(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ،
وحمزة ( إن تضل ) بكسر الهمزة ، جعلها حرف شرط ( فتذكر ) بالتشديد ورفع الراء وجعله جواب الشرط ، وقرأ
[ ص: 349 ] الباقون بفتح همزة ( أن ) وهي الناصبة ، وفتح راء ( فتذكر ) عطفا على : أن تضل ، وسكن الذال وخفف الكاف
ابن كثير ،
وأبو عمرو ، وفتح الذال وشدد الكاف الباقون من السبعة .
وقرأ
الجحدري وعيسى بن عمران ( تضل ) بضم التاء وفتح الضاد مبنيا للمفعول ، بمعنى : تنسى ، كذا حكى عنهما الداني ، وحكى
النقاش عن
الجحدري (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل ) بضم التاء وكسر الضاد ، بمعنى أن تضل الشهادة ، تقول : أضللت الفرس والبعير إذا ذهبا فلم تجدهما .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15770حميد بن عبد الرحمن ، ومجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فتذكر ) بتخفيف الكاف المكسورة ، ورفع الراء ، أي : فهي تذكر ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ( فتذاكر ) من الذاكرة .
والجملة الشرطية من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما فتذكر ) على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وحمزة ، قال
ابن عطية : في موضع رفع بكونه صفة للمذكر ، وهما المرأتان ، انتهى ، كان قد قدم أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ممن ترضون من الشهداء ) في موضع الصفة لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فرجل وامرأتان ) فصار نظير : جاءني رجل وامرأتان عقلاء حبليان ، وفي جواز مثل هذا التركيب نظر ، بل الذي تقتضيه الأقيسة تقديم حبليان على عقلاء ، وأما على قول من أعرب (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ممن ترضون ) بدلا من ( رجالكم ) وعلى ما اخترناه من تعلقه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282واستشهدوا ) فلا يجوز أن تكون جملة الشرط صفة لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وامرأتان ) للفصل بين الموصوف والصفة بأجنبي ، وأما (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل ) بفتح الهمزة ، فهو في موضع المفعول من أجله ، أي : لأن تضل على تنزيل السبب - وهو الإضلال - منزلة المسبب عنه ، وهو الإذكار ، كما ينزل المسبب منزلة السبب لالتباسهما واتصالهما ، فهو كلام محمول على المعنى ، أي : لأن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت ، ونظيره : أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه ، وأعددت السلاح أن يطرق العدو فأدفعه ، ليس إعداد الخشبة لأجل الميل إنما إعدادها لإدعام الحائط إذا مال ، ولا يجوز أن يكون التقدير : مخالفة أن تضل ، لأجل عطف (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فتذكر ) عليه .
وقال
النحاس : سمعت
علي بن سليمان يحكي عن
أبي العباس أن التقدير : كراهة أن تضل ، قال
أبو جعفر : وهذا غلط ، إذ يصير المعنى كراهة أن تذكر ، ومعنى الضلال هنا هو عدم الاهتداء للشهادة لنسيان أو غفلة ، ولذلك قوبل بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فتذكر ) وهو من الذكر ، وأما ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بن العلاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة من أن قراءة التخفيف ( فتذكر ) معناه : تصيرها ذكرا في الشهادة ؛ لأن شهادة امرأة نصف شهادة ، فإذا شهدتا صار مجموع شهادتهما كشهادة ذكر ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : من بدع التفاسير . وقال
ابن عطية : هذا تأويل بعيد غير صحيح ، ولا يحسن في مقابلة الضلال إلا الذكر ، انتهى .
وما قالاه صحيح ، وينبو عنه اللفظ من جهة اللغة ومن جهة المعنى ، أما من جهة اللغة فإن المحفوظ أن هذا الفعل لا يتعدى ، تقول : أذكرت المرأة فهي مذكر إذا ولدت الذكور ، وأما : أذكرت المرأة ، أي : صيرتها كالذكر ، فغير محفوظ ، وأما من جهة المعنى ، فإن لو سلم أن : أذكر ، بمعنى صيرها ذكرا فلا يصح ؛ لأن التصيير ذكرا شامل للمرأتين ، إذ ترك شهادتهما بمنزلة شهادة ذكر فليست إحداهما أذكرت الأخرى على هذا التأويل ، إذ لم تصير شهادتهما وحدها بمنزلة شهادة ذكر .
ولما أبهم الفاعل في (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل ) بقوله : ( إحداهما ) أبهم الفاعل في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فتذكر ) بقوله : ( إحداهما ) إذ كل من المرأتين يجوز عليها الضلال ، والإذكار ، فلم يرد بـ ( إحداهما ) معينة ، والمعنى : إن ضلت هذه أذكرتها هذه ، وإن ضلت هذه أذكرتها هذه ، فدخل الكلام معنى العموم ، وكأنه قيل : من ضل منهما أذكرتها الأخرى ، ولو لم يذكر بعد (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فتذكر ) الفاعل مظهرا للزم أن يكون أضمر المفعول ليكون عائدا على ( إحداهما ) الفاعل بـ ( تضل ) ويتعين أن يكون ( الأخرى ) هو الفاعل ، فكان يكون التركيب : فتذكرها الأخرى ، وأما على التركيب القرآني فالمتبادر إلى الذهن أن ( إحداهما ) فاعل ( تذكر ) و ( الأخرى ) هو المفعول ، ويراد به الضالة ؛ لأن كلا من الاسمين مقصور ، فالسابق هو الفاعل ، ويجوز أن يكون ( إحداهما )
[ ص: 350 ] مفعولا ، والفاعل هو الأخرى لزوال اللبس ، إذ معلوم أن المذكرة ليست الناسية ، فجاز أن يتقدم المفعول ويتأخر الفاعل ، فيكون نحو : كسر العصا موسى ، وعلى هذا الوجه يكون قد وضع الظاهر موضع المضمر المفعول ، فيتعين إذ ذاك أن يكون الفاعل هو ( الأخرى ) ومن قرأ ( أن ) بفتح الهمزة ، و ( فتذكر ) بالرفع على الاستئناف ، قيل : وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما ) المعنى : أن النسيان غالب على طباع النساء لكثرة البرد والرطوبة ، واجتماع المرأتين على النسيان أبعد في العقل من صدور النسيان عن المرأة الواحدة ، فأقيمت المرأتان مقام الرجل ، حتى إن إحداهما لو نسيت ذكرتها الأخرى ، وفيه دلالة على تفضيل الرجل على المرأة .
و ( تذكر ) يتعدى لمفعولين ، والثاني محذوف ، أي : فتذكر إحداهما الأخرى الشهادة ، وفي قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فتذكر إحداهما الأخرى ) دلالة على أن من شرط جواز إقامة الشهادة ذكر الشاهد لها ، وأنه لا يجوز الاقتصار فيها على الخط ، إذ الخط والكتابة مأمور به لتذكر الشهادة ، ويدل عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) وإذا لم يذكرها فهو غير عالم بها .
وقال
أبو حنيفة ،
وأبو يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إذا كتب خطه بالشهادة فلا يشهد حتى يذكرها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526محمد بن أبي ليلى : إذا عرف خطه وسعه أن يشهد عليها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : إذا ذكر أنه شهد ، ولا يذكر عدد الدراهم ، فإنه لا يشهد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) قال
قتادة : سبب نزولها أن الرجل كان يطوف في الحراء العظيم ، فيه القوم ، فلا يتبعه منهم أحد ، فأنزلها الله . وظاهر الآية أن المعنى : ولا يأب الشهداء من تحمل الشهادة إذا ما دعوا لها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقتادة ،
والربيع وغيرهم ، وهذا النهي ليس نهي تحريم ، فله أن يشهد ، وله أن لا يشهد ، قاله
عطاء ،
والحسن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : إن لم يوجد غيره تعين عليه أن يشهد ، وإن وجد فهو مخير ، وقيل : المعنى : ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا لأداء الشهادة إذا كانوا قد شهدوا قبل ذلك ، قاله
مجاهد ،
وعطاء ،
وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والضحاك ،
والسدي ،
وإبراهيم ،
ولاحق بن حميد ،
وابن زيد . وروى
النقاش : هكذا فسره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو صح هذا عنه ، عليه السلام ، لم يعدل عنه فيكون نهي تحريم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا ،
والحسن ،
والسدي : هي في التحمل والإقامة إذا كان فارغا ، وقال
ابن عطية : والآية كما قال
الحسن ، جمعت الأمرين ، والمسلمون مندوبون إلى معاونة إخوانهم ، فإذا كانت الفسحة في كثرة الشهود ، والأمن من تعطيل الحق ، فالمدعو مندوب ، وله أن يتخلف لأدنى عذر وأن يتخلف لغير عذر ، ولا إثم عليه ، وإذا كانت الضرورة ، وخيف تعطيل الحق أدنى خوف ، قوي الندب وقرب من الوجوب ، وإذا علم أن الحق يذهب ويتلف بتأخر الشاهد عن الشهادة ، فواجب عليه القيام بها ، لا سيما إن كانت محصلة ، وكان الدعاء إلى أدائها ، فإن هذا الطرف آكد ؛ لأنها قلادة في العنق وأمانة تقتضي الأداء ، انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ) قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ ،
وَحَمْزَةُ ( إِنْ تَضِلْ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، جَعَلَهَا حَرْفَ شَرْطٍ ( فَتُذَكِّرُ ) بِالتَّشْدِيدِ وَرَفْعِ الرَّاءِ وَجَعْلِهِ جَوَابَ الشَّرْطِ ، وَقَرَأَ
[ ص: 349 ] الْبَاقُونَ بِفَتْحِ هَمْزَةِ ( أَنْ ) وَهِيَ النَّاصِبَةُ ، وَفَتْحِ رَاءِ ( فَتُذَكِّرَ ) عَطْفًا عَلَى : أَنْ تَضِلَّ ، وَسَكَّنَ الذَّالَ وَخَفَّفَ الْكَافَ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ، وَفَتَحَ الذَّالَ وَشَدَّدَ الْكَافَ الْبَاقُونَ مِنَ السَّبْعَةِ .
وَقَرَأَ
الْجُحْدَرِيُّ وَعِيسَى بْنُ عِمْرَانَ ( تُضَلُّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الضَّادِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، بِمَعْنَى : تَنْسَى ، كَذَا حَكَى عَنْهُمَا الدَّانِيُّ ، وَحَكَى
النِّقَاشُ عَنِ
الْجُحْدَرِيِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ ، بِمَعْنَى أَنْ تَضِلَّ الشَّهَادَةُ ، تَقُولُ : أَضْلَلَتِ الْفَرَسُ وَالْبَعِيرُ إِذَا ذَهَبَا فَلَمْ تَجِدْهُمَا .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15770حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمُجَاهِدٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَتُذَكِّرَ ) بِتَخْفِيفِ الْكَافِ الْمَكْسُورَةِ ، وَرَفَعِ الرَّاءِ ، أَيْ : فَهِيَ تُذْكِرُ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمٍ ( فَتُذَاكِرَ ) مِنَ الذَّاكِرَةِ .
وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ ) عَلَى قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ وَحَمْزَةَ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِكَوْنِهِ صِفَةً لِلْمُذَكِّرِ ، وَهُمَا الْمَرْأَتَانِ ، انْتَهَى ، كَانَ قَدْ قُدِّمَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ) فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ) فَصَارَ نَظِيرَ : جَاءَنِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُقَلَاءَ حُبْلَيَانِ ، وَفِي جَوَازِ مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ نَظَرٌ ، بَلِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْأَقْيِسَةُ تَقْدِيَمَ حُبْلَيَانِ عَلَى عُقَلَاءَ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ أَعْرَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282مِمَّنْ تَرْضَوْنَ ) بَدَلًا مِنْ ( رِجَالِكُمْ ) وَعَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَاسْتَشْهِدُوا ) فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ الشَّرْطِ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَامْرَأَتَانِ ) لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَالصِّفَةِ بِأَجْنَبِيٍّ ، وَأَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ ، أَيْ : لِأَنْ تَضِلَّ عَلَى تَنْزِيلِ السَّبَبِ - وَهُوَ الْإِضْلَالُ - مَنْزِلَةَ الْمُسَبَّبِ عَنْهُ ، وَهُوَ الْإِذْكَارُ ، كَمَا يَنْزِلُ الْمُسَبِّبُ مَنْزِلَةَ السَّبَبِ لِالْتِبَاسِهِمَا وَاتِّصَالِهِمَا ، فَهُوَ كَلَامٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى ، أَيْ : لِأَنْ تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى إِنْ ضَلَّتْ ، وَنَظِيرُهُ : أَعْدَدْتُ الْخَشَبَةَ أَنْ يَمِيلَ الْحَائِطُ فَأُدَعِّمَهُ ، وَأَعْدَدْتُ السِّلَاحَ أَنْ يَطْرُقَ الْعَدُوُّ فَأَدْفَعَهُ ، لَيْسَ إِعْدَادُ الْخَشَبَةِ لِأَجْلِ الْمَيْلِ إِنَّمَا إِعْدَادُهَا لِإِدْعَامِ الْحَائِطِ إِذَا مَالَ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : مُخَالَفَةَ أَنْ تَضِلَّ ، لِأَجْلِ عَطْفٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَتُذَكِّرَ ) عَلَيْهِ .
وَقَالَ
النَّحَاسُ : سَمِعْتُ
عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَحْكِي عَنْ
أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّ التَّقْدِيرَ : كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلَّ ، قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا غَلَطٌ ، إِذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى كَرَاهَةَ أَنْ تُذْكَرَ ، وَمَعْنَى الضَّلَالِ هُنَا هُوَ عَدَمُ الِاهْتِدَاءِ لِلشَّهَادَةِ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ ، وَلِذَلِكَ قُوبِلَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَتُذَكِّرَ ) وَهُوَ مِنَ الذِّكْرِ ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ أَنَّ قِرَاءَةَ التَّخْفِيفِ ( فَتُذَكِرُ ) مَعْنَاهُ : تُصَيِّرُهَا ذَكَرًا فِي الشَّهَادَةِ ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ نِصْفُ شَهَادَةٍ ، فَإِذَا شَهِدَتَا صَارَ مَجْمُوعُ شَهَادَتِهِمَا كَشَهَادَةِ ذَكَرٍ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَلَا يُحْسَنُ فِي مُقَابَلَةِ الضَّلَالِ إِلَّا الذِّكْرُ ، انْتَهَى .
وَمَا قَالَاهُ صَحِيحٌ ، وَيَنْبُو عَنْهُ اللَّفْظُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ، أَمَّا مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ فَإِنَّ الْمَحْفُوظَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَا يَتَعَدَّى ، تَقُولُ : أَذْكَرَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ مُذَكِّرٌ إِذَا وُلَدَتِ الذُّكُورَ ، وَأَمَّا : أَذَكَرَتِ الْمَرْأَةُ ، أَيْ : صَيَّرَتْهَا كَالذَّكَرِ ، فَغَيْرُ مَحْفُوظٍ ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ، فَإِنَّ لَوْ سُلِّمَ أَنَّ : أُذَكِّرُ ، بِمَعْنَى صَيَّرَهَا ذَكَرًا فَلَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ التَّصْيِيرَ ذَكَرًا شَامِلٌ لِلْمَرْأَتَيْنِ ، إِذْ تَرْكُ شَهَادَتِهِمَا بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ ذَكَرٍ فَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا أَذْكَرَتِ الْأُخْرَى عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ، إِذْ لَمْ تَصِيرُ شَهَادَتُهُمَا وَحْدَهَا بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ ذَكَرٍ .
وَلَمَّا أُبْهِمَ الْفَاعِلُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ ) بِقَوْلِهِ : ( إِحْدَاهُمَا ) أُبْهِمَ الْفَاعِلُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَتُذَكِّرَ ) بِقَوْلِهِ : ( إِحْدَاهُمَا ) إِذْ كُلٌّ مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ يَجُوزُ عَلَيْهَا الضَّلَالُ ، وَالْإِذْكَارُ ، فَلَمْ يُرِدْ بِـ ( إِحْدَاهُمَا ) مُعَيَّنَةً ، وَالْمَعْنَى : إِنْ ضَلَّتْ هَذِهِ أَذْكَرَتْهَا هَذِهِ ، وَإِنْ ضَلَّتْ هَذِهِ أَذْكَرَتْهَا هَذِهِ ، فَدَخَلَ الْكَلَامُ مَعْنَى الْعُمُومِ ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ : مَنْ ضَلَّ مِنْهُمَا أَذَكَرَتْهَا الْأُخْرَى ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَتُذَكِّرَ ) الْفَاعِلَ مُظْهَرًا لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَضْمَرَ الْمَفْعُولَ لِيُكُونَ عَائِدًا عَلَى ( إِحْدَاهُمَا ) الْفَاعِلِ بِـ ( تَضِلَّ ) وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ ( الْأُخْرَى ) هُوَ الْفَاعِلُ ، فَكَانَ يَكُونُ التَّرْكِيبُ : فَتُذَكِّرَهَا الْأُخْرَى ، وَأَمَّا عَلَى التَّرْكِيبِ الْقُرْآنِيِّ فَالْمُتَبَادِرُ إِلَى الذِّهْنِ أَنَّ ( إِحْدَاهُمَا ) فَاعِلُ ( تُذَكِّرَ ) وَ ( الْأُخْرَى ) هُوَ الْمَفْعُولُ ، وَيُرَادُ بِهِ الضَّالَّةُ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الِاسْمَيْنِ مَقْصُورٌ ، فَالسَّابِقُ هُوَ الْفَاعِلُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( إِحْدَاهُمَا )
[ ص: 350 ] مَفْعُولًا ، وَالْفَاعِلُ هُوَ الْأُخْرَى لِزَوَالِ اللَّبْسِ ، إِذْ مَعْلُومٌ أَنَّ الْمُذَكِّرَةَ لَيْسَتِ النَّاسِيَةَ ، فَجَازَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَفْعُولُ وَيَتَأَخَّرَ الْفَاعِلُ ، فَيَكُونُ نَحْوُ : كَسَرَ الْعَصَا مُوسَى ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ قَدْ وُضِعَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ الْمَفْعُولِ ، فَيَتَعَيَّنُ إِذْ ذَاكَ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ هُوَ ( الْأُخْرَى ) وَمَنْ قَرَأَ ( أَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، وَ ( فَتُذَكِرُ ) بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ، قِيلَ : وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا ) الْمَعْنَى : أَنَّ النِّسْيَانَ غَالِبٌ عَلَى طِبَاعِ النِّسَاءِ لِكَثْرَةِ الْبَرْدِ وَالرُّطُوبَةِ ، وَاجْتِمَاعُ الْمَرْأَتَيْنِ عَلَى النِّسْيَانِ أَبْعَدُ فِي الْعَقْلِ مِنْ صُدُورِ النِّسْيَانِ عَنِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ ، فَأُقِيمَتِ الْمَرْأَتَانِ مَقَامَ الرَّجُلِ ، حَتَّى إِنَّ إِحْدَاهُمَا لَوْ نَسِيَتْ ذَكَّرَتْهَا الْأُخْرَى ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَفْضِيلِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ .
وَ ( تُذَكِّرَ ) يَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ ، وَالثَّانِي مَحْذُوفٌ ، أَيْ : فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى الشَّهَادَةَ ، وَفِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ) دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ جَوَازِ إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الشَّاهِدِ لَهَا ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى الْخَطِّ ، إِذِ الْخَطُّ وَالْكِتَابَةُ مَأْمُورٌ بِهِ لِتَذَكُّرِ الشَّهَادَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=86إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا فَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِهَا .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
وَأَبُو يُوسُفَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : إِذَا كَتَبَ خَطَّهُ بِالشَّهَادَةِ فَلَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَهَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى : إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ : إِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ ، وَلَا يَذْكُرُ عَدَدَ الدَّرَاهِمِ ، فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ) قَالَ
قَتَادَةُ : سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَطُوفُ فِي الْحِرَاءِ الْعَظِيمِ ، فِيهِ الْقَوْمُ ، فَلَا يَتْبَعُهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ . وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ الْمَعْنَى : وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ مِنْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ إِذَا مَا دُعُوا لَهَا ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ ،
وَالرَّبِيعُ وَغَيْرُهُمْ ، وَهَذَا النَّهْيُ لَيْسَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ ، فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ ، وَلَهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ ، قَالَهُ
عَطَاءٌ ،
وَالْحَسَنُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ : إِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ ، وَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى : وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ إِذَا كَانُوا قَدْ شَهِدُوا قَبْلَ ذَلِكَ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ،
وَعَطَاءٌ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
وَالسُّدِّيُّ ،
وَإِبْرَاهِيمُ ،
وَلَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
وَابْنُ زَيْدٍ . وَرَوَى
النِّقَاشُ : هَكَذَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ فَيَكُونُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا ،
وَالْحَسَنُ ،
وَالسُّدِّيُّ : هِيَ فِي التَّحَمُّلِ وَالْإِقَامَةِ إِذَا كَانَ فَارِغًا ، وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْآيَةُ كَمَا قَالَ
الْحَسَنُ ، جَمَعَتِ الْأَمْرَيْنِ ، وَالْمُسْلِمُونَ مَنْدُوبُونَ إِلَى مُعَاوَنَةِ إِخْوَانِهِمْ ، فَإِذَا كَانَتِ الْفُسْحَةُ فِي كَثْرَةِ الشُّهُودِ ، وَالْأَمْنِ مِنْ تَعْطِيلِ الْحَقِّ ، فَالْمَدْعُوُّ مَنْدُوبٌ ، وَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِأَدْنَى عُذْرٍ وَأَنْ يَتَخَلَّفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ ، وَخِيفَ تَعْطِيلُ الْحَقِّ أَدْنَى خَوْفٍ ، قَوِيَ النَّدْبُ وَقَرُبَ مِنَ الْوُجُوبِ ، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْحَقَّ يَذْهَبُ وَيَتْلَفُ بِتَأَخُّرِ الشَّاهِدِ عَنِ الشَّهَادَةِ ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ مُحَصَّلَةً ، وَكَانَ الدُّعَاءُ إِلَى أَدَائِهَا ، فَإِنَّ هَذَا الطَّرَفَ آكَدُ ؛ لِأَنَّهَا قِلَادَةٌ فِي الْعُنُقِ وَأَمَانَةٌ تَقْتَضِي الْأَدَاءَ ، انْتَهَى .