nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28987_28749_32016ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35كذلك فعل الذين من قبلهم ، وهو تكملة لإبطال شبهة المشركين إبطالا بطريقة التفصيل بعد الإجمال لزيادة تقرير الحجة ، فقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ولقد بعثنا في كل أمة رسولا بيان لمضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35فهل على الرسل إلا البلاغ المبين .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36فمنهم من هدى الله إلى آخرها بيان لمضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35كذلك فعل الذين من قبلهم .
والمعنى : أن الله بين للأمم على ألسنة الرسل عليهم السلام أنه يأمرهم بعبادته واجتناب عبادة الأصنام ، فمن كل أمة أقوام هداهم الله فصدقوا
[ ص: 150 ] وآمنوا ، ومنهم أقوام تمكنت منهم الضلالة فهلكوا ، ومن سار في الأرض رأى دلائل استئصالهم .
و ( أن ) تفسيرية لجملة ( فبعثنا ) ; لأن البعث يتضمن معنى القول ، إذ هو بعث للتبليغ .
والطاغوت : جنس ما يعبد من دون الله من الأصنام ، وقد يذكرونه بصيغة الجمع ، فيقال : الطواغيت ، وهي الأصنام ، وتقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=51يؤمنون بالجبت والطاغوت في سورة النساء .
وأسندت هداية بعضهم إلى الله مع أنه أمر جميعهم بالهدى تنبيها للمشركين على إزالة شبهتهم في
nindex.php?page=treesubj&link=28788_30549_32408قولهم nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء بأن الله بين لهم الهدى ، فاهتداء المهتدين بسبب بيانه ، فهو الهادي لهم .
والتعبير في جانب الضلالة بلفظ " حقت عليهم " دون إسناد الإضلال إلى الله إشارة إلى أن الله لما نهاهم عن الضلالة فقد كان تصميمهم عليها إبقاء لضلالتهم السابقة " فحقت عليهم الضلالة " ، أي ثبتت ولم ترتفع .
وفي ذلك إيماء إلى أن بقاء الضلالة من كسب أنفسهم ، ولكن ورد في آيات أخرى أن الله يضل الضالين ، كما في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ، وقوله عقب هذا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=37فإن الله لا يهدي من يضل على قراءة الجمهور ، ليحصل من مجموع ذلك علم بأن الله كون أسبابا عديدة بعضها جاء من توالد العقول والأمزجة واقتباس بعضها من بعض ، وبعضها تابع للدعوات الضالة بحيث تهيأت من اجتماع أمور شتى لا يحصيها إلا الله ، أسباب تامة تحول بين الضال وبين الهدى ، فلا جرم كانت تلك الأسباب هي سبب حق الضلالة عليهم ، فباعتبار الأسباب المباشرة كان ضلالهم من لدن خالق تلك الأسباب ، وخالق نواميسها في متقادم العصور ، فافهم .
[ ص: 151 ] ثم فرع على ذلك : الأمر بالسير في الأرض لينظروا آثار الأمم فيروا منها آثار استئصال مخالف لأحوال الفناء المعتاد ، ولذلك كان الاستدلال بها متوقفا على السير في الأرض ، ولو كان المراد مطلق الفناء لأمرهم بمشاهدة المقابر وذكر السلف الأوائل .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28987_28749_32016وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنُ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَهُوَ تَكْمِلَةٌ لِإِبْطَالِ شُبْهَةِ الْمُشْرِكِينَ إِبْطَالًا بِطَرِيقَةِ التَّفْصِيلِ بَعْدَ الْإِجْمَالِ لِزِيَادَةِ تَقْرِيرِ الْحُجَّةِ ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا بَيَانٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ إِلَى آخِرِهَا بَيَانٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ لِلْأُمَمِ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَنَّهُ يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَتِهِ وَاجْتِنَابِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ ، فَمِنْ كُلِّ أُمَّةٍ أَقْوَامٌ هَدَاهُمُ اللَّهُ فَصَدَّقُوا
[ ص: 150 ] وَآمَنُوا ، وَمِنْهُمْ أَقْوَامٌ تَمَكَّنَتْ مِنْهُمُ الضَّلَالَةُ فَهَلَكُوا ، وَمَنْ سَارَ فِي الْأَرْضِ رَأَى دَلَائِلَ اسْتِئْصَالِهِمْ .
وَ ( أَنْ ) تَفْسِيرِيَّةٌ لِجُمْلَةِ ( فَبَعَثْنَا ) ; لِأَنَّ الْبَعْثَ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْقَوْلِ ، إِذْ هُوَ بَعْثٌ لِلتَّبْلِيغِ .
وَالطَّاغُوتُ : جِنْسُ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْأَصْنَامِ ، وَقَدْ يَذْكُرُونَهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ ، فَيُقَالُ : الطَّوَاغِيتُ ، وَهِيَ الْأَصْنَامُ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=51يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
وَأُسْنِدَتْ هِدَايَةُ بَعْضِهِمْ إِلَى اللَّهِ مَعَ أَنَّهُ أَمَرَ جَمِيعَهُمْ بِالْهُدَى تَنْبِيهًا لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى إِزَالَةِ شُبْهَتِهِمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28788_30549_32408قَوْلِهِمْ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ بِأَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ، فَاهْتِدَاءُ الْمُهْتَدِينَ بِسَبَبِ بَيَانِهِ ، فَهُوَ الْهَادِي لَهُمْ .
وَالتَّعْبِيرُ فِي جَانِبِ الضَّلَالَةِ بِلَفْظِ " حَقَّتْ عَلَيْهِمْ " دُونَ إِسْنَادِ الْإِضْلَالِ إِلَى اللَّهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ لَمَّا نَهَاهُمْ عَنِ الضَّلَالَةِ فَقَدْ كَانَ تَصْمِيمُهُمْ عَلَيْهَا إِبْقَاءً لِضَلَالَتِهِمُ السَّابِقَةِ " فَحَقَّتْ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ " ، أَيْ ثَبَتَتْ وَلَمْ تَرْتَفِعْ .
وَفِي ذَلِكَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ بَقَاءَ الضَّلَالَةِ مِنْ كَسْبِ أَنْفُسِهِمْ ، وَلَكِنْ وَرَدَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى أَنَّ اللَّهَ يُضِلُّ الضَّالِّينَ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ، وَقَوْلِهِ عَقِبَ هَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=37فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ، لِيَحْصُلَ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ عِلْمٌ بِأَنَّ اللَّهَ كَوَّنَ أَسْبَابًا عَدِيدَةً بَعْضُهَا جَاءَ مِنْ تَوَالُدِ الْعُقُولِ وَالْأَمْزِجَةِ وَاقْتِبَاسِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ ، وَبَعْضُهَا تَابِعٌ لِلدَّعَوَاتِ الضَّالَّةِ بِحَيْثُ تَهَيَّأَتْ مِنَ اجْتِمَاعِ أُمُورٍ شَتَّى لَا يُحْصِيهَا إِلَّا اللَّهُ ، أَسْبَابٌ تَامَّةٌ تَحُولُ بَيْنَ الضَّالِّ وَبَيْنَ الْهُدَى ، فَلَا جَرَمَ كَانَتْ تِلْكَ الْأَسْبَابُ هِيَ سَبَبُ حَقِّ الضَّلَالَةِ عَلَيْهِمْ ، فَبِاعْتِبَارِ الْأَسْبَابِ الْمُبَاشِرَةِ كَانَ ضَلَالُهُمْ مِنْ لَدُنْ خَالِقِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ ، وَخَالِقِ نَوَامِيسِهَا فِي مُتَقَادِمِ الْعُصُورِ ، فَافْهَمْ .
[ ص: 151 ] ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ : الْأَمْرَ بِالسَّيْرِ فِي الْأَرْضِ لِيَنْظُرُوا آثَارَ الْأُمَمِ فَيَرَوْا مِنْهَا آثَارَ اسْتِئْصَالٍ مُخَالِفٍ لِأَحْوَالِ الْفَنَاءِ الْمُعْتَادِ ، وَلِذَلِكَ كَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا مُتَوَقِّفًا عَلَى السَّيْرِ فِي الْأَرْضِ ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْفَنَاءِ لَأَمَرَهُمْ بِمُشَاهَدَةِ الْمَقَابِرِ وَذِكْرِ السَّلَفِ الْأَوَائِلِ .