[ ص: 495 ] فصل
قال
أبو بكر ابن أبي الدنيا : حدثنا رجل سقط اسمه ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، حدثنا
أبو هلال محمد بن سليمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر بن عبد الله المزني ، قال : فقد الحواريون نبيهم
عيسى ، فقيل لهم : توجه نحو البحر . فانطلقوا يطلبونه ، فلما انتهوا إلى البحر ، إذا هو يمشي على الماء ، يرفعه الموج مرة ويضعه أخرى ، وعليه كساء ، مرتد بنصفه ، ومؤتزر بنصفه حتى انتهى إليهم ، فقال له بعضهم - قال
أبو هلال : ظننت أنه من أفاضلهم - : ألا أجيء إليك يا نبي الله ؟ قال : بلى . قال : فوضع إحدى رجليه على الماء ، ثم ذهب ليضع الأخرى فقال : أوه ، غرقت يا نبي الله . فقال : أرني يدك يا قصير الإيمان ، لو أن لابن آدم من اليقين قدر شعيرة ، مشى على الماء . ورواه
أبو سعيد بن الأعرابي ، عن
إبراهيم ابن أبي الجحيم ، عن
سليمان بن حرب ، عن
أبي هلال ، عن
بكر ، بنحوه . ثم قال
ابن أبي الدنيا حدثنا
محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا
إبراهيم بن الأشعث ، عن
الفضيل بن عياض قال : قيل
لعيسى ابن مريم : يا
عيسى ، بأي شيء تمشي على الماء ؟ قال :
[ ص: 496 ] بالإيمان واليقين . قالوا : فإنا آمنا كما آمنت وأيقنا كما أيقنت . قال : فامشوا إذا . قال : فمشوا معه في الموج فغرقوا . فقال لهم
عيسى : ما لكم ؟ فقالوا : خفنا الموج . قال : ألا خفتم رب الموج . قال : فأخرجهم ثم ضرب بيده إلى الأرض ، فقبض بها ثم بسطها ، فإذا في إحدى يديه ذهب ، وفي الأخرى مدر أو حصى ، فقال : أيهما أحلى في قلوبكم ؟ قالوا : هذا الذهب . قال : فإنهما عندي سواء . وقدمنا في قصة
يحيى بن زكريا عن بعض السلف أن
عيسى ، عليه السلام ، كان يلبس الشعر ويأكل من ورق الشجر ، ولا يأوي إلى منزل ولا أهل ولا مال ، ولا يدخر شيئا لغد . وقال بعضهم : كان يأكل من غزل أمه ، صلوات الله وسلامه عليه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن
الشعبي ، أنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=31980كان عيسى عليه السلام ، إذا ذكر عنده الساعة صاح ، ويقول : لا ينبغي
لابن مريم أن تذكر عنده الساعة ويسكت . وعن
عبد الملك بن سعيد بن أبجر ، أن
عيسى كان إذا سمع الموعظة صرخ صراخ الثكلى .
وقال
عبد الرزاق : أنبأنا
معمر ، حدثنا
جعفر بن برقان : أن
عيسى كان يقول : اللهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره ، ولا أملك نفع ما أرجو ، وأصبح الأمر بيد غيري ، وأصبحت مرتهنا بعملي ، فلا فقير أفقر مني ،
[ ص: 497 ] اللهم لا تشمت بي عدوي ، ولا تسؤ بي صديقي ، ولا تجعل مصيبتي في ديني ، ولا تسلط علي من لا يرحمني . وقال
الفضيل بن عياض عن
يونس بن عبيد كان
عيسى يقول : لا يصيب أحد حقيقة الإيمان حتى لا يبالي من أكل الدنيا . قال
الفضيل : وكان
عيسى يقول : فكرت في الخلق ، فوجدت من لم يخلق أغبط عندي ممن خلق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11979إسحاق بن بشر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن
الحسن ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=27705_31980إن عيسى رأس الزاهدين يوم القيامة . قال : وإن الفرارين بذنوبهم يحشرون يوم القيامة مع
عيسى . قال : وبينما
عيسى يوما نائم على حجر قد توسده ، وقد وجد لذة النوم ، إذ مر به إبليس ، فقال : يا
عيسى ، ألست تزعم أنك لا تريد شيئا من عرض الدنيا ؟ فهذا الحجر من عرض الدنيا . فقام
عيسى فأخذ الحجر فرمى به إليه ، وقال : هذا لك مع الدنيا . وقال
معتمر بن سليمان : خرج
عيسى على أصحابه ، وعليه جبة صوف وكساء وتبان ، حافيا باكيا شعثا ، مصفر اللون من الجوع ، يابس الشفتين من العطش ، فقال : السلام عليكم يا بني إسرائيل ، أنا الذي أنزلت الدنيا منزلتها بإذن الله ، ولا عجب ولا فخر ، أتدرون أين بيتي ؟ قالوا : أين بيتك يا روح الله ؟ قال : بيتي المساجد ، وطيبي الماء ، وإدامي الجوع ، وسراجي القمر بالليل ، وصلاتي في الشتاء مشارق
[ ص: 498 ] الشمس ، وريحاني بقول الأرض ، ولباسي الصوف ، وشعاري خوف رب العزة ، وجلسائي الزمنى والمساكين ، أصبح وليس لي شيء ، وأمسي وليس لي شيء ، وأنا طيب النفس غني مكثر ، فمن أغنى مني وأربح ؟ رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر .
وروى في ترجمة
محمد بن الوليد بن أبان بن حبان أبي الحسن العقيلي المصري ، حدثنا
هانئ بن المتوكل الإسكندراني ، عن
حيوة بن شريح ، حدثني
الوليد بن أبي الوليد ، عن
شفي بن ماتع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
أوحى الله تعالى إلى عيسى ، أن يا عيسى انتقل من مكان إلى مكان ، لئلا تعرف فتؤذى ، فوعزتي وجلالي ، لأزوجنك ألف حوراء ، ولأولمن عليك أربعمائة عام . وهذا حديث غريب رفعه ، وقد يكون موقوفا من رواية
شفي بن ماتع عن
كعب الأحبار أو غيره من الإسرائيليين . والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن
سفيان بن عيينة ، عن
خلف بن حوشب قال : قال
عيسى للحواريين : كما ترك لكم الملوك الحكمة ، فكذلك فاتركوا لهم الدنيا .
[ ص: 499 ] وقال
قتادة : قال
عيسى ، عليه السلام : سلوني فإني لين القلب ، وإني صغير عند نفسي . وقال
إسماعيل بن عياش عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن
ابن عمر قال : قال
عيسى ، عليه السلام ، للحواريين : كلوا خبز الشعير ، واشربوا الماء القراح ، واخرجوا من الدنيا سالمين آمنين ، لحق ما أقول لكم : إن
nindex.php?page=treesubj&link=29497حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ، وإن مرارة الدنيا حلاوة الآخرة ، وإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين ، لحق ما أقول لكم : إن شركم عالم يؤثر هواه على علمه ، يود أن الناس كلهم مثله . وروي نحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وقال
أبو مصعب ، عن
مالك : إنه بلغه أن
عيسى كان يقول : يا بني إسرائيل ، عليكم بالماء القراح ، والبقل البري ، والخبز الشعير ، وإياكم وخبز البر ، فإنكم لن تقوموا بشكره .
وقال
ابن وهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
يحيى بن سعيد ، قال : كان
عيسى يقول : اعبروا الدنيا ولا تعمروها . وكان يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=29497حب الدنيا رأس كل خطيئة ، والنظر يزرع في القلب الشهوة . وحكى
وهيب بن الورد مثله ، وزاد : ورب شهوة أورثت أهلها حزنا طويلا . وعن
عيسى ، عليه السلام : يا ابن
آدم الضعيف ، اتق الله حيثما كنت ، وكن في الدنيا ضيفا ، واتخذ المساجد بيتا ، وعلم عينك البكاء ، وجسدك الصبر ، وقلبك التفكر ، ولا تهتم
[ ص: 500 ] برزق غد ، فإنها خطيئة . وعنه ، عليه السلام ، أنه قال : كما أنه لا يستطيع أحدكم أن يتخذ على موج البحر دارا ، فلا يتخذ الدنيا قرارا . وفي هذا يقول
سابق البربري :
لكم بيوت بمستن السيول وهل يبقى على الماء بيت أسه مدر
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : قال
عيسى ابن مريم : لا يستقيم حب الدنيا وحب الآخرة في قلب مؤمن ، كما لا يستقيم الماء والنار في إناء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15856داود بن رشيد ، عن
أبي عبد الله الصوفي ، قال : قال
عيسى : طالب الدنيا مثل شارب ماء البحر ، كلما ازداد شربا ازداد عطشا ، حتى يقتله . وعن
عيسى ، عليه السلام ، أن الشيطان مع الدنيا ، ومكره مع المال ، وتزيينه مع الهوى ، واستمكانه عند الشهوات . وقال
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15848خيثمة : كان
عيسى يصنع الطعام لأصحابه ويقوم عليهم ، ويقول : هكذا فاصنعوا بالقرى . وبه : قالت امرأة
لعيسى ، عليه السلام : طوبى لحجر حملك ، ولثدي
[ ص: 501 ] أرضعك . فقال :
nindex.php?page=treesubj&link=18620طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبعه . وعنه :
nindex.php?page=treesubj&link=30306طوبى لمن بكى من ذكر خطيئته ، وحفظ لسانه ، ووسعه بيته . وعنه : طوبى لعين نامت ، ولم تحدث نفسها بالمعصية ، وانتبهت إلى غير إثم . وعن
مالك بن دينار ، قال : مر
عيسى وأصحابه بجيفة ، فقالوا : ما أنتن ريحها . فقال : ما أبيض أسنانها . لينهاهم عن الغيبة . وقال
أبو بكر ابن أبي الدنيا : حدثنا
الحسين بن عبد الرحمن ، عن
زكريا بن عدي ، قال : قال
عيسى ابن مريم : يا معشر الحواريين ، ارضوا بدني الدنيا مع سلامة الدين ، كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا . قال
زكريا : وفي ذلك يقول الشاعر :
أرى رجالا بأدنى الدين قد قنعوا ولا أراهم رضوا في العيش بالدون
فاستغن بالدين عن دنيا الملوك كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
وقال
أبو مصعب ، عن
مالك : قال
عيسى ابن مريم ، عليه السلام : لا تكثروا الحديث بغير ذكر الله ، فتقسو قلوبكم ، فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون ، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب ، وانظروا فيها
[ ص: 502 ] كأنكم عبيد ، فإنما الناس رجلان : معافى ومبتلى ، فارحموا أهل البلاء ، واحمدوا الله على العافية .
وقال
الثوري : سمعت أبي يقول ، عن
إبراهيم التيمي ، قال : قال
عيسى لأصحابه : بحق أقول لكم : من طلب الفردوس ، فخبز الشعير له ، والنوم في المزابل مع الكلاب كثير .
وقال
مالك بن دينار : قال
عيسى : إن أكل الشعير مع الرماد ، والنوم على المزابل مع الكلاب لقليل في طلب الفردوس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك : أنبأنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، قال : قال
عيسى : اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم ، انظروا إلى هذه الطير تغدو وتروح ، لا تحرث ولا تحصد ، والله يرزقها ، فإن قلتم : نحن أعظم بطونا من الطير . فانظروا إلى هذه الأباقر من الوحوش والحمر ، فإنها تغدو وتروح لا تحرث ولا تحصد ، والله يرزقها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16230صفوان بن عمرو ، عن
شريح بن عبيد ، عن
يزيد بن ميسرة ، قال : قال الحواريون
للمسيح : يا
مسيح الله ، انظر إلى مسجد الله ما أحسنه . قال : آمين آمين ، بحق أقول لكم : لا يترك الله من هذا المسجد حجرا قائما
[ ص: 503 ] إلا أهلكه بذنوب أهله ، إن الله لا يصنع بالذهب ولا بالفضة ، ولا بهذه الأحجار التي تعجبكم شيئا ، إن أحب إلى الله منها القلوب الصالحة ، وبها يعمر الله الأرض ، وبها يخرب الله الأرض إذا كانت على غير ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13359الحافظ أبو القاسم بن عساكر في " تاريخه " : أخبرنا
أبو منصور أحمد بن محمد الصوفي ، أخبرتنا
عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الوركانية ، قالت : حدثنا
أبو محمد عبد الله بن عمر بن عبد الله بن الهيثم إملاء ، حدثنا
الوليد بن أبان إملاء ، حدثنا
أحمد بن جعفر الرازي حدثنا
سهيل بن إبراهيم الحنظلي ، حدثنا
عبد الوهاب بن عبد العزيز ، عن
المعتمر ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
مر عيسى ، عليه السلام ، على مدينة خربة فأعجبه البنيان ، فقال : أي رب ، مر هذه المدينة أن تجيبني . فأوحى الله إلى المدينة أيتها المدينة الخربة جاوبي عيسى . قال : فنادت المدينة عيسى : حبيبي ، وما تريد مني ؟ قال : ما فعل أشجارك ، وما فعل أنهارك ، وما فعل قصورك ، وأين سكانك ؟ قالت : حبيبي ، جاء وعد ربك الحق ، فيبست أشجاري ، ونشفت أنهاري ، وخربت قصوري ، ومات سكاني . قال : فأين أموالهم ؟ قالت : جمعوها من الحلال والحرام موضوعة في بطني ، لله ميراث [ ص: 504 ] السماوات والأرض . قال : فنادى عيسى ، عليه السلام : فعجبت من ثلاث أناس : طالب الدنيا والموت يطلبه ، وباني القصور والقبر منزله ، ومن يضحك ملء فيه والنار أمامه ، ابن آدم ، لا بالكثير تشبع ، ولا بالقليل تقنع ، تجمع مالك لمن لا يحمدك ، وتقدم على رب لا يعذرك ، إنما أنت عبد بطنك وشهوتك ، وإنما تملأ بطنك إذا دخلت قبرك ، وأنت يا ابن آدم ترى حشد مالك في ميزان غيرك . هذا حديث غريب جدا ، وفيه موعظة حسنة ، فكتبناه لذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن
إبراهيم التيمي ، قال : قال
عيسى ، عليه السلام : يا معشر الحواريين ، اجعلوا كنوزكم في السماء ، فإن قلب الرجل حيث كنزه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد ، عن
عبد العزيز بن ظبيان ، قال : قال
عيسى ابن مريم عليه السلام :
nindex.php?page=treesubj&link=18470_18469_18468من تعلم وعلم وعمل ، دعي عظيما في ملكوت السماء . وقال
أبو كريب : روي أن
عيسى ، عليه السلام ، قال : لا خير في علم لا يعبر معك الوادي ، ولا يعمر بك النادي .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر ، بإسناد غريب عن
ابن عباس مرفوعا ،
أن عيسى ، عليه السلام ، قام في بني إسرائيل فقال : يا معشر الحواريين ، لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها ، فتظلموهم ، والأمور ثلاثة : أمر تبين رشده فاتبعوه ، وأمر تبين غيه فاجتنبوه ، وأمر اختلف عليكم . [ ص: 505 ] فيه فردوا علمه إلى الله ، عز وجل وقال
عبد الرزاق : أنبأنا
معمر ، عن رجل ، عن
عكرمة ، قال : قال
عيسى : لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير ; فإن الخنزير لا يصنع باللؤلؤ شيئا ، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها ; فإن
nindex.php?page=treesubj&link=19511الحكمة خير من اللؤلؤ ، ومن لا يريدها شر من الخنزير . وكذا حكى
وهب وغيره عنه . وعنه أنه قال لأصحابه : أنتم ملح الأرض ، فإذا فسدتم فلا دواء لكم ، وإن فيكم خصلتين من الجهل : الضحك من غير عجب ، والصبحة من غير سهر . وعنه أنه قيل له : من أشد الناس فتنة ؟ قال : زلة العالم ، فإن العالم إذا زل يزل بزلته عالم كثير . وعنه أنه قال : يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رءوسكم ، والآخرة تحت أقدامكم ، قولكم شفاء وعملكم داء ، مثلكم مثل شجرة الدفلى ، تعجب من رآها ، وتقتل من أكلها . وقال
وهب : قال
عيسى : يا علماء السوء ، جلستم على أبواب الجنة ، فلا أنتم تدخلونها ، ولا تدعون المساكين يدخلونها ، إن
nindex.php?page=treesubj&link=18472شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه . وقال
مكحول : التقى
يحيى وعيسى ، فصافحه
عيسى ، وهو يضحك ، فقال له
[ ص: 506 ] يحيى : يا ابن خالة ، ما لي أراك ضاحكا كأنك قد أمنت . فقال له
عيسى : ما لي أراك عابسا كأنك قد يئست . فأوحى الله إليهما : إن أحبكما إلي أبشكما بصاحبه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : وقف
عيسى هو وأصحابه على قبر ، وصاحبه يدلى فيه ، فجعلوا يذكرون القبر وضيقه ، فقال : قد كنتم فيما هو أضيق منه في أرحام أمهاتكم ، فإذا أحب الله أن يوسع وسع . وقال
أبو عمر الضرير : بلغني
nindex.php?page=treesubj&link=31986_31980أن عيسى كان إذا ذكر الموت يقطر جلده دما .
والآثار في مثل هذا كثيرة جدا ، وقد أورد
nindex.php?page=showalam&ids=13359الحافظ ابن عساكر منها طرفا صالحا ، اقتصرنا منه على هذا القدر ، والله تعالى الموفق للصواب .
[ ص: 495 ] فَصْلٌ
قَالَ
أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا رَجُلٌ سَقَطَ اسْمُهُ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا
أَبُو هِلَالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15558بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ ، قَالَ : فَقَدَ الْحَوَارِيُّونَ نَبِيَّهُمْ
عِيسَى ، فَقِيلَ لَهُمْ : تَوَجَّهَ نَحْوَ الْبَحْرِ . فَانْطَلَقُوا يَطْلُبُونَهُ ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْبَحْرِ ، إِذَا هُوَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ ، يَرْفَعُهُ الْمَوْجُ مَرَّةً وَيَضَعُهُ أُخْرَى ، وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ ، مُرْتَدٍ بِنِصْفِهِ ، وَمُؤْتَزِرٌ بِنِصْفِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ - قَالَ
أَبُو هِلَالٍ : ظَنَنْتُ أَنَّهُ مَنْ أَفَاضِلِهِمْ - : أَلَا أَجِيءُ إِلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : فَوَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَضَعَ الْأُخْرَى فَقَالَ : أَوَّهْ ، غَرِقْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ . فَقَالَ : أَرِنِي يَدَكَ يَا قَصِيرَ الْإِيمَانِ ، لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِنَ الْيَقِينِ قَدْرَ شَعِيرَةٍ ، مَشَى عَلَى الْمَاءِ . وَرَوَاهُ
أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ ابْنِ أَبِي الْجَحِيمِ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ
أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ
بَكْرٍ ، بِنَحْوِهِ . ثُمَّ قَالَ
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ ، عَنِ
الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ : قِيلَ
لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ : يَا
عِيسَى ، بِأَيِّ شَيْءٍ تَمْشِي عَلَى الْمَاءِ ؟ قَالَ :
[ ص: 496 ] بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ . قَالُوا : فَإِنَّا آمَنَّا كَمَا آمَنْتَ وَأَيْقَنَّا كَمَا أَيْقَنْتَ . قَالَ : فَامْشُوا إِذًا . قَالَ : فَمَشَوْا مَعَهُ فِي الْمَوْجِ فَغَرِقُوا . فَقَالَ لَهُمْ
عِيسَى : مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : خِفْنَا الْمَوْجَ . قَالَ : أَلَا خِفْتُمْ رَبَّ الْمَوْجِ . قَالَ : فَأَخْرَجَهُمْ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ ، فَقَبَضَ بِهَا ثُمَّ بَسَطَهَا ، فَإِذَا فِي إِحْدَى يَدَيْهِ ذَهَبٌ ، وَفِي الْأُخْرَى مَدَرٌ أَوْ حَصًى ، فَقَالَ : أَيُّهُمَا أَحْلَى فِي قُلُوبِكُمْ ؟ قَالُوا : هَذَا الذَّهَبُ . قَالَ : فَإِنَّهُمَا عِنْدِي سَوَاءٌ . وَقَدَّمْنَا فِي قِصَّةِ
يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّ
عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَانَ يَلْبَسُ الشَّعْرَ وَيَأْكُلُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ ، وَلَا يَأْوِي إِلَى مَنْزِلٍ وَلَا أَهْلٍ وَلَا مَالٍ ، وَلَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَانَ يَأْكُلُ مِنْ غَزْلِ أُمِّهِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31980كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ السَّاعَةُ صَاحَ ، وَيَقُولُ : لَا يَنْبَغِي
لِابْنِ مَرْيَمَ أَنْ تُذْكَرَ عِنْدَهُ السَّاعَةُ وَيَسْكُتَ . وَعَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبْجَرَ ، أَنَّ
عِيسَى كَانَ إِذَا سَمِعَ الْمَوْعِظَةَ صَرَخَ صُرَاخَ الثَّكْلَى .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَنْبَأَنَا
مَعْمَرٌ ، حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ : أَنَّ
عِيسَى كَانَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ لَا أَسْتَطِيعُ دَفْعَ مَا أَكْرَهُ ، وَلَا أَمْلِكُ نَفْعَ مَا أَرْجُو ، وَأَصْبَحَ الْأَمْرُ بِيَدِ غَيْرِي ، وَأَصْبَحْتُ مُرْتَهِنًا بِعَمَلِي ، فَلَا فَقِيرَ أَفْقَرُ مِنِّي ،
[ ص: 497 ] اللَّهُمَّ لَا تُشْمِتْ بِيَ عَدُوِّي ، وَلَا تَسُؤْ بِي صَدِيقِي ، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي ، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لَا يَرْحَمُنِي . وَقَالَ
الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ
يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ كَانَ
عِيسَى يَقُولُ : لَا يُصِيبُ أَحَدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى لَا يُبَالِيَ مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا . قَالَ
الْفُضَيْلُ : وَكَانَ
عِيسَى يَقُولُ : فَكَّرْتُ فِي الْخَلْقِ ، فَوَجَدْتُ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ أَغْبَطَ عِنْدِي مِمَّنْ خُلِقَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11979إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17240هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنِ
الْحَسَنِ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=27705_31980إِنَّ عِيسَى رَأْسُ الزَّاهِدِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . قَالَ : وَإِنَّ الْفَرَّارِينَ بِذُنُوبِهِمْ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ
عِيسَى . قَالَ : وَبَيْنَمَا
عِيسَى يَوْمًا نَائِمٌ عَلَى حَجَرٍ قَدْ تَوَسَّدَهُ ، وَقَدْ وَجَدَ لَذَّةَ النَّوْمِ ، إِذْ مَرَّ بِهِ إِبْلِيسُ ، فَقَالَ : يَا
عِيسَى ، أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَا تُرِيدُ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا ؟ فَهَذَا الْحَجَرُ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا . فَقَامَ
عِيسَى فَأَخَذَ الْحَجَرَ فَرَمَى بِهِ إِلَيْهِ ، وَقَالَ : هَذَا لَكَ مَعَ الدُّنْيَا . وَقَالَ
مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ : خَرَجَ
عِيسَى عَلَى أَصْحَابِهِ ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ صُوفٌ وَكِسَاءٌ وَتُبَّانٌ ، حَافِيًا بَاكِيًا شَعِثًا ، مُصْفَرَّ اللَّوْنِ مِنَ الْجُوعِ ، يَابِسَ الشَّفَتَيْنِ مِنَ الْعَطَشِ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، أَنَا الَّذِي أَنْزَلْتُ الدُّنْيَا مَنْزِلَتَهَا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَلَا عَجَبَ وَلَا فَخْرَ ، أَتَدْرُونَ أَيْنَ بَيْتِي ؟ قَالُوا : أَيْنَ بَيْتُكَ يَا رُوحَ اللَّهِ ؟ قَالَ : بِيتِي الْمَسَاجِدُ ، وَطِيبِي الْمَاءُ ، وَإِدَامِي الْجُوعُ ، وَسِرَاجِي الْقَمَرُ بِاللَّيْلِ ، وَصَلَاتِي فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقُ
[ ص: 498 ] الشَّمْسِ ، وَرَيْحَانِي بُقُولُ الْأَرْضِ ، وَلِبَاسِي الصُّوفُ ، وَشِعَارِي خَوْفُ رَبِّ الْعِزَّةِ ، وَجُلَسَائِي الزَّمْنَى وَالْمَسَاكِينُ ، أُصْبِحُ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ ، وَأُمْسِي وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ ، وَأَنَا طَيِّبُ النَّفْسِ غَنِيٌّ مُكْثِرٌ ، فَمَنْ أَغْنَى مِنِّي وَأَرْبَحُ ؟ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ .
وَرَوَى فِي تَرْجَمَةِ
مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانِ بْنِ حِبَّانَ أَبِي الْحَسَنِ الْعُقَيْلِيِّ الْمِصْرِيِّ ، حَدَّثَنَا
هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ ، عَنْ
حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ ، حَدَّثَنِي
الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ ، عَنْ
شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى عِيسَى ، أَنْ يَا عِيسَى انْتَقِلَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ ، لِئَلَّا تُعْرَفَ فَتُؤْذَى ، فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي ، لَأُزَوِّجَنَّكَ أَلْفَ حَوْرَاءَ ، وَلَأُولِمَنَّ عَلَيْكَ أَرْبَعَمِائَةِ عَامٍ . وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَفْعُهُ ، وَقَدْ يَكُونُ مَوْقُوفًا مِنْ رِوَايَةِ
شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ عَنْ
كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ
سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ
خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ : قَالَ
عِيسَى لِلْحَوَارِيِّينَ : كَمَا تَرَكَ لَكُمُ الْمُلُوكَ الْحِكْمَةَ ، فَكَذَلِكَ فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا .
[ ص: 499 ] وَقَالَ
قَتَادَةُ : قَالَ
عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : سَلُونِي فَإِنِّي لَيِّنُ الْقَلْبِ ، وَإِنِّي صَغِيرٌ عِنْدَ نَفْسِي . وَقَالَ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16430عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ
عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لِلْحِوَارِيَّيْنِ : كُلُوا خُبْزَ الشَّعِيرِ ، وَاشْرَبُوا الْمَاءَ الْقَرَاحَ ، وَاخْرُجُوا مِنَ الدُّنْيَا سَالِمِينَ آمِنِينَ ، لَحَقٌّ مَا أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29497حَلَاوَةَ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ ، وَإِنَّ مَرَارَةَ الدُّنْيَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ ، وَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ ، لَحَقٌّ مَا أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّ شَرَّكُمْ عَالِمٌ يُؤْثِرُ هَوَاهُ عَلَى عِلْمِهِ ، يَوَدُّ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِثْلُهُ . وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَقَالَ
أَبُو مُصْعَبٍ ، عَنْ
مَالِكٍ : إِنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ
عِيسَى كَانَ يَقُولُ : يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، عَلَيْكُمْ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ ، وَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ ، وَالْخُبْزِ الشَّعِيرِ ، وَإِيَّاكُمْ وَخُبْزَ الْبُرِّ ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَقُومُوا بِشُكْرِهِ .
وَقَالَ
ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16036سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : كَانَ
عِيسَى يَقُولُ : اعْبُرُوا الدُّنْيَا وَلَا تُعَمِّرُوهَا . وَكَانَ يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29497حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ ، وَالنَّظَرُ يَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ . وَحَكَى
وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ مِثْلَهُ ، وَزَادَ : وَرُبَّ شَهْوَةٍ أَوْرَثَتْ أَهْلَهَا حُزْنًا طَوِيلًا . وَعَنْ
عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا ابْنَ
آدَمَ الضَّعِيفَ ، اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ ، وَكُنْ فِي الدُّنْيَا ضَيْفًا ، وَاتَّخَذِ الْمَسَاجِدَ بَيْتًا ، وَعَلِّمْ عَيْنَكَ الْبُكَاءَ ، وَجَسَدَكَ الصَّبْرَ ، وَقَلْبَكَ التَّفَكُّرَ ، وَلَا تَهْتَمَّ
[ ص: 500 ] بِرِزْقِ غَدٍ ، فَإِنَّهَا خَطِيئَةٌ . وَعَنْهُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أَنَّهُ قَالَ : كَمَا أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَى مَوْجِ الْبَحْرِ دَارًا ، فَلَا يَتَّخِذِ الدُّنْيَا قَرَارًا . وَفِي هَذَا يَقُولُ
سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ :
لَكُمْ بُيُوتٌ بِمُسْتَنِّ السُّيُولِ وَهَلْ يَبْقَى عَلَى الْمَاءِ بَيْتٌ أُسُّهُ مَدَرُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : قَالَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ : لَا يَسْتَقِيمُ حُبُّ الدُّنْيَا وَحُبُّ الْآخِرَةِ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ ، كَمَا لَا يَسْتَقِيمُ الْمَاءُ وَالنَّارُ فِي إِنَاءٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12352إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15856دَاوُدَ بْنِ رَشِيدٍ ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيِّ ، قَالَ : قَالَ
عِيسَى : طَالِبُ الدُّنْيَا مِثْلُ شَارِبِ مَاءِ الْبَحْرِ ، كُلَّمَا ازْدَادَ شُرْبًا ازْدَادَ عَطَشًا ، حَتَّى يَقْتُلَهُ . وَعَنْ
عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أَنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الدُّنْيَا ، وَمَكْرَهُ مَعَ الْمَالِ ، وَتَزْيِينَهُ مَعَ الْهَوَى ، وَاسْتِمْكَانَهُ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ . وَقَالَ
الْأَعْمَشُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15848خَيْثَمَةَ : كَانَ
عِيسَى يَصْنَعُ الطَّعَامَ لِأَصْحَابِهِ وَيَقُومُ عَلَيْهِمْ ، وَيَقُولُ : هَكَذَا فَاصْنَعُوا بِالْقِرَى . وَبِهِ : قَالَتِ امْرَأَةٌ
لِعِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : طُوبَى لِحِجْرٍ حَمَلَكَ ، وَلِثَدْيٍ
[ ص: 501 ] أَرْضَعَكَ . فَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=18620طُوبَى لِمَنْ قَرَأَ كِتَابَ اللَّهِ وَاتَّبَعَهُ . وَعَنْهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30306طُوبَى لِمَنْ بَكَى مِنْ ذِكْرِ خَطِيئَتِهِ ، وَحَفِظَ لِسَانَهُ ، وَوَسِعَهُ بَيْتُهُ . وَعَنْهُ : طُوبَى لِعَيْنٍ نَامَتْ ، وَلَمْ تُحَدِّثْ نَفْسَهَا بِالْمَعْصِيَةِ ، وَانْتَبَهَتْ إِلَى غَيْرِ إِثْمٍ . وَعَنْ
مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ : مَرَّ
عِيسَى وَأَصْحَابُهُ بِجِيفَةٍ ، فَقَالُوا : مَا أَنْتَنَ رِيحَهَا . فَقَالَ : مَا أَبْيَضَ أَسْنَانَهَا . لِيَنْهَاهُمْ عَنِ الْغِيِبَةِ . وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ : قَالَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ : يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ ، ارْضَوْا بِدَنِيِّ الدُّنْيَا مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ ، كَمَا رَضِيَ أَهْلُ الدُّنْيَا بَدَنِيِّ الدِّينِ مَعَ سَلَامَةِ الدُّنْيَا . قَالَ
زَكَرِيَّا : وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ :
أَرَى رِجَالًا بِأَدْنَى الدِّينِ قَدْ قَنَعُوا وَلَا أَرَاهُمْ رَضُوا فِي الْعَيْشِ بِالدُّونِ
فَاسْتَغْنِ بِالدِّينِ عَنْ دُنْيَا الْمُلُوكِ كَمَا اسْتَغْنَى الْمُلُوكُ بِدُنْيَاهُمْ عَنِ الدِّينِ
وَقَالَ
أَبُو مُصْعَبٍ ، عَنْ
مَالِكٍ : قَالَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَا تُكْثِرُوا الْحَدِيثَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ ، فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ ، فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ ، وَلَا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ الْعِبَادِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ ، وَانْظُرُوا فِيهَا
[ ص: 502 ] كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ ، فَإِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ : مُعَافًى وَمُبْتَلًى ، فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ ، وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ .
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، قَالَ : قَالَ
عِيسَى لِأَصْحَابِهِ : بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ : مَنْ طَلَبَ الْفِرْدَوْسَ ، فَخُبْزُ الشَّعِيرِ لَهُ ، وَالنَّوْمُ فِي الْمَزَابِلِ مَعَ الْكِلَابِ كَثِيرٌ .
وَقَالَ
مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ : قَالَ
عِيسَى : إِنَّ أَكْلَ الشَّعِيرِ مَعَ الرَّمَادِ ، وَالنَّوْمَ عَلَى الْمَزَابِلِ مَعَ الْكِلَابِ لَقَلِيلٌ فِي طَلَبِ الْفِرْدَوْسِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : أَنْبَأَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15957سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، قَالَ : قَالَ
عِيسَى : اعْمَلُوا لِلَّهِ وَلَا تَعْمَلُوا لِبُطُونِكُمُ ، انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الطَّيْرِ تَغْدُو وَتَرُوحُ ، لَا تَحْرُثُ وَلَا تَحْصُدُ ، وَاللَّهُ يَرْزُقُهَا ، فَإِنْ قُلْتُمْ : نَحْنُ أَعْظَمُ بُطُونًا مِنَ الطَّيْرِ . فَانْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الْأَبَاقِرِ مِنَ الْوُحُوشِ وَالْحُمُرِ ، فَإِنَّهَا تَغْدُو وَتَرُوحُ لَا تَحْرُثُ وَلَا تَحْصُدُ ، وَاللَّهُ يَرْزُقُهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16230صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ
شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : قَالَ الْحَوَارِيُّونَ
لِلْمَسِيحِ : يَا
مَسِيحَ اللَّهِ ، انْظُرْ إِلَى مَسْجِدِ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهُ . قَالَ : آمِينَ آمِينَ ، بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ : لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْ هَذَا الْمَسْجِدِ حَجَرًا قَائِمًا
[ ص: 503 ] إِلَّا أَهْلَكَهُ بِذُنُوبِ أَهْلِهِ ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِالذَّهَبِ وَلَا بِالْفِضَّةِ ، وَلَا بِهَذِهِ الْأَحْجَارِ الَّتِي تُعْجِبُكُمْ شَيْئًا ، إِنَّ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْهَا الْقُلُوبُ الصَّالِحَةُ ، وَبِهَا يُعَمِّرُ اللَّهُ الْأَرْضَ ، وَبِهَا يُخَرِّبُ اللَّهُ الْأَرْضَ إِذَا كَانَتْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِهِ " : أَخْبَرَنَا
أَبُو مَنْصُورٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ ، أَخْبَرَتْنَا
عَائِشَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْوَرْكَانِيَّةُ ، قَالَتْ : حَدَّثَنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَيْثَمِ إِمْلَاءً ، حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ بْنُ أَبَانٍ إِمْلَاءً ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا
سُهَيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنِ
الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ
لَيْثٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
مَرَّ عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، عَلَى مَدِينَةٍ خَرِبَةٍ فَأَعْجَبَهُ الْبُنْيَانُ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ ، مُرْ هَذِهِ الْمَدِينَةَ أَنْ تُجِيبَنِي . فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ الْخَرِبَةُ جَاوِبِي عِيسَى . قَالَ : فَنَادَتِ الْمَدِينَةُ عِيسَى : حَبِيبِي ، وَمَا تُرِيدُ مِنِّي ؟ قَالَ : مَا فَعَلَ أَشْجَارُكِ ، وَمَا فَعَلَ أَنْهَارُكِ ، وَمَا فَعَلَ قُصُورُكِ ، وَأَيْنَ سُكَّانُكِ ؟ قَالَتْ : حَبِيبِي ، جَاءَ وَعْدُ رَبِّكَ الْحَقُّ ، فَيَبِسَتْ أَشْجَارِي ، وَنَشَفَتْ أَنْهَارِي ، وَخَرِبَتْ قُصُورِي ، وَمَاتَ سُكَّانِي . قَالَ : فَأَيْنَ أَمْوَالُهُمْ ؟ قَالَتْ : جَمَعُوهَا مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مَوْضُوعَةٌ فِي بَطْنِي ، لِلَّهِ مِيرَاثُ [ ص: 504 ] السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . قَالَ : فَنَادَى عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَعَجِبْتُ مِنْ ثَلَاثِ أُنَاسٍ : طَالِبِ الدُّنْيَا وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَبَانِي الْقُصُورِ وَالْقَبْرُ مَنْزِلُهُ ، وَمَنْ يَضْحَكُ مِلْءَ فِيهِ وَالنَّارُ أَمَامَهُ ، ابْنَ آدَمَ ، لَا بِالْكَثِيرِ تَشْبَعُ ، وَلَا بِالْقَلِيلِ تَقْنَعُ ، تَجْمَعُ مَالَكَ لِمَنْ لَا يَحْمَدُكَ ، وَتُقْدِمُ عَلَى رَبٍّ لَا يَعْذُرُكَ ، إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدُ بَطْنِكَ وَشَهْوَتِكَ ، وَإِنَّمَا تَمْلَأُ بَطْنَكَ إِذَا دَخَلْتَ قَبْرَكَ ، وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ تَرَى حَشْدَ مَالِكَ فِي مِيزَانِ غَيْرِكَ . هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا ، وَفِيهِ مَوْعِظَةٌ حَسَنَةٌ ، فَكَتَبْنَاهُ لِذَلِكَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، قَالَ : قَالَ
عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ ، اجْعَلُوا كُنُوزَكُمْ فِي السَّمَاءِ ، فَإِنَّ قَلْبَ الرَّجُلِ حَيْثُ كَنْزُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ ظَبْيَانَ ، قَالَ : قَالَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18470_18469_18468مَنْ تَعَلَّمَ وَعَلَّمَ وَعَمِلَ ، دُعِيَ عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ . وَقَالَ
أَبُو كُرَيْبٍ : رُوِيَ أَنَّ
عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَ : لَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ لَا يَعْبُرُ مَعَكَ الْوَادِيَ ، وَلَا يَعْمُرُ بِكَ النَّادِيَ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ ، بِإِسْنَادٍ غَرِيبٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا ،
أَنَّ عِيسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ ، لَا تُحَدِّثُوا بِالْحِكْمَةِ غَيْرَ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا ، وَلَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا ، فَتَظْلِمُوهُمْ ، وَالْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ : أَمْرٌ تَبَيَّنَ رُشْدُهُ فَاتَّبِعُوهُ ، وَأَمْرٌ تَبَيَّنَ غَيُّهُ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَأَمْرٌ اخْتُلِفَ عَلَيْكُمْ . [ ص: 505 ] فِيهِ فَرُدُّوا عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَنْبَأَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، قَالَ : قَالَ
عِيسَى : لَا تَطْرَحُوا اللُّؤْلُؤَ إِلَى الْخِنْزِيرِ ; فَإِنَّ الْخِنْزِيرَ لَا يَصْنَعُ بِاللُّؤْلُؤِ شَيْئًا ، وَلَا تُعْطُوا الْحِكْمَةَ مَنْ لَا يُرِيدُهَا ; فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19511الْحِكْمَةَ خَيْرٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ ، وَمَنْ لَا يُرِيدُهَا شَرٌّ مِنَ الْخِنْزِيرِ . وَكَذَا حَكَى
وَهْبٌ وَغَيْرُهُ عَنْهُ . وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : أَنْتُمْ مِلْحُ الْأَرْضِ ، فَإِذَا فَسَدْتُمْ فَلَا دَوَاءَ لَكُمْ ، وَإِنَّ فِيكُمْ خَصْلَتَيْنِ مِنَ الْجَهْلِ : الضَّحِكُ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ ، وَالصُّبْحَةُ مِنْ غَيْرِ سَهَرٍ . وَعَنْهُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ فِتْنَةً ؟ قَالَ : زَلَّةُ الْعَالِمِ ، فَإِنَّ الْعَالِمَ إِذَا زَلَّ يَزِلُّ بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ كَثِيرٌ . وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : يَا عُلَمَاءَ السُّوءِ جَعَلْتُمُ الدُّنْيَا عَلَى رُءُوسِكُمْ ، وَالْآخِرَةَ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ ، قَوْلُكُمْ شِفَاءٌ وَعَمَلُكُمْ دَاءٌ ، مَثَلُكُمْ مَثَلُ شَجَرَةِ الدِّفْلَى ، تُعْجِبُ مَنْ رَآهَا ، وَتَقْتُلُ مَنْ أَكَلَهَا . وَقَالَ
وَهْبٌ : قَالَ
عِيسَى : يَا عُلَمَاءَ السُّوءِ ، جَلَسْتُمْ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، فَلَا أَنْتُمْ تَدْخُلُونَهَا ، وَلَا تَدَعُونَ الْمَسَاكِينَ يَدْخُلُونَهَا ، إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18472شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ عَالِمٌ يَطْلُبُ الدُّنْيَا بِعِلْمِهِ . وَقَالَ
مَكْحُولٌ : التَقَى
يَحْيَى وَعِيسَى ، فَصَافَحَهُ
عِيسَى ، وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ لَهُ
[ ص: 506 ] يَحْيَى : يَا ابْنَ خَالَةٍ ، مَا لِي أَرَاكَ ضَاحِكًا كَأَنَّكَ قَدْ أَمِنْتَ . فَقَالَ لَهُ
عِيسَى : مَا لِي أَرَاكَ عَابِسًا كَأَنَّكَ قَدْ يَئِسْتَ . فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمَا : إِنَّ أَحَبَّكُمَا إِلَيَّ أَبَشُّكُمَا بِصَاحِبِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : وَقَفَ
عِيسَى هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى قَبْرٍ ، وَصَاحِبُهُ يُدْلَى فِيهِ ، فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ الْقَبْرَ وَضِيقَهُ ، فَقَالَ : قَدْ كُنْتُمْ فِيمَا هُوَ أَضْيَقُ مِنْهُ فِي أَرْحَامِ أُمَّهَاتِكُمْ ، فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ أَنْ يُوَسِّعَ وَسَّعَ . وَقَالَ
أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ : بَلَغَنِي
nindex.php?page=treesubj&link=31986_31980أَنَّ عِيسَى كَانَ إِذَا ذَكَرَ الْمَوْتَ يَقْطُرُ جِلْدُهُ دَمًا .
وَالْآثَارُ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا ، وَقَدْ أَوْرَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْهَا طَرَفًا صَالِحًا ، اقْتَصَرْنَا مِنْهُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفَّقُ لِلصَّوَابِ .