nindex.php?page=treesubj&link=28979_29485_19598nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم عطف على محذوف يؤذن به قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17فلم تقتلوهم " الآية ، وقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وما رميت " الآية ، فإن قتلهم المشركين وإصابة أعينهم كانا لغرض هزم المشركين فهو العلة الأصلية ، وله علة أخرى وهي أن يبلي الله المؤمنين بلاء حسنا أي يعطيهم عطاء حسنا يشكرونه عليه فيظهر ما يدل عن قيامهم بشكره مما تختبر به طويتهم لمن لا يعرفها ، وهذا العطاء هو النصر والغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة .
واعلم أن أصل مادة هذا الفعل هي البلاء وجاء منه الإبلاء بالهمز وتصريف هذا الفعل أغفله
الراغب في المفردات ومن رأيت من المفسرين ، وهو مضارع أبلاه إذا أحسن إليه مشتق من البلاء والبلوى الذي أصله الاختبار ثم أطلق على إصابة أحد أحدا بشيء يظهر به مقدار تأثره ، والغالب أن الإصابة بشر ، ثم توسع فيه فأطلق على ما يشمل الإصابة بخير قال - تعالى - "
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=35ونبلوكم بالشر والخير فتنة " وهو إطلاق كنائي ، وشاع ذلك الإطلاق الكنائي حتى صار بمنزلة المعنى الصريح ، وبقي الفعل المجرد صالحا للإصابة بالشر والخير ، واستعملوا " أبلاه " مهموز أي أصابه بخير . قال
ابن قتيبة : " يقال : من الخير أبليته إبلاء ومن الشر بلوته أبلوه بلاء " قلت : جعلوا الهمزة فيه دالة على الإزالة أي إزالة البلاء الذي غلب في إصابة الشر ولهذا قال - تعالى - "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17بلاء حسنا " وهو مفعول مطلق لفعل يبلي مؤكد له لأن فعل يبلي دال على بلاء حسن
[ ص: 297 ] وضمير منه عائد إلى اسم الجلالة و من الابتداء المجازي لتشريف ذلك الإبلاء ، ويجوز عود الضمير إلى المذكور من القتل والرمي ويكون من للتعليل والسببية .
وقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17إن الله سميع عليم " تدبيل للكلام و " إن " هنا مقيدة للتعليل والربط أي فعل ذلك لأنه سميع عليم ، فقد سمع دعاء المؤمنين واستغاثتهم وعلم أنهم لعنايته ونصره فقبل دعاءهم ونصرهم .
nindex.php?page=treesubj&link=28979_29485_19598nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ يُؤْذِنُ بِهِ قَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ " الْآيَةَ ، وَقَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وَمَا رَمَيْتَ " الْآيَةَ ، فَإِنَّ قَتْلَهُمُ الْمُشْرِكِينَ وَإِصَابَةَ أَعْيُنِهِمْ كَانَا لِغَرَضِ هَزْمِ الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ الْعِلَّةُ الْأَصْلِيَّةُ ، وَلَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يُبْلِيَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بَلَاءً حَسَنًا أَيْ يُعْطِيَهُمْ عَطَاءً حَسَنًا يَشْكُرُونَهُ عَلَيْهِ فَيَظْهَرُ مَا يَدُلُّ عَنْ قِيَامِهِمْ بِشُكْرِهِ مِمَّا تُخْتَبَرُ بِهِ طَوِيَّتُهُمْ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهَا ، وَهَذَا الْعَطَاءُ هُوَ النَّصْرُ وَالْغَنِيمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْجَنَّةُ فِي الْآخِرَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ مَادَّةِ هَذَا الْفِعْلِ هِيَ الْبَلَاءُ وَجَاءَ مِنْهُ الْإِبْلَاءُ بِالْهَمْزِ وَتَصْرِيفُ هَذَا الْفِعْلِ أَغْفَلَهُ
الرَّاغِبُ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَمَنْ رَأَيْتُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ، وَهُوَ مُضَارِعُ أَبْلَاهُ إِذَا أَحْسَنَ إِلَيْهِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْبَلْوَى الَّذِي أَصْلُهُ الِاخْتِبَارُ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى إِصَابَةِ أَحَدٍ أَحَدًا بِشَيْءٍ يَظْهَرُ بِهِ مِقْدَارُ تَأَثُّرِهِ ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْإِصَابَةَ بِشَرٍّ ، ثُمَّ تُوُسِّعَ فِيهِ فَأُطْلِقَ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْإِصَابَةَ بِخَيْرٍ قَالَ - تَعَالَى - "
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=35وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً " وَهُوَ إِطْلَاقٌ كَنَائِيٌّ ، وَشَاعَ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ الْكِنَائِيُّ حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْنَى الصَّرِيحِ ، وَبَقِيَ الْفِعْلُ الْمُجَرَّدُ صَالِحًا لِلْإِصَابَةِ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ ، وَاسْتَعْمَلُوا " أَبْلَاهُ " مَهْمُوزٌ أَيْ أَصَابَهُ بِخَيْرٍ . قَالَ
ابْنُ قُتَيْبَةَ : " يُقَالُ : مِنَ الْخَيْرِ أَبْلَيْتُهُ إِبْلَاءً وَمِنَ الشَّرِّ بَلَوْتُهُ أَبْلُوهُ بَلَاءً " قُلْتُ : جَعَلُوا الْهَمْزَةَ فِيهِ دَالَّةً عَلَى الْإِزَالَةِ أَيْ إِزَالَةِ الْبَلَاءِ الَّذِي غَلَبَ فِي إِصَابَةِ الشَّرِّ وَلِهَذَا قَالَ - تَعَالَى - "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17بَلَاءً حَسَنًا " وَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِفِعْلِ يُبْلِي مُؤَكِّدٌ لَهُ لِأَنَّ فِعْلَ يُبْلِي دَالٌّ عَلَى بَلَاءٍ حَسَنٍ
[ ص: 297 ] وَضَمِيرٌ مِنْهُ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ وَ مِنَ الِابْتِدَاءِ الْمَجَازِيِّ لِتَشْرِيفِ ذَلِكَ الْإِبْلَاءِ ، وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنَ الْقَتْلِ وَالرَّمْيِ وَيَكُونُ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ وَالسَّبَبِيَّةِ .
وَقَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " تَدْبِيلٌ لِلْكَلَامِ وَ " إِنَّ " هُنَا مُقَيِّدَةٌ لِلتَّعْلِيلِ وَالرَّبْطِ أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، فَقَدْ سَمِعَ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِينَ وَاسْتِغَاثَتَهُمْ وَعَلِمَ أَنَّهُمْ لِعِنَايَتِهِ وَنَصْرِهِ فَقَبِلَ دُعَاءَهُمْ وَنَصَرَهُمْ .