nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23nindex.php?page=treesubj&link=29004من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا
أعقب الثناء على جميع المؤمنين الخلص على ثباتهم ويقينهم واستعدادهم للقاء
[ ص: 307 ] العدو الكثير يومئذ وعزمهم على بذل أنفسهم ولم يقدر لهم لقاؤه كما يأتي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وكفى الله المؤمنين القتال بالثناء على فريق منهم كانوا وفوا بما عاهدوا الله عليه وفاء بالعمل والنية ، ليحصل بالثناء عليهم بذلك ثناء على إخوانهم الذين لم يتمكنوا من لقاء العدو يومئذ ليعلم أن صدق أولئك يؤذن بصدق هؤلاء لأن المؤمنين يد واحدة .
والإخبار عنهم برجال زيادة في الثناء لأن الرجل مشتق من الرجل وهي قوة اعتماد الإنسان كما اشتق الأيد من اليد ، فإن كانت هذه الآية نزلت مع بقية آي السورة بعد غزوة الخندق فهي تذكير بما حصل من المؤمنين من قبل ، وإن كانت نزلت يوم
أحد فموضعها في هذه السورة إنما هو بتوقيف من النبيء - صلى الله عليه وسلم - فهو تنبيه على المعنى الذي ذكرناه على تقدير : أنها نزلت مع سورة الأحزاب . وأيا ما كان وقت نزول الآية فإن المراد منها :
nindex.php?page=treesubj&link=30794_30802_30804رجال من المؤمنين ثبتوا في وجه العدو يوم أحد وهم :
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ،
وأنس بن النضر ،
nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة بن عبيد الله ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=85وسعيد بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=104ومصعب بن عمير . فأما
أنس بن النضر وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=104ومصعب بن عمير فقد استشهدوا يوم
أحد ،
nindex.php?page=treesubj&link=30799وأما
طلحة فقد قطعت يده يومئذ وهو يدافع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما بقيتهم فقد قاتلوا ونجوا . وسياق الآية وموقعها يقتضيان أنها نزلت بعد وقعة الخندق . وذكر
القرطبي رواية
البيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله حين انصرف من
أحد مر على
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه فوقف ودعا له ثم تلا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه الآية .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23صدقوا ما عاهدوا الله عليه أنهم حققوا ما عاهدوا عليه فإن العهد وعد ، وهو إخبار بأنه يفعل شيئا في المستقبل فإذا فعله فقد صدق . وفعل الصدق يستعمل قاصرا وهو الأكثر ، ويستعمل متعديا إلى المخبر ( بفتح الباء ) يقال : صدقه الخبر ، أي قال له الصدق ، ولذلك فإن تعديته هنا إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23ما عاهدوا الله عليه إنما هو على نزع الخافض ، أي صدقوا فيما عاهدوا الله عليه ، كقولهم في المثل : صدقني سن بكره ، أي في سن بكره .
والنحب : النذر وما يلتزمه الإنسان من عهد ونحوه ، أي من المؤمنين من وفى
[ ص: 308 ] بما عاهد عليه من الجهاد كقول
أنس بن النضر حين لم يشهد
بدرا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر ذلك عليه وقال : أول مشهد شهده رسول الله غبت عنه ، أما والله لئن أراني الله مشهدا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بعد ليرين الله ما أصنع فشهد
أحدا وقاتل حتى قتل . ومثل الذين شهدوا أيام الخندق فإنهم قضوا نحبهم يوم
قريظة .
وقد حمل بعض المفسرين
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23قضى نحبه في هذه الآية على معنى الموت في الجهاد على طريقة الاستعارة بتشبيه الموت بالنذر في لزوم الوقوع ، وربما ارتقى ببعض المفسرين ذلك إلى جعل النحب من أسماء الموت ، ويمنع منه ما ورد في حديث
الترمذي nindex.php?page=hadith&LINKID=10342370أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال في nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله ( إنه ممن قضى نحبه ) ، وهو لم يمت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وأما قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23وما بدلوا تبديلا فهو في معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23صدقوا ما عاهدوا الله عليه وإنما ذكر هنا للتعريض بالمنافقين الذين عاهدوا الله لا يولون الأدبار ثم ولوا يوم الخندق فرجعوا إلى بيوتهم في
المدينة .
وانتصب تبديلا على أنه مفعول مطلق مؤكد لـ بدلوا المنفي . ولعل هذا التوكيد مسوق مساق التعريض بالمنافقين الذين بدلوا عهد الإيمان لما ظنوا أن الغلبة تكون للمشركين .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23nindex.php?page=treesubj&link=29004مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
أَعْقَبَ الثَّنَاءَ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ الْخُلَّصِ عَلَى ثَبَاتِهِمْ وَيَقِينِهِمْ وَاسْتِعْدَادِهِمْ لِلِقَاءِ
[ ص: 307 ] الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ يَوْمَئِذٍ وَعَزْمِهِمْ عَلَى بَذْلِ أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يُقَدَّرْ لَهُمْ لِقَاؤُهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ بِالثَّنَاءِ عَلَى فَرِيقٍ مِنْهُمْ كَانُوا وَفَّوْا بِمَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَفَاءً بِالْعَمَلِ وَالنِّيَّةِ ، لِيَحْصُلَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ثَنَاءٌ عَلَى إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ لِقَاءِ الْعَدُوِّ يَوْمَئِذٍ لِيَعْلَمَ أَنَّ صِدْقَ أُولَئِكَ يُؤْذِنُ بِصِدْقِ هَؤُلَاءِ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَدٌ وَاحِدَةٌ .
وَالْإِخْبَارُ عَنْهُمْ بِرِجَالٍ زِيَادَةٌ فِي الثَّنَاءِ لِأَنَّ الرِّجْلَ مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّجْلِ وَهِيَ قُوَّةُ اعْتِمَادِ الْإِنْسَانِ كَمَا اشْتُقَّ الْأَيْدُ مِنَ الْيَدِ ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ مَعَ بَقِيَّةِ آيِ السُّورَةِ بَعْدَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ فَهِيَ تَذْكِيرٌ بِمَا حَصَلَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَبْلُ ، وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ يَوْمَ
أُحُدٍ فَمَوْضِعُهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ إِنَّمَا هُوَ بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَلَى تَقْدِيرِ : أَنَّهَا نَزَلَتْ مَعَ سُورَةِ الْأَحْزَابِ . وَأَيًّا مَا كَانَ وَقْتُ نُزُولِ الْآيَةِ فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=30794_30802_30804رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ثَبَتُوا فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُمْ :
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ،
وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=55وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=85وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=104وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ . فَأَمَّا
أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=104وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ فَقَدِ اسْتَشْهَدُوا يَوْمَ
أُحُدٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30799وَأَمَّا
طَلْحَةُ فَقَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ يُدَافِعُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا بَقِيَّتُهُمْ فَقَدْ قَاتَلُوا وَنَجَوْا . وَسِيَاقُ الْآيَةِ وَمَوْقِعُهَا يَقْتَضِيَانِ أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ . وَذَكَرَ
الْقُرْطُبِيُّ رِوَايَةَ
الْبَيْهَقِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ
أُحُدٍ مَرَّ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ مَقْتُولٌ عَلَى طَرِيقِهِ فَوَقَفَ وَدَعَا لَهُ ثُمَّ تَلَا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ الْآيَةَ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ حَقَّقُوا مَا عَاهَدُوا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْعَهْدَ وَعْدٌ ، وَهُوَ إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ يَفْعَلُ شَيْئًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا فَعَلَهُ فَقَدْ صَدَقَ . وَفِعْلُ الصِّدْقِ يُسْتَعْمَلُ قَاصِرًا وَهُوَ الْأَكْثَرُ ، وَيُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيًا إِلَى الْمُخْبَرِ ( بِفَتْحِ الْبَاءِ ) يُقَالُ : صَدَقَهُ الْخَبَرُ ، أَيْ قَالَ لَهُ الصِّدْقَ ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ تَعْدِيَتَهُ هُنَا إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ ، أَيْ صَدَقُوا فِيمَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ، كَقَوْلِهِمْ فِي الْمَثَلِ : صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ ، أَيْ فِي سِنِّ بَكْرِهِ .
وَالنَّحْبُ : النَّذْرُ وَمَا يَلْتَزِمُهُ الْإِنْسَانُ مَنْ عَهْدٍ وَنَحْوِهِ ، أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ وَفَّى
[ ص: 308 ] بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِهَادِ كَقَوْلِ
أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ حِينَ لَمْ يَشْهَدْ
بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالَ : أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ غِبْتُ عَنْهُ ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِيَ اللَّهُ مَشْهَدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَعْدُ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ فَشَهِدَ
أُحُدًا وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ . وَمِثْلُ الَّذِينَ شَهِدُوا أَيَّامَ الْخَنْدَقِ فَإِنَّهُمْ قَضَوْا نَحْبَهُمْ يَوْمَ
قُرَيْظَةَ .
وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23قَضَى نَحْبَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَعْنَى الْمَوْتِ فِي الْجِهَادِ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِعَارَةِ بِتَشْبِيهِ الْمَوْتِ بِالنَّذْرِ فِي لُزُومِ الْوُقُوعِ ، وَرُبَّمَا ارْتَقَى بِبَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ ذَلِكَ إِلَى جَعْلِ النَّحْبِ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَوْتِ ، وَيَمْنَعُ مِنْهُ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
التِّرْمِذِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10342370أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ( إِنَّهُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ ) ، وَهُوَ لَمْ يَمُتْ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَأَمَّا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا فَهُوَ فِي مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ هُنَا لِلتَّعْرِيضِ بِالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ عَاهَدُوا اللَّهَ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ ثُمَّ وَلَّوْا يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَرَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ فِي
الْمَدِينَةِ .
وَانْتَصَبَ تَبْدِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُؤَكِّدٌ لِـ بَدَّلُوا الْمَنْفِيِّ . وَلَعَلَّ هَذَا التَّوْكِيدَ مَسُوقٌ مَسَاقَ التَّعْرِيضِ بِالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ بَدَّلُوا عَهْدَ الْإِيمَانِ لَمَّا ظَنُّوا أَنَّ الْغَلَبَةَ تَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ .