nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29013_31048_25034_20758وكذلك أوحينا إليك قرءانا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=3كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله إلخ باعتبار المغايرة بين المعطوفة والمعطوف عليها بما في المعطوفة من كون الموحى به قرآنا عربيا ، وما في المعطوف عليها من كونه من نوع ما أوحي به إلى الذين من قبله .
والقول في
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وكذلك أوحينا كالقول في
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=3كذلك يوحي إليك .
وإنما أعيد وكذلك أوحينا ليبنى عليه قرآنا عربيا لما حجز بينهما من الفصل . وأصل النظم : كذلك يوحي إليك الله العزيز الحكيم قرآنا عربيا . مع ما حصل بتلك الإعادة من التأكيد لتقرير ذلك المعنى أفضل تقرير .
والعدول عن ضمير الغائب إلى ضمير العظمة التفات .
وفي هذا إشارة إلى أنه لا فرق بين ما أوحي إليك وما أوحي إلى من قبلك ، إلا اختلاف اللغات كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم .
والقرآن مصدر : قرأ ، مثل : غفران وسبحان ، وأطلق هنا على المقروء مبالغة في الاتصاف بالمقروئية لكثرة ما يقرأه القارئون وذلك لحسنه وفائدته ، فقد تضمن هذا الاسم معنى الكمال بين المقروءات . و ( عربيا ) نسبة إلى العربية ، أي لغة العرب
[ ص: 36 ] لأن كونه قرآنا يدل على أنه كلام ، فوصفه بكونه عربيا يفيد أنه كلام عربي .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7لتنذر أم القرى ومن حولها تعليل لـ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13أوحينا إليك وما وصينا لأن كونه عربيا يليق بحال المنذرين به وهم أهل
مكة ومن حولها ، فأولئك هم المخاطبون بالدين ابتداء لما اقتضته الحكمة الإلهية من اختيار الأمة العربية لتكون أول من يتلقى الإسلام وينشره بين الأمم ، ولو روعي فيه جميع الأمم المخاطبين بدعوة الإسلام لاقتضى أن ينزل بلغات لا تحصى ، فلا جرم اختار الله له أفضل اللغات واختار إنزاله على أفضل البشر .
و أم القرى
مكة ، وكنيت :
أم القرى لأنها أقدم المدن العربية فدعاها العرب :
أم القرى ، لأن الأم تطلق على أصل الشيء ، مثل : أم الرأس ، وعلى مرجعه ، مثل قولهم للراية : أم الحرب ، وقولهم : أم الطريق ، للطريق العظيم الذي حوله طرق صغار .
ثم إن إنذار
أم القرى يقتضي إنذار بقية القرى بالأحرى ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=59وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا ، وتقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=92ولتنذر أم القرى في سورة الأنعام .
والمراد : لتنذر أهل
أم القرى ، فأطلق اسم البلد على سكانه كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية .
وأهل
مكة هم
قريش ، وأما ( من حولها ) فهم النازلون حولها من القبائل مثل
خزاعة وكنانة ، ومن الذين حولها
قريش الظواهر وهم الساكنون خارج
مكة في جبالها .
والاقتصار على إنذار
أم القرى ومن حولها لا يقتضي تخصيص إنذار الرسول صلى الله عليه وسلم بأهل
مكة ومن حولها ، ولا تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم بالإنذار دون التبشير للمؤمنين لأن تعليل الفعل بعلة باعثه لا يقتضي أن الفعل المعلل مخصص بتلك العلة ولا بمتعلقاتها إذ قد يكون للفعل الواحد علل باعثة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=28وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا . والاقتصار هنا على إنذار أهل
مكة ومن حولها لأنهم المقصود بالرد عليهم لإنكارهم رسالة
محمد صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 37 ] وانتصب
أم القرى على المفعول به لفعل ( تنذر ) بتنزيل الفعل منزلة المعدى إلى مفعول واحد ؛ إذ لم يذكر معه المنذر منه وهو الذي يكون مفعولا ثانيا لفعل الإنذار . لأن ( أنذر ) يتعدى إلى مفعولين كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فقل أنذرتكم صاعقة ، وفي حديث الدجال : ما من نبيء إلا أنذر قومه . فالمعنى : لتنذر أهل القرى ومن حولها ما ينذرونه من العذاب في الدنيا والآخرة .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وتنذر يوم الجمع أعيد فعل ( تنذر ) لزيادة تهويل أمر يوم الجمع لأن تخصيصه بالذكر بعد عموم الإنذار يقتضي تهويله ، ولأن تعدية فعل ( وتنذر ) إلى ( يوم الجمع ) تعدية مخالفة لإنذار
أم القرى لأن يوم الجمع مفعول ثان لفعل ( وتنذر ) ، أي وتنذر الناس يوم الجمع ، فمفعول ( لتنذر ) الثاني هو المنذر به ومفعول ( لتنذر ) الأول هو المنذر .
