nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=28984_29568_32264وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق اعتراض وعطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك . لما ذكر حال تلقي أهل الكتابين للقرآن عند نزوله عرج على حال العرب في ذلك بطريقة التعريض بسوء تلقي مشركيه له مع أنهم أولى الناس بحسن تلقيه إذ نزل بلسانهم مشتملا على ما فيه صلاحهم وتنوير عقولهم . وقد جعل أهم هذا الغرض التنويه بعلو شأن القرآن لفظا ومعنى . وأدمج في ذلك تعريض بالمشركين من العرب .
والقول في اسم الإشارة في قوله وكذلك مثل ما تقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30كذلك أرسلناك في أمة .
وضمير الغائب في أنزلناه عائد إلى ما أنزل إليك في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36يفرحون بما أنزل إليك .
[ ص: 160 ] والجار والمجرور من اسم الإشارة نائب عن المفعول المطلق . والتقدير : أنزلناه إنزالا كذلك الإنزال .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=37حكما عربيا حالان من ضمير أنزلناه ، والحكم : هنا بمعنى الحكمة كما في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12وآتيناه الحكم صبيا ، وجعل نفس الحكم حالا منه مبالغة . والمراد أنه ذو حكم ، أي حكمة . والحكمة تقدمت .
و ( عربيا ) حال ثانية وليس صفة ل ( حكما ) إذ الحكمة لا توصف بالنسبة إلى الأمم وإنما المعنى أنه حكمة معبر عنها بالعربية . والمقصود أنه بلغة العرب التي هي أفصح اللغات وأجملها وأسهلها ، وفي ذلك إعجازه . فحصل لهذا الكتاب كمالان : كمال من جهة معانيه ومقاصده وهو كونه حكما ، وكمال من جهة ألفاظه وهو المكنى عنه بكونه عربيا ، وذلك ما لم يبلغ إليه كتاب قبله ; لأن الحكمة أشرف المعقولات فيناسب شرفها أن يكون إبلاغها بأشرف لغة وأصلحها للتعبير عن الحكمة ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك لتكون من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بلسان عربي مبين .
ثم في كونه عربيا امتنان على العرب المخاطبين به ابتداء بأنه بلغتهم وبأن في ذلك حسن سمعتهم ، ففيه تعريض بأفن رأي الكافرين منهم إذ لم يشكروا هذه النعمة كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون . قال
مالك : فيه بقاء ذكركم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=37ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم معترضة ، واللام موطئة للقسم ، وضمير الجمع في قوله أهواءهم عائد إلى معلوم من السياق وهم المشركون الذين وجه إليهم الكلام .
واتباع أهوائهم يحتمل السعي لإجابة طلبتهم إنزال آية غير القرآن تحذيرا من أن يسأل الله إجابتهم لما طلبوه كما قال
لنوح عليه السلام
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=46فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين .
[ ص: 161 ] ومعنى ما جاءك من العلم ما بلغك وعلمته ، فيحتمل أن يراد بالموصول القرآن تنويها به ، أي : لئن شايعتهم فسألتنا آية غير القرآن بعد أن نزل عليك القرآن ، أو بعد أن أعلمناك أنا غير متنازلين لإجابة مقترحاتهم . ويحتمل اتباع دينهم فإن دينهم أهواء ويكون ماصدق ما جاءك من العلم هو دين الإسلام .
والولي : النصير . والواقي : المدافع .
وجعل نفي الولي والنصير جوابا للشرط كناية عن الجواب ، وهو المؤاخذة والعقوبة .
والمقصود من هذا تحذير المسلمين من أن يركنوا إلى تمويهات المشركين ، والتحذير من الرجوع إلى دينهم تهييجا لتصلبهم في دينهم على طريقة قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ، وتأييس المشركين من الطمع في مجيء آية توافق مقترحاتهم .
و ( من ) الداخلة على اسم الجلالة تتعلق بـ ولي وواق ، و ( من ) الداخلة على ولي لتأكيد النفي تنصيصا على العموم . وتقدم الخلاف بين الجمهور
وابن كثير في حذفهم ياء واق في حالتي الوصل والوقف وإثبات ابن كثير الياء في حالة الوقف دون الوصل عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=7ولكل قوم هاد في هذه السورة .
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=28984_29568_32264وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ اعْتِرَاضٌ وَعَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ . لَمَّا ذَكَرَ حَالُ تَلَقِّي أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ لِلْقُرْآنِ عِنْدَ نُزُولِهِ عَرَّجَ عَلَى حَالِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقَةِ التَّعْرِيضِ بِسُوءِ تَلَقِّي مُشْرِكِيهِ لَهُ مَعَ أَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِحُسْنِ تَلَقِّيهِ إِذْ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ مُشْتَمِلًا عَلَى مَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ وَتَنْوِيرُ عُقُولِهِمْ . وَقَدْ جُعِلَ أَهَمَّ هَذَا الْغَرَضِ التَّنْوِيهُ بِعُلُوِّ شَأْنِ الْقُرْآنِ لَفْظًا وَمَعْنًى . وَأُدْمِجَ فِي ذَلِكَ تَعْرِيضُ بِالْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ .
وَالْقَوْلُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ .
وَضَمِيرُ الْغَائِبِ فِي أَنْزَلْنَاهُ عَائِدٌ إِلَى مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ .
[ ص: 160 ] وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ نَائِبٌ عَنِ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ . وَالتَّقْدِيرُ : أَنْزَلْنَاهُ إِنْزَالًا كَذَلِكَ الْإِنْزَالُ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=37حُكْمًا عَرَبِيًّا حَالَانِ مِنْ ضَمِيرِ أَنْزَلْنَاهُ ، وَالْحُكْمُ : هُنَا بِمَعْنَى الْحِكْمَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ، وَجُعِلَ نَفْسُ الْحُكْمِ حَالًا مِنْهُ مُبَالَغَةً . وَالْمُرَادُ أَنَّهُ ذُو حُكْمٍ ، أَيْ حِكْمَةٍ . وَالْحِكْمَةُ تَقَدَّمَتْ .
وَ ( عَرَبِيًّا ) حَالٌ ثَانِيَةٌ وَلَيْسَ صِفَةً لِ ( حُكْمًا ) إِذِ الْحِكْمَةُ لَا تُوصَفُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأُمَمِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ حِكْمَةٌ مُعَبَّرٌ عَنْهَا بِالْعَرَبِيَّةِ . وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ الَّتِي هِيَ أَفْصَحُ اللُّغَاتِ وَأَجْمَلُهَا وَأَسْهَلُهَا ، وَفِي ذَلِكَ إِعْجَازُهُ . فَحَصَلَ لِهَذَا الْكِتَابِ كِمَالَانِ : كَمَالٌ مِنْ جِهَةِ مَعَانِيهِ وَمَقَاصِدِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ حُكْمًا ، وَكَمَالٌ مِنْ جِهَةِ أَلْفَاظِهِ وَهُوَ الْمُكَنَّى عَنْهُ بِكَوْنِهِ عَرَبِيًّا ، وَذَلِكَ مَا لَمْ يَبْلُغْ إِلَيْهِ كِتَابٌ قَبْلَهُ ; لِأَنَّ الْحِكْمَةَ أَشْرَفُ الْمَعْقُولَاتِ فَيُنَاسِبُ شَرَفَهَا أَنْ يَكُونَ إِبْلَاغُهَا بِأَشْرَفِ لُغَةٍ وَأَصْلَحِهَا لِلتَّعْبِيرِ عَنِ الْحِكْمَةِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ .
ثُمَّ فِي كَوْنِهِ عَرَبِيًّا امْتِنَانٌ عَلَى الْعَرَبِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ ابْتِدَاءً بِأَنَّهُ بِلُغَتِهِمْ وَبِأَنَّ فِي ذَلِكَ حُسْنَ سُمْعَتِهِمْ ، فَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَفْنِ رَأْيِ الْكَافِرِينَ مِنْهُمْ إِذْ لَمْ يَشْكُرُوا هَذِهِ النِّعْمَةَ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=10لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ . قَالَ
مَالِكٌ : فِيهِ بَقَاءُ ذِكْرِكُمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=37وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مُعْتَرِضَةٌ ، وَاللَّامُ مُوَطِّئَةٌ لِلْقِسْمِ ، وَضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ أَهْوَاءَهُمْ عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنَ السِّيَاقِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وُجِّهَ إِلَيْهِمُ الْكَلَامُ .
وَاتِّبَاعُ أَهْوَائِهِمْ يَحْتَمِلُ السَّعْيَ لِإِجَابَةِ طَلَبَتِهِمْ إِنْزَالَ آيَةٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ تَحْذِيرًا مِنْ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهُ إِجَابَتَهُمْ لِمَا طَلَبُوهُ كَمَا قَالَ
لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=46فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ .
[ ص: 161 ] وَمَعْنَى مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا بَلَغَكَ وَعُلِّمْتَهُ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَوْصُولِ الْقُرْآنُ تَنْوِيهًا بِهِ ، أَيْ : لَئِنْ شَايَعْتَهُمْ فَسَأَلْتَنَا آيَةً غَيْرَ الْقُرْآنِ بَعْدَ أَنْ نُزِّلَ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ ، أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمْنَاكَ أَنَّا غَيْرُ مُتَنَازِلِينَ لِإِجَابَةِ مُقْتَرَحَاتِهِمْ . وَيُحْتَمَلُ اتِّبَاعُ دِينِهِمْ فَإِنَّ دِينَهُمْ أَهْوَاءٌ وَيَكُونُ مَاصَدَقَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ .
وَالْوَلِيُّ : النَّصِيرُ . وَالْوَاقِي : الْمُدَافِعُ .
وَجُعِلَ نَفْيُ الْوَلِيِّ وَالنَّصِيرِ جَوَابًا لِلشَّرْطِ كِنَايَةً عَنِ الْجَوَابِ ، وَهُوَ الْمُؤَاخَذَةُ وَالْعُقُوبَةُ .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْ يَرْكَنُوا إِلَى تَمْوِيهَاتِ الْمُشْرِكِينَ ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى دِينِهِمْ تَهْيِيجًا لِتَصَلُّبِهِمْ فِي دِينِهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ، وَتَأْيِيسُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الطَّمَعِ فِي مَجِيءِ آيَةٍ تُوَافِقُ مُقْتَرَحَاتِهِمْ .
وَ ( مِنْ ) الدَّاخِلَةُ عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ تَتَعَلَّقُ بِـ وَلِيٍّ وَوَاقٍ ، وَ ( مِنْ ) الدَّاخِلَةُ عَلَى وَلِيٍّ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ تَنْصِيصًا عَلَى الْعُمُومِ . وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْجُمْهُورِ
وَابْنِ كَثِيرٍ فِي حَذْفِهِمْ يَاءَ وَاقٍ فِي حَالَتَيِ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ وَإِثْبَاتِ ابْنِ كَثِيرٍ الْيَاءَ فِي حَالَةِ الْوَقْفِ دُونَ الْوَصْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=7وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .