nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=93nindex.php?page=treesubj&link=28994_30539_30779_29677قل رب إما تريني ما يوعدون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=94رب فلا تجعلني في القوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=95وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون [ ص: 118 ] آذنت الأيات السابقة بأقصى ضلال المشركين وانتفاء عذرهم فيما دانوا به الله تعالى وبغضب الله عليهم لذلك ، وأنهم سواء في ذلك مع الأمم التي عجل الله لها العذاب في الدنيا ، وادخر لها عذابا آخر في الآخرة ، فكان ذلك نذارة لهم بمثله وتهديدا بما سيقولونه ، وكان مثارا لخشية النبيء صلى الله عليه وسلم أن يحل العذاب بقومه في حياته والخوف من هوله فلقن الله نبيه أن يسأل النجاة من ذلك العذاب . وفي هذا التلقين تعريض بأن الله منجيهم من العذاب بحكمته ، وإيماء إلى أن الله يري نبيه حلول العذاب بمكذبيه كما هو شأن تلقين الدعاء كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا الآية .
فهذه الجملة استئناف بياني جوابا عما يختلج في نفس رسول الله عليه الصلاة والسلام . وقد تحقق ذلك فيما حل بالمشركين يوم
بدر ويوم
حنين ، فالوعيد المذكور هنا وعيد بعقاب في الدنيا كما يقتضيه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=94فلا تجعلني في القوم الظالمين .
وذكر في هذا الدعاء لفظ ( رب ) مكررا تمهيدا للإجابة ; لأن وصف الربوبية يقتضي الرأفة بالمربوب . وأدخل بعد حرف الشرط ( ما ) الزائدة للتوكيد فاقترن فعل الشرط بنون التوكيد لزيادة تحقيق ربط الجزاء بالشرط . ونظيره في تكرير المؤكدات بين الشرط وجوابه قول
الأعشى :
إما ترينا حفاة لا نعال لنا إنا كذلك ما نحفى وننتعل
أي : فاعلمي حقا أنا نحفى تارة وننتعل أخرى لأجل ذلك ، أي : لأجل إخفاء الخطى لا لأجل وجدان نعل مرة وفقدانها أخرى كحال أهل الخصاصة .
وقد تقدم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=200وإما ينزغنك من الشيطان نزغ في آخر الأعراف . والمعنى : إذا كان ما يوعدون حاصلا في حياتي فأنا أدعوكم أن لا تجعلوني فيهم حينئذ .
[ ص: 119 ] واستعمال حرف الظرفية من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=94في القوم الظالمين يشير إلى أنه أمر أن يسأل الكون في موضع غير موضع المشركين ، وقد تحقق ذلك بالهجرة إلى
المدينة فالظرفية هنا حقيقية ، أي : بينهم .
والخبر الذي هو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=95وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون مستعمل في إيجاد الرجاء بحصول وعيد المكذبين في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإلا فلا حاجة إلى إعلام الرسول بقدرة الله على ذلك .
وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=95أن نريك إيماء إلى أنه في منجاة من أن يلحقه ما يوعدون به وأنه سيراه مرأى عين دون كون فيه . وقد يبدو أن هذا وعد غريب ; لأن المتعارف أن يكون العذاب سماويا ، فإذا نجى الله منه بعض رسله مثل
لوط فإنه يبعده عن موضع العذاب ، ولكن كان عذاب هؤلاء غير سماوي فتحقق في مصرع صناديدهم يوم
بدر بمرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف رسول الله على القليب قليب
بدر وناداهم بأسمائهم واحدا واحدا وقال لهم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342213لقد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا . وبهذا القصد يظهر موقعي حرفي التأكيد ( إن ) واللام من إصابة محز الإعجاز .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=93nindex.php?page=treesubj&link=28994_30539_30779_29677قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=94رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=95وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ [ ص: 118 ] آذَنَتِ الْأَيَاتُ السَّابِقَةُ بِأَقْصَى ضَلَالِ الْمُشْرِكِينَ وَانْتِفَاءِ عُذْرِهِمْ فِيمَا دَانُوا بِهِ اللَّهَ تَعَالَى وَبِغَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ ، وَأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَعَ الْأُمَمِ الَّتِي عَجَّلَ اللَّهُ لَهَا الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا ، وَادَّخَرَ لَهَا عَذَابًا آخَرَ فِي الْآخِرَةِ ، فَكَانَ ذَلِكَ نِذَارَةً لَهُمْ بِمِثْلِهِ وَتَهْدِيدًا بِمَا سَيَقُولُونَهُ ، وَكَانَ مَثَارًا لِخَشْيَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحِلَّ الْعَذَابُ بِقَوْمِهِ فِي حَيَاتِهِ وَالْخَوْفِ مِنْ هَوْلِهِ فَلَقَّنَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّجَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ . وَفِي هَذَا التَّلْقِينِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ اللَّهَ مُنَجِّيهِمْ مِنَ الْعَذَابِ بِحِكْمَتِهِ ، وَإِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ يُرِي نَبِيَّهُ حُلُولَ الْعَذَابِ بِمُكَذِّبِيهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ تَلْقِينِ الدُّعَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا الْآيَةَ .
فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ جَوَابًا عَمَّا يَخْتَلِجُ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ فِيمَا حَلَّ بِالْمُشْرِكِينَ يَوْمَ
بَدْرٍ وَيَوْمَ
حُنَيْنٍ ، فَالْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ هُنَا وَعِيدٌ بِعِقَابٍ فِي الدُّنْيَا كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=94فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .
وَذُكِرَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ لَفْظُ ( رَبِّ ) مُكَرَّرًا تَمْهِيدًا لِلْإِجَابَةِ ; لِأَنَّ وَصْفَ الرُّبُوبِيَّةِ يَقْتَضِي الرَّأْفَةَ بِالْمَرْبُوبِ . وَأُدْخِلَ بَعْدَ حَرْفِ الشَّرْطِ ( مَا ) الزَّائِدَةُ لِلتَّوْكِيدِ فَاقْتَرَنَ فِعْلُ الشَّرْطِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ لِزِيَادَةِ تَحْقِيقِ رَبْطِ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ . وَنَظِيرُهُ فِي تَكْرِيرِ الْمُؤَكَّدَاتِ بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ قَوْلُ
الْأَعْشَى :
إِمَّا تَرَيْنَا حُفَاةً لَا نِعَالَ لَنَا إِنَّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ
أَيْ : فَاعْلَمِي حَقًّا أَنَّا نَحْفَى تَارَةً وَنَنْتَعِلُ أُخْرَى لِأَجْلِ ذَلِكَ ، أَيْ : لِأَجْلِ إِخْفَاءِ الْخُطَى لَا لِأَجْلِ وِجْدَانِ نَعْلٍ مَرَّةً وَفُقْدَانِهَا أُخْرَى كَحَالِ أَهْلِ الْخَصَاصَةِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=200وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ . وَالْمَعْنَى : إِذَا كَانَ مَا يُوعَدُونَ حَاصِلًا فِي حَيَاتِي فَأَنَا أَدْعُوكُمْ أَنْ لَا تَجْعَلُونِي فِيهِمْ حِينَئِذٍ .
[ ص: 119 ] وَاسْتِعْمَالُ حَرْفِ الظَّرْفِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=94فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَسْأَلَ الْكَوْنَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ مَوْضِعِ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِالْهِجْرَةِ إِلَى
الْمَدِينَةِ فَالظَّرْفِيَّةُ هُنَا حَقِيقِيَّةٌ ، أَيْ : بَيْنَهُمْ .
وَالْخَبَرُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=95وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ مُسْتَعْمَلٌ فِي إِيجَادِ الرَّجَاءِ بِحُصُولِ وَعِيدِ الْمُكَذِّبِينَ فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِعْلَامِ الرَّسُولِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ .
وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=95أَنْ نُرِيَكَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ فِي مَنْجَاةٍ مِنْ أَنْ يَلْحَقَهُ مَا يُوعَدُونَ بِهِ وَأَنَّهُ سَيَرَاهُ مَرْأَى عَيْنٍ دُونَ كَوْنٍ فِيهِ . وَقَدْ يَبْدُو أَنَّ هَذَا وَعْدٌ غَرِيبٌ ; لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ أَنْ يَكُونَ الْعَذَابُ سَمَاوِيًّا ، فَإِذَا نَجَّى اللَّهُ مِنْهُ بَعْضَ رُسُلِهِ مِثْلَ
لُوطٍ فَإِنَّهُ يُبْعِدُهُ عَنْ مَوْضِعِ الْعَذَابِ ، وَلَكِنْ كَانَ عَذَابُ هَؤُلَاءِ غَيْرَ سَمَاوِيٍّ فَتَحَقَّقَ فِي مَصْرَعِ صَنَادِيدِهِمْ يَوْمَ
بَدْرٍ بِمَرْأَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ
بَدْرٍ وَنَادَاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا وَقَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342213لَقَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا . وَبِهَذَا الْقَصْدِ يَظْهَرُ مَوْقِعَيْ حَرْفَيِ التَّأْكِيدِ ( إِنَّ ) وَاللَّامِ مِنْ إِصَابَةِ مَحَزِّ الْإِعْجَازِ .