nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28975آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا جاءت هذه الجملة بين بيان ما فرض الله للأولاد ، والوالدين من تركة الميت ، وما اشترط فيه من كونه فاضلا عن الوصية ، والدين وبين قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فريضة من الله أي فرض ما ذكر من الأحكام فريضة من الله لا هوادة في وجوب العمل بها ، ومعنى هذه الجملة المعترضة : إنكم لا تدرون أي الفريقين أقرب نفعا لكم . أآباؤكم أم أبناؤكم فلا تتبعوا في قسمة تركة الميت ما كانت عليه الجاهلية من إعطائها للأقوياء الذين يحاربون الأعداء ، وحرمان الأطفال والنساء لأنهم من الضعفاء . بل اتبعوا ما أمركم الله به فهو أعلم منكم بما هو أقرب نفعا لكم ، مما تقوم به في الدنيا مصالحكم ، وتعظم به في الآخرة أجوركم . .
وذهب بعضهم إلى أن الجملة متعلقة بالوصية ، أي لا تدرون أي آبائكم وأبنائكم أقرب لكم نفعا ، أمن يوصي ببعض ماله فيمهد لكم طريق المثوبة في الآخرة بإمضاء وصيته ، وذلك من أعمال البر تباشرونه فتكونون جديرين بأن تفعلوا مثله ، والخير داعية الخير ؟ أم من لم يوص بشيء فيوفر لكم عرض الدنيا ؟ بل الله أعلم بذلك منكم فعليكم أن تتمثلوا أمره ، وتقفوا عند حدوده ، ولا تتبرموا بإمضاء الوصية ، وإن كثرت ، ولا تذكروا الموصي إلا بالخير
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11إن الله كان عليما حكيما فهو لعلمه المحيط بشئونكم ، ولحكمته البالغة التي يقدر بها الأشياء قدرها ، ويضعها في مواضعها اللائقة بها ، لا يشرع لكم من الأحكام إلا ما فيه المصلحة ، والمنفعة لكم ; إذ لا يخفى عليه شيء من وجوه المصالح ، والمنافع ، وهو منزه عن الغرض ، والهوى اللذين من شأنهما أن يمنعا من وضع الشيء في موضعه ، وإعطاء الحق لمستحقه .
لما فرغ من بيان فرائض عمود النسب في القرابة ، وهو الأولاد ، والوالدون ، وقدم الأهم منهما من حيث الحاجة إلى المال المتروك ، وهم الأولاد دون الأشرف وهم الوالدون - بين فرائض الزوجين ، وهما في المرتبة الثانية ; لأنهما سبب لحصول الأولاد ، والسبب إنما يقصد لأجل غيره والمسبب هو المقصود لذاته . وهذا لا يعارض ما قلناه آنفا في قوة رابطة الزوجية ، فالوجوه في التفاضل تخالف الاعتبارات ، قال - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28975آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا جَاءَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بَيْنَ بَيَانِ مَا فَرَضَ اللَّهُ لِلْأَوْلَادِ ، وَالْوَالِدَيْنِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ، وَمَا اشْتَرَطَ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ فَاضِلًا عَنِ الْوَصِيَّةِ ، وَالدَّيْنِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ أَيْ فُرِضَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَحْكَامِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ لَا هَوَادَةَ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا ، وَمَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ : إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَقْرَبُ نَفْعًا لَكُمْ . أَآبَاؤُكُمْ أَمْ أَبْنَاؤُكُمْ فَلَا تَتَّبِعُوا فِي قِسْمَةِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ إِعْطَائِهَا لِلْأَقْوِيَاءِ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الْأَعْدَاءَ ، وَحِرْمَانِ الْأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّهُمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ . بَلِ اتَّبِعُوا مَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ أَعْلَمُ مِنْكُمْ بِمَا هُوَ أَقْرَبُ نَفْعًا لَكُمْ ، مِمَّا تَقُومُ بِهِ فِي الدُّنْيَا مَصَالِحُكُمْ ، وَتَعْظُمُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ أُجُورُكُمْ . .
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوَصِيَّةِ ، أَيْ لَا تَدْرُونَ أَيُّ آبَائِكُمْ وَأَبْنَائِكُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ، أَمَنْ يُوصِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَيُمَهِّدُ لَكُمْ طَرِيقَ الْمَثُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ بِإِمْضَاءِ وَصِيَّتِهِ ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ تُبَاشِرُونَهُ فَتَكُونُونَ جَدِيرِينَ بِأَنْ تَفْعَلُوا مِثْلَهُ ، وَالْخَيْرُ دَاعِيَةُ الْخَيْرِ ؟ أَمْ مَنْ لَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ فَيُوَفِّرُ لَكُمْ عَرَضَ الدُّنْيَا ؟ بَلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَتَمَثَّلُوا أَمْرَهُ ، وَتَقِفُوا عِنْدَ حُدُودِهِ ، وَلَا تَتَبَرَّمُوا بِإِمْضَاءِ الْوَصِيَّةِ ، وَإِنْ كَثُرَتْ ، وَلَا تَذْكُرُوا الْمُوصِيَ إِلَّا بِالْخَيْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا فَهُوَ لِعِلْمِهِ الْمُحِيطِ بِشُئُونِكُمْ ، وَلِحِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ الَّتِي يُقَدِّرُ بِهَا الْأَشْيَاءَ قَدْرَهَا ، وَيَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا اللَّائِقَةِ بِهَا ، لَا يَشْرَعُ لَكُمْ مِنَ الْأَحْكَامِ إِلَّا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ ، وَالْمَنْفَعَةُ لَكُمْ ; إِذْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ ، وَالْمَنَافِعِ ، وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْغَرَضِ ، وَالْهَوَى اللَّذَيْنِ مِنْ شَأْنِهِمَا أَنْ يَمْنَعَا مِنْ وَضْعِ الشَّيْءِ فِي مَوْضِعِهِ ، وَإِعْطَاءِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ .
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ فَرَائِضِ عَمُودِ النَّسَبِ فِي الْقَرَابَةِ ، وَهُوَ الْأَوْلَادُ ، وَالْوَالِدُونَ ، وَقَدَّمَ الْأَهَمَّ مِنْهُمَا مِنْ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَى الْمَالِ الْمَتْرُوكِ ، وَهُمُ الْأَوْلَادُ دُونَ الْأَشْرَفِ وَهُمُ الْوَالِدُونَ - بَيَّنَ فَرَائِضَ الزَّوْجَيْنِ ، وَهُمَا فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ ; لِأَنَّهُمَا سَبَبٌ لِحُصُولِ الْأَوْلَادِ ، وَالسَّبَبُ إِنَّمَا يُقْصَدُ لِأَجْلِ غَيْرِهِ وَالْمُسَبِّبُ هُوَ الْمَقْصُودُ لِذَاتِهِ . وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا قُلْنَاهُ آنِفًا فِي قُوَّةِ رَابِطَةِ الزَّوْجِيَّةِ ، فَالْوُجُوهُ فِي التَّفَاضُلِ تُخَالِفُ الِاعْتِبَارَاتِ ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - :