nindex.php?page=treesubj&link=28975_13650قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ، لم يبين هنا حكمة تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث مع أنهما سواء في القرابة ، ولكنه أشار إلى ذلك في موضع آخر وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم [ 4 ] ; لأن القائم على غيره المنفق ماله عليه مترقب للنقص دائما ، والمقوم عليه المنفق عليه المال مترقب للزيادة دائما ، والحكمة في إيثار مترقب النقص على مترقب الزيادة جبر لنقصة المترقبة ظاهرة جدا .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف الآية ، صرح تعالى في هذه الآية الكريمة بأن
nindex.php?page=treesubj&link=13985البنات إن كن ثلاثا فصاعدا ، فلهن الثلثان وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فوق اثنتين يوهم أن الاثنتين ليستا كذلك ، وصرح بأن
nindex.php?page=treesubj&link=13941الواحدة لها النصف ، ويفهم منه أن الاثنتين ليستا كذلك أيضا ، وعليه ففي دلالة الآية على قدر ميراث البنتين إجمال .
وقد أشار تعالى في موضعين إلى أن هذا الظرف لا مفهوم مخالفة له ، وأن للبنتين الثلثين أيضا :
الأول قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين ، إذ الذكر يرث مع الواحدة الثلثين بلا نزاع ، فلا بد أن يكون للبنتين الثلثان في صورة ، وإلا لم يكن للذكر مثل حظ الأنثيين ; لأن الثلثين ليسا بحظ لهما أصلا ، لكن تلك الصورة ليست صورة الاجتماع ، إذ ما من صورة يجتمع فيها الابنتان مع الذكر ويكون لهما الثلثان ، فتعين أن تكون صورة انفرادهما عن الذكر . واعتراض بعضهم هذا الاستدلال بلزوم الدور قائلا : إن معرفة أن للذكر الثلثين في الصورة المذكورة تتوقف على معرفة حظ الأنثيين ; لأنه ما علم من
[ ص: 225 ] الآية إلا أن للذكر مثل حظ الأنثتين ، فلو كانت معرفة حظ الأنثيين مستخرجة من حظ الذكر لزم الدور ساقط ; لأن المستخرج هو الحظ المعين للأنثيين وهو الثلثان ، والذي يتوقف عليه معرفة حظ الذكر هو معرفة حظ الأنثيين مطلقا ، فلا دور لانفكاك الجهة ، واعترضه بعضهم أيضا بأن للابن مع البنتين النصف ، فيدل على أن فرضهما النصف ، ويؤيد الأول أن البنتين لما استحقتا مع الذكر النصف علم أنهما إن انفردتا عنه ، استحقتا أكثر من ذلك ; لأن الواحدة إذا انفردت أخذت النصف بعدما كانت معه تأخذ الثلث ، ويزيده إيضاحا أن البنت تأخذ مع الابن الذكر الثلث بلا نزاع ، فلأن تأخذه مع الابنة الأنثى أولى .
فبهذا يظهر أنه جل وعلا أشار إلى ميراث البنتين بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين ، كما بينا ، ثم ذكر حكم الجماعة من البنات ، وحكم الواحدة منهن بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ، ومما يزيده إيضاحا ، أنه تعالى فرعه عليه بالفاء في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن ، إذ لو لم يكن فيما قبله ما يدل على سهم الإناث لم تقع الفاء موقعها كما هو ظاهر .
الموضع الثاني : هو قوله تعالى في الأختين :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك [ 4 \ 176 ] ; لأن البنت أمس رحما ، وأقوى سببا في الميراث من الأخت بلا نزاع .
فإذا صرح تعالى : بأن
nindex.php?page=treesubj&link=13998للأختين الثلثين ، علم أن البنتين كذلك من باب أولى ، وأكثر العلماء على أن فحوى الخطاب ، أعني : مفهوم الموافقة الذي المسكوت فيه أولى بالحكم من المنطوق ، من قبيل دلالة اللفظ لا من قبيل القياس ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وقوم ، كما علم في الأصول فالله تبارك وتعالى لما بين أن للأختين الثلثين أفهم بذلك أن البنتين كذلك من باب أولى .
وكذلك لما صرح أن لما زاد على الاثنتين من البنات الثلثين فقط ، ولم يذكر حكم ما زاد على الاثنتين من الأخوات ، أفهم أيضا من باب أولى أنه ليس لما زاد من الأخوات غير الثلثين ; لأنه لما لم يعط للبنات علم أنه لا تستحقه الأخوات ، فالمسكوت عنه في الأمرين أولى بالحكم من المنطوق به ، وهو دليل على أنه قصد أخذه منه ، ويزيد ما ذكرنا إيضاحا ما أخرجه الإمام
أحمد ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن
جابر - رضي الله
[ ص: 226 ] عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007242جاءت امرأة nindex.php?page=showalam&ids=3402سعد بن الربيع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا سعد قتل أبوهما يوم أحد ، وإن عمهما أخذ مالهما ، ولم يدع لهما مالا ، ولا ينكحان إلا ولهما مال فقال صلى الله عليه وسلم : " يقضي الله تعالى في ذلك " فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمهما ، فقال : " أعط ابنتي سعد الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فهو لك " .
وما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - من أنه قال : للبنتين النصف ; لأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ، فصرح بأن الثلثين إنما هما لما فوق الاثنتين فيه أمور :
الأول : أنه مردود بمثله ; لأن الله قال أيضا :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وإن كانت واحدة فلها النصف ، فصرح بأن النصف للواحدة جاعلا كونها واحدة شرطا معلقا عليه فرض النصف .
وقد تقرر في الأصول أن المفاهيم إذا تعارضت قدم الأقوى منها ، ومعلوم أن
nindex.php?page=treesubj&link=20812مفهوم الشرط أقوى من مفهوم الظرف ; لأن مفهوم الشرط لم يقدم عليه من المفاهيم ، إلا ما قال فيه بعض العلماء : إنه منطوق لا مفهوم وهو النفي والإثبات ، وإنما من صيغ الحصر والغاية ، وغير هذا يقدم عليه مفهوم الشرط ، قال في " مراقي السعود " مبينا مراتب مفهوم المخالفة : [ الرجز ]
أعلاه لا يرشد إلا العلما فما لمنطوق بضعف انتمى فالشرط فالوصف الذي يناسب
فمطلق الوصف الذي يقارب فعدد ثمت تقديم يلي
وهو حجة على النهج الجلي
وقال صاحب " جمع الجوامع " ما نصه : مسألة الغاية قيل : منطوق والحق مفهوم يتلوه الشرط ، فالصفة المناسبة ، فمطلق الصفة غير العدد ، فالعدد ، فتقديم المعمول إلخ .
وبهذا تعلم أن مفهوم الشرط في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وإن كانت واحدة فلها النصف أقوى من مفهوم الظرف في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كن نساء فوق اثنتين .
الثاني : دلالة الآيات المتقدمة على أن للبنتين الثلثين .
الثالث : تصريح النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك في حديث
جابر المذكور آنفا .
[ ص: 227 ] الرابع : أنه روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الرجوع عن ذلك .
قال
الألوسي في " تفسيره " ما نصه : وفي " شرح الينبوع " نقلا عن الشريف
شمس الدين الأرموني أنه قال في " شرح فرائض الوسيط " : صح رجوع
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - عن ذلك فصار إجماعا . ا هـ منه بلفظه .
nindex.php?page=treesubj&link=28975_13650قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا حِكْمَةَ تَفْضِيلِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى فِي الْمِيرَاثِ مَعَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقَرَابَةِ ، وَلَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=34الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [ 4 ] ; لِأَنَّ الْقَائِمَ عَلَى غَيْرِهِ الْمُنْفِقَ مَالَهُ عَلَيْهِ مُتَرَقِّبٌ لِلنَّقْصِ دَائِمًا ، وَالْمُقَوَّمَ عَلَيْهِ الْمُنْفَقَ عَلَيْهِ الْمَالُ مُتَرَقِّبٌ لِلزِّيَادَةِ دَائِمًا ، وَالْحِكْمَةُ فِي إِيثَارِ مُتَرَقِّبِ النَّقْصِ عَلَى مُتَرَقِّبِ الزِّيَادَةِ جَبْرٌ لِنَقْصَةِ الْمُتَرَقِّبَةِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ الْآيَةَ ، صَرَّحَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=13985الْبَنَاتِ إِنْ كُنَّ ثَلَاثًا فَصَاعِدًا ، فَلَهُنَّ الثُّلْثَانِ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَوْقَ اثْنَتَيْنِ يُوهِمُ أَنَّ الِاثْنَتَيْنِ لَيْسَتَا كَذَلِكَ ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=13941الْوَاحِدَةَ لَهَا النِّصْفُ ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الِاثْنَتَيْنِ لَيْسَتَا كَذَلِكَ أَيْضًا ، وَعَلَيْهِ فَفِي دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِ الْبِنْتَيْنِ إِجْمَالٌ .
