nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100nindex.php?page=treesubj&link=28977_29705وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير هذا الكلام يتضمن ذكر نوع آخر من جهالاتهم وضلالاتهم .
قال
النحاس : الجن المفعول الأول ، وشركاء المفعول الثاني كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=20وجعلكم ملوكا [ المائدة : 20 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=12وجعلت له مالا ممدودا [ المدثر : 12 ] وأجاز
الفراء : أن يكون الجن بدلا من شركاء ومفسرا له .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي رفع الجن بمعنى هم الجن ، كأنه قيل : من هم ؟ فقيل : الجن ، وبالرفع قرأ
يزيد بن أبي قطيب وأبو حيان ، وقرئ بالجر على إضافة شركاء إلى الجن للبيان .
والمعنى : أنهم جعلوا شركاء لله فعبدوهم كما عبدوه ، وعظموهم كما عظموه .
وقيل : المراد بالجن هاهنا الملائكة لاجتنانهم : أي استتارهم ، وهم الذين قالوا : الملائكة بنات الله ، وقيل : نزلت في الزنادقة الذين قالوا : إن الله تعالى وإبليس أخوان ، فالله خالق الناس والدواب ، وإبليس خالق الحيات والسباع والعقارب .
وروي ذلك عن
الكلبي ، ويقرب من هذا قول المجوس ، فإنهم قالوا : للعالم صانعان هما الرب سبحانه والشيطان .
وهكذا القائلون : كل خير من النور ، وكل شر من الظلمة ، وهم المانوية .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخلقهم جملة حالية بتقدير قد : أي وقد علموا أن الله خلقهم ، أو خلق ما جعلوه شريكا لله .
قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا له بنين وبنات " قرأ نافع بالتشديد على التكثير ، لأن المشركين ادعوا أن الملائكة بنات الله ،
والنصارى ادعوا أن
المسيح ابن الله ،
واليهود ادعوا أن
عزيرا ابن الله ، فكثر ذلك
[ ص: 439 ] من كفرهم فشدد الفعل لمطابقة المعنى .
وقرأ الباقون بالتخفيف .
وقرئ حرفوا من التحريف : أي زوروا .
قال أهل اللغة : معنى خرقوا اختلقوا وافتعلوا وكذبوا ، يقال : اختلق الإفك واخترقه وخرقه ، أو أصله من خرق الثوب : إذا شقه : أي اشتقوا له بنين وبنات .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100بغير علم متعلق بمحذوف هو حال : أي كائنين بغير علم ، بل قالوا ذلك عن جهل خالص ، ثم بعد حكاية هذا الضلال البين والبهت الفظيع من جعل الجن شركاء لله ، وإثبات بنين وبنات له نزه الله نفسه ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100سبحانه وتعالى عما يصفون وقد تقدم الكلام في معنى سبحانه .
ومعنى تعالى : تباعد وارتفع عن قولهم الباطل الذي وصفوه به .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101بديع السماوات والأرض أي مبدعهما ، فكيف يجوز أن
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101يكون له ولد وقد جاء البديع : بمعنى المبدع كالسميع بمعنى المسمع كثيرا ، ومنه قول
عمرو بن معدي كرب :
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
أي المسمع ، وقيل : هو من إضافة الصفة المشبهة إلى الفاعل ، والأصل بديع سماواته وأرضه .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي خفضه على النعت لله .
والظاهر أن رفعه على تقدير مبتدأ محذوف ، أو على أنه مبتدأ وخبره
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أنى يكون له ولد وقيل : هو مرفوع على أنه فاعل تعالى ، وقرئ بالنصب على المدح ، والاستفهام في
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أنى يكون له ولد للإنكار والاستبعاد : أي من كان هذا وصفه ، وهو أنه خالق السماوات والأرض وما فيهما كيف يكون له ولد ؟ وهو من جملة مخلوقاته ، وكيف يتخذ ما يخلقه ولدا ، ثم بالغ في نفي الولد ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101ولم تكن له صاحبة أي كيف يكون له ولد والحال أنه لم تكن له صاحبة ، والصاحبة إذا لم توجد استحال وجود الولد ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101وخلق كل شيء لتقرير ما قبلها ، لأن من كان خالقا لكل شيء استحال منه أن يتخذ بعض مخلوقاته ولدا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101وهو بكل شيء عليم لا تخفى عليه من مخلوقاته خافية .
