سورة مريم ثمان وتسعون آية مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28990كهيعص nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذكر رحمة ربك عبده زكريا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إذ نادى ربه نداء خفيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=16واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=17فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=18قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=19قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=20قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=21قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=22فحملته فانتبذت به مكانا قصيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=23فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=24فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=25وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) .
[ ص: 170 ] ( اشتعال النار ) تفرقها في التهابها فصارت شعلا . وقيل : شعاع النار الشيب معروف ، ( شاب شعره ) ابيض بعدما كان بلون غيره . ( المخاض ) اشتداد وجع الولادة والطلق . ( الجذع ) ما بين الأرض التي فيها الشجرة منها وبين متشعب الأغصان ، ويقال للغصن أيضا جذع وجمعه أجذاع في القلة ، وجذوع في الكثرة . ( السري ) المرتفع القدر ، يقال سرو يسرو ، ويجمع على سراة بفتح السين وسرواء وهما شاذان فيه ، وقياسه أفعلاء . والسري النهر الصغير ؛ لأن الماء يسري فيه ولامه ياء كما أن لام ذلك واو . وقال
لبيد :
فتوسطا عرض السري فصدعا مسجورة متجاورا قلامها
أي جدولا . ( الهز ) التحريك . ( الرطب ) معروف واحده رطبة ، وجمع شاذا على أرطاب كربع وأرباع وهو ما قطع قبل أن يشتد وييبس . الجني ما طاب وصلح للاجتناء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء : لم يجف ولم ييبس . وقيل : الجني ما ترطب من البسر . وقال
الفراء : الجني والمجني واحد ، وعنه الجني المقطوع . قرة العين : مأخوذ من القر ، يقال : دمع الفرح بارد اللمس ودمع الحزن سخن اللمس . وقال
أبو تمام :
فأما عيون العاشقين فأسخنت وأما عيون الشامتين فقرت
و
قريش تقول : قررت به عينا ، وقررت بالمكان أقر وأهل نجد قررت به عينا بالكسر . الفري العظيم من الأمر يستعمل في الخير وفي الشر ، ومنه في وصف
عمر : فلم أر عبقريا يفري فريه ، والفري القطع ، وفي المثل : جاء يفري الفري ، أي : يعمل عظيما من العمل قولا أو فعلا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الفري البديع وهو من فري الجلد . الإشارة معروفة تكون باليد والعين والثوب والرأس والفم ، وأشار ألفه منقلبة عن ياء ، يقال : تشايرنا الهلال للمفاعلة . وقال
كثير :
فقلت وفي الأحشاء داء مخامر ألا حبذا يا عز ذاك التشاير
[ ص: 171 ] بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذكر رحمة ربك عبده زكريا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إذ نادى ربه نداء خفيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12يايحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ) .
[ ص: 172 ] هذه السورة مكية كالسورة التي قبلها . وقال
مقاتل : إلا آية السجدة فهي مدنية نزلت بعد مهاجرة المؤمنين إلى الحبشة . ومناسبتها لما قبلها أنه تعالى ضمن السورة قبلها قصصا عجبا كقصة
أهل الكهف ، وقصة
موسى مع
الخضر ، وقصة
ذي القرنين ، وهذه السورة تضمنت قصصا عجبا من ولادة
يحيى بين شيخ فان وعجوز عاقر ، وولادة
عيسى من غير أب ، فلما اجتمعا في هذا الشيء المستغرب ناسب ذكر هذه السورة بعد تلك ، وتقدم الكلام في أول البقرة على هذه الحروف المقطعة التي في فواتح السور بما يوقف عليه هناك و ( ذكر ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : هذا المتلو من هذا القرآن ذكر . وقيل ( ذكر ) خبر لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص ) وهو مبتدأ ؛ ذكره
الفراء . قيل : وفيه بعد ؛ لأن الخبر هو المبتدأ في المعنى وليس في الحروف المقطعة ذكر الرحمة ، ولا في ذكر الرحمة معناها . وقيل : ( ذكر ) مبتدأ والخبر محذوف تقديره فيما يتلى ( ذكر ) .
وقرأ الجمهور كاف بإسكان الفاء . وروي عن
الحسن ضمها ، وأمال
نافع هاء وياء بين اللفظين ، وأظهر دال صاد عند ذاك . ( ذكر ) وقرأ
الحسن بضم الهاء وعنه أيضا ضم الياء وكسر الهاء ، وعن
عاصم ضم الياء وعنه كسرهما وعن
حمزة فتح الهاء وكسر الياء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني : معنى الضم في الهاء والياء إشباع التفخيم وليس بالضم الخالص الذي يوجب القلب . وقال
أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن المقري الرازي في كتاب اللوامح في شواذ القراءات خارجة عن
الحسن : ( كاف ) بضم الكاف ،
ونصر بن عاصم عنه بضم الهاء
وهارون بن موسى العتكي عن
إسماعيل عنه بالضم ، وهذه الثلاث مترجم عليها بالضم ولسن مضمومات المحال في الحقيقة ؛ لأنهن لو كن كذلك لوجب قلب ما بعدهن من الألفات واوات بل نحيت هذه الألفات نحو الواو على لغة
أهل الحجاز ، وهي التي تسمى ألف التفخيم بضد الألف الممالة فأشبهت الفتحات التي تولدت منهن الضمات ، وهذه الترجمة كما ترجموا عن الفتحة الممالة المقربة من الكسرة بكسرة لتقريب الألف بعدها من الياء انتهى .
وقرأ
أبو جعفر بتقطيع هذه الحروف وتخليص بعضها من بعض فرقا بينها وبين ما ائتلف من الحروف ، فيصير أجزاء الكلم ، فاقتضين إسكان آخرهن ، وأظهر الأكثرون دال صاد عند ذال ( ذكر ) وأدغمها
أبو عمرو . وقرأ
حفص عن
عاصم وفرقة بإظهار النون من ( عين ) والجمهور على إخفائها .
وقرأ
الحسن وابن يعمر ( ذكر ) فعلا ماضيا ( رحمة ) بالنصب ، وحكاه
أبو الفتح وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن
الحسن ، أي : هذا المتلو من القرآن (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذكر رحمة ربك ) وذكر
الداني عن
ابن يعمر ( ذكر ) فعل أمر من التذكير ( رحمة ) بالنصب و ( عبده ) نصب بالرحمة ، أي : ذكر أن رحمة ربك عبده . وذكر صاحب اللوامح أن ( ذكر ) بالتشديد ماضيا عن
الحسن باختلاف وهو صحيح عن
ابن يعمر ، ومعناه أن المتلو ، أي : القرآن ( ذكر برحمة ربك ) فلما نزع الباء انتصب ، ويجوز أن يكون معناه أن القرآن ذكر الناس تذكيرا أن رحم الله عبده فيكون المصدر عاملا في (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2عبده زكريا ) لأنه ذكرهم بما نسوه من رحمة الله ، فتجدد عليهم بالقرآن ونزوله على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويجوز أن يكون ( ذكر ) على المضي مسندا إلى الله سبحانه .
وقرأ
الكلبي ( ذكر ) على المضي خفيفا من الذكر ( رحمة ربك ) بنصب التاء ( عبده ) بالرفع بإسناد الفعل إليه . وقال
ابن خالويه : ( ذكر رحمة ربك عبده )
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر و ( ذكر ) على الأمر عنه أيضا انتهى .
و ( إذ ) ظرف العامل فيه قال الحوفي : ( ذكر ) وقال
أبو البقاء : و ( إذ ) ظرف لـ ( رحمة ) أو لـ ( ذكر ) انتهى . ووصف نداء بالخفي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : لئلا يخالطه رياء .
مقاتل : لئلا يعاب بطلب الولد في الكبر .
قتادة : لأن السر والعلانية
[ ص: 173 ] عنده تعالى سواء . وقيل : أسره من مواليه الذين خافهم . وقيل : لأنه أمر دنياوي فأخفاه لأنه إن أجيب فذاك بغيته ، وإلا فلا يعرف ذلك أحد . وقيل : لأنه كان في جوف الليل . وقيل : لإخلاصه فيه فلا يعلمه إلا الله . وقيل : لضعف صوته بسبب كبره ، كما قيل : الشيخ صوته خفات وسمعه تارات . وقيل : لأن الإخفاء سنة الأنبياء ، والجهر به يعد من الاعتداء . وفي التنزيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=55ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) . وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374686إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4قال رب إني وهن العظم مني ) هذه كيفية دعائه وتفسير ندائه . وقرأ الجمهور : ( وهن ) بفتح الهاء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش بكسرها . وقرئ بضمها لغات ثلاث ، ومعناه ضعف وأسند الوهن إلى العظم لأنه عمود البدن وبه قوامه وهو أصل بنائه ، فإذا وهن تداعى ما وراءه وتساقطت قوته ؛ ولأنه أشد ما فيه وأصلبه فإذا وهن كان ما وراءه أوهن ، ووحد (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4العظم ) لأنه يدل على الجنس ، وقصد إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام ، وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن ولو جمع لكان قصدا آخر وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها . وقال
قتادة : اشتكى سقوط الأضراس . قال
الكرماني : وكان له سبعون سنة . وقيل : خمس وسبعون . وقيل : خمس وثمانون . وقيل : ستون . وقيل : خمس وستون . وشبه الشيب بشواظ النار في بياضه وانتشاره في الشعر وفشوه فيه وأخذه منه كل مأخذ باشتعال النار ثم أخرجه مخرج الاستعارة ، ثم أسند الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس ، وأخرج الشيب مميزا ولم يضف الرأس اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس
زكرياء فمن ثم فصحت هذه الجملة وشهد لها بالبلاغة قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وإلى هذا نظر
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد . فقال :
واشتعل المبيض في مسوده مثل اشتعال النار في جزل الغضا
وبعضهم أعرب ( شيبا ) مصدرا قال : لأن معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4واشتعل الرأس ) شاب فهو مصدر من المعنى . وقيل : هو مصدر في موضع نصب على الحال ، واشتعال الرأس استعارة المحسوس للمحسوس إذ المستعار منه النار والمستعار له الشيب ، والجامع بينهما الانبساط والانتشار (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4ولم أكن ) نفي فيما مضى ، أي : ما كنت (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4بدعائك رب شقيا ) بل كنت سعيدا موفقا إذ كنت تجيب دعائي فأسعد بذلك ، فعلى هذا الكاف مفعول . وقيل : المعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4بدعائك ) إلى الإيمان ( شقيا ) بل كنت ممن أطاعك وعبدك مخلصا . فالكاف على هذا فاعل ، والأظهر الأول شكرا لله تعالى بما سلف إليه من إنعامه عليه ، أي : قد أحسنت إلي فيما سلف وسعدت بدعائي إياك ، فالإنعام يقتضي أن تجيبني آخرا كما أجبتني أولا .
