(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28976وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ) أي وإذا أذن مؤذنكم بالدعوة إلى الصلاة ، جعلها أولئك الذين نهيتم عن ولايتهم من أهل الكتاب والمشركين من الأمور التي يهزءون ويلعبون بها ، ويسخرون من أهلها (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28976ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) حقيقة الدين وما يجب لله تعالى من الثناء والتعظيم . ولو كانوا يعقلون ذلك لخشعت قلوبهم كلما سمعوا مؤذنكم يكبر الله تعالى ويوحده بصوته الندي ، ويدعو إلى الصلاة له والفلاح بمناجاته وذكره . والآية تدل على
nindex.php?page=treesubj&link=22674شرع الأذان ، فهو ثابت بالكتاب والسنة معا ، خلافا لما يوهمه حديث الأذان .
[ ص: 369 ] روينا وسمعنا من بعض
النصارى المعتدلين في بلادنا كلمات الثناء والاستحسان لشعيرة الأذان من شعائر الإسلام ، وتفضيلها على الأجراس والنواقيس المستعملة عندهم ، وقد كان جماعة من بيوتات
نصارى طرابلس مصطافين في بلدنا (
القلمون ) فكان النساء يجتمعن مع الرجال في النوافذ عند أذان المؤذن ، ولا سيما أذان الصبح ; ليسمعوا أذانه ، وكان المؤذن ندي الصوت ، حسنه . واتفق أن غاب المؤذن يوما ، فأذن رجل قبيح الصوت ، فلقي والدي رب بيت من تلك البيوتات ، فقال له : إن مؤذنكم اليوم يستحق المكافأة علي ؟ قال الوالد : بماذا ؟ قال بأنه أرجع أهل بيتنا إلى دينهم ، بعد أن صاروا مسلمين بأذان المؤذن الأول . وأنا أتذكر أن بعض صبيانهم حفظ الأذان ، وصار يقلده تقليد استحسان ، فتغضب والدته منه ، وتنهاه عن الأذان ، وأما والده فكان يضحك ، ويسر لأذان ولده ; لأنه كان على حرية وسعة صدر ، ولا يدين بالنصرانية . فالأذان ذكر مؤثر ، لا تخفى محاسنه على من يعقل الدين ، ويؤمن بالله العلي الكبير ، ولا على غيرهم من العقلاء ، وقد روي في التفسير المأثور عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أنه قال في تفسير الآية : كان رجل من
النصارى في
المدينة إذا سمع المنادي ينادي " أشهد أن
محمدا رسول الله " قال : أحرق الكاذب ( دعاء عليه بالحريق ) فدخلت خادمته ذات ليلة من الليالي بنار وهو نائم ، وأهله نيام ، فسقطت شرارة فأحرقت البيت ، فاحترق هو وأهله ، ووجود
النصارى في
المدينة كان نادرا ، وأكثر هذا الاستهزاء كان يكون من
اليهود ، كما يعلم من رد الله تعالى عليهم في هذه الآيات التالية :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28976وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ) أَيْ وَإِذَا أَذَّنَ مُؤَذِّنُكُمْ بِالدَّعْوَةِ إِلَى الصَّلَاةِ ، جَعَلَهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُمْ عَنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَهْزَءُونَ وَيَلْعَبُونَ بِهَا ، وَيَسْخَرُونَ مِنْ أَهْلِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28976ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) حَقِيقَةَ الدِّينِ وَمَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى مِنَ الثَّنَاءِ وَالتَّعْظِيمِ . وَلَوْ كَانُوا يَعْقِلُونَ ذَلِكَ لَخَشَعَتْ قُلُوبُهُمْ كُلَّمَا سُمِعُوا مُؤَذِّنَكُمْ يُكَبِّرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُوَحِّدُهُ بِصَوْتِهِ النَّدِيِّ ، وَيَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ لَهُ وَالْفَلَّاحِ بِمُنَاجَاتِهِ وَذِكْرِهِ . وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=22674شَرْعِ الْأَذَانِ ، فَهُوَ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعًا ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ حَدِيثُ الْأَذَانِ .
[ ص: 369 ] رَوَيْنَا وَسَمِعْنَا مِنْ بَعْضِ
النَّصَارَى الْمُعْتَدِلِينَ فِي بِلَادِنَا كَلِمَاتِ الثَّنَاءِ وَالِاسْتِحْسَانِ لِشَعِيرَةِ الْأَذَانِ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ ، وَتَفْضِيلَهَا عَلَى الْأَجْرَاسِ وَالنَّوَاقِيسِ الْمُسْتَعْمَلَةِ عِنْدَهُمْ ، وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ بُيُوتَاتِ
نَصَارَى طَرَابُلُسَ مُصْطَافِينَ فِي بَلَدِنَا (
الْقَلَمُونِ ) فَكَانَ النِّسَاءُ يَجْتَمِعْنَ مَعَ الرِّجَالِ فِي النَّوَافِذِ عِنْدَ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ ، وَلَا سِيَّمَا أَذَانُ الصُّبْحِ ; لِيَسْمَعُوا أَذَانَهُ ، وَكَانَ الْمُؤَذِّنُ نَدِيَّ الصَّوْتِ ، حَسَنَهُ . وَاتَّفَقَ أَنْ غَابَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمًا ، فَأَذَّنَ رَجُلٌ قَبِيحُ الصَّوْتِ ، فَلَقِيَ وَالِدَيْ رَبَّ بَيْتٍ مِنْ تِلْكَ الْبُيُوتَاتِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ مُؤَذِّنَكُمُ الْيَوْمَ يَسْتَحِقُّ الْمُكَافَأَةَ عَلَيَّ ؟ قَالَ الْوَالِدُ : بِمَاذَا ؟ قَالَ بِأَنَّهُ أَرْجَعَ أَهْلَ بَيْتِنَا إِلَى دِينِهِمْ ، بَعْدَ أَنْ صَارُوا مُسْلِمِينَ بِأَذَانِ الْمُؤَذِّنِ الْأَوَّلِ . وَأَنَا أَتَذَكَّرُ أَنَّ بَعْضَ صِبْيَانِهِمْ حَفِظَ الْأَذَانَ ، وَصَارَ يُقَلِّدُهُ تَقْلِيدَ اسْتِحْسَانٍ ، فَتَغْضَبُ وَالِدَتُهُ مِنْهُ ، وَتَنْهَاهُ عَنِ الْأَذَانِ ، وَأَمَّا وَالِدُهُ فَكَانَ يَضْحَكُ ، وَيُسَرُّ لِأَذَانِ وَلَدِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى حُرِّيَّةٍ وَسِعَةِ صَدْرٍ ، وَلَا يَدِينِ بِالنَّصْرَانِيَّةِ . فَالْأَذَانُ ذِكْرٌ مُؤَثِّرٌ ، لَا تَخْفَى مَحَاسِنُهُ عَلَى مَنْ يَعْقِلُ الدِّينَ ، وَيُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْعُقَلَاءِ ، وَقَدْ رُوِيَ فِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ : كَانَ رَجُلٌ مِنَ
النَّصَارَى فِي
الْمَدِينَةِ إِذَا سَمِعَ الْمُنَادِي يُنَادِي " أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ " قَالَ : أُحْرِقَ الْكَاذِبُ ( دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْحَرِيقِ ) فَدَخَلَتْ خَادِمَتُهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي بِنَارٍ وَهُوَ نَائِمٌ ، وَأَهْلُهُ نِيَامٌ ، فَسَقَطَتْ شَرَارَةٌ فَأَحْرَقَتِ الْبَيْتَ ، فَاحْتَرَقَ هُوَ وَأَهْلُهُ ، وَوُجُودُ
النَّصَارَى فِي
الْمَدِينَةِ كَانَ نَادِرًا ، وَأَكْثَرُ هَذَا الِاسْتِهْزَاءِ كَانَ يَكُونُ مِنَ
الْيَهُودِ ، كَمَا يَعْلَمُ مِنْ رَدِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ التَّالِيَةِ :