والإشارة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102ذلكم إلى الأوصاف السابقة ، وهو في موضع رفع على الابتداء وما بعده خبره ، وهو الاسم الشريف ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102الله ربكم بدلا من اسم الإشارة ، وكذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102لا إله إلا هو خالق كل شيء خبر المبتدأ ، ويجوز ارتفاع خالق على إضمار مبتدأ ، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء النصب فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102فاعبدوه أي من كانت هذه صفاته فهو الحقيق بالعبادة ، فاعبدوه ولا تعبدوا غيره ممن ليس له من هذه الصفات العظيمة شيء .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103nindex.php?page=treesubj&link=28977_28725لا تدركه الأبصار الأبصار : جمع بصر ، وهو الحاسة ، وإدراك الشيء عبارة عن الإحاطة به .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أي لا تبلغ كنه حقيقته ، فالمنفي هو هذا الإدراك لا مجرد الرؤية .
فقد ثبتت بالأحاديث المتواترة تواترا لا شك فيه ولا شبهة ، ولا يجهله إلا من يجهل السنة المطهرة جهلا عظيما ، وأيضا قد تقرر في علم البيان والميزان أن رفع الإيجاب الكلي سلب جزئي ، فالمعنى لا تدركه بعض الأبصار وهي أبصار الكفار ، هذا على تسليم أن نفي الإدراك يستلزم نفي الرؤية ، فالمراد به هذه الرؤية الخاصة ، والآية من سلب العموم لا من عموم السلب ، والأول تخلفه الجزئية ، والتقدير : لا تدركه كل الأبصار بل بعضها ، وهي أبصار المؤمنين .
والمصير إلى أحد الوجهين متعين لما عرفناك من تواتر الرؤية في الآخرة ، واعتضادها بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وجوه يومئذ ناضرة [ القيامة : 22 ] الآية .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103وهو يدرك الأبصار أي يحيط بها ويبلغ كنهها لا تخفى عليه منها خافية ، وخص الأبصار ليجانس ما قبله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : في هذا دليل على أن الخلق لا يدركون الأبصار : أي لا يعرفون كيفية حقيقة البصر وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه انتهى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103وهو اللطيف أي الرفيق بعباده : يقال لطف فلان بفلان : أي رفق به ، واللطف في العمل الرفق فيه ، واللطف من الله التوفيق والعصمة ، وألطفه بكذا : إذا أبره : والملاطفة : المبارة ، هكذا قال
الجوهري وابن فارس ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103الخبير المختبر بكل شيء بحيث لا يخفى عليه شيء .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم قال : والله خلقهم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا له بنين وبنات بغير علم قال : تخرصوا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عنه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا قال : جعلوا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
مجاهد قال : كذبوا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
قتادة ، نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14798والعقيلي nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي وأبو الشيخ ،
وابن مردويه ، بسند ضعيف عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لا تدركه الأبصار قال : لو أن الإنس والجن والملائكة والشياطين منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفا واحدا ما أحاطوا بالله أبدا .
قال
الذهبي : هذا حديث منكر انتهى .
وفي إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية العوفي وهو ضعيف .
وأخرج
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني والحاكم وصححه
وابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : رأى
محمد ربه قال
عكرمة : فقلت له أليس الله يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار قال : لا أم لك ذاك نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء ، وفي لفظ : إنما ذلك إذا تجلى بكيفيته لم يقم له بصر .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عنه قال : لا يحيط بصر أحد بالله .
وأخرج
أبو الشيخ ،
والبيهقي في كتاب الرؤية عن
الحسن في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لا تدركه الأبصار قال : في الدنيا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل بن علية مثله .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100nindex.php?page=treesubj&link=28977_29705وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِ شَيْءٍ وَكِيلٌ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ هَذَا الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ جَهَالَاتِهِمْ وَضَلَالَاتِهِمْ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : الْجِنُّ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ، وَشُرَكَاءَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=20وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا [ الْمَائِدَةِ : 20 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=12وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا [ الْمُدَّثِّرِ : 12 ] وَأَجَازَ
الْفَرَّاءُ : أَنْ يَكُونَ الْجِنُّ بَدَلًا مِنْ شُرَكَاءَ وَمُفَسِّرًا لَهُ .
وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ رَفْعَ الْجِنِّ بِمَعْنَى هُمُ الْجِنُّ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : مَنْ هُمْ ؟ فَقِيلَ : الْجِنُّ ، وَبِالرَّفْعِ قَرَأَ
يَزِيدُ بْنُ أَبِي قُطَيْبٍ وَأَبُو حَيَّانَ ، وَقُرِئَ بِالْجَرِّ عَلَى إِضَافَةِ شُرَكَاءَ إِلَى الْجِنِّ لِلْبَيَانِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ جَعَلُوا شُرَكَاءَ لِلَّهِ فَعَبَدُوهُمْ كَمَا عَبَدُوهُ ، وَعَظَّمُوهُمْ كَمَا عَظَّمُوهُ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالْجِنِّ هَاهُنَا الْمَلَائِكَةُ لِاجْتِنَانِهِمْ : أَيِ اسْتَتَارِهِمْ ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ ، وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي الزَّنَادِقَةِ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَإِبْلِيسَ أَخَوَانٍ ، فَاللَّهُ خَالِقُ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ ، وَإِبْلِيسُ خَالِقُ الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ وَالْعَقَارِبِ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
الْكَلْبِيِّ ، وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا قَوْلُ الْمَجُوسِ ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا : لِلْعَالَمِ صَانِعَانِ هُمَا الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَالشَّيْطَانُ .
وَهَكَذَا الْقَائِلُونَ : كُلُّ خَيْرٍ مِنَ النُّورِ ، وَكُلُّ شَرٍّ مِنَ الظُّلْمَةِ ، وَهُمُ الْمَانَوِيَّةُ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَلَقَهُمْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ بِتَقْدِيرِ قَدْ : أَيْ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ ، أَوْ خَلَقَ مَا جَعَلُوهُ شَرِيكًا لِلَّهِ .
قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ " قَرَأَ نَافِعٌ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّكْثِيرِ ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ ادَّعَوْا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ ،
وَالنَّصَارَى ادَّعَوْا أَنَّ
الْمَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ ،
وَالْيَهُودَ ادَّعَوْا أَنَّ
عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ ، فَكَثُرَ ذَلِكَ
[ ص: 439 ] مِنْ كُفْرِهِمْ فَشَدَّدَ الْفِعْلَ لِمُطَابَقَةِ الْمَعْنَى .
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ .
وَقُرِئَ حَرَّفُوا مِنَ التَّحْرِيفِ : أَيْ زَوَّرُوا .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : مَعْنَى خَرَقُوا اخْتَلَقُوا وَافْتَعَلُوا وَكَذَّبُوا ، يُقَالُ : اخْتَلَقَ الْإِفْكَ وَاخْتَرَقَهُ وَخَرَقَهُ ، أَوْ أَصْلُهُ مِنْ خَرَقَ الثَّوْبَ : إِذَا شَقَّهُ : أَيِ اشْتَقُّوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100بِغَيْرِ عِلْمٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ هُوَ حَالٌ : أَيْ كَائِنِينَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، بَلْ قَالُوا ذَلِكَ عَنْ جَهْلٍ خَالِصٍ ، ثُمَّ بَعْدَ حِكَايَةِ هَذَا الضَّلَالِ الْبَيِّنِ وَالْبَهْتِ الْفَظِيعِ مِنْ جَعْلِ الْجِنِّ شُرَكَاءَ لِلَّهِ ، وَإِثْبَاتِ بَنِينَ وَبَنَاتٍ لَهُ نَزَّهَ اللَّهُ نَفْسَهُ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَعْنَى سُبْحَانَهُ .
وَمَعْنَى تَعَالَى : تَبَاعَدَ وَارْتَفَعَ عَنْ قَوْلِهِمُ الْبَاطِلِ الَّذِي وَصَفُوهُ بِهِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ مُبْدِعُهُمَا ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَقَدْ جَاءَ الْبَدِيعُ : بِمَعْنَى الْمُبْدِعِ كَالسَّمِيعِ بِمَعْنَى الْمُسْمِعِ كَثِيرًا ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ :
أَمِنْ رَيْحَانَةِ الدَّاعِي السَّمِيعِ يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ
أَيِ الْمُسْمِعِ ، وَقِيلَ : هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ إِلَى الْفَاعِلِ ، وَالْأَصْلُ بَدِيعُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ .
وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ خَفْضَهُ عَلَى النَّعْتِ لِلَّهِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَفْعَهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَقِيلَ : هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ تَعَالَى ، وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَدْحِ ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ لِلْإِنْكَارِ وَالِاسْتِبْعَادِ : أَيْ مَنْ كَانَ هَذَا وَصْفُهُ ، وَهُوَ أَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا كَيْفَ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ ؟ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَخْلُوقَاتِهِ ، وَكَيْفَ يَتَّخِذُ مَا يَخْلُقُهُ وَلَدًا ، ثُمَّ بَالَغَ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ أَيْ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ، وَالصَّاحِبَةُ إِذَا لَمْ تُوجَدِ اسْتَحَالَ وُجُودُ الْوَلَدِ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ لِتَقْرِيرِ مَا قَبْلَهَا ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ خَالِقًا لِكُلِّ شَيْءٍ اسْتَحَالَ مِنْهُ أَنْ يَتَّخِذَ بَعْضَ مَخْلُوقَاتِهِ وَلَدًا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ خَافِيَةٌ .
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102ذَلِكُمُ إِلَى الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ ، وَهُوَ الِاسْمُ الشَّرِيفُ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102اللَّهُ رَبُّكُمْ بَدَلًا مِنَ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ ، وَيَجُوزُ ارْتِفَاعُ خَالِقِ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ ، وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ النَّصْبَ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102فَاعْبُدُوهُ أَيْ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَاتُهُ فَهُوَ الْحَقِيقُ بِالْعِبَادَةِ ، فَاعْبُدُوهُ وَلَا تَعْبُدُوا غَيْرَهُ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْعَظِيمَةِ شَيْءٌ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103nindex.php?page=treesubj&link=28977_28725لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ الْأَبْصَارُ : جَمْعُ بَصَرٍ ، وَهُوَ الْحَاسَّةُ ، وَإِدْرَاكُ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : أَيْ لَا تَبْلُغُ كُنْهَ حَقِيقَتِهِ ، فَالْمَنْفِيُّ هُوَ هَذَا الْإِدْرَاكُ لَا مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ .
فَقَدْ ثَبَتَتْ بِالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ تَوَاتُرًا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا شُبْهَةَ ، وَلَا يَجْهَلُهُ إِلَّا مَنْ يَجْهَلُ السُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ جَهْلًا عَظِيمًا ، وَأَيْضًا قَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ وَالْمِيزَانِ أَنَّ رَفْعَ الْإِيجَابِ الْكُلِّيِّ سَلْبٌ جُزْئِيُّ ، فَالْمَعْنَى لَا تُدْرِكُهُ بَعْضُ الْأَبْصَارِ وَهِيَ أَبْصَارُ الْكُفَّارِ ، هَذَا عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ نَفْيَ الْإِدْرَاكِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الرُّؤْيَةِ ، فَالْمُرَادُ بِهِ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ الْخَاصَّةُ ، وَالْآيَةُ مِنْ سَلْبِ الْعُمُومِ لَا مِنْ عُمُومِ السَّلْبِ ، وَالْأَوَّلُ تَخْلُفُهُ الْجُزْئِيَّةُ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَا تُدْرِكُهُ كُلُّ الْأَبْصَارِ بَلْ بَعْضُهَا ، وَهِيَ أَبْصَارُ الْمُؤْمِنِينَ .
وَالْمَصِيرُ إِلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ مُتَعَيَّنٌ لِمَا عَرَّفْنَاكَ مِنْ تَوَاتُرِ الرُّؤْيَةِ فِي الْآخِرَةِ ، وَاعْتِضَادِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ [ الْقِيَامَةِ : 22 ] الْآيَةَ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ أَيْ يُحِيطُ بِهَا وَيَبْلُغُ كُنْهَهَا لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا خَافِيَةٌ ، وَخَصَّ الْأَبْصَارَ لِيُجَانِسَ مَا قَبْلُهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ لَا يُدْرِكُونَ الْأَبْصَارَ : أَيْ لَا يَعْرِفُونَ كَيْفِيَّةَ حَقِيقَةَ الْبَصَرِ وَمَا الشَّيْءُ الَّذِي صَارَ بِهِ الْإِنْسَانُ يُبْصِرُ مِنْ عَيْنَيْهِ دُونَ أَنْ يُبْصِرَ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ أَعْضَائِهِ انْتَهَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103وَهُوَ اللَّطِيفُ أَيِ الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ : يُقَالُ لَطَفَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ : أَيْ رَفِقَ بِهِ ، وَاللُّطْفُ فِي الْعَمَلِ الرِّفْقُ فِيهِ ، وَاللُّطْفُ مِنَ اللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ ، وَأَلْطَفَهُ بِكَذَا : إِذَا أَبَرَّهُ : وَالْمُلَاطَفَةُ : الْمُبَارَّةُ ، هَكَذَا قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ وَابْنُ فَارِسٍ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103الْخَبِيرُ الْمُخْتَبَرُ بِكُلِّ شَيْءٍ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ قَالَ : وَاللَّهُ خَلَقَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ : تَخْرُصُوا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا قَالَ : جَعَلُوا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : كَذَّبُوا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، نَحْوَهُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14798وَالْعُقَيْلِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13357وَابْنُ عَدِيٌّ وَأَبُو الشَّيْخِ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ قَالَ : لَوْ أَنَّ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ وَالْمَلَائِكَةَ وَالشَّيَاطِينَ مُنْذُ خُلِقُوا إِلَى أَنْ فَنُوا صُفُّوا صَفًا وَاحِدًا مَا أَحَاطُوا بِاللَّهِ أَبَدًا .
قَالَ
الذَّهَبِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ انْتَهَى .
وَفِي إِسْنَادِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16574عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَأَخْرَجَ
التِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : رَأَى
مُحَمَّدٌ رَبَّهُ قَالَ
عِكْرِمَةُ : فَقُلْتُ لَهُ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ قَالَ : لَا أُمَّ لَكَ ذَاكَ نُورُهُ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَا يُدْرِكُهُ شَيْءٌ ، وَفِي لَفْظٍ : إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا تَجَلَّى بِكَيْفِيَّتِهِ لَمْ يَقُمْ لَهُ بَصَرٌ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنْهُ قَالَ : لَا يُحِيطُ بَصَرُ أَحَدٍ بِاللَّهِ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الرُّؤْيَةِ عَنِ
الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ قَالَ : فِي الدُّنْيَا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13382إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ مِثْلَهُ .