وروي أن
حاتما الطائي أتاه طالب حاجة فقال : أنا أحسنت إليك وقت كذا ، فقال
حاتم : مرحبا بالذي توسل بنا إلينا وقضى حاجته .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وإني خفت الموالي من ورائي ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5الموالي ) بنو العم والقرابة الذين يلون بالنسب . قال الشاعر :
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
وقال
لبيد :
ومولى قد دفعت الضيم عنه وقد أمسى بمنزلة المضيم
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5الموالي ) هنا الكلالة ، خاف أن يرثوا ماله وأن يرثه الكلالة . وروى
قتادة والحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
يرحم الله أخي زكريا ما كان عليه ممن يرث ماله " . وقالت فرقة : إنما كان مواليه مهملين الدين فخاف بموته أن يضيع الدين فطلب وليا يقوم بالدين بعده ، وهذا لا يصح عنه إذ قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373835نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة " والظاهر اللائق
بزكريا - عليه السلام - من حيث هو معصوم أنه لا يطلب الولد لأجل ما يخلفه من
[ ص: 174 ] حطام الدنيا . وكذلك قول من قال : إنما خاف أن تنقطع النبوة من ولده ويرجع إلى عصبته ؛ لأن تلك إنما يضعها الله حيث شاء ولا يعترض على الله فيمن شاءه واصطفاه من عباده . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري كان مواليه وهم عصبته - إخوته وبنو عمه - شرار
بني إسرائيل فخافهم على الدين أن يغيروه وأن لا يحسنوا الخلافة على أمته ، فطلب عقبا صالحا من صلبه يقتدي به في إحياء الدين .
وقرأ الجمهور ( خفت ) من الخوف . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=74وسعيد بن العاصي وابن يعمر nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وعلي بن الحسين وولده
محمد وزيد وشبيل بن عزرة nindex.php?page=showalam&ids=15500والوليد بن مسلم لأبي عامر ( خفت ) بفتح الخاء والفاء مشددة وكسر تاء التأنيث (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5الموالي ) بسكون الياء والمعنى انقطع موالي وماتوا فإنما أطلب وليا يقوم بالدين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ( خفت ) من الخوف (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5الموالي ) بسكون الياء على قراءة ( خفت ) من الخوف يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5من ورائي ) ، أي : بعد موتي . وعلى قراءة ( خفت ) يحتمل أن يتعلق (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5من ورائي ) بـ ( خفت ) وهو الظاهر ، فالمعنى أنهم خفوا قدامه ، أي : درجوا فلم يبق منهم من له تقو واعتضاد ، وأن يتعلق بالموالي ، أي : قلوا وعجزوا عن إقامة الدين . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5ورائي ) بمعنى خلفي ومن بعدي ، فسأل ربه تقويتهم ومظاهرتهم بولي يرزقه . وروي عن
ابن كثير من وراي مقصورا كعصاي .
وتقدم شرح العاقر في آل عمران ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5من لدنك ) تأكيد لكونه وليا مرضيا بكونه مضافا إلى الله وصادرا من عنده ، أو أراد اختراعا منك بلا سبب لأني وامرأتي لا نصلح للولادة .
والظاهر أنه طلب من الله تعالى أن يهبه وليا ولم يصرح بأن يكون ولدا لبعد ذلك عنده لكبره وكون امرأته عاقرا . وقيل : إنما سأل الولد .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ويرث ) برفع الفعلين صفة للولي ، فإن كان طلب الولد فوصفه بأن تكون الإجابة في حياته حتى يرثه لئلا تكون الإجابة في الولد لكن يحرمه فلا يحصل ما قصده . وقرأ
النحويان nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وطلحة واليزيدي وابن عيسى الأصبهاني وابن محيصن وقتادة بجزمهما على جواب الأمر . وقرأ
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن وابن يعمر والجحدري وقتادة وأبو حرب بن أبي الأسود وجعفر بن محمد وأبو نهيك (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ) بالرفع والياء وأرث جعلوه فعلا مضارعا من ورث . قال صاحب اللوامح : وفيه تقديم فمعناه (
nindex.php?page=treesubj&link=28990فهب لي من لدنك وليا ) من
آل يعقوب (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ) إن مت قبله ، أي : نبوتي ، وأرثه إن مات قبلي ، أي : ماله ، وهذا معنى قول
الحسن . وقرأ
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والجحدري (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ) وأرث (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6من آل يعقوب ) . قال
أبو الفتح هذا هو التجريد ، التقدير ( يرثني ) منه وأرث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وأرث ، أي : ( يرثني ) به وأرث ويسمى التجريد في علم البيان ، والمراد بالإرث إرث العلم ؛ لأن الأنبياء لا تورث المال . وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ) الحبورة وكان حبرا ويرث (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6من آل يعقوب ) الملك ، يقال : ورثته وورثت منه لغتان .
وقيل : ( من ) للتبعيض لا للتعدية ؛ لأن (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6آل يعقوب ) ليسوا كلهم أنبياء ولا علماء . وقرأ
مجاهد ( أويرث ) من
آل يعقوب على التصغير ، وأصله وويرث فأبدلت الواو همزة على اللزوم لاجتماع الواوين وهو تصغير وارث ، أي : غليم صغير . وعن
الجحدري ( وارث ) بكسر الواو يعني به الإمالة المحضة لا الكسر الخالص ، والظاهر أن
يعقوب هو
ابن إسحاق بن إبراهيم . وقيل : هو
يعقوب بن ماثان أخو زكرياء . وقيل :
يعقوب هذا
وعمران أبو مريم أخوان من نسل
سليمان بن داود ، ورضيا بمعنى مرضي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يازكريا ) ، أي : قيل له بإثر الدعاء . وقيل : رزقه بعد أربعين سنة من دعائه . وقيل : بعد ستين والمنادي والمبشر زكرياء هم الملائكة بوحي من الله تعالى قال تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فنادته الملائكة ) الآية ، والغلام الولد الذكر ، وقد يقال للأنثى غلامة كما قال .
تهان لها الغلامة والغلام
والظاهر أن ( يحيى ) ليس عربيا لأنه لم تكن عادتهم أن يسموا بألفاظ العربية فيكون منعه الصرف للعلمية والعجمة ، وإن كان عربيا فيكون
[ ص: 175 ] مسمى بالفعل كيعمر ويعيش وقد سموا بيموت وهو
nindex.php?page=showalam&ids=17394يموت بن المزرع ابن أخت
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ . وعلى أنه عربي . فقيل : سمي بذلك لأنه يحيى بالحكمة والعفة . وقيل : يحيا بهدايته وإرشاده خلق كثير . وقيل لأنه يستشهد ، والشهداء أحياء . وقيل : لأنه يعمر زمنا طويلا . وقيل : لأنه حيي بين شيخ كبير وأم عاقر . وقيل : لأنه حيي به عقر أمه وكانت لا تلد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقتادة والسدي وابن أسلم : لم نسم قبله أحدا بيحيى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهذا شاهد على أن الأسامي الشنع جديرة بالأثرة ، وإياها كانت العرب تنحي في التسمية لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النفر ، حتى قال القائل في مدح قوم :
شنع الأسامي مسبلي أزر حمر تمس الأرض بالهدب
وقال
رؤبة للنسابة البكري : وقد سأله عن نسبه أنا ابن
العجاج فقال : قصرت وعرفت انتهى . وقيل
للصلت بن عطاء : كيف تقدمت عند
البرامكة وعندهم من هو آدب منك ، فقال : كنت غريب الدار غريب الاسم خفيف الحزم شحيحا بالأشلاء . فذكر مما قدمه كونه غريب الاسم إذ كان اسمه
الصلت . وقال
مجاهد وغيره (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7سميا ) ، أي : مثلا ونظيرا وكأنه من المساماة والسمو . قال
ابن عطية : وهذا فيه بعد لأنه لا يفضل على
إبراهيم وموسى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا لم تلد العواقر مثله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وإنما قيل للمثل سمي ؛ لأن كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والشكل والنظير فكل واحد منهما سمي لصاحبه . وقيل : لم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط ، وأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر وأنه كان حصورا انتهى .
( وأنى ) بمعنى كيف : وتقدم الكلام عليها في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر ) في آل عمران ، والعتي المبالغة في الكبر ، ويبس العود . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11934أبو بحرية nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( عتيا ) بكسر العين وباقي السبعة بالضم ،
وعبد الله بفتح العين ، وصاد ( صليا ) جعلهما مصدرين كالعجيج والرحيل ، وفي الضم هما كذلك إلا أنهما على فعول . وعن
عبد الله ومجاهد ( عسيا ) بضم العين والسين كمسورة . وحكاها الداني عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وحكاها
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن
أبي ومجاهد ، يقال عتا العود وعسا يبس وجسا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال كذلك ) ، أي : الأمر كذلك تصديق له ثم ابتدأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال ربك ) فالكاف رفع أو نصب بـ ( قال ) ، وذلك إشارة إلى مبهم يفسره (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9هو علي هين ) ونحوه (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ) . وقرأ
الحسن (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9هو علي هين ) ولا يخرج هذا إلا على الوجه الأول ، أي : الأمر كما قلت ، وهو علي ذلك يهون ، ووجه آخر وهو أن يشار بذلك إلى ما تقدم من وعد الله لا إلى قول
زكرياء وقال : محذوف في كلتا القراءتين ، أي : قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9هو علي هين ) وإن شئت لم تنوه ؛ لأن الله هو المخاطب ، والمعنى أنه قال ذلك ووعده ، وقوله الحق قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وقال
ابن عطية وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال كذلك ) قيل إن المعنى قال له الملك ( كذلك ) فليكن الوجود كما قيل لك (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال ربك ) خلق الغلام (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9علي هين ) ، أي : غير بدع وكما خلقتك قبل وأخرجتك من عدم إلى وجود كذلك أفعل الآن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : معنى قوله ( كذلك ) ، أي : الأمر أن اللذان ذكرت من المرأة العاقر والكبر هو كذلك ولكن (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال ربك ) والمعنى عندي قال الملك ( كذلك ) ، أي : على هذه الحال (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال ربك هو علي هين ) انتهى . وقرأ
الحسن (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9هو علي هين ) بكسر الياء . وقد أنشدوا قول
النابغة :
علي لعمرو نعمة بعد نعمة لوالده ليست بذات عقارب
بكسر ياء المتكلم ، وكسرها شبيه بقراءة
حمزة (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وما أنتم بمصرخي ) بكسر الياء . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9وقد خلقتك ) بتاء المتكلم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وطلحة وابن وثاب وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( خلقناك ) بنون العظمة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9ولم تك شيئا ) ، أي : شيئا موجودا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : شيئا ؛ لأن المعدوم ليس بشيء ، أو شيئا يعتد به كقولهم :
[ ص: 176 ] عجبت من لا شيء إذا رأى غير شيء ظنه رجلا .
( قال ) ، أي :
زكريا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10رب اجعل لي آية ) ، أي : علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به ، وطلب ذلك ليزداد يقينا كما قال
إبراهيم - عليه السلام - (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260ولكن ليطمئن قلبي ) لا لتوقف منه على صدق ما وعد به ، ولا لتوهم أنه ذلك من عند غير الله ؛ لعصمة الأنبياء عن مثل ذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وقعت البشارة مطلقة فلم يعرف الوقت فطلب الآية ليعرف وقت الوقوع . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10قال آيتك ) روي عن
ابن زيد أنه لما حملت زوجته
بيحيى أصبح لا يستطيع أن يكلم أحدا وهو مع ذلك يقرأ التوراة ويذكر الله ، فإذا أراد مناداة أحد لم يطقه . و ( سويا ) حال من ضمير ، أي : لا تكلم في حال صحتك ليس بك خرس ولا علة ، قاله الجمهور وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عائد على الليالي ، أي : كاملات مستويات فتكون صفة لثلاث ، ودل ذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران على أن المنع من الكلام استمر له ثلاثة أيام بلياليهن .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ( أن لا تكلم ) برفع الميم جعلها أن المخففة من الثقيلة ، التقدير أنه لا يكلم . وقرأ الجمهور بنصبها جعلوا أن الناصبة للمضارع (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28990فخرج على قومه من المحراب ) ، أي : وهو بتلك الصفة من كونه لا يستطيع أن يكلم الناس ، ومحرابه موضع مصلاه ، والمحراب تقدم الكلام عليه في آل عمران (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فأوحى إليهم ) ، أي : أشار . قال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=17285وابن منبه والكلبي والقرطبي أوحى إليهم أشار ، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن
مجاهد قال : ويشهد له إلا رمزا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كتب لهم على الأرض . وقال
ابن عطية : وقال
مجاهد : بل كتب لهم في التراب وكلا الوجهين وحي انتهى . وقال
عكرمة : كتب في ورقة ، والوحي في كلام العرب الكتابة . ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
سوى الأربع الدهم اللواتي كأنها بقية وحي في بطون الصحائف
وقال
عنترة :
كوحي صحائف من عهد كسرى فأهداها لأعجم طمطمى
وقال
جرير :
كأن أخا اليهود يخط وحيا بكاف في منازلها ولام
والجمهور على أن المعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11أن سبحوا ) صلوا . وقيل أمرهم بذكر الله والتسبيح . قال المفسرون كان يخرج على قومه بكرة وعشيا فيأمرهم بالصلاة إشارة . وقال صاحب التحرير والتحبير : وعندي في هذا معنى لطيف وهو أنه إنما خص بالتسبيح بالذكر ؛ لأن العادة جارية أن كل من رأى أمرا عجب منه أو رأى فيه بديع صنعة أو غريب حكمة يقول : سبحان الله سبحان الخالق ، فلما رأى حصول الولد من شيخ وعاقر عجب من ذلك فسبح وأمر بالتسبيح انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وابن عطية و ( أن ) مفسرة . وقال
الحوفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11أن سبحوا ) ( أن ) نصب بـ ( أوحى ) . وقال
أبو البقاء : يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى أي . انتهى . وقرأ
طلحة أن سبحوه بهاء الضمير عائدة على الله تعالى . وروى
ابن غزوان عن
طلحة : أن ( سبحن ) بنون مشددة من غير واو ؛ ألحق فعل الأمر نون التوكيد الشديد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28990يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) في الكلام حذف ، والتقدير فلما ولد
يحيى وكبر وبلغ السن الذي يؤمر فيه ، قال الله له على لسان الملك . وأبعد
التبريزي في قوله إن المنادي له أبوه حين ترعرع ونشأ ، والصحيح ما سبق لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12وآتيناه الحكم صبيا ) والكتاب هو التوراة . قال
ابن عطية بلا خلاف لأنه ولد قبل
عيسى ولم يكن الإنجيل موجودا انتهى . وليس كما قال بل قيل له كتاب خص به كما خص كثير من الأنبياء بمثل ذلك . وقيل : الكتاب هنا اسم جنس ، أي : اتل كتب الله . وقيل : الكتاب صحف
إبراهيم . وقال
الحسن : وعلمه التوراة والإنجيل وأرسله إلى
بني إسرائيل ، وكان يصوم ويصلي في حال طفوليته ويدعو إلى الله
[ ص: 177 ] بقوة : بجد واستظهار وعمل بما فيه . والحكم : النبوة أو حكم الكتاب أو الحكمة أو العلم بالأحكام أو اللب ، وهو العقل ، أو آداب الخدمة أو الفراسة الصادقة ، أقوال . ( صبيا ) ، أي : شابا لم يبلغ سن الكهولة . وقيل : ابن سنتين . وقيل : ابن ثلاث . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في حديث مرفوع : " ابن سبع سنين " (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وحنانا ) معطوف على الحكم ، والحنان الرحمة قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
والحسن وعكرمة وقتادة والضحاك وأبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء وأنشد
أبو عبيدة :
تحنن علي هداك المليك فإن لكل مقام مقالا
قال : وأكثر ما تستعمل مثنى كما قال :
حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : المعنى وجعلناه ( حنانا ) لأهل زمانه . وقال
مجاهد وتعطفا من ربه عليه . وعن
ابن جبير : لينا . وعن
عكرمة وابن زيد : محبة ، وعن
عطاء تعظيما .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وزكاة ) عن
الضحاك وقتادة عملا صالحا . وعن
ابن السائب : صدقة تصدق بها على أبويه . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج تطهيرا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري زيادة في الخير . وقيل ثناء كما يزكي الشهود . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وكان تقيا ) . قال
قتادة : لم يهم قط بكبيرة ولا صغيرة ولا هم بامرأة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : جعله متقيا له لا يعدل به غيره . وقال
مجاهد : كان طعامه العشب المباح وكان للدمع في خديه مجار بائنة (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وبرا بوالديه ) ، أي : كثير البر والإكرام والتبجيل . وقرأ
الحسن وأبو جعفر في رواية
وأبو نهيك وأبو مجلز ( وبرا ) في الموضعين بكسر الباء ، أي : وذا بر (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14ولم يكن جبارا ) ، أي : متكبرا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14عصيا ) ، أي : عاصيا كثير العصيان ، وأصله عصوي ، فعول للمبالغة ، ويحتمل أن يكون فعيلا وهي من صيغ المبالغة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وسلام عليه ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : أي أمان . قال
ابن عطية : والأظهر أنها التحية المتعارفة ، وإنما الشرف في أن سلم الله عليه وحياه في المواطن التي الإنسان فيها في غاية الضعف والحاجة وقلة الحيلة والفقر إلى الله ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
الحسن أن
عيسى ويحيى - عليهما السلام - التقيا وهما ابنا الخالة ، فقال
يحيى لعيسى : ادع لي فأنت خير مني ، فقال له
عيسى : بل أنت ادع لي فأنت خير مني ؛ سلم الله عليك وأنا سلمت على نفسي .
وقال
أبو عبد الله الرازي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15يوم ولد ) ، أي : أمان عليه من أن يناله الشيطان (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15ويوم يموت ) ، أي : أمان من عذاب القبر (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15ويوم يبعث حيا ) من عذاب الله يوم القيامة . وفي قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15ويوم يبعث حيا ) تنبيه على كونه من الشهداء لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=169بل أحياء عند ربهم يرزقون ) وهذا السلام يحتمل أن يكون من الله وأن يكون من الملائكة انتهى . والأظهر أنه من الله لأنه في سياق (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12وآتيناه الحكم ) .
سُورَةُ مَرْيَمَ ثَمَانٍ وَتِسْعُونَ آيَةً مَكِّيَّةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28990كهيعص nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=16وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=17فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=18قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=19قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=20قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=21قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=22فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=23فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=24فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=25وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=27فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=28يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) .
[ ص: 170 ] ( اشْتِعَالُ النَّارِ ) تَفَرُّقُهَا فِي الْتِهَابِهَا فَصَارَتْ شُعَلًا . وَقِيلَ : شُعَاعُ النَّارِ الشَّيْبُ مَعْرُوفٌ ، ( شَابَ شَعْرُهُ ) ابْيَضَّ بَعْدَمَا كَانَ بِلَوْنٍ غَيْرِهِ . ( الْمَخَاضُ ) اشْتِدَادُ وَجَعِ الْوِلَادَةِ وَالطَّلْقِ . ( الْجِذْعُ ) مَا بَيْنَ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا الشَّجَرَةُ مِنْهَا وَبَيْنَ مُتَشَعَّبِ الْأَغْصَانِ ، وَيُقَالُ لِلْغُصْنِ أَيْضًا جِذْعٌ وَجَمْعُهُ أَجْذَاعٌ فِي الْقِلَّةِ ، وَجُذُوعٌ فِي الْكَثْرَةِ . ( السَّرِيُّ ) الْمُرْتَفِعُ الْقَدْرِ ، يُقَالُ سَرُوَ يَسْرُوُ ، وَيُجْمَعُ عَلَى سَرَاةٍ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُرَوَاءَ وَهُمَا شَاذَّانِ فِيهِ ، وَقِيَاسُهُ أَفْعِلَاءُ . وَالسَّرِيُّ النَّهْرُ الصَّغِيرُ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَسْرِي فِيهِ وَلَامُهُ يَاءٌ كَمَا أَنَّ لَامَ ذَلِكَ وَاوٌ . وَقَالَ
لَبِيدٌ :
فَتَوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ فَصَدَّعَا مَسْجُورَةً مُتَجَاوِرًا قُلَّامُهَا
أَيْ جَدْوَلًا . ( الْهَزُّ ) التَّحْرِيكُ . ( الرُّطَبُ ) مَعْرُوفٌ وَاحِدُهُ رُطْبَةٌ ، وَجُمِعَ شَاذًّا عَلَى أَرْطَابٍ كَرُبْعٍ وَأَرْبَاعٍ وَهُوَ مَا قُطِعَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ وَيَيْبَسَ . الْجَنِيُّ مَا طَابَ وَصَلُحَ لِلِاجْتِنَاءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ : لَمْ يَجِفَّ وَلَمْ يَيْبَسْ . وَقِيلَ : الْجَنِيُّ مَا تَرَطَّبَ مِنَ الْبُسْرِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : الْجَنِيُّ وَالْمَجْنِيُّ وَاحِدٌ ، وَعَنْهُ الْجَنِيُّ الْمَقْطُوعُ . قُرَّةُ الْعَيْنِ : مَأْخُوذٌ مِنَ الْقُرِّ ، يُقَالُ : دَمْعُ الْفَرَحِ بَارِدُ اللَّمْسِ وَدَمْعُ الْحُزْنِ سُخْنُ اللَّمْسِ . وَقَالَ
أَبُو تَمَّامٍ :
فَأَمَّا عُيُونُ الْعَاشِقِينَ فَأَسْخَنَتْ وَأَمَّا عُيُونُ الشَّامِتِينَ فَقَرَّتِ
وَ
قُرَيْشٌ تَقُولُ : قَرَرْتُ بِهِ عَيْنًا ، وَقَرَرْتُ بِالْمَكَانِ أَقَرُّ وَأَهْلُ نَجْدٍ قَرِرْتُ بِهِ عَيْنًا بِالْكَسْرِ . الْفَرِيُّ الْعَظِيمُ مِنَ الْأَمْرِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَفِي الشَّرِّ ، وَمِنْهُ فِي وَصْفِ
عُمَرَ : فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ ، وَالْفَرِيُّ الْقَطْعُ ، وَفِي الْمَثَلِ : جَاءَ يَفْرِي الْفَرِيَّ ، أَيْ : يَعْمَلُ عَظِيمًا مِنَ الْعَمَلِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْفَرِيُّ الْبَدِيعُ وَهُوَ مِنْ فَرْيِ الْجِلْدِ . الْإِشَارَةُ مَعْرُوفَةٌ تَكُونُ بِالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالثَّوْبِ وَالرَّأْسِ وَالْفَمِ ، وَأَشَارَ أَلِفُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ ، يُقَالُ : تَشَايَرْنَا الْهِلَالَ لِلْمُفَاعَلَةِ . وَقَالَ
كَثِيرٌ :
فَقُلْتُ وَفِي الْأَحْشَاءِ دَاءٌ مُخَامِرٌ أَلَا حَبَّذَا يَا عَزُّ ذَاكَ التَّشَايُرُ
[ ص: 171 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) .
[ ص: 172 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ كَالسُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : إِلَّا آيَةَ السَّجْدَةِ فَهِيَ مَدَنِيَّةٌ نَزَلَتْ بَعْدَ مُهَاجَرَةِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْحَبَشَةِ . وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى ضَمَّنَ السُّورَةَ قَبْلَهَا قَصَصًا عَجَبًا كَقِصَّةِ
أَهْلِ الْكَهْفِ ، وَقِصَّةِ
مُوسَى مَعَ
الْخَضِرِ ، وَقِصَّةِ
ذِي الْقَرْنَيْنِ ، وَهَذِهِ السُّورَةُ تَضَمَّنَتْ قَصَصًا عَجَبًا مِنْ وِلَادَةِ
يَحْيَى بَيْنَ شَيْخٍ فَانٍ وَعَجُوزٍ عَاقِرٍ ، وَوِلَادَةِ
عِيسَى مِنْ غَيْرِ أَبٍ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَا فِي هَذَا الشَّيْءِ الْمُسْتَغْرَبِ نَاسَبَ ذِكْرُ هَذِهِ السُّورَةِ بَعْدَ تِلْكَ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ عَلَى هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ بِمَا يُوقَفُ عَلَيْهِ هُنَاكَ وَ ( ذِكْرُ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : هَذَا الْمَتْلُوُّ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ ذِكْرُ . وَقِيلَ ( ذِكْرُ ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص ) وَهُوَ مُبْتَدَأٌ ؛ ذَكَرَهُ
الْفَرَّاءُ . قِيلَ : وَفِيهِ بُعْدٌ ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْمُبْتَدَأُ فِي الْمَعْنَى وَلَيْسَ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ ذِكْرُ الرَّحْمَةِ ، وَلَا فِي ذِكْرِ الرَّحْمَةِ مَعْنَاهَا . وَقِيلَ : ( ذِكْرُ ) مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فِيمَا يُتْلَى ( ذِكْرُ ) .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ كَافْ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ . وَرُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ ضَمُّهَا ، وَأَمَالَ
نَافِعٌ هَاءً وَيَاءً بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ ، وَأَظْهَرَ دَالَ صَادٍ عِنْدَ ذَاكَ . ( ذِكْرُ ) وَقَرَأَ
الْحَسَنُ بِضَمِّ الْهَاءِ وَعَنْهُ أَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ وَكَسْرُ الْهَاءِ ، وَعَنْ
عَاصِمٍ ضَمُّ الْيَاءِ وَعَنْهُ كَسْرُهُمَا وَعَنْ
حَمْزَةَ فَتْحُ الْهَاءِ وَكَسْرُ الْيَاءِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ : مَعْنَى الضَّمِّ فِي الْهَاءِ وَالْيَاءِ إِشْبَاعُ التَّفْخِيمِ وَلَيْسَ بِالضَّمِّ الْخَالِصِ الَّذِي يُوجِبُ الْقَلْبَ . وَقَالَ
أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمُقْرِي الرَّازِيُّ فِي كِتَابِ اللَّوَامِحِ فِي شَوَاذِّ الْقِرَاءَاتِ خَارِجَةُ عَنِ
الْحَسَنِ : ( كَافْ ) بِضَمِّ الْكَافِ ،
وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْهُ بِضَمِّ الْهَاءِ
وَهَارُونُ بْنُ مُوسَى الْعَتَكِيُّ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ عَنْهُ بِالضَّمِّ ، وَهَذِهِ الثَّلَاثُ مُتَرْجَمٌ عَلَيْهَا بِالضَّمِّ وَلَسْنَ مَضْمُومَاتِ الْمَحَالِّ فِي الْحَقِيقَةِ ؛ لِأَنَّهُنَّ لَوْ كُنَّ كَذَلِكَ لَوَجَبَ قَلْبُ مَا بَعْدَهُنَّ مِنَ الْأَلِفَاتِ وَاوَاتٍ بَلْ نُحِّيَتْ هَذِهِ الْأَلِفَاتُ نَحْوَ الْوَاوِ عَلَى لُغَةِ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى أَلِفَ التَّفْخِيمِ بِضِدِّ الْأَلِفِ الْمُمَالَةِ فَأَشْبَهَتِ الْفَتَحَاتِ الَّتِي تَوَلَّدَتْ مِنْهُنَّ الضَّمَّاتُ ، وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ كَمَا تَرْجَمُوا عَنِ الْفَتْحَةِ الْمُمَالَةِ الْمُقَرَّبَةِ مِنَ الْكَسْرَةِ بِكَسْرَةٍ لِتَقْرِيبِ الْأَلِفِ بَعْدَهَا مِنَ الْيَاءِ انْتَهَى .
وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ بِتَقْطِيعِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَتَخْلِيصِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا ائْتَلَفَ مِنَ الْحُرُوفِ ، فَيَصِيرُ أَجْزَاءَ الْكَلِمِ ، فَاقْتَضَيْنَ إِسْكَانَ آخِرِهِنَّ ، وَأَظْهَرَ الْأَكْثَرُونَ دَالَ صَادٍ عِنْدَ ذَالِ ( ذِكْرُ ) وَأَدْغَمَهَا
أَبُو عَمْرٍو . وَقَرَأَ
حَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ وَفِرْقَةٌ بِإِظْهَارِ النُّونِ مِنْ ( عَيْنٍ ) وَالْجُمْهُورُ عَلَى إِخْفَائِهَا .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَابْنُ يَعْمُرَ ( ذَكَرَ ) فِعْلًا مَاضِيًا ( رَحْمَةَ ) بِالنَّصْبِ ، وَحَكَاهُ
أَبُو الْفَتْحِ وَذَكَرُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ
الْحَسَنِ ، أَيْ : هَذَا الْمَتْلُوُّ مِنَ الْقُرْآنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ) وَذَكَرَ
الدَّانِيُّ عَنِ
ابْنِ يَعْمُرَ ( ذَكِّرْ ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ التَّذْكِيرِ ( رَحْمَةَ ) بِالنَّصْبِ وَ ( عَبْدَهُ ) نُصِبَ بِالرَّحْمَةِ ، أَيْ : ذَكِّرْ أَنَّ رَحْمَةَ رَبِّكَ عَبْدَهُ . وَذَكَرَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ أَنَّ ( ذَكَّرَ ) بِالتَّشْدِيدِ مَاضِيًا عَنِ
الْحَسَنِ بِاخْتِلَافٍ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنِ
ابْنِ يَعْمُرَ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمَتْلُوَّ ، أَيِ : الْقُرْآنَ ( ذَكَّرَ بِرَحْمَةِ رَبِّكَ ) فَلَمَّا نُزِعَ الْبَاءُ انْتَصَبَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْقُرْآنَ ذَكَّرَ النَّاسَ تَذْكِيرًا أَنْ رَحِمَ اللَّهُ عَبْدَهُ فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ عَامِلًا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ) لِأَنَّهُ ذَكَّرَهُمْ بِمَا نَسُوهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فَتَجَدَّدَ عَلَيْهِمْ بِالْقُرْآنِ وَنُزُولِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( ذَكَّرَ ) عَلَى الْمُضِيِّ مُسْنَدًا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ .
وَقَرَأَ
الْكَلْبِيُّ ( ذَكَرَ ) عَلَى الْمُضِيِّ خَفِيفًا مِنَ الذِّكْرِ ( رَحْمَةَ رَبِّكَ ) بِنَصْبِ التَّاءِ ( عَبْدُهُ ) بِالرَّفْعِ بِإِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَيْهِ . وَقَالَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : ( ذَكَرَ رَحْمَةَ رَبِّكَ عَبْدُهُ )
nindex.php?page=showalam&ids=17344يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ وَ ( ذَكِّرْ ) عَلَى الْأَمْرِ عَنْهُ أَيْضًا انْتَهَى .
وَ ( إِذْ ) ظَرْفٌ الْعَامِلُ فِيهِ قَالَ الْحَوْفَيُّ : ( ذِكْرُ ) وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : وَ ( إِذْ ) ظَرْفٌ لِـ ( رَحْمَةِ ) أَوْ لِـ ( ذِكْرُ ) انْتَهَى . وَوَصْفُ نِدَاءٍ بِالْخَفِيِّ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : لِئَلَّا يُخَالِطَهُ رِيَاءٌ .
مُقَاتِلٌ : لِئَلَّا يُعَابَ بِطَلَبِ الْوَلَدِ فِي الْكِبَرِ .
قَتَادَةُ : لِأَنَّ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ
[ ص: 173 ] عِنْدَهُ تَعَالَى سَوَاءٌ . وَقِيلَ : أَسَرَّهُ مِنْ مَوَالِيهِ الَّذِينَ خَافَهُمْ . وَقِيلَ : لِأَنَّهُ أَمْرٌ دُنْيَاوِيٌّ فَأَخْفَاهُ لِأَنَّهُ إِنْ أُجِيبَ فَذَاكَ بُغْيَتُهُ ، وَإِلَّا فَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ أَحَدٌ . وَقِيلَ : لِأَنَّهُ كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ . وَقِيلَ : لِإِخْلَاصِهِ فِيهِ فَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ . وَقِيلَ : لِضَعْفِ صَوْتِهِ بِسَبَبِ كِبَرِهِ ، كَمَا قِيلَ : الشَّيْخُ صَوْتُهُ خُفَاتٌ وَسَمْعُهُ تَارَاتٌ . وَقِيلَ : لِأَنَّ الْإِخْفَاءَ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْجَهْرُ بِهِ يُعَدُّ مِنَ الِاعْتِدَاءِ . وَفِي التَّنْزِيلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=55ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) . وَفِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374686إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) هَذِهِ كَيْفِيَّةُ دُعَائِهِ وَتَفْسِيرُ نِدَائِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( وَهَنَ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ بِكَسْرِهَا . وَقُرِئَ بِضَمِّهَا لُغَاتٌ ثَلَاثٌ ، وَمَعْنَاهُ ضَعْفٌ وَأُسْنِدَ الْوَهَنُ إِلَى الْعَظْمِ لِأَنَّهُ عَمُودُ الْبَدَنِ وَبِهِ قِوَامُهُ وَهُوَ أَصْلُ بِنَائِهِ ، فَإِذَا وَهَنَ تَدَاعَى مَا وَرَاءَهُ وَتَسَاقَطَتْ قُوَّتُهُ ؛ وَلِأَنَّهُ أَشَدُّ مَا فِيهِ وَأَصْلَبُهُ فَإِذَا وَهَنَ كَانَ مَا وَرَاءَهُ أَوْهَنَ ، وَوَحَّدَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4الْعَظْمُ ) لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْجِنْسِ ، وَقَصَدَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ الَّذِي هُوَ الْعَمُودُ وَالْقِوَامُ ، وَأَشَدُّ مَا تَرَكَّبَ مِنْهُ الْجَسَدُ قَدْ أَصَابَهُ الْوَهَنُ وَلَوْ جُمِعَ لَكَانَ قَصْدًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَهِنْ مِنْهُ بَعْضُ عِظَامِهِ وَلَكِنْ كُلُّهَا . وَقَالَ
قَتَادَةُ : اشْتَكَى سُقُوطَ الْأَضْرَاسِ . قَالَ
الْكَرْمَانِيُّ : وَكَانَ لَهُ سَبْعُونَ سَنَةً . وَقِيلَ : خَمْسٌ وَسَبْعُونَ . وَقِيلَ : خَمْسٌ وَثَمَانُونَ . وَقِيلَ : سِتُّونَ . وَقِيلَ : خَمْسٌ وَسِتُّونَ . وَشُبِّهَ الشَّيْبُ بِشُوَاظِ النَّارِ فِي بَيَاضِهِ وَانْتِشَارِهِ فِي الشَّعْرِ وَفُشُوِّهِ فِيهِ وَأَخْذِهِ مِنْهُ كُلَّ مَأْخَذٍ بِاشْتِعَالِ النَّارِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الِاسْتِعَارَةِ ، ثُمَّ أَسْنَدَ الِاشْتِعَالَ إِلَى مَكَانِ الشَّعْرِ وَمَنْبَتِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ ، وَأَخْرَجَ الشَّيْبَ مُمَيَّزًا وَلَمْ يُضِفِ الرَّأْسَ اكْتِفَاءً بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ أَنَّهُ رَأَسُ
زَكَرِيَّاءَ فَمِنْ ثَمَّ فَصَحَّتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَشُهِدَ لَهَا بِالْبَلَاغَةِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَإِلَى هَذَا نَظَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابْنُ دُرَيْدٍ . فَقَالَ :
وَاشْتَعَلَ الْمُبْيَضُّ فِي مُسْوَدِّهِ مِثْلَ اشْتِعَالِ النَّارِ فِي جَزْلِ الْغَضَا
وَبَعْضُهُمْ أَعْرَبَ ( شَيْبًا ) مَصْدَرًا قَالَ : لِأَنَّ مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ ) شَابَ فَهُوَ مَصْدَرٌ مِنَ الْمَعْنَى . وَقِيلَ : هُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ ، وَاشْتِعَالُ الرَّأْسِ اسْتِعَارَةُ الْمَحْسُوسِ لِلْمَحْسُوسِ إِذِ الْمُسْتَعَارُ مِنْهُ النَّارُ وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ الشَّيْبُ ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الِانْبِسَاطُ وَالِانْتِشَارُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4وَلَمْ أَكُنْ ) نَفْيٌ فِيمَا مَضَى ، أَيْ : مَا كُنْتُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) بَلْ كُنْتُ سَعِيدًا مُوَفَّقًا إِذْ كُنْتَ تُجِيبُ دُعَائِي فَأَسْعَدُ بِذَلِكَ ، فَعَلَى هَذَا الْكَافُ مَفْعُولٌ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4بِدُعَائِكَ ) إِلَى الْإِيمَانِ ( شَقِيًّا ) بَلْ كُنْتُ مِمَّنْ أَطَاعَكَ وَعَبَدَكَ مُخْلِصًا . فَالْكَافُ عَلَى هَذَا فَاعِلٌ ، وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا سَلَفَ إِلَيْهِ مِنْ إِنْعَامِهِ عَلَيْهِ ، أَيْ : قَدْ أَحْسَنْتَ إِلَيَّ فِيمَا سَلَفَ وَسَعِدْتُ بِدُعَائِي إِيَّاكَ ، فَالْإِنْعَامُ يَقْتَضِي أَنْ تُجِيبَنِي آخِرًا كَمَا أَجَبْتَنِي أَوَّلًا .
وَرُوِيَ أَنَّ
حَاتِمًا الطَّائِيَّ أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ فَقَالَ : أَنَا أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ وَقْتَ كَذَا ، فَقَالَ
حَاتِمٌ : مَرْحَبًا بِالَّذِي تَوَسَّلَ بِنَا إِلَيْنَا وَقَضَى حَاجَتَهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5الْمَوَالِيَ ) بَنُو الْعَمِّ وَالْقَرَابَةِ الَّذِينَ يَلُونَ بِالنَّسَبِ . قَالَ الشَّاعِرُ :
مَهْلًا بَنِي عَمِّنَا مَهْلًا مَوَالِينَا لَا تَنْبِشُوا بَيْنَنَا مَا كَانَ مَدْفُونَا
وَقَالَ
لَبِيدٌ :
وَمَوْلًى قَدْ دَفَعْتُ الضَّيْمَ عَنْهُ وَقَدْ أَمْسَى بِمَنْزِلَةِ الْمَضِيمِ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَأَبُو صَالِحٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5الْمَوَالِيَ ) هُنَا الْكَلَالَةُ ، خَافَ أَنْ يَرِثُوا مَالَهُ وَأَنْ يَرِثَهُ الْكَلَالَةُ . وَرَوَى
قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
يَرْحَمُ اللَّهُ أَخِي زَكَرِيَّا مَا كَانَ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَرِثُ مَالَهُ " . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : إِنَّمَا كَانَ مَوَالِيهِ مُهْمِلِينَ الدِّينَ فَخَافَ بِمَوْتِهِ أَنْ يَضِيعَ الدِّينُ فَطَلَبَ وَلِيًّا يَقُومُ بِالدِّينِ بَعْدَهُ ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْهُ إِذْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373835نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ " وَالظَّاهِرُ اللَّائِقُ
بِزَكَرِيَّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعْصُومٌ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الْوَلَدَ لِأَجْلِ مَا يُخْلِفُهُ مِنْ
[ ص: 174 ] حُطَامِ الدُّنْيَا . وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّمَا خَافَ أَنْ تَنْقَطِعَ النُّبُوَّةُ مِنْ وَلَدِهِ وَيَرْجِعَ إِلَى عُصْبَتِهِ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إِنَّمَا يَضَعُهَا اللَّهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى اللَّهِ فِيمَنْ شَاءَهُ وَاصْطَفَاهُ مِنْ عِبَادِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ كَانَ مَوَالِيهِ وَهُمْ عَصَبَتُهُ - إِخْوَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ - شِرَارَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَخَافَهُمْ عَلَى الدِّينِ أَنْ يُغَيِّرُوهُ وَأَنْ لَا يُحْسِنُوا الْخِلَافَةَ عَلَى أُمَّتِهِ ، فَطَلَبَ عَقِبًا صَالِحًا مِنْ صُلْبِهِ يَقْتَدِي بِهِ فِي إِحْيَاءِ الدِّينِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( خِفْتُ ) مِنَ الْخَوْفِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=74وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِي وَابْنُ يَعْمُرَ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَوَلَدُهُ
مُحَمَّدٌ وَزَيْدٌ وَشُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15500وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ لِأَبِي عَامِرٍ ( خَفَّتِ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدَةً وَكَسْرِ تَاءِ التَّأْنِيثِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5الْمَوَالِيَ ) بِسُكُونِ الْيَاءِ وَالْمَعْنَى انْقَطَعَ مَوَالِيَّ وَمَاتُوا فَإِنَّمَا أَطْلُبُ وَلِيًّا يَقُومُ بِالدِّينِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ( خِفْتُ ) مِنَ الْخَوْفِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5الْمَوَالِيَ ) بِسُكُونِ الْيَاءِ عَلَى قِرَاءَةِ ( خِفْتُ ) مِنَ الْخَوْفِ يَكُونُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5مِنْ وَرَائِي ) ، أَيْ : بَعْدَ مَوْتِي . وَعَلَى قِرَاءَةِ ( خَفَّتِ ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5مِنْ وَرَائِي ) بِـ ( خَفَّتِ ) وَهُوَ الظَّاهِرُ ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ خَفُّوا قُدَّامَهُ ، أَيْ : دَرَجُوا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ تَقَوٍّ وَاعْتِضَادٌ ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمَوَالِي ، أَيْ : قَلُّوا وَعَجَزُوا عَنْ إِقَامَةِ الدِّينِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وَرَائِي ) بِمَعْنَى خَلْفِي وَمَنْ بَعْدِي ، فَسَأَلَ رَبَّهُ تَقْوِيَتَهُمْ وَمُظَاهَرَتَهُمْ بِوَلِيٍّ يَرْزُقُهُ . وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ مِنْ وَرَايَ مَقْصُورًا كَعَصَايَ .
وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْعَاقِرِ فِي آلِ عِمْرَانَ ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5مِنْ لَدُنْكَ ) تَأْكِيدٌ لِكَوْنِهِ وَلِيًّا مَرْضِيًّا بِكَوْنِهِ مُضَافًا إِلَى اللَّهِ وَصَادِرًا مِنْ عِنْدِهِ ، أَوْ أَرَادَ اخْتِرَاعًا مِنْكَ بِلَا سَبَبٍ لِأَنِّي وَامْرَأَتِي لَا نَصْلُحُ لِلْوِلَادَةِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَلَبَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَهَبَهُ وَلِيًّا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنْ يَكُونَ وَلَدًا لِبُعْدِ ذَلِكَ عِنْدَهُ لِكِبَرِهِ وَكَوْنِ امْرَأَتِهِ عَاقِرًا . وَقِيلَ : إِنَّمَا سَأَلَ الْوَلَدَ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي وَيَرِثُ ) بِرَفْعِ الْفِعْلَيْنِ صِفَةً لِلْوَلِيِّ ، فَإِنْ كَانَ طَلَبَ الْوَلَدَ فَوَصْفُهُ بِأَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ فِي حَيَاتِهِ حَتَّى يَرِثَهُ لِئَلَّا تَكُونَ الْإِجَابَةُ فِي الْوَلَدِ لَكِنْ يُحْرَمُهُ فَلَا يَحْصُلُ مَا قَصَدَهُ . وَقَرَأَ
النَّحْوِيَّانِ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَالْيَزِيدِيُّ وَابْنُ عِيسَى الْأَصْبَهَانِيُّ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَقَتَادَةُ بِجَزْمِهِمَا عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَابْنُ يَعْمُرَ وَالْجَحْدَرِيُّ وَقَتَادَةُ وَأَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو نَهِيكٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي ) بِالرَّفْعِ وَالْيَاءِ وَأَرِثُ جَعَلُوهُ فِعْلًا مُضَارِعًا مِنْ وَرِثَ . قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : وَفِيهِ تَقْدِيمٌ فَمَعْنَاهُ (
nindex.php?page=treesubj&link=28990فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ) مِنْ
آلِ يَعْقُوبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي ) إِنْ مِتُّ قَبْلَهُ ، أَيْ : نُبُوَّتِي ، وَأَرِثُهُ إِنْ مَاتَ قَبْلِي ، أَيْ : مَالَهُ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ
الْحَسَنِ . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجَحْدَرِيُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي ) وَأَرِثُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) . قَالَ
أَبُو الْفَتْحِ هَذَا هُوَ التَّجْرِيدُ ، التَّقْدِيرُ ( يَرِثُنِي ) مِنْهُ وَأَرِثُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَأَرِثُ ، أَيْ : ( يَرِثُنِي ) بِهِ وَأَرِثُ وَيُسَمَّى التَّجْرِيدُ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ ، وَالْمُرَادُ بِالْإِرْثِ إِرْثُ الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تُوَرِّثُ الْمَالَ . وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي ) الْحُبُورَةَ وَكَانَ حَبْرًا وَيَرِثُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) الْمُلْكَ ، يُقَالُ : وَرِثْتُهُ وَوَرِثْتُ مِنْهُ لُغَتَانِ .
وَقِيلَ : ( مِنْ ) لِلتَّبْعِيضِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ ؛ لِأَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6آلِ يَعْقُوبَ ) لَيْسُوا كُلُّهُمْ أَنْبِيَاءَ وَلَا عُلَمَاءَ . وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ ( أُوَيْرِثٌ ) مِنْ
آلِ يَعْقُوبَ عَلَى التَّصْغِيرِ ، وَأَصْلُهُ وُوَيْرِثٌ فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً عَلَى اللُّزُومِ لِاجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ وَهُوَ تَصْغِيرُ وَارِثٍ ، أَيْ : غُلَيْمٌ صَغِيرٌ . وَعَنِ
الْجَحْدَرِيِّ ( وَارِثٌ ) بِكَسْرِ الْوَاوِ يَعْنِي بِهِ الْإِمَالَةَ الْمَحْضَةَ لَا الْكَسْرَ الْخَالِصَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ
يَعْقُوبَ هُوَ
ابْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ . وَقِيلَ : هُوَ
يَعْقُوبُ بْنُ مَاثَانَ أَخُو زَكَرِيَّاءَ . وَقِيلَ :
يَعْقُوبُ هَذَا
وَعِمْرَانُ أَبُو مَرْيَمَ أَخَوَانِ مِنْ نَسْلِ
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ، وَرَضِيًّا بِمَعْنَى مَرْضِيٍّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يَازَكَرِيَّا ) ، أَيْ : قِيلَ لَهُ بِإِثْرِ الدُّعَاءِ . وَقِيلَ : رَزَقَهُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ دُعَائِهِ . وَقِيلَ : بَعْدَ سِتِّينَ وَالْمُنَادِي وَالْمُبَشِّرُ زَكَرِيَّاءَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ) الْآيَةَ ، وَالْغُلَامُ الْوَلَدُ الذَّكَرُ ، وَقَدْ يُقَالُ لِلْأُنْثَى غُلَامَةٌ كَمَا قَالَ .
تُهَانُ لَهَا الْغُلَامَةُ وَالْغُلَامُ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( يَحْيَى ) لَيْسَ عَرَبِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُمْ أَنْ يُسَمُّوا بِأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ فَيَكُونُ مَنْعُهُ الصَّرْفَ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا فَيَكُونُ
[ ص: 175 ] مُسَمًّى بِالْفِعْلِ كَيَعْمُرُ وَيَعِيشُ وَقَدْ سَمَّوْا بِيَمُوتَ وَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=17394يَمُوتُ بْنُ الْمُزَرَّعِ ابْنُ أُخْتِ
nindex.php?page=showalam&ids=13974الْجَاحِظِ . وَعَلَى أَنَّهُ عَرَبِيٌّ . فَقِيلَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْيَى بِالْحِكْمَةِ وَالْعِفَّةِ . وَقِيلَ : يَحْيَا بِهِدَايَتِهِ وَإِرْشَادِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ . وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُسْتَشْهَدُ ، وَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ . وَقِيلَ : لِأَنَّهُ يُعَمَّرُ زَمَنًا طَوِيلًا . وَقِيلَ : لِأَنَّهُ حَيِيَ بَيْنَ شَيْخٍ كَبِيرٍ وَأُمٍّ عَاقِرٍ . وَقِيلَ : لِأَنَّهُ حَيِيَ بِهِ عُقْرُ أُمِّهِ وَكَانَتْ لَا تَلِدُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ أَسْلَمَ : لَمْ نُسَمِّ قَبْلَهُ أَحَدًا بِيَحْيَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهَذَا شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ الْأَسَامِيَ الشُّنُعَ جَدِيرَةٌ بِالْأَثَرَةِ ، وَإِيَّاهَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُنَحِّي فِي التَّسْمِيَةِ لِكَوْنِهَا أَنْبَهَ وَأَنْوَهَ وَأَنْزَهَ عَنِ النَّفْرِ ، حَتَّى قَالَ الْقَائِلُ فِي مَدْحِ قَوْمٍ :
شُنُعِ الْأَسَامِي مُسْبِلِي أُزُرٍ حُمْرٍ تَمَسُّ الْأَرْضَ بِالْهُدُبِ
وَقَالَ
رُؤْبَةُ لِلنَّسَّابَةِ الْبَكْرِيِّ : وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ نَسَبِهِ أَنَا ابْنُ
الْعَجَّاجِ فَقَالَ : قَصَّرْتَ وَعَرَّفْتَ انْتَهَى . وَقِيلَ
لِلصَّلْتِ بْنِ عَطَاءٍ : كَيْفَ تَقَدَّمْتَ عِنْدَ
الْبَرَامِكَةِ وَعِنْدَهُمْ مَنْ هُوَ آدَبُ مِنْكَ ، فَقَالَ : كَنْتُ غَرِيبَ الدَّارِ غَرِيبَ الِاسْمِ خَفِيفَ الْحَزْمِ شَحِيحًا بِالْأَشْلَاءِ . فَذَكَرَ مِمَّا قَدَّمَهُ كَوْنُهُ غَرِيبَ الِاسْمِ إِذْ كَانَ اسْمُهُ
الصَّلْتَ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7سَمِيًّا ) ، أَيْ : مَثَلًا وَنَظِيرًا وَكَأَنَّهُ مِنَ الْمُسَامَاةِ وَالسُّمُوِّ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّهُ لَا يُفَضَّلُ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا لَمْ تَلِدِ الْعَوَاقِرُ مِثْلَهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَثَلِ سَمِيٌّ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُتَشَاكِلَيْنِ يُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاسْمِ الْمِثْلِ وَالشَّبِيهِ وَالشَّكْلِ وَالنَّظِيرِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَمِيٌّ لِصَاحِبِهِ . وَقِيلَ : لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْصِ وَلَمْ يَهُمَّ بِمَعْصِيَةٍ قَطُّ ، وَأَنَّهُ وُلِدَ بَيْنَ شَيْخٍ فَانٍ وَعَجُوزٍ عَاقِرٍ وَأَنَّهُ كَانَ حَصُورًا انْتَهَى .
( وَأَنَّى ) بِمَعْنَى كَيْفَ : وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ) فِي آلِ عِمْرَانَ ، وَالْعِتِيُّ الْمُبَالَغَةُ فِي الْكِبَرِ ، وَيُبْسِ الْعُودِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11934أَبُو بَحْرِيَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( عِتِيًّا ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالضَّمِّ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ ، وَصَادِ ( صَلِيًّا ) جَعَلَهُمَا مَصْدَرَيْنِ كَالْعَجِيجِ وَالرَّحِيلِ ، وَفِي الضَّمِّ هُمَا كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمَا عَلَى فُعُولٍ . وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ وَمُجَاهِدٍ ( عُسُيًّا ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالسِّينِ كَمُسُوَّرَةٍ . وَحَكَاهَا الدَّانِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَكَاهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ عَنْ
أُبَيٍّ وَمُجَاهِدٍ ، يُقَالُ عَتَّا الْعُودُ وَعَسَّا يَبِسَ وَجَسَّا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ كَذَلِكَ ) ، أَيِ : الْأَمْرُ كَذَلِكَ تَصْدِيقٌ لَهُ ثُمَّ ابْتَدَأَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ رَبُّكَ ) فَالْكَافُ رَفْعٌ أَوْ نَصْبٌ بِـ ( قَالَ ) ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مُبْهَمٍ يُفَسِّرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ) وَنَحْوُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ) . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ) وَلَا يَخْرُجُ هَذَا إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ، أَيِ : الْأَمْرُ كَمَا قُلْتُ ، وَهُوَ عَلَيَّ ذَلِكَ يَهُونُ ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَعْدِ اللَّهِ لَا إِلَى قَوْلِ
زَكَرِيَّاءَ وَقَالَ : مَحْذُوفٌ فِي كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ ، أَيْ : قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ) وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تُنَوِّهْ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُخَاطِبُ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَوَعَدَهُ ، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ كَذَلِكَ ) قِيلَ إِنَّ الْمَعْنَى قَالَ لَهُ الْمَلَكُ ( كَذَلِكَ ) فَلْيَكُنِ الْوُجُودُ كَمَا قِيلَ لَكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ رَبُّكَ ) خَلْقُ الْغُلَامِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9عَلَيَّ هَيِّنٌ ) ، أَيْ : غَيْرُ بِدْعٍ وَكَمَا خَلَقْتُكَ قَبْلُ وَأَخْرَجْتُكَ مِنْ عَدَمٍ إِلَى وُجُودٍ كَذَلِكَ أَفْعَلُ الْآنَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : مَعْنَى قَوْلِهِ ( كَذَلِكَ ) ، أَيِ : الْأَمْرُ أَنَّ اللَّذَانِ ذَكَرْتَ مِنَ الْمَرْأَةِ الْعَاقِرِ وَالْكِبَرِ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ رَبُّكَ ) وَالْمَعْنَى عِنْدِي قَالَ الْمَلَكُ ( كَذَلِكَ ) ، أَيْ : عَلَى هَذِهِ الْحَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ) انْتَهَى . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9هُوَ عَلَيِّ هَيِّنٌ ) بِكَسْرِ الْيَاءِ . وَقَدْ أَنْشَدُوا قَوْلَ
النَّابِغَةِ :
عَلَيِّ لِعَمْرٍو نِعْمَةٌ بَعْدَ نِعْمَةٍ لِوَالِدِهِ لَيْسَتْ بِذَاتِ عَقَارِبِ
بِكَسْرِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَكَسْرُهَا شَبِيهٌ بِقِرَاءَةِ
حَمْزَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ) بِكَسْرِ الْيَاءِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9وَقَدْ خَلَقْتُكَ ) بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَابْنُ وَثَّابٍ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( خَلَقْنَاكَ ) بِنُونِ الْعَظَمَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ) ، أَيْ : شَيْئًا مَوْجُودًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : شَيْئًا ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، أَوْ شَيْئًا يُعْتَدُّ بِهِ كَقَوْلِهِمْ :
[ ص: 176 ] عَجِبْتُ مِنْ لَا شَيْءَ إِذَا رَأَى غَيْرَ شَيْءٍ ظَنَّهُ رَجُلًا .
