( القاعدة السابعة
nindex.php?page=treesubj&link=8760الجزية وكونها غاية للقتال لا علة )
قلت في تفسير قوله تعالى في قتال
أهل الكتاب من آية الجزية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ( 9 : 29 ) ما نصه :
هذه غاية للأمر بقتال
أهل الكتاب ينتهي بها إذا كان الغلب لنا ، أي قالوا من ذكر عند وجود ما يقتضي وجوب القتال ، كالاعتداء عليكم أو على بلادكم أو اضطهادكم وفتنتكم عن دينكم أو تهديد أمنكم وسلامتكم كما فعل
الروم فكان سببا لغزوة
تبوك ، حتى تأمنوا عدوانهم بإعطائكم الجزية في الحالين اللذين قيدت بهما . ( ثم قلت ) :
هذا - وإن الجزية في الإسلام لم تكن كالضرائب التي يضعها الفاتحون على من يتغلبون عليهم فضلا عن المغارم التي يرهقونهم بها ، وإنما هي جزاء قليل على ما تلتزمه الحكومة الإسلامية من الدفاع عن
أهل الذمة ، وإعانة للجند الذي يمنعهم أي يحميهم ممن يعتدي عليهم كما يعلم من سيرة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم أعلم الناس بمقاصد الشريعة وأعدلهم في تنفيذها . والشواهد على ذلك كثيرة أوردنا طائفة منها في تفسير الآية . بعد ما تقدم آنفا .
ومن تأمل هذه القواعد رأى أنه لم يسبق الإسلام إلى مثلها دين من الأديان ، ولا قانون دولي ، ولا إرشاد فلسفي أو أدبي ، ولا تبعته بها أمة بتشريع ولا عمل ، أفليس هذا وحده دليلا واضحا لدى من يؤمن بوجوب رب للبشر عليم حكيم ، بأن
محمدا العربي الأمي قد استمدها بوحي منه عز وجل ، وأن عقله وذكاءه لم يكن ليبلغ هذه الدرجة من العلم والحكمة في هذه المعضلات الاجتماعية بدون هذا الوحي ؟ فكيف إذا أضفنا إليها ما تقدم وما يأتي من المعارف الإلهية والأدبية والاجتماعية والأنباء الغيبية وغير ذلك من دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - ؟ ! .
( الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=8760الْجِزْيَةُ وَكَوْنُهَا غَايَةً لِلْقِتَالِ لَا عِلَّةً )
قُلْتُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِتَالِ
أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ آيَةِ الْجِزْيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ( 9 : 29 ) مَا نَصُّهُ :
هَذِهِ غَايَةٌ لِلْأَمْرِ بِقِتَالِ
أَهْلِ الْكِتَابِ يَنْتَهِي بِهَا إِذَا كَانَ الْغَلَبُ لَنَا ، أَيْ قَالُوا مَنْ ذُكِرَ عِنْدَ وُجُودِ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقِتَالِ ، كَالِاعْتِدَاءِ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَى بِلَادِكُمْ أَوِ اضْطِهَادِكُمْ وَفِتْنَتِكُمْ عَنْ دِينِكُمْ أَوْ تَهْدِيدِ أَمْنِكُمْ وَسَلَامَتِكُمْ كَمَا فَعَلَ
الرُّومُ فَكَانَ سَبَبًا لِغَزْوَةِ
تَبُوكَ ، حَتَّى تَأْمَنُوا عُدْوَانَهُمْ بِإِعْطَائِكُمُ الْجِزْيَةَ فِي الْحَالَيْنِ اللَّذَيْنِ قُيِّدَتْ بِهِمَا . ( ثُمَّ قُلْتُ ) :
هَذَا - وَإِنَّ الْجِزْيَةَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ تَكُنْ كَالضَّرَائِبِ الَّتِي يَضَعُهَا الْفَاتِحُونَ عَلَى مَنْ يَتَغَلَّبُونَ عَلَيْهِمْ فَضْلًا عَنِ الْمَغَارِمِ الَّتِي يُرْهِقُونَهُمْ بِهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ جَزَاءٌ قَلِيلٌ عَلَى مَا تَلْتَزِمُهُ الْحُكُومَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ مِنَ الدِّفَاعِ عَنْ
أَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَإِعَانَةٌ لِلْجُنْدِ الَّذِي يَمْنَعُهُمْ أَيْ يَحْمِيهِمْ مِمَّنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سِيرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ وَأَعْدَلُهُمْ فِي تَنْفِيذِهَا . وَالشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ أَوْرَدْنَا طَائِفَةً مِنْهَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ . بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا .
وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذِهِ الْقَوَاعِدَ رَأَى أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقِ الْإِسْلَامَ إِلَى مِثْلِهَا دِينٌ مِنَ الْأَدْيَانِ ، وَلَا قَانُونٌ دَوْلِيٌّ ، وَلَا إِرْشَادٌ فَلْسَفِيٌّ أَوْ أَدَبِيٌّ ، وَلَا تَبِعَتْهُ بِهَا أُمَّةٌ بِتَشْرِيعٍ وَلَا عَمَلٍ ، أَفَلَيَسَ هَذَا وَحْدَهُ دَلِيلًا وَاضِحًا لَدَى مَنْ يُؤْمِنُ بِوُجُوبِ رَبٍّ لِلْبَشَرِ عَلِيمٍ حَكِيمٍ ، بِأَنَّ
مُحَمَّدًا الْعَرَبِيَّ الْأُمِّيَّ قَدِ اسْتَمَدَّهَا بِوَحْيٍ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَنَّ عَقْلَهُ وَذَكَاءَهُ لَمْ يَكُنْ لِيَبْلُغَ هَذِهِ الدَّرَجَةَ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ فِي هَذِهِ الْمُعْضِلَاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ بِدُونِ هَذَا الْوَحْيِ ؟ فَكَيْفَ إِذَا أَضَفْنَا إِلَيْهَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا يَأْتِي مِنَ الْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْأَنْبَاءِ الْغَيْبِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ ! .