسَدًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=28973_32424بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ) بِئْسَ وَنِعْمَ : فِعْلَانِ مَاضِيَانِ وُضِعَا لِلْمَدْحِ وَالذَّمِّ ، لَا يَتَصَرَّفَانِ تَصَرُّفَ الْأَفْعَالِ ، مَعْنَاهُ : بِئْسَ الَّذِي اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ حِينَ اسْتَبْدَلُوا الْبَاطِلَ بِالْحَقِّ . وَقِيلَ : الِاشْتِرَاءُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَالْمَعْنَى بِئْسَ مَا بَاعُوا بِهِ حَظَّ أَنْفُسِهِمْ أَيْ حِينَ اخْتَارُوا الْكفْرَ وَبَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ لِلنَّارِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) يَعْنِي الْقُرْآنَ ( بَغْيًا ) أَيْ حَسَدًا وَأَصْلُ الْبَغْيِ : الْفَسَادُ وَيُقَالُ بَغَى الْجُرْحُ إِذَا فَسَدَ وَالْبَغْيُ : الظُّلْمُ ، وَأَصْلُهُ الطَّلَبُ ، وَالْبَاغِي طَالِبُ الظُّلْمِ ، وَالْحَاسِدُ يَظْلِمُ الْمَحْسُودَ جَهْدَهُ ، طَلَبًا لِإِزَالَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) أَيِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ )
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَرَأَ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ يُنْزِلَ بِالتَّخْفِيفِ إِلَّا ( فِي سُبْحَانَ الَّذِي ) فِي مَوْضِعَيْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=82وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ " ( 82 - الْإِسْرَاءِ ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93حَتَّى تُنَزِّلَ ( 93 - الْإِسْرَاءِ ) فَإِنَّ
ابْنَ كَثِيرٍ يُشَدِّدُهُمَا ، وَشَدَّدَ
الْبَصْرِيُّونَ فِي الْأَنْعَامِ " عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً " ( 37 - الْأَنْعَامِ ) زَادَ
يَعْقُوبُ تَشْدِيدَ ( بِمَا يُنَزِّلُ ) فِي النَّحْلِ وَوَافَقَ
حَمْزَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيَّ فِي تَخْفِيفِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34وَيُنْزِلُ الْغَيْثَ ) فِي سُورَةِ
لُقْمَانَ وَحم عسق ، وَالْآخَرُونَ يُشَدِّدُونَ الْكُلَّ ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَشْدِيدِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=21وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ " فِي الْحِجْرِ ( 21 (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90فَبَاءُوا بِغَضَبٍ ) أَيْ رَجَعُوا بِغَضَبٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90عَلَى غَضَبٍ ) قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ : الْغَضَبُ الْأَوَّلُ بِتَضْيِيعِهِمُ التَّوْرَاةَ وَتَبْدِيلِهِمْ ، وَالثَّانِي بِكُفْرِهِمْ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْأَوَّلُ بِكُفْرِهِمْ
بِعِيسَى الإنجيل ، ، وَالثَّانِي
nindex.php?page=treesubj&link=32428_32423بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : الْأَوَّلُ بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ وَالثَّانِي بِالْكُفْرِ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَلِلْكَافِرِينَ ) الْجَاحِدِينَ بِنُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90عَذَابٌ مُهِينٌ ) مُخْزٍ يُهَانُونَ فِيهِ .