تنبيه
nindex.php?page=treesubj&link=21392تنقسم أفعاله - صلى الله عليه وسلم - إلى عدة أقسام :
أولا : ما كان يفعله بمقتضى الجبلة ، وهو متطلبات الحياة من أكل ، وشرب ، ولبس ، ونوم ، فهذا كله يفعله استجابة لمتطلبات الحياة ، وكان يفعله قبل البعثة ويفعله كل إنسان ، فهو على الإباحة الأصلية ، وليس فيه تشريع جديد ، ولكن صورة الفعل ، وكيفيته ككون الأكل والشراب باليمين إلخ ، وكونه من أمام الآكل ، فهذا هو موضع التأسي به - صلى الله عليه وسلم - وكذلك نوع المأكول أو تركه ما لم يكن لمانع كعدم أكله - صلى الله عليه وسلم - للضب والبقول المطبوخة ، وقد بين السبب في ذلك ، فالأول : لأنه ليس في أرض قومه فكان يعافه ، والثاني : لأنه يناجي من لا نناجي ، وقد قال صاحب المراقي :
وفعله المركوز في الجبلة كالأكل والشرب فليس مله
[ ص: 39 ] من غير لمح الوصف . . .
ثانيا : ما كان مترددا بين الجبلة والتشريع كوقوفه - صلى الله عليه وسلم -
بعرفة راكبا على ناقته ، ونزوله
بالمحصب منصرفه من
منى ، فالوقوف الذي هو ركن الحج يتم بالتواجد في الموقف
بعرفة على أية حالة ، فهل كان وقوفه - صلى الله عليه وسلم - راكبا من تمام نسكه ، أم أنه - صلى الله عليه وسلم - فعله دون قصد إلى النسك ؟ خلاف بين الأصوليين ، ولا يبعد من يقول : قد يكون فعله - صلى الله عليه وسلم - هذا ؛ ليكون أبرز لشخصه في مثل هذا الجمع ، تسهيلا على من أراده لسؤال أو رؤية أو حاجة ، فيكون تشريعا لمن يكون في منزلته في المسئولية .
ثالثا : ما ثبتت خصوصيته به مثل جواز جمعه بين أكثر من أربع نسوة بالنكاح لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك [ 33 \ 50 ] ، وكن أكثر من أربع ، ونكاح الواهبة نفسها لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50خالصة لك من دون المؤمنين [ 33 \ 50 ] فهذا لا شركة لأحد معه فيه .
رابعا : ما كان بيانا لنص قرآني ، كقطعه - صلى الله عليه وسلم - يد السارق من الكوع بيانا لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [ 5 \ 38 ] ، وكأعمال الحج والصلاة ، فهما بيان لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة [ 2 \ 43 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [ 3 \ 97 ] ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007269 " صلوا كما رأيتموني أصلي " ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008444 " خذوا عني مناسككم " ، فهذا القسم حكمه للأمة ، حكم المبين بالفتح ، ففي الوجوب واجب ، وفي غيره بحسبه .
خامسا : ما فعله - صلى الله عليه وسلم - لا لجبلة ولا لبيان ، ولم تثبت خصوصيته له ، فهذا على قسمين : أحدهما : أن يعلم حكمه بالنسبة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - من وجوب ، أو ندب ، أو إباحة ، فيكون حكمه للأمة كذلك كصلاته - صلى الله عليه وسلم - في
الكعبة ، وقد علمنا أنها في حقه - صلى الله عليه وسلم - جائزة ، فهي للأمة على الجواز . ثانيهما : ألا يعلم حكمه بالنسبة إليه - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا القسم أربعة أقوال :
أولها : الوجوب عملا بالأحوط ، وهو قول
أبي حنيفة ، وبعض الشافعية ، ورواية عن
أحمد .
ثانيها : الندب لرجحان الفعل على الترك ، وهو قول بعض الشافعية ، ورواية عن
أحمد أيضا .