وانتصب ( يوم الجمع ) على أنه مفعول ثان لفعل ( تنذر ) وحذف مفعوله الأول لدلالة ما تقدم عليه ، أي وتنذرهم - أي أهل أم القرى - يوم الجمع بالخصوص كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وأنذرهم يوم الآزفة .
ويوم الجمع : يوم القيامة ، سمي يوم الجمع لأن الخلائق تجمع فيه للحساب ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=9يوم يجمعكم ليوم الجمع .
والجمع مصدر ، ويجوز أن يكون اسما للمجتمعين كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=59هذا فوج مقتحم معكم ، أي يوم جماعة الناس كلهم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7فريق في الجنة مستأنفة استئنافا بيانيا ، وعطفت عليها جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وفريق في السعير فكان الجملتان جوابا لسؤال سائل عن شأن هذا الجمع إن كان بمعنى المصدر . فقيل : فريق في الجنة وفريق في السعير ، أي فريق من المجموعين بهذا الجمع في الجنة وفريق في السعير ، أو لسؤال سائل عن حال هذا الجمع إن كان الجمع بمعنى المجموعين . والتقدير : فريق منهم في الجنة وفريق منهم في السعير . وتقدم السعير عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97كلما خبت زدناهم سعيرا في سورة الإسراء . وسوغ الابتداء بـ ( فريق ) وهو نكرة لوقوعها في معرض التفصيل كقول
امرئ القيس :
[ ص: 38 ] 69 فأقبلت زحفا على الركبتين فثوب لبست وثوب أجـر
وجملة لا ريب فيه معترضة بين البيان والمبين . ومعنى لا ريب فيه أن دلائله تنفي الشك في أنه سيقع فنزل ريب المرتابين فيه منزلة العدم لأن موجبات اليقين بوقوعه بينة ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب لا ريب فيه في سورة البقرة .
وظرفية الريب المنفي في ضمير اليوم في قوله : لا ريب فيه من باب إيقاع الفعل ونحوه على اسم الذات ، والمراد : إيقاعه على بعض أحوالها التي يدل عليها المقام مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة ، أي أكلها ، أي لا ريب في وقوعه . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7فريق في الجنة إلخ معترضة و ( فريق ) خبر مبتدأ محذوف على طريقة الحذف المتابع فيه الاستعمال كما سماه
السكاكي ، أي هم فريق في الجنة إلخ .
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29013_31048_25034_20758وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=3كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ إِلَخْ بِاعْتِبَارِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْمَعْطُوفَةِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا بِمَا فِي الْمَعْطُوفَةِ مِنْ كَوْنِ الْمُوحَى بِهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ، وَمَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا مِنْ كَوْنِهِ مَنْ نَوْعِ مَا أُوحِيَ بِهِ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ .
وَالْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا كَالْقَوْلِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=3كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ .
وَإِنَّمَا أُعِيدَ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا لِيُبْنَى عَلَيْهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِمَا حَجَزَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَصْلِ . وَأَصْلُ النَّظْمِ : كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا . مَعَ مَا حَصَلَ بِتِلْكَ الْإِعَادَةِ مِنَ التَّأْكِيدِ لِتَقْرِيرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَفْضَلَ تَقْرِيرٍ .
وَالْعُدُولُ عَنْ ضَمِيرِ الْغَائِبِ إِلَى ضَمِيرِ الْعَظَمَةِ الْتِفَاتٌ .
وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ وَمَا أُوحِيَ إِلَى مَنْ قَبْلَكَ ، إِلَّا اخْتِلَافُ اللُّغَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ .
وَالْقُرْآنُ مَصْدَرُ : قَرَأَ ، مِثْلُ : غُفْرَانَ وَسُبْحَانَ ، وَأُطْلِقُ هُنَا عَلَى الْمَقْرُوءِ مُبَالَغَةً فِي الِاتِّصَافِ بِالْمَقْرُوئِيَّةِ لِكَثْرَةِ مَا يَقْرَأُهُ الْقَارِئُونَ وَذَلِكَ لِحُسْنِهِ وَفَائِدَتِهِ ، فَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الِاسْمُ مَعْنَى الْكَمَالِ بَيْنَ الْمَقْرُوءَاتِ . وَ ( عَرَبِيًّا ) نِسْبَةٌ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ ، أَيْ لُغَةِ الْعَرَبِ
[ ص: 36 ] لِأَنَّ كَوْنَهُ قُرْآنًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ ، فَوَصْفُهُ بِكَوْنِهِ عَرَبِيًّا يُفِيدُ أَنَّهُ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا تَعْلِيلٌ لِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا لِأَنَّ كَوْنَهُ عَرَبِيًّا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْذَرِينَ بِهِ وَهُمْ أَهْلُ
مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهَا ، فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُخَاطَبُونَ بِالدِّينِ ابْتِدَاءً لِمَا اقْتَضَتْهُ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ مِنِ اخْتِيَارِ الْأُمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ لِتَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَتَلَقَّى الْإِسْلَامَ وَيَنْشُرُهُ بَيْنَ الْأُمَمِ ، وَلَوْ رُوعِيَ فِيهِ جَمِيعُ الْأُمَمِ الْمُخَاطَبِينَ بِدَعْوَةِ الْإِسْلَامِ لَاقْتَضَى أَنْ يَنْزِلَ بِلُغَاتٍ لَا تُحْصَى ، فَلَا جَرَمَ اخْتَارَ اللَّهُ لَهُ أَفْضَلَ اللُّغَاتِ وَاخْتَارَ إِنْزَالَهُ عَلَى أَفْضَلِ الْبَشَرِ .
وَ أُمَّ الْقُرَى
مَكَّةُ ، وَكُنِّيَتْ :
أُمَّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَقْدَمُ الْمُدُنِ الْعَرَبِيَّةِ فَدَعَاهَا الْعَرَبُ :
أُمَّ الْقُرَى ، لِأَنَّ الْأُمَّ تُطْلَقُ عَلَى أَصْلِ الشَّيْءِ ، مِثْلَ : أُمِّ الرَّأْسِ ، وَعَلَى مَرْجِعِهِ ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ لِلرَّايَةِ : أُمُّ الْحَرْبِ ، وَقَوْلِهِمْ : أُمُّ الطَّرِيقِ ، لِلطَّرِيقِ الْعَظِيمِ الَّذِي حَوْلَهُ طُرُقٌ صِغَارٌ .
ثُمَّ إِنَّ إِنْذَارَ
أُمِّ الْقُرَى يَقْتَضِي إِنْذَارَ بَقِيَّةِ الْقُرَى بِالْأَحْرَى ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=59وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=92وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
وَالْمُرَادُ : لِتُنْذَرَ أَهْلَ
أُمِّ الْقُرَى ، فَأَطْلَقَ اسْمَ الْبَلَدِ عَلَى سُكَّانِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ .
وَأَهْلُ
مَكَّةَ هُمْ
قُرَيْشٌ ، وَأَمَّا ( مَنْ حَوْلَهَا ) فَهُمُ النَّازِلُونَ حَوْلَهَا مِنَ الْقَبَائِلِ مِثْلَ
خُزَاعَةَ وَكِنَانَةَ ، وَمِنَ الَّذِينَ حَوْلَهَا
قُرَيْشٌ الظَّوَاهِرُ وَهُمُ السَّاكِنُونَ خَارِجَ
مَكَّةَ فِي جِبَالِهَا .
وَالِاقْتِصَارُ عَلَى إِنْذَارِ
أُمِّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ إِنْذَارِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ
مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهَا ، وَلَا تَخْصِيصَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِنْذَارِ دُونَ التَّبْشِيرِ لِلْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ تَعْلِيلَ الْفِعْلِ بِعِلَّةِ بَاعِثِهِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّلَ مُخَصَّصٌ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ وَلَا بِمُتَعَلِّقَاتِهَا إِذْ قَدْ يَكُونُ لِلْفِعْلِ الْوَاحِدِ عِلَلٌ بَاعِثَةٌ فَإِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ لِلنَّاسِ كَافَّةً ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=28وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا . وَالِاقْتِصَارُ هُنَا عَلَى إِنْذَارِ أَهْلِ
مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهَا لِأَنَّهُمُ الْمَقْصُودُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ لِإِنْكَارِهِمْ رِسَالَةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 37 ] وَانْتَصَبَ
أُمَّ الْقُرَى عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ لِفِعْلِ ( تُنْذِرَ ) بِتَنْزِيلِ الْفِعْلِ مَنْزِلَةَ الْمُعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ ؛ إِذْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَهُ الْمُنْذَرَ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِفِعْلِ الْإِنْذَارِ . لِأَنَّ ( أَنْذَرَ ) يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً ، وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ : مَا مِنْ نَبِيءٍ إِلَّا أَنْذَرَ قَوْمَهُ . فَالْمَعْنَى : لِتُنْذِرَ أَهْلَ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا مَا يُنْذَرُونَهُ مِنَ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ أُعِيدَ فِعْلُ ( تُنْذِرَ ) لِزِيَادَةِ تَهْوِيلِ أَمْرِ يَوْمِ الْجَمْعِ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِالذِّكْرِ بَعْدَ عُمُومِ الْإِنْذَارِ يَقْتَضِي تَهْوِيلَهُ ، وَلِأَنَّ تَعْدِيَةَ فِعْلِ ( وَتُنْذِرَ ) إِلَى ( يَوْمِ الْجَمْعِ ) تَعْدِيَةُ مُخَالَفَةٍ لِإِنْذَارِ
أُمِّ الْقُرَى لِأَنَّ يَوْمَ الْجَمْعِ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِفِعْلِ ( وَتُنْذِرَ ) ، أَيْ وَتُنْذِرَ النَّاسَ يَوْمَ الْجَمْعِ ، فَمَفْعُولُ ( لِتُنْذِرَ ) الثَّانِي هُوَ الْمُنْذَرُ بِهِ وَمَفْعُولُ ( لِتُنْذِرَ ) الْأَوَّلُ هُوَ الْمُنْذَرُ .
وَانْتَصَبَ ( يَوْمُ الْجَمْعِ ) عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِفِعْلِ ( تُنْذِرَ ) وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ لِدَلَالَةِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ ، أَيْ وَتُنْذِرَهُمْ - أَيْ أَهْلَ أُمِّ الْقُرَى - يَوْمَ الْجَمْعِ بِالْخُصُوصِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ .
وَيَوْمُ الْجَمْعِ : يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، سُمِّيَ يَوْمَ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْخَلَائِقَ تُجْمَعُ فِيهِ لِلْحِسَابِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=9يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ .
وَالْجَمْعُ مَصْدَرٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلْمُجْتَمِعِينَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=59هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ ، أَيْ يَوْمَ جَمَاعَةِ النَّاسِ كُلِّهِمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا ، وَعُطِفَتْ عَلَيْهَا جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ فَكَانَ الْجُمْلَتَانِ جَوَابًا لِسُؤَالِ سَائِلٍ عَنْ شَأْنِ هَذَا الْجَمْعِ إِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ . فَقِيلَ : فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ، أَيْ فَرِيقٌ مِنَ الْمَجْمُوعِينَ بِهَذَا الْجَمْعِ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ، أَوْ لِسُؤَالِ سَائِلٍ عَنْ حَالِ هَذَا الْجَمْعِ إِنْ كَانَ الْجَمْعُ بِمَعْنَى الْمَجْمُوعِينَ . وَالتَّقْدِيرُ : فَرِيقٌ مِنْهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ مِنْهُمْ فِي السَّعِيرِ . وَتَقَدَّمَ السَّعِيرُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ . وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِـ ( فَرِيقٌ ) وَهُوَ نَكِرَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي مَعْرِضِ التَّفْصِيلِ كَقَوْلِ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
[ ص: 38 ] 69 فَأَقْبَلْتُ زَحْفًا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فَثَوْبٌ لَبِسْتُ وَثَوْبٌ أَجُـرُّ
وَجُمْلَةُ لَا رَيْبَ فِيهِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْبَيَانِ وَالْمُبَيَّنِ . وَمَعْنَى لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ دَلَائِلَهُ تَنْفِي الشَّكَّ فِي أَنَّهُ سَيَقَعُ فَنَزَّلَ رَيْبَ الْمُرْتَابِينَ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ لِأَنَّ مُوجِبَاتِ الْيَقِينَ بِوُقُوعِهِ بَيِّنَةٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَظَرْفِيَّةُ الرَّيْبِ الْمَنْفِيِّ فِي ضَمِيرِ الْيَوْمِ فِي قَوْلِهِ : لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ بَابِ إِيقَاعِ الْفِعْلِ وَنَحْوِهِ عَلَى اسْمِ الذَّاتِ ، وَالْمُرَادُ : إِيقَاعُهُ عَلَى بَعْضِ أَحْوَالِهَا الَّتِي يَدُلُّ عَلَيْهَا الْمَقَامُ مِثْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ، أَيْ أَكْلُهَا ، أَيْ لَا رَيْبَ فِي وُقُوعِهِ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ إِلَخْ مُعْتَرِضَةٌ وَ ( فَرِيقٌ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْحَذْفِ الْمُتَابَعِ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ كَمَا سَمَّاهُ
السَّكَّاكِيُّ ، أَيْ هُمْ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ إِلَخْ .