قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=28987_19889الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أن المتقين الذين كانوا يمتثلون أوامر ربهم ، ويجتنبون نواهيه تتوفاهم الملائكة ; أي : يقبضون أرواحهم في حال كونهم طيبين ، أي : طاهرين من الشرك والمعاصي - على أصح التفسيرات - ويبشرونهم بالجنة ، ويسلمون عليهم .
وبين هذا المعنى أيضا في غير هذا الموضع ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون [ 41 \ 30 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين [ 39 \ 73 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار [ 13 \ 23 - 24 ] ، والبشارة عند الموت ، وعند دخول الجنة من باب واحد ; لأنها بشارة بالخير بعد الانتقال إلى الآخرة . ويفهم من صفات هؤلاء الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ، ويقولون لهم : سلام عليكم ادخلوا الجنة - أن الذين لم يتصفوا بالتقوى لم تتوفهم الملائكة على تلك الحال الكريمة ، ولم تسلم عليهم ، ولم تبشرهم .
وقد بين تعالى هذا المفهوم في مواضع أخر ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=28الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم الآية [ 16 \ 28 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم ، إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97وساءت مصيرا [ 4 \ 97 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=50ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم الآية [ 8 \ 50 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=28تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم [ 16 \ 28 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=32تتوفاهم الملائكة طيبين [ 16 \ 32 ] ، قرأهما عامة القراء غير
حمزة : " تتوفاهم " بتاءين فوقيتين . وقرأ
حمزة " يتوفاهم " بالياء في الموضعين .
تنبيه .
أسند هنا - جل وعلا - التوفي للملائكة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=32تتوفاهم الملائكة [ 16 \ 32 ]
[ ص: 374 ] وأسنده في " السجدة " ، لملك الموت في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=11قل يتوفاكم ملك الموت [ 32 \ 11 ] ، وأسنده في " الزمر " إلى نفسه - جل وعلا - في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=42الله يتوفى الأنفس حين موتها الآية [ 39 \ 42 ] ، وقد بينا في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) في سورة " السجدة " : أنه لا معارضة بين الآيات المذكورة ، فإسناده التوفي لنفسه ; لأنه لا يموت أحد إلا بمشيئته تعالى ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا [ 3 \ 145 ] ، وأسنده لملك الموت ; لأنه هو المأمور بقبض الأرواح ، وأسنده إلى الملائكة ; لأن لملك الموت أعوانا من الملائكة ينزعون الروح من الجسد إلى الحلقوم فيأخذها ملك الموت ، كما قاله بعض العلماء . والعلم عند الله تعالى .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=28987_19889الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : أَنَّ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَمْتَثِلُونَ أَوَامِرَ رَبِّهِمْ ، وَيَجْتَنِبُونَ نَوَاهِيَهُ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ; أَيْ : يَقْبِضُونَ أَرْوَاحَهُمْ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ طَيِّبِينَ ، أَيْ : طَاهِرِينَ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي - عَلَى أَصَحِّ التَّفْسِيرَاتِ - وَيُبَشِّرُونَهُمْ بِالْجَنَّةِ ، وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ .
وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [ 41 \ 30 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [ 39 \ 73 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [ 13 \ 23 - 24 ] ، وَالْبِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَعِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهَا بِشَارَةٌ بِالْخَيْرِ بَعْدَ الِانْتِقَالِ إِلَى الْآخِرَةِ . وَيُفْهَمُ مِنْ صِفَاتٍ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ : سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخَلُوا الْجَنَّةَ - أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَتَّصِفُوا بِالتَّقْوَى لَمْ تَتَوَفَّهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ الْكَرِيمَةِ ، وَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ تُبَشِّرْهُمْ .
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى هَذَا الْمَفْهُومَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=28الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ الْآيَةَ [ 16 \ 28 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ، إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97وَسَاءَتْ مَصِيرًا [ 4 \ 97 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=50وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ الْآيَةَ [ 8 \ 50 ] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=28تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ [ 16 \ 28 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=32تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ [ 16 \ 32 ] ، قَرَأَهُمَا عَامَّةُ الْقُرَّاءِ غَيْرَ
حَمْزَةَ : " تَتَوَفَّاهُمْ " بِتَاءَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ " يَتَوَفَّاهُمْ " بِالْيَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ .
تَنْبِيهٌ .
أَسْنَدَ هُنَا - جَلَّ وَعَلَا - التَّوَفِّيَ لِلْمَلَائِكَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=32تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ [ 16 \ 32 ]
[ ص: 374 ] وَأَسْنَدَهُ فِي " السَّجْدَةِ " ، لِمَلَكِ الْمَوْتِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=11قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ [ 32 \ 11 ] ، وَأَسْنَدَهُ فِي " الزُّمَرِ " إِلَى نَفْسِهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=42اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا الْآيَةَ [ 39 \ 42 ] ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِنَا ( دَفْعَ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ ) فِي سُورَةِ " السَّجْدَةِ " : أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ ، فَإِسْنَادُهُ التَّوَفِّي لِنَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا [ 3 \ 145 ] ، وَأَسْنَدَهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ ، وَأَسْنَدَهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ ; لِأَنَّ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَانًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَنْزِعُونَ الرُّوحَ مِنَ الْجَسَدِ إِلَى الْحُلْقُومِ فَيَأْخُذُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ . وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .