(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=56فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=57وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=58ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=60الحق من ربك فلا تكن من الممترين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) .
الإحساس : الإدراك ببعض الحواس الخمس ، وهي : السمع والبصر والشم والذوق واللمس . يقال : أحسست الشيء ، وحسست به . وتبدل سينه ياء فيقال : حسيت به ، أو تحذف أولى سينيه في أحسست فيقول : أحست . قال :
سوى أن العتاق من المطايا أحسن به فهن إليه شوس
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : وما شذ من المضاعف ، يعني في الحذف ، فشبيه بباب : أقمت ، وذلك قولهم : " أحست " و " أحسن " يريدون : أحسست ، وأحسسن ، وكذلك يفعل بكل بناء تبنى لام الفعل فيه على السكون ، ولا تصل إليه الحركة ، فإذا قلت لم أحس لم تحذف .
الحواري : صفوة الرجل وخاصته . ومنه قيل : الحضريات الحواريات ; لخلوص ألوانهن ونظافتهن قال
أبو جلذة اليشكري :
فقل للحواريات تبكين غيرنا ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح
ومثله في الوزن : الحوالي ، للكثير الحيلة ، وليست الياء فيهما للنسب ، وهو مشتق من الحور ، وهو البياض . حورت الثوب بيضته . المكر : الخداع والخبث ، وأصله الستر ، يقال : مكر الليل إذا أظلم ، واشتقاقه من المكر ، وهو شجر ملتف ، فكان الممكور به يلتف به المكر ، ويشتمل عليه ، ويقال : امرأة ممكورة إذا كانت ملتفة الخلق . والمكر : ضرب من النبات .
تعالى : تفاعل من العلو ، وهو فعل ، لاتصال الضمائر المرفوعة به ، ومعناه : استدعاء المدعو من مكانه إلى مكان داعيه ، وهي كلمة قصد بها أولا تحسين الأدب مع المدعو ، ثم اطردت حتى يقولها الإنسان لعدوه ، ولبهيمته ونحو ذلك .
الابتهال : قوله بهلة الله على الكاذب ، والبهلة بالفتح والضم : اللعنة ، ويقال بهله الله : لعنه وأبعده ، من قولك أبهله ، إذا أهمله ، وناقة باهلة لا ضرار عليها ، وأصل الابتهال هذا ، ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه ، وإن لم يكن التعانا . وقال
لبيد :
من قروم سادة من قومهم نظر الدهر إليهم فابتهل
[ ص: 471 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=28974فلما أحس عيسى منهم الكفر ) تقدم ترتيب هذه الجملة على ما قبلها من الكلام ، وهل الحذف بعد قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=51صراط مستقيم ) أو بعد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=49ورسولا إلى بني إسرائيل ) وذلك عند تفسير (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=49ورسولا إلى بني إسرائيل ) .
قال
مقاتل : أحس ، هنا رأى من رؤية العين أو القلب . وقال
الفراء : أحس وجد . وقال
أبو عبيدة : عرف . وقيل : علم . وقيل : خاف . والكفر : هنا جحود نبوته ، وإنكار معجزاته ، ومنهم : متعلق بـ " أحس " ، قيل : ويجوز أن يكون حالا من الكفر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قال من أنصاري إلى الله ) لما أرادوا قتله استنصر عليهم ، قال
مجاهد ، وقال غيره : إنه استنصر لما كفروا به وأخرجوه من قريتهم وقيل : استنصرهم لإقامة الحق .