وَقَدْ أَشَارَ تَعَالَى فِي مَوْضِعَيْنِ إِلَى أَنَّ هَذَا الظَّرْفَ لَا مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ لَهُ ، وَأَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا :
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، إِذِ الذَّكَرُ يَرِثُ مَعَ الْوَاحِدَةِ الثُّلُثَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ فِي صُورَةٍ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ; لِأَنَّ الثُّلُثَيْنِ لَيْسَا بِحَظٍّ لَهُمَا أَصْلًا ، لَكِنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ لَيْسَتْ صُورَةَ الِاجْتِمَاعِ ، إِذْ مَا مِنْ صُورَةٍ يَجْتَمِعُ فِيهَا الِابْنَتَانِ مَعَ الذَّكَرِ وَيَكُونُ لَهُمَا الثُّلُثَانِ ، فَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ صُورَةَ انْفِرَادِهِمَا عَنِ الذَّكَرِ . وَاعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ بِلُزُومِ الدَّوْرِ قَائِلًا : إِنَّ مَعْرِفَةَ أَنَّ لِلذَّكَرِ الثُّلُثَيْنِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ; لِأَنَّهُ مَا عُلِمَ مِنَ
[ ص: 225 ] الْآيَةِ إِلَّا أَنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَتَيْنِ ، فَلَوْ كَانَتْ مَعْرِفَةُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ مُسْتَخْرَجَةً مِنْ حَظِّ الذَّكَرِ لَزِمَ الدَّوْرَ سَاقِطٌ ; لِأَنَّ الْمُسْتَخْرَجَ هُوَ الْحَظُّ الْمُعَيَّنُ لِلْأُنْثَيَيْنِ وَهُوَ الثُّلُثَانِ ، وَالَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ حَظِّ الذَّكَرِ هُوَ مَعْرِفَةُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا ، فَلَا دَوْرَ لِانْفِكَاكِ الْجِهَةِ ، وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِأَنَّ لِلِابْنِ مَعَ الْبِنْتَيْنِ النِّصْفَ ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَرْضَهُمَا النِّصْفُ ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ لَمَّا اسْتَحَقَّتَا مَعَ الذَّكَرِ النِّصْفَ عُلِمَ أَنَّهُمَا إِنِ انْفَرَدَتَا عَنْهُ ، اسْتَحَقَّتَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ إِذَا انْفَرَدَتْ أَخَذَتِ النِّصْفَ بَعْدَمَا كَانَتْ مَعَهُ تَأْخُذُ الثُّلُثَ ، وَيَزِيدُهُ إِيضَاحًا أَنَّ الْبِنْتَ تَأْخُذُ مَعَ الِابْنِ الذَّكَرِ الثُّلُثَ بِلَا نِزَاعٍ ، فَلِأَنْ تَأْخُذَهُ مَعَ الِابْنَةِ الْأُنْثَى أَوْلَى .
فَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَشَارَ إِلَى مِيرَاثِ الْبِنْتَيْنِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، كَمَا بَيَّنَّا ، ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الْجَمَاعَةِ مِنَ الْبَنَاتِ ، وَحُكْمَ الْوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ، وَمِمَّا يَزِيدُهُ إِيضَاحًا ، أَنَّهُ تَعَالَى فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا قَبْلَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى سَهْمِ الْإِنَاثِ لَمْ تَقَعِ الْفَاءُ مَوْقِعَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ .
الْمَوْضِعُ الثَّانِي : هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْأُخْتَيْنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [ 4 \ 176 ] ; لِأَنَّ الْبِنْتَ أَمَسُّ رَحِمًا ، وَأَقْوَى سَبَبًا فِي الْمِيرَاثِ مِنَ الْأُخْتِ بِلَا نِزَاعٍ .
فَإِذَا صَرَّحَ تَعَالَى : بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=13998لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ ، عُلِمَ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ كَذَلِكَ مِنْ بَابٍ أَوْلَى ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ فَحْوَى الْخِطَابِ ، أَعْنِي : مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ الَّذِي الْمَسْكُوتُ فِيهِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنَ الْمَنْطُوقِ ، مِنْ قَبِيلِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ لَا مِنْ قَبِيلِ الْقِيَاسِ ، خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ وَقَوْمٍ ، كَمَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ فَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ أَفْهَمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى .
وَكَذَلِكَ لَمَّا صَرَّحَ أَنَّ لِمَا زَادَ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ مِنَ الْبَنَاتِ الثُّلُثَيْنِ فَقَطْ ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا زَادَ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ مِنَ الْأَخَوَاتِ ، أَفْهَمَ أَيْضًا مِنْ بَابٍ أَوْلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِمَا زَادَ مِنَ الْأَخَوَاتِ غَيْرُ الثُّلُثَيْنِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْطِ لِلْبَنَاتِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَسْتَحِقُّهُ الْأَخَوَاتُ ، فَالْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنَ الْمَنْطُوقِ بِهِ ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ أَخْذَهُ مِنْهُ ، وَيَزِيدُ مَا ذَكَرْنَا إِيضَاحًا مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ ،
وَأَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ
جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ
[ ص: 226 ] عَنْهُ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007242جَاءَتِ امْرَأَةُ nindex.php?page=showalam&ids=3402سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدٍ قُتِلَ أَبُوهُمَا يَوْمَ أُحُدٍ ، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا ، وَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالًا ، وَلَا يُنْكَحَانِ إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ " فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عَمِّهِمَا ، فَقَالَ : " أَعْطِ ابْنَتِي سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ ، وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ " .
وَمَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ أَنَّهُ قَالَ : لِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ، فَصَرَّحَ بِأَنَّ الثُّلُثَيْنِ إِنَّمَا هُمَا لِمَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ فِيهِ أُمُورٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ مَرْدُودٌ بِمِثْلِهِ ; لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ أَيْضًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ، فَصَرَّحَ بِأَنَّ النِّصْفَ لِلْوَاحِدَةِ جَاعِلًا كَوْنَهَا وَاحِدَةً شَرْطًا مُعَلَّقًا عَلَيْهِ فَرْضُ النِّصْفِ .
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمَفَاهِيمَ إِذَا تَعَارَضَتْ قُدِّمَ الْأَقْوَى مِنْهَا ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20812مَفْهُومَ الشَّرْطِ أَقْوَى مِنْ مَفْهُومِ الظَّرْفِ ; لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ لَمْ يُقَدَّمْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَفَاهِيمِ ، إِلَّا مَا قَالَ فِيهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إِنَّهُ مَنْطُوقٌ لَا مَفْهُومٌ وَهُوَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ ، وَإِنَّمَا مِنْ صِيَغِ الْحَصْرِ وَالْغَايَةِ ، وَغَيْرُ هَذَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ ، قَالَ فِي " مَرَاقِي السُّعُودِ " مُبَيِّنًا مَرَاتِبَ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ : [ الرَّجَزِ ]
أَعْلَاهُ لَا يُرْشَدُ إِلَّا الْعِلْمَا فَمَا لِمَنْطُوقٍ بِضَعْفٍ انْتَمَى فَالشَّرْطُ فَالْوَصْفُ الَّذِي يُنَاسِبُ
فَمُطْلَقُ الْوَصْفِ الَّذِي يُقَارِبُ فَعَدَدٌ ثَمَّتَ تَقْدِيمٌ يَلِي
وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى النَّهْجِ الْجَلِيِّ
وَقَالَ صَاحِبُ " جَمْعِ الْجَوَامِعِ " مَا نَصُّهُ : مَسْأَلَةُ الْغَايَةِ قِيلَ : مَنْطُوقٌ وَالْحَقُّ مَفْهُومٌ يَتْلُوهُ الشَّرْطُ ، فَالصِّفَةُ الْمُنَاسِبَةُ ، فَمُطْلَقُ الصِّفَةِ غَيْرُ الْعَدَدِ ، فَالْعَدَدُ ، فَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ إِلَخْ .
وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ أَقْوَى مِنْ مَفْهُومِ الظَّرْفِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ .
الثَّانِي : دَلَالَةُ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ .
الثَّالِثُ : تَصْرِيحُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ
جَابِرٍ الْمَذْكُورِ آنِفًا .
[ ص: 227 ] الرَّابِعُ : أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ .
قَالَ
الْأَلُوسِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ " مَا نَصُّهُ : وَفِي " شَرْحِ الْيَنْبُوعِ " نَقْلًا عَنِ الشَّرِيفِ
شَمْسِ الدِّينِ الْأَرْمُونِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي " شَرْحِ فَرَائِضِ الْوَسِيطِ " : صَحَّ رُجُوعُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ ذَلِكَ فَصَارَ إِجْمَاعًا . ا هـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .