[ ص: 671 ] ثم دخلت
nindex.php?page=treesubj&link=33800سنة ثنتين وتسعين وخمسمائة
في رجب منها أقبل
العزيز صحبة عمه
الملك العادل في عساكر ، فدخلا
دمشق قهرا ، وأخرجا منها
الأفضل ووزيره الذي أساء تدبيره ، وصلى
العزيز عند تربة والده الملك
الناصر صلاح الدين ، وخطب له
بدمشق ، ودخل إلى القلعة المنصورة وجلس في دار العدل للحكم والفصل ، كل هذا وأخوه
الأفضل حاضر عنده في الخدمة ، وأمر القاضي
محيي الدين بن الزكي بتأسيس االمدرسة العزيزية إلى جانب تربة أبيه ، وكانت دارا للأمير
عز الدين شامة ، ثم استناب على
دمشق عمه
الملك العادل ، ورجع إلى
مصر يوم الاثنين تاسع شعبان ، والسكة والخطبة له ، وصولح
الأفضل عن
دمشق على
صرخد وهرب وزيره
ابن الأثير االجزري إلى جزيرته ، وقد أتلف نفسه وملكه بجريرته ، وانتقل
الأفضل إلى
صرخد بأهله وأولاده وأخيه
قطب الدين .
وفي هذه السنة هبت ريح شديدة سوداء مدلهمة بأرض
العراق ، ومعها رمل أحمر ، حتى احتاج الناس إلى السرج بالنهار ، وفيها ولي قوام الدين
أبو طالب يحيى بن سعيد بن زيادة كتاب الإنشاء
ببغداد ، وكان بليغا ، وليس هو كالفاضل ، وفيها درس مجير الدين
أبو القاسم محمود بن المبارك بالنظامية ،
[ ص: 672 ] وكان فاضلا مناظرا .
وفيها قتل رئيس الشافعية
بأصبهان صدر الدين
محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد اللطيف بن ثابت الخجندي ، قتله
فلك الدين سنقر الطويل ، وكان ذلك سبب زوال ملك
أصبهان عن الديوان .
وفيها مات الوزير ; وزير الخلافة .
مؤيد الدين
أبو الفضل
محمد بن علي بن القصاب ، وكان أبوه يبيع اللحم في بعض أسواق
بغداد ، فتقدم وساد أهل زمانه ، وكانت وفاته بهمذان وقد أعاد رساتيق كثيرة من بلاد
العراق وخراسان وغيرها إلى ديوان الخلافة ، وكان ناهضا ذا همة عالية ، وله صرامة وشهامة وشعر جيد .
nindex.php?page=treesubj&link=34064وفيها توفي الفخر محمود بن علي .
النوقاني الشافعي ، عائدا من الحج .
والشاعر :
أبو الغنائم محمد بن علي
ابن المعلم الهرثي من قرى
واسط ، عن إحدى وتسعين سنة ، وكان شاعرا فصيحا ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي يستشهد في
[ ص: 673 ] مجالسه بشيء من لطائف أشعاره ، وقد أورد
ابن الساعي قطعة جيدة من شعره الحسن المليح .
وفيها توفي
الفقيه أبو الحسن علي بن سعيد بن الحسن البغدادي المعروف بابن العريف .
ويلقب بالبيع الفاسد ، كان حنبليا ثم اشتغل شافعيا على
أبي القاسم بن فضلان ، وهو الذي لقبه بذلك لكثرة تكراره على هذه المسألة بين الشافعية والحنفية ، ويقال : إنه صار بعد هذا كله إلى مذهب الإمامية ، فالله أعلم .
وفيها توفي الشيخ
أبو شجاع
محمد بن علي بن شعيب بن الدهان الفرضي الحاسب المؤرخ البغدادي ، قدم
دمشق وامتدح الشيخ
أبا اليمن الكندي زيد بن الحسن فقال :
يا زيد زادك ربي من مواهبه نعماء يقصر عن إدراكها الأمل لا بدل الله حالا قد حباك بها
ما دار بين النحاة الحال والبدل النحو أنت أحق العالمين به
أليس باسمك فيه يضرب المثل
[ ص: 671 ] ثُمَّ دَخَلَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33800سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
فِي رَجَبٍ مِنْهَا أَقَبْلَ
الْعَزِيزُ صُحْبَةَ عَمِّهِ
الْمَلِكِ الْعَادِلِ فِي عَسَاكِرَ ، فَدَخَلَا
دِمَشْقَ قَهْرًا ، وَأَخْرَجَا مِنْهَا
الْأَفْضَلَ وَوَزِيرَهُ الَّذِي أَسَاءَ تَدْبِيرَهُ ، وَصَلَّى
الْعَزِيزُ عِنْدَ تُرْبَةِ وَالِدِهِ الْمَلِكِ
النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ ، وَخُطِبَ لَهُ
بِدِمَشْقَ ، وَدَخَلَ إِلَى الْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ وَجَلَسَ فِي دَارِ الْعَدْلِ لِلْحُكْمِ وَالْفَصْلِ ، كُلُّ هَذَا وَأَخُوهُ
الْأَفْضَلُ حَاضِرٌ عِنْدَهُ فِي الْخِدْمَةِ ، وَأَمَرَ الْقَاضِيَ
مُحْيِي الدِّينِ بْنَ الزَّكِيِّ بِتَأْسِيسِ االْمَدْرَسَةِ الْعَزِيزِيَّةِ إِلَى جَانِبِ تُرْبَةِ أَبِيهِ ، وَكَانَتْ دَارًا لِلْأَمِيرِ
عِزِّ الدِّينِ شَامَةَ ، ثُمَّ اسْتَنَابَ عَلَى
دِمَشْقَ عَمَّهُ
الْمَلِكَ الْعَادِلَ ، وَرَجَعَ إِلَى
مِصْرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ تَاسِعَ شَعْبَانَ ، وَالسِّكَّةُ وَالْخُطْبَةُ لَهُ ، وَصُولِحَ
الْأَفْضَلُ عَنْ
دِمَشْقَ عَلَى
صَرْخَدَ وَهَرَبَ وَزِيرُهُ
ابْنُ الْأَثِيرِ االْجَزَرِيُّ إِلَى جَزِيرَتِهِ ، وَقَدْ أَتْلَفَ نَفْسَهُ وَمُلْكَهُ بِجَرِيرَتِهِ ، وَانْتَقَلَ
الْأَفْضَلُ إِلَى
صَرْخَدَ بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ وَأَخِيهِ
قُطْبُ الدِّينِ .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ سَوْدَاءُ مُدْلَهِمَّةٌ بِأَرْضِ
الْعِرَاقِ ، وَمَعَهَا رَمْلٌ أَحْمَرُ ، حَتَّى احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى السُّرُجِ بِالنَّهَارِ ، وَفِيهَا وَلِيَ قِوَامُ الدِّينِ
أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ زِيَادَةَ كِتَابَ الْإِنْشَاءِ
بِبَغْدَادَ ، وَكَانَ بَلِيغًا ، وَلَيْسَ هُوَ كَالْفَاضِلِ ، وَفِيهَا دَرَّسُ مُجِيرُ الدِّينِ
أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ الْمُبَارَكِ بِالنِّظَامِيَّةِ ،
[ ص: 672 ] وَكَانَ فَاضِلًا مُنَاظِرًا .
وَفِيهَا قُتِلَ رَئِيسُ الشَّافِعِيَّةِ
بِأَصْبَهَانَ صَدْرُ الدِّينِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ ثَابِتٍ الْخُجَنْدِيُّ ، قَتَلَهُ
فَلَكُ الدِّينِ سُنْقُرُ الطَّوِيلُ ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ زَوَالِ مُلْكِ
أَصْبَهَانَ عَنِ الدِّيوَانِ .
وَفِيهَا مَاتَ الْوَزِيرُ ; وَزِيرُ الْخِلَافَةِ .
مُؤَيِّدُ الدِّينِ
أَبُو الْفَضْلِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْقَصَّابِ ، وَكَانَ أَبُوهُ يَبِيعُ اللَّحْمَ فِي بَعْضِ أَسْوَاقِ
بَغْدَادَ ، فَتَقَدَّمَ وَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَمَذَانَ وَقَدْ أَعَادَ رَسَاتِيقَ كَثِيرَةً مِنْ بِلَادِ
الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا إِلَى دِيوَانِ الْخِلَافَةِ ، وَكَانَ نَاهِضًا ذَا هِمَّةٍ عَالِيَةٍ ، وَلَهُ صَرَامَةٌ وَشَهَامَةٌ وَشِعْرٌ جَيِّدٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=34064وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْفَخْرُ مَحْمُودُ بْنُ عَلِيٍّ .
النَّوْقَانِيُّ الشَّافِعِيُّ ، عَائِدًا مِنِ الْحَجِّ .
وَالشَّاعِرُ :
أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ
ابْنُ الْمُعَلِّمِ الْهُرْثِيُّ مِنْ قُرَى
وَاسِطٍ ، عَنْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ سَنَةً ، وَكَانَ شَاعِرًا فَصِيحًا ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ يَسْتَشْهِدُ فِي
[ ص: 673 ] مَجَالِسِهِ بِشَيْءٍ مِنْ لَطَائِفِ أَشْعَارِهِ ، وَقَدْ أَوْرَدَ
ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً جَيِّدَةً مِنْ شِعْرِهِ الْحَسَنِ الْمَلِيحِ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعَرِّيفِ .
وَيُلَقَّبُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ ، كَانَ حَنْبَلِيًّا ثُمَّ اشْتَغَلَ شَافِعِيًّا عَلَى
أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ فَضْلَانَ ، وَهُوَ الَّذِي لَقَّبَهُ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ ، وَيُقَالُ : إِنَّهُ صَارَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ إِلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ
أَبُو شُجَاعٍ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ الدَّهَّانِ الْفَرَضِيُّ الْحَاسِبُ الْمُؤَرِّخُ الْبَغْدَادِيُّ ، قَدِمَ
دِمَشْقَ وَامْتَدَحَ الشَّيْخَ
أَبَا الْيُمْنِ الْكِنْدِيَّ زَيْدَ بْنَ الْحَسَنِ فَقَالَ :
يَا زَيْدُ زَادَكَ رَبِّي مِنْ مَوَاهِبِهِ نَعْمَاءَ يَقْصُرُ عَنْ إِدْرَاكِهَا الْأَمَلُ لَا بَدَّلَ اللَّهُ حَالًا قَدْ حَبَاكَ بِهَا
مَا دَارَ بَيْنَ النُّحَاةِ الْحَالُ وَالْبَدَلُ النَّحْوُ أَنْتَ أَحَقُّ الْعَالِمِينَ بِهِ
أَلَيْسَ بِاسْمِكَ فِيهِ يُضْرَبُ الْمَثَلُ