قال
المغربي : إنما قال
عيسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52من أنصاري إلى الله ) بعد رفعه إلى السماء ، وعوده إلى الأرض ، وجمع
الحواريين الاثنى عشر ، وبثهم في الآفاق يدعون إلى الحق ، وما قاله من أن ذلك القول كان بعد ما ذكر بعيد جدا ، لم يذكره غيره بل المنقول . والظاهر أنه قال ذلك قبل رفعه إلى السماء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : من أعواني مع الله . وقال
الحسن : من أنصاري في السبيل إلى الله . وقال
أبو علي الفارسي معنى : إلى الله : لله ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=35يهدي إلى الحق ) أي للحق وقيل : من ينصرني إلى نصر الله . وقيل : من ينقطع معي إلى الله ، قاله
ابن بحر ، وقيل : من ينصرني إلى أن أبين أمر الله . وقال
أبو عبيدة : من أعواني في ذات الله ؟ وقال
ابن عطية : من أنصاري إلى الله . عبارة عن حال
عيسى في طلبه من يقوم بالدين ، ويؤمن بالشرع ويحميه ، كما كان
محمد - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على القبائل ، ويتعرض للأحياء في المواسم انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وإلى الله من صلة أنصاري ؟ مضمنا معنى الإضافة ، كأنه قيل : من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله ينصرونني كما ينصرني ؟ أو يتعلق بمحذوف حالا من الياء ، أي : من أنصاري ذاهبا إلى الله ملتجئا إليه ؟ انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قال الحواريون ) أي أصفياء
عيسى . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . أو : خواصه ، قاله
الفراء . أو البيض الثياب ، رواه
ابن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . أو القصارون ، سموا بذلك ; لأنهم يجودون الثياب ، أي يبيضونها ، قاله
الضحاك ، ومقاتل . أو : المجاهدون ، أو : الصيادون ، قال لهم
عيسى على نبينا وعليه - السلام : ألا تمشون معي تصطادون الناس لله ؟ فأجابوا . قال
مصعب : كانوا اثني عشر رجلا يسيحون معه ، يخرج لهم ما احتاجوا إليه من الأرض ، فقالوا : من أفضل منا ؟ نأكل من أين شئنا . فقال
عيسى : من يعمل بيده ؟ ويأكل من كسبه ؟ فصاروا قصارين وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري :
الحواريون : الملوك ، وقال
الضحاك ،
وأبو أرطاة : الغسالون ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك : الحوار النور ، ونسبوا إليه لما كان في وجوههم من سيما العبادة ونورها ، وقال
تاج القراء : الحواري : الصديق .
قيل : لما أراهم الآيات وضع لهم ألوانا شتى من حب واحد آمنوا به واتبعوه ، وقرأ الجمهور : الحواريون ، بتشديد الياء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ،
وأبو بكر الثقفي ، بتخفيف الياء في جميع القرآن ، والعرب تستثقل ضمة الياء المكسور ما قبلها في مثل : القاضيون ، فتنقل الضمة إلى ما قبلها ، وتحذف الياء لالتقائها ساكنة مع الساكن بعدها ، فكان القياس على هذا أن يقال : الحوارون ، لكن أقرت الضمة ، ولم تنقل دلالة على أن التشديد مراد ، إذ التشديد يحتمل الضمة كما ذهب إليه
الأخفش في : يستهزئون ، إذ أبدل الهمزة ياء ، وحملت الضمة تذكرا لحال الهمزة المراد فيها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52نحن أنصار الله ) أي : أنصار دينه وشرعه والداعي إليه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ) لما ذكروا أنهم أنصار الله ، ذكروا مستند هذه النسبة ، وهو الإيمان بالله ، واستدعوا من
عيسى أن يشهد بإسلامهم ; وذلك على سبيل التثبيت لإيمانهم ; لأن انقياد الجوارح تابعة لانقياد القلب وتصديقه ، والرسل تشهد يوم القيامة لقومهم ، وعليهم . ودل ذلك على أن
عيسى - عليه السلام - كان على دين الإسلام ، برأه الله من سائر الأديان كما برأ
إبراهيم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا )
[ ص: 472 ] الآية ، ويحتمل أن يكون : واشهد ، خطابا لله تعالى أي : واشهد يا ربنا ، وفي هذا توبيخ
لنصارى نجران ، إذ حكى الله مقالة أسلافهم المؤمنين ل
عيسى ، فليس كمقالهم فيه ، ودعوى الإلهية له .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=53رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=56فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=57وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=58ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=60الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) .
الْإِحْسَاسُ : الْإِدْرَاكُ بِبَعْضِ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ ، وَهِيَ : السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَاللَّمْسُ . يُقَالُ : أَحْسَسْتُ الشَّيْءَ ، وَحَسَسْتُ بِهِ . وَتُبْدَلُ سِينُهُ يَاءً فَيُقَالُ : حَسَيْتُ بِهِ ، أَوْ تُحْذَفُ أُولَى سِينَيْهِ فِي أَحْسَسْتُ فَيَقُولُ : أَحَسْتُ . قَالَ :
سِوَى أَنَّ الْعِتَاقَ مِنَ الْمَطَايَا أَحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إِلَيْهِ شُوسُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : وَمَا شَذَّ مِنَ الْمُضَاعَفِ ، يَعْنِي فِي الْحَذْفِ ، فَشَبِيهٌ بِبَابِ : أَقَمْتُ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ : " أَحَسْتُ " وَ " أَحَسْنَ " يُرِيدُونَ : أَحْسَسْتُ ، وَأَحْسَسْنَ ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِكُلِّ بِنَاءٍ تُبْنَى لَامُ الْفِعْلِ فِيهِ عَلَى السُّكُونِ ، وَلَا تَصِلُ إِلَيْهِ الْحَرَكَةُ ، فَإِذَا قُلْتَ لَمْ أُحِسَّ لَمْ تُحْذَفْ .
الْحَوَارِيُّ : صَفْوَةُ الرَّجُلِ وَخَاصَّتُهُ . وَمِنْهُ قِيلَ : الْحَضَرِيَّاتُ الْحَوَارِيَّاتُ ; لِخُلُوصِ أَلْوَانِهِنَّ وَنَظَافَتِهِنَّ قَالَ
أَبُو جَلْذَةَ الْيَشْكُرِيُّ :
فَقُلْ لِلْحَوَارِيَّاتِ تُبْكِينَ غَيْرَنَا وَلَا تُبْكِنَا إِلَّا الْكِلَابُ النَّوَابِحُ
وَمِثْلُهُ فِي الْوَزْنِ : الْحَوَالِي ، لِلْكَثِيرِ الْحِيلَةِ ، وَلَيْسَتِ الْيَاءُ فِيهِمَا لِلنَّسَبِ ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَوَرِ ، وَهُوَ الْبَيَاضُ . حَوَّرْتُ الثَّوْبَ بَيَّضْتُهُ . الْمَكْرُ : الْخِدَاعُ وَالْخُبْثُ ، وَأَصْلُهُ السَّتْرُ ، يُقَالُ : مَكَرَ اللَّيْلُ إِذَا أَظْلَمَ ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْمَكْرِ ، وَهُوَ شَجَرٌ مُلْتَفٌّ ، فَكَانَ الْمَمْكُورُ بِهِ يَلْتَفُّ بِهِ الْمَكْرُ ، وَيَشْتَمِلُ عَلَيْهِ ، وَيُقَالُ : امْرَأَةٌ مَمْكُورَةٌ إِذَا كَانَتْ مُلْتَفَّةَ الْخَلْقِ . وَالْمَكْرُ : ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ .
تَعَالَى : تَفَاعَلَ مِنَ الْعُلُوِّ ، وَهُوَ فِعْلٌ ، لِاتِّصَالِ الضَّمَائِرِ الْمَرْفُوعَةِ بِهِ ، وَمَعْنَاهُ : اسْتِدْعَاءُ الْمَدْعُوِّ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى مَكَانِ دَاعِيهِ ، وَهِيَ كَلِمَةٌ قُصِدَ بِهَا أَوَّلًا تَحْسِينُ الْأَدَبِ مَعَ الْمَدْعُوِّ ، ثُمَّ اطُّرِدَتْ حَتَّى يَقُولَهَا الْإِنْسَانُ لِعَدُوِّهِ ، وَلِبَهِيمَتِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ .
الِابْتِهَالُ : قَوْلُهُ بَهْلَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِ ، وَالْبَهْلَةُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ : اللَّعْنَةُ ، وَيُقَالُ بَهَلَهُ اللَّهُ : لَعَنَهُ وَأَبْعَدَهُ ، مِنْ قَوْلِكَ أَبْهَلَهُ ، إِذَا أَهْمَلَهُ ، وَنَاقَةٌ بَاهِلَةٌ لَا ضِرَارَ عَلَيْهَا ، وَأَصْلُ الِابْتِهَالِ هَذَا ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ دُعَاءٍ يُجْتَهَدُ فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْتِعَانًا . وَقَالَ
لَبِيدٌ :
مِنْ قُرُومِ سَادَةٍ مِنْ قَوْمِهِمْ نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهَلْ
[ ص: 471 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=28974فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ ) تَقَدَّمَ تَرْتِيبُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنَ الْكَلَامِ ، وَهَلِ الْحَذْفُ بَعْدَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=51صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) أَوْ بَعْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=49وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) وَذَلِكَ عِنْدَ تَفْسِيرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=49وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) .
قَالَ
مُقَاتِلٌ : أَحَسَّ ، هُنَا رَأَى مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ أَوِ الْقَلْبِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : أَحَسَّ وَجَدَ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : عَرَفَ . وَقِيلَ : عَلِمَ . وَقِيلَ : خَافَ . وَالْكُفْرُ : هُنَا جُحُودُ نُبُوَّتِهِ ، وَإِنْكَارُ مُعْجِزَاتِهِ ، وَمِنْهُمْ : مُتَعَلِّقٌ بِـ " أَحَسَّ " ، قِيلَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْكُفْرِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ) لَمَّا أَرَادُوا قَتْلَهُ اسْتَنْصَرَ عَلَيْهِمْ ، قَالَ
مُجَاهِدٌ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : إِنَّهُ اسْتَنْصَرَ لَمَّا كَفَرُوا بِهِ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ قَرْيَتِهِمْ وَقِيلَ : اسْتَنْصَرَهُمْ لِإِقَامَةِ الْحَقِّ .
قَالَ
الْمَغْرِبِيُّ : إِنَّمَا قَالَ
عِيسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ) بَعْدَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَعَوْدِهِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَجَمَعَ
الْحَوَارِيِّينَ الِاثْنَى عَشَرَ ، وَبَثَّهُمْ فِي الْآفَاقِ يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ ، وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ بَعِيدٌ جِدًّا ، لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ بَلِ الْمَنْقُولِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : مَنْ أَعْوَانِي مَعَ اللَّهِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : مَنْ أَنْصَارِي فِي السَّبِيلِ إِلَى اللَّهِ . وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ مَعْنَى : إِلَى اللَّهِ : لِلَّهِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=35يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ) أَيْ لِلْحَقِّ وَقِيلَ : مَنْ يَنْصُرُنِي إِلَى نَصْرِ اللَّهِ . وَقِيلَ : مَنْ يَنْقَطِعُ مَعِي إِلَى اللَّهِ ، قَالَهُ
ابْنُ بَحْرٍ ، وَقِيلَ : مَنْ يَنْصُرُنِي إِلَى أَنْ أُبَيِّنَ أَمْرَ اللَّهِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : مَنْ أَعْوَانِي فِي ذَاتِ اللَّهِ ؟ وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : مِنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ . عِبَارَةٌ عَنْ حَالِ
عِيسَى فِي طَلَبِهِ مَنْ يَقُومُ بِالدِّينِ ، وَيُؤْمِنُ بِالشَّرْعِ وَيَحْمِيهِ ، كَمَا كَانَ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ ، وَيَتَعَرَّضُ لِلْأَحْيَاءِ فِي الْمَوَاسِمِ انْتَهَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَإِلَى اللَّهِ مِنْ صِلَةِ أَنْصَارِي ؟ مُضَمَّنًا مَعْنَى الْإِضَافَةِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : مَنِ الَّذِينَ يُضِيفُونَ أَنْفُسَهُمْ إِلَى اللَّهِ يَنْصُرُونَنِي كَمَا يَنْصُرُنِي ؟ أَوْ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ حَالًا مِنَ الْيَاءِ ، أَيْ : مَنْ أَنْصَارِي ذَاهِبًا إِلَى اللَّهِ مُلْتَجِئًا إِلَيْهِ ؟ انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ) أَيْ أَصْفِيَاءُ
عِيسَى . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . أَوْ : خَوَاصُّهُ ، قَالَهُ
الْفَرَّاءُ . أَوِ الْبِيضُ الثِّيَابِ ، رَوَاهُ
ابْنُ جُبَيْرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . أَوِ الْقَصَّارُونَ ، سُمُّوا بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ يُجَوِّدُونَ الثِّيَابَ ، أَيْ يُبَيِّضُونَهَا ، قَالَهُ
الضَّحَّاكُ ، وَمُقَاتِلٌ . أَوِ : الْمُجَاهِدُونَ ، أَوِ : الصَّيَّادُونَ ، قَالَ لَهُمْ
عِيسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ - السَّلَامُ : أَلَا تَمْشُونَ مَعِي تَصْطَادُونَ النَّاسَ لِلَّهِ ؟ فَأَجَابُوا . قَالَ
مُصْعَبٌ : كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا يَسِيحُونَ مَعَهُ ، يَخْرُجُ لَهُمْ مَا احْتَاجُوا إِلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ ، فَقَالُوا : مَنْ أَفْضَلُ مِنَّا ؟ نَأْكُلُ مِنْ أَيْنَ شِئْنَا . فَقَالَ
عِيسَى : مَنْ يَعْمَلُ بِيَدِهِ ؟ وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ ؟ فَصَارُوا قَصَّارِينَ وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ :
الْحَوَارِيُّونَ : الْمُلُوكُ ، وَقَالَ
الضَّحَّاكُ ،
وَأَبُو أَرْطَاةَ : الْغَسَّالُونَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ : الْحَوَارُ النُّورُ ، وَنُسِبُوا إِلَيْهِ لِمَا كَانَ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ سِيمَا الْعِبَادَةِ وَنُورِهَا ، وَقَالَ
تَاجُ الْقُرَّاءِ : الْحَوَارِيُّ : الصِّدِّيقُ .
قِيلَ : لَمَّا أَرَاهُمُ الْآيَاتِ وَضَعَ لَهُمْ أَلْوَانًا شَتَّى مِنْ حَبٍّ وَاحِدٍ آمَنُوا بِهِ وَاتَّبَعُوهُ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : الْحَوَارِيُّونَ ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ،
وَأَبُو بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ ، بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ ، وَالْعَرَبُ تَسْتَثْقِلُ ضَمَّةَ الْيَاءِ الْمَكْسُورَ مَا قَبْلَهَا فِي مِثْلِ : الْقَاضِيُونَ ، فَتَنْقِلُ الضَّمَّةَ إِلَى مَا قَبْلَهَا ، وَتَحْذِفُ الْيَاءَ لِالْتِقَائِهَا سَاكِنَةً مَعَ السَّاكِنِ بَعْدَهَا ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ : الْحَوَارُونَ ، لَكِنْ أُقِرَّتِ الضَّمَّةُ ، وَلَمْ تَنْقُلْ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ التَّشْدِيدَ مُرَادٌ ، إِذِ التَّشْدِيدُ يَحْتَمِلُ الضَّمَّةَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
الْأَخْفَشُ فِي : يَسْتَهْزِئُونَ ، إِذْ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ يَاءً ، وَحَمَلَتِ الضَّمَّةَ تَذَكُّرًا لِحَالِ الْهَمْزَةِ الْمُرَادِ فِيهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ) أَيْ : أَنْصَارُ دِينِهِ وَشَرْعِهِ وَالدَّاعِي إِلَيْهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) لَمَّا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ أَنْصَارُ اللَّهِ ، ذَكَرُوا مُسْتَنَدَ هَذِهِ النِّسْبَةِ ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ ، وَاسْتَدْعَوْا مِنْ
عِيسَى أَنْ يَشْهَدَ بِإِسْلَامِهِمْ ; وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّثْبِيتِ لِإِيمَانِهِمْ ; لِأَنَّ انْقِيَادَ الْجَوَارِحِ تَابِعَةٌ لِانْقِيَادِ الْقَلْبِ وَتَصْدِيقِهِ ، وَالرُّسُلُ تَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِقَوْمِهِمْ ، وَعَلَيْهِمْ . وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ ، بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ سَائِرِ الْأَدْيَانِ كَمَا بَرَّأَ
إِبْرَاهِيمَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=67مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا )
[ ص: 472 ] الْآيَةَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ : وَاشْهَدْ ، خِطَابًا لِلَّهِ تَعَالَى أَيْ : وَاشْهَدْ يَا رَبَّنَا ، وَفِي هَذَا تَوْبِيخٌ
لِنَصَارَى نَجْرَانَ ، إِذْ حَكَى اللَّهُ مَقَالَةَ أَسْلَافِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ لِ
عِيسَى ، فَلَيْسَ كَمَقَالِهِمْ فِيهِ ، وَدَعْوَى الْإِلَهِيَّةِ لَهُ .