( قَالَ ) ، أَيْ :
زَكَرِيَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ) ، أَيْ : عَلَامَةً أَعْلَمُ بِهَا وُقُوعَ مَا بُشِّرْتُ بِهِ ، وَطَلَبَ ذَلِكَ لِيَزْدَادَ يَقِينًا كَمَا قَالَ
إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) لَا لِتَوَقُّفٍ مِنْهُ عَلَى صِدْقِ مَا وُعِدَ بِهِ ، وَلَا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ ؛ لِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَقَعَتِ الْبِشَارَةُ مُطْلَقَةً فَلَمْ يَعْرِفِ الْوَقْتَ فَطَلَبَ الْآيَةَ لِيَعْرِفَ وَقْتَ الْوُقُوعِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10قَالَ آيَتُكَ ) رُوِيَ عَنِ
ابْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ لَمَّا حَمَلَتْ زَوْجَتُهُ
بِيَحْيَى أَصْبَحَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُكَلِّمَ أَحَدًا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَيَذْكُرُ اللَّهَ ، فَإِذَا أَرَادَ مُنَادَاةَ أَحَدٍ لَمْ يُطِقْهُ . وَ ( سَوِيًّا ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرٍ ، أَيْ : لَا تُكَلِّمْ فِي حَالِ صِحَّتِكَ لَيْسَ بِكَ خَرَسٌ وَلَا عِلَّةٌ ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَائِدٌ عَلَى اللَّيَالِي ، أَيْ : كَامِلَاتٍ مُسْتَوَيَاتٍ فَتَكُونُ صِفَةً لِثَلَاثٍ ، وَدَلَّ ذِكْرُ اللَّيَالِي هُنَا وَالْأَيَّامِ فِي آلِ عِمْرَانَ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْكَلَامِ اسْتَمَرَّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهِنَّ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ( أَنْ لَا تُكَلِّمُ ) بِرَفْعِ الْمِيمِ جَعَلَهَا أَنِ الْمُخَفَّفَةَ مِنَ الثَّقِيلَةِ ، التَّقْدِيرُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنَصْبِهَا جَعَلُوا أَنِ النَّاصِبَةَ لِلْمُضَارِعِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28990فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ ) ، أَيْ : وَهُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُكَلِّمَ النَّاسَ ، وَمِحْرَابُهُ مَوْضِعُ مُصَلَّاهُ ، وَالْمِحْرَابُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي آلِ عِمْرَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ ) ، أَيْ : أَشَارَ . قَالَ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=17285وَابْنُ مُنَبِّهٍ وَالْكَلْبِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ أَوْحَى إِلَيْهِمْ أَشَارَ ، وَذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : وَيَشْهَدُ لَهُ إِلَّا رَمْزًا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ كَتَبَ لَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : بَلْ كَتَبَ لَهُمْ فِي التُّرَابِ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ وَحْيٌ انْتَهَى . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : كَتَبَ فِي وَرَقَةٍ ، وَالْوَحْيُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْكِتَابَةُ . وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذِي الرُّمَّةِ :
سِوَى الْأَرْبَعِ الدُّهْمِ اللَّوَاتِي كَأَنَّهَا بَقِيَّةُ وَحْيٍ فِي بُطُونِ الصَّحَائِفِ
وَقَالَ
عَنْتَرَةُ :
كَوَحْيِ صَحَائِفٍ مِنْ عَهْدِ كِسْرَى فَأَهْدَاهَا لِأَعْجَمَ طِمْطِمِىِّ
وَقَالَ
جَرِيرٌ :
كَأَنَّ أَخَا الْيَهُودِ يَخُطُّ وَحْيًا بِكَافٍ فِي مَنَازِلِهَا وَلَامِ
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11أَنْ سَبِّحُوا ) صَلُّوا . وَقِيلَ أَمَرَهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّسْبِيحِ . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ كَانَ يَخْرُجُ عَلَى قَوْمِهِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا فَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ إِشَارَةً . وَقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ وَالتَّحْبِيرِ : وَعِنْدِي فِي هَذَا مَعْنًى لَطِيفٌ وَهُوَ أَنَّهُ إِنَّمَا خُصَّ بِالتَّسْبِيحِ بِالذِّكْرِ ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ رَأَى أَمْرًا عَجِبَ مِنْهُ أَوْ رَأَى فِيهِ بَدِيعَ صَنْعَةٍ أَوْ غَرِيبَ حِكْمَةٍ يَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ الْخَالِقِ ، فَلَمَّا رَأَى حُصُولَ الْوَلَدِ مِنْ شَيْخٍ وَعَاقِرٍ عَجِبَ مِنْ ذَلِكَ فَسَبَّحَ وَأَمَرَ بِالتَّسْبِيحِ انْتَهَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَ ( أَنْ ) مُفَسِّرَةٌ . وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11أَنْ سَبِّحُوا ) ( أَنْ ) نُصِبَ بِـ ( أَوْحَى ) . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً ، وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى أَيْ . انْتَهَى . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ أَنْ سَبِّحُوهُ بِهَاءِ الضَّمِيرِ عَائِدَةً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى . وَرَوَى
ابْنُ غَزْوَانَ عَنْ
طَلْحَةَ : أَنْ ( سَبِّحُنَّ ) بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ مِنْ غَيْرِ وَاوٍ ؛ أَلْحَقَ فِعْلَ الْأَمْرِ نُونَ التَّوْكِيدِ الشَّدِيدِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28990يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ، وَالتَّقْدِيرُ فَلَمَّا وُلِدَ
يَحْيَى وَكَبُرَ وَبَلَغَ السِّنَّ الَّذِي يُؤْمَرُ فِيهِ ، قَالَ اللَّهُ لَهُ عَلَى لِسَانِ الْمَلَكِ . وَأَبْعَدَ
التَّبْرِيزِيُّ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الْمُنَادِيَ لَهُ أَبُوهُ حِينَ تَرَعْرَعَ وَنَشَأَ ، وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) وَالْكِتَابُ هُوَ التَّوْرَاةُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ
عِيسَى وَلَمْ يَكُنِ الْإِنْجِيلُ مَوْجُودًا انْتَهَى . وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ قِيلَ لَهُ كِتَابٌ خُصَّ بِهِ كَمَا خُصَّ كَثِيرٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِمِثْلِ ذَلِكَ . وَقِيلَ : الْكِتَابُ هُنَا اسْمُ جِنْسٍ ، أَيِ : اتْلُ كُتُبَ اللَّهِ . وَقِيلَ : الْكِتَابُ صُحُفُ
إِبْرَاهِيمَ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : وَعَلَّمَهُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَأَرْسَلَهُ إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ يَصُومُ وَيُصَلِّي فِي حَالِ طُفُولِيَّتِهِ وَيَدْعُو إِلَى اللَّهِ
[ ص: 177 ] بِقُوَّةٍ : بِجِدٍّ وَاسْتِظْهَارٍ وَعَمَلٍ بِمَا فِيهِ . وَالْحُكْمُ : النُّبُوَّةُ أَوْ حُكْمُ الْكِتَابِ أَوِ الْحِكْمَةُ أَوِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ أَوِ اللُّبُّ ، وَهُوَ الْعَقْلُ ، أَوْ آدَابُ الْخِدْمَةِ أَوِ الْفِرَاسَةُ الصَّادِقَةُ ، أَقْوَالٌ . ( صَبِيًّا ) ، أَيْ : شَابًّا لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْكُهُولَةِ . وَقِيلَ : ابْنُ سَنَتَيْنِ . وَقِيلَ : ابْنُ ثَلَاثٍ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ : " ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ " (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وَحَنَانًا ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْحُكْمِ ، وَالْحَنَانُ الرَّحْمَةُ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ
وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ وَأَنْشَدَ
أَبُو عُبَيْدَةَ :
تَحَنَّنْ عَلَيَّ هَدَاكَ الْمَلِيكُ فَإِنَّ لِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالًا
قَالَ : وَأَكْثَرُ مَا تُسْتَعْمَلُ مُثَنًّى كَمَا قَالَ :
حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : الْمَعْنَى وَجَعَلْنَاهُ ( حَنَانًا ) لِأَهْلِ زَمَانِهِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَتَعَطُّفًا مِنْ رَبِّهِ عَلَيْهِ . وَعَنِ
ابْنِ جُبَيْرٍ : لَيِّنًا . وَعَنْ
عِكْرِمَةَ وَابْنِ زَيْدٍ : مَحَبَّةً ، وَعَنْ
عَطَاءٍ تَعْظِيمًا .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وَزَكَاةً ) عَنِ
الضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ عَمَلًا صَالِحًا . وَعَنِ
ابْنِ السَّائِبِ : صَدَقَةً تُصُدِّقَ بِهَا عَلَى أَبَوَيْهِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ تَطْهِيرًا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ زِيَادَةً فِي الْخَيْرِ . وَقِيلَ ثَنَاءً كَمَا يُزَكَّي الشُّهُودُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وَكَانَ تَقِيًّا ) . قَالَ
قَتَادَةُ : لَمْ يَهُمَّ قَطُّ بِكَبِيرَةٍ وَلَا صَغِيرَةٍ وَلَا هَمَّ بِامْرَأَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : جَعَلَهُ مُتَّقِيًّا لَهُ لَا يَعْدِلُ بِهِ غَيْرَهُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : كَانَ طَعَامُهُ الْعُشْبَ الْمُبَاحَ وَكَانَ لِلدَّمْعِ فِي خَدَّيْهِ مَجَارٍ بَائِنَةٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ ) ، أَيْ : كَثِيرُ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَالتَّبْجِيلِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَأَبُو جَعْفَرٍ فِي رِوَايَةٍ
وَأَبُو نَهِيكٍ وَأَبُو مِجْلَزٍ ( وَبِرًّا ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِكَسْرِ الْبَاءِ ، أَيْ : وَذَا بِرٍّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا ) ، أَيْ : مُتَكَبِّرًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14عَصِيًّا ) ، أَيْ : عَاصِيًا كَثِيرَ الْعِصْيَانِ ، وَأَصْلُهُ عَصُويٌ ، فَعُولٌ لِلْمُبَالَغَةِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَعِيلًا وَهِيَ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وَسَلَامٌ عَلَيْهِ ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : أَيْ أَمَانٌ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا التَّحِيَّةُ الْمُتَعَارَفَةُ ، وَإِنَّمَا الشَّرَفُ فِي أَنْ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي الْإِنْسَانُ فِيهَا فِي غَايَةِ الضَّعْفِ وَالْحَاجَةِ وَقِلَّةِ الْحِيلَةِ وَالْفَقْرِ إِلَى اللَّهِ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنِ
الْحَسَنِ أَنَّ
عِيسَى وَيَحْيَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - الْتَقَيَا وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ ، فَقَالَ
يَحْيَى لِعِيسَى : ادْعُ لِي فَأَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي ، فَقَالَ لَهُ
عِيسَى : بَلْ أَنْتَ ادْعُ لِي فَأَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي ؛ سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَأَنَا سَلَّمْتُ عَلَى نَفْسِي .
وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15يَوْمَ وُلِدَ ) ، أَيْ : أَمَانٌ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَنَالَهُ الشَّيْطَانُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وَيَوْمَ يَمُوتُ ) ، أَيْ : أَمَانٌ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَفِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) تَنْبِيهٌ عَلَى كَوْنِهِ مِنَ الشُّهَدَاءِ لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=169بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) وَهَذَا السَّلَامُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ اللَّهِ وَأَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ انْتَهَى . وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ ) .