[ ص: 40 ] ثالثها : الإباحة ؛ لأنها المتيقن ، ولكن هذا فيما لا قربة فيه ، إذ القرب لا توصف بالإباحة .
رابعها : التوقف لعدم معرفة المراد ، وهو قول
المعتزلة ، وهذا أضعف الأقوال ؛ لأن التوقف ليس فيه تأس .
فتحصل لنا من هذه الأقوال الأربعة أن الصحيح الفعل تأسيا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجوبا أو ندبا ، ومثلوا لهذا الفعل بخلعه - صلى الله عليه وسلم - نعله في الصلاة ، فخلع الصحابة كلهم نعالهم ، فلما انتهى - صلى الله عليه وسلم - سألهم عن خلعهم نعالهم قالوا : رأيناك فعلت ففعلنا ، فقال لهم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003097 " أتاني جبريل وأخبرني أن في نعلي أذى فخلعتها " ، فإنه أقرهم على خلعهم تأسيا به ، ولم يعب عليهم مع أنهم لم يعلموا الحكم قبل إخباره إياهم ، وقد جاء هنا ما تقولون بصيغة العموم .
وقال الشيخ - رحمه الله - في دفع الإيهام في سورة " الأنفال " عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم [ 8 \ 24 ] ، ما نصه : وهذه الآية تدل بظاهرها على أن الاستجابة للرسول التي هي طاعته لا تجب إلا إذا دعانا لما يحيينا ، ونظيرها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=12ولا يعصينك في معروف .
وقد جاء في آيات أخر ما يدل على وجوب اتباعه مطلقا من غير قيد ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ 59 \ 7 ] .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله الآية [ 3 \ 31 ] ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80من يطع الرسول فقد أطاع الله [ 4 \ 80 ] .
والظاهر : أن وجه الجمع والله تعالى أعلم : أن آيات الإطلاق مبينة أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يدعونا إلا لما يحيينا من خيري الدنيا والآخرة ، فالشرط المذكور في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24إذا دعاكم ، متوفر في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان عصمته ، كما دل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى [ 53 \ 3 - 4 ] .
والحاصل : أن آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24إذا دعاكم لما يحييكم ، مبينة أنه لا طاعة إلا لمن يدعو إلى ما يرضي الله ، وأن الآيات الأخر بينت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدعو أبدا إلا إلى ذلك ، صلوات
[ ص: 41 ] الله وسلامه عليه ، انتهى .
وقد بينت السنة كذلك حقيقة ومنتهى ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009490 " ما تركت خيرا يقربكم إلى الله إلا بينته لكم وأمرتكم به ، وما تركت شرا يباعدكم عن الله إلا بينته لكم ، وحذرتكم منه ونهيتكم عنه " .
تَنْبِيهٌ
nindex.php?page=treesubj&link=21392تَنْقَسِمُ أَفْعَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عِدَّةِ أَقْسَامٍ :
أَوَّلًا : مَا كَانَ يَفْعَلُهُ بِمُقْتَضَى الْجِبِلَّةِ ، وَهُوَ مُتَطَلَّبَاتُ الْحَيَاةِ مِنْ أَكْلٍ ، وَشُرْبٍ ، وَلُبْسٍ ، وَنَوْمٍ ، فَهَذَا كُلُّهُ يَفْعَلُهُ اسْتِجَابَةً لِمُتَطَلَّبَاتِ الْحَيَاةِ ، وَكَانَ يَفْعَلُهُ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَيَفْعَلُهُ كُلُّ إِنْسَانٍ ، فَهُوَ عَلَى الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَلَيْسَ فِيهِ تَشْرِيعٌ جَدِيدٌ ، وَلَكِنْ صُورَةُ الْفِعْلِ ، وَكَيْفِيَّتُهُ كَكَوْنِ الْأَكْلِ وَالشَّرَابِ بِالْيَمِينِ إِلَخْ ، وَكَوْنِهِ مِنْ أَمَامِ الْآكِلِ ، فَهَذَا هُوَ مَوْضِعُ التَّأَسِّي بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ نَوْعُ الْمَأْكُولِ أَوْ تَرْكُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِمَانِعٍ كَعَدَمِ أَكْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلضَّبِّ وَالْبُقُولِ الْمَطْبُوخَةِ ، وَقَدْ بَيَّنَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ ، فَالْأَوَّلُ : لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي أَرْضِ قَوْمِهِ فَكَانَ يَعَافُهُ ، وَالثَّانِي : لِأَنَّهُ يُنَاجِي مَنْ لَا نُنَاجِي ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمَرَاقِي :
وَفِعْلُهُ الْمَرْكُوزُ فِي الْجِبِلَّةِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَيْسَ مُلْهٍ
[ ص: 39 ] مِنْ غَيْرِ لَمْحِ الْوَصْفِ . . .
ثَانِيًا : مَا كَانَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْجِبِلَّةِ وَالتَّشْرِيعِ كَوُقُوفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِعَرَفَةَ رَاكِبًا عَلَى نَاقَتِهِ ، وَنُزُولِهِ
بِالْمُحْصِبِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ
مِنًى ، فَالْوُقُوفُ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْحَجِّ يَتِمُّ بِالتَّوَاجُدِ فِي الْمَوْقِفِ
بِعَرَفَةَ عَلَى أَيَّةِ حَالَةٍ ، فَهَلْ كَانَ وُقُوفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبًا مِنْ تَمَامِ نُسُكِهِ ، أَمْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ دُونَ قَصْدٍ إِلَى النُّسُكِ ؟ خِلَافٌ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ ، وَلَا يَبْعُدُ مَنْ يَقُولُ : قَدْ يَكُونُ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا ؛ لِيَكُونَ أَبْرَزَ لِشَخْصِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْجَمْعِ ، تَسْهِيلًا عَلَى مَنْ أَرَادَهُ لِسُؤَالٍ أَوْ رُؤْيَةٍ أَوْ حَاجَةٍ ، فَيَكُونُ تَشْرِيعًا لِمَنْ يَكُونُ فِي مَنْزِلَتِهِ فِي الْمَسْئُولِيَّةِ .
ثَالِثًا : مَا ثَبَتَتْ خُصُوصِيَّتُهُ بِهِ مِثْلُ جَوَازِ جَمْعِهِ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِالنِّكَاحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ [ 33 \ 50 ] ، وَكُنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ، وَنِكَاحِ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [ 33 \ 50 ] فَهَذَا لَا شَرِكَةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ فِيهِ .
رَابِعًا : مَا كَانَ بَيَانًا لِنَصٍّ قُرْآنِي ، كَقَطْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَ السَّارِقِ مِنَ الْكُوعِ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [ 5 \ 38 ] ، وَكَأَعْمَالِ الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ ، فَهُمَا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [ 2 \ 43 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [ 3 \ 97 ] ، وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007269 " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008444 " خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " ، فَهَذَا الْقِسْمُ حُكْمُهُ لِلْأُمَّةِ ، حُكْمُ الْمُبَيَّنُ بِالْفَتْحِ ، فَفِي الْوُجُوبِ وَاجِبٌ ، وَفِي غَيْرِهِ بِحَسْبِهِ .
خَامِسًا : مَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا لِجِبِلَّةٍ وَلَا لِبَيَانٍ ، وَلَمْ تَثْبُتْ خُصُوصِيَّتُهُ لَهُ ، فَهَذَا عَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وُجُوبٍ ، أَوْ نَدْبٍ ، أَوْ إِبَاحَةٍ ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ لِلْأُمَّةِ كَذَلِكَ كَصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي
الْكَعْبَةِ ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهَا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَائِزَةٌ ، فَهِيَ لِلْأُمَّةِ عَلَى الْجَوَازِ . ثَانِيهُمَا : أَلَّا يُعْلَمَ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي هَذَا الْقِسْمِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ :
أَوَّلُهَا : الْوُجُوبُ عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ، وَرِوَايَةٌ عَنْ
أَحْمَدَ .
ثَانِيهَا : النَّدْبُ لِرُجْحَانِ الْفِعْلِ عَلَى التَّرْكِ ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ، وَرِوَايَةٌ عَنْ
أَحْمَدَ أَيْضًا .
[ ص: 40 ] ثَالِثُهَا : الْإِبَاحَةُ ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ ، وَلَكِنَّ هَذَا فِيمَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ ، إِذِ الْقُرَبُ لَا تُوصَفُ بِالْإِبَاحَةِ .
رَابِعُهَا : التَّوَقُّفُ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ ، وَهُوَ قَوْلُ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَهَذَا أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ لَيْسَ فِيهِ تَأَسٍّ .
فَتَحْصُلُ لَنَا مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ الصَّحِيحَ الْفِعْلُ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا ، وَمَثَّلُوا لِهَذَا الْفِعْلِ بِخَلْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعْلَهُ فِي الصَّلَاةِ ، فَخَلَعَ الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ نِعَالَهُمْ ، فَلَمَّا انْتَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَهُمْ عَنْ خَلْعِهِمْ نِعَالِهِمْ قَالُوا : رَأَيْنَاكَ فَعَلْتَ فَفَعَلْنَا ، فَقَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003097 " أَتَانِي جِبْرِيلُ وَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِي نَعْلِي أَذًى فَخَلَعْتُهَا " ، فَإِنَّهُ أَقَرَّهُمْ عَلَى خَلْعِهِمْ تَأَسِّيًا بِهِ ، وَلَمْ يَعِبْ عَلَيْهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا الْحُكْمَ قَبْلَ إِخْبَارِهِ إِيَّاهُمْ ، وَقَدْ جَاءَ هُنَا مَا تَقُولُونَ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي دَفْعِ الْإِيهَامِ فِي سُورَةِ " الْأَنْفَالِ " عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [ 8 \ 24 ] ، مَا نَصُّهُ : وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ الِاسْتِجَابَةَ لِلرَّسُولِ الَّتِي هِيَ طَاعَتُهُ لَا تَجِبُ إِلَّا إِذَا دَعَانَا لِمَا يُحْيِينَا ، وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=12وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ .
وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ 59 \ 7 ] .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الْآيَةَ [ 3 \ 31 ] ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [ 4 \ 80 ] .
وَالظَّاهِرُ : أَنَّ وَجْهَ الْجَمْعِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ : أَنَّ آيَاتِ الْإِطْلَاقِ مُبَيِّنَةٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدْعُونَا إِلَّا لِمَا يُحْيِينَا مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24إِذَا دَعَاكُمْ ، مُتَوَفِّرٌ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَكَانِ عِصْمَتِهِ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [ 53 \ 3 - 4 ] .
وَالْحَاصِلُ : أَنَّ آيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ، مُبَيِّنَةٌ أَنَّهُ لَا طَاعَةَ إِلَّا لِمَنْ يَدْعُو إِلَى مَا يُرْضِي اللَّهَ ، وَأَنَّ الْآيَاتِ الْأُخَرَ بَيَّنَتْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدْعُو أَبَدًا إِلَّا إِلَى ذَلِكَ ، صَلَوَاتُ
[ ص: 41 ] اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ، انْتَهَى .
وَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ كَذَلِكَ حَقِيقَةَ وَمُنْتَهَى مَا جَاءَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009490 " مَا تَرَكْتُ خَيْرًا يُقَرِّبُكُمْ إِلَى اللَّهِ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ وَأَمَرْتُكُمْ بِهِ ، وَمَا تَرَكْتُ شَرًّا يُبَاعِدُكُمْ عَنِ اللَّهِ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ ، وَحَذَّرْتُكُمْ مِنْهُ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْهُ " .