الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 329 - 332 ] ( وإذا nindex.php?page=treesubj&link=2187_2090_1997مات الكافر وله ولي مسلم فإنه يغسله ويكفنه ويدفنه ) بذلك أمر nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في حق أبيه أبي طالب لكن يغسل غسل الثوب النجس ، ويلف في خرقة ، وتحفر حفيرة من غير مراعاة سنة التكفين واللحد ، ولا يوضع فيها ، بلى يلقى .
الحديث الحادي عشر : قال المصنف رحمه الله : وإن nindex.php?page=treesubj&link=2187_2090_1997مات الكافر ، وله ولي مسلم [ ص: 333 ] يغسله ويكفنه ويدفنه ، بذلك أمر nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في حق أبيه أبي طالب ، قلت : أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي عن سفيان عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=64881nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، قال : لما مات أبوه أبو طالب ، قال : انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : إن عمك الشيخ الضال ، قد مات ، قال : اذهب فوار أباك ، ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني ، فذهبت فواريته ، وجئته ، فأمرني ، فاغتسلت ، ودعا لي }. انتهى ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار في " مسانيدهم " ، وليس في الحديث الغسل والكفن ، إلا أن يؤخذ ذلك من مفهوم قوله : فأمرني ، فاغتسلت ، فإن الاغتسال شرع من غسل الميت ، ولم يشرع من دفنه ، ولم يستدل به nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره من الشافعية ، إلا على الاغتسال من غسل الميت ، مع أنه قد جاء مصرحا به في بعض الأحاديث ، فروى ابن سعد في " الطبقات " أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن { nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، قال : لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت أبي طالب بكى ، ثم قال لي : اذهب فغسله ، وكفنه ، وواره ، قال : ففعلت ، ثم أتيته ، فقال لي : اذهب فاغتسل ، قال : وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما ، ولا يخرج من بيته حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } }الآية . انتهى .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في " مصنفه " الحديث بسند السنن ، قال : إن عمك الشيخ الكافر قد مات ، فما ترى فيه ؟ قال : أرى أن تغسله ، وتجنه ، وأمره بالغسل . انتهى وروى أبو يعلى الموصلي في " مسنده " من طريق السدي عن nindex.php?page=showalam&ids=12067أبي عبد الرحمن السلمي عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=64883nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، قال : لما توفي أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : إن عمك الشيخ الضال قد مات ، قال : اذهب فواره ، ولا تحدث شيئا حتى تأتيني ، قال : فواريته ، ثم أتيته ، قال : اذهب فاغتسل ، فاغتسلت ، ثم أتيته ، فدعا لي بدعوات ما يسرني [ ص: 334 ] أن لي بها حمر النعم أو سودها }.
قال : وكان nindex.php?page=showalam&ids=8علي إذا غسل ميتا اغتسل . انتهى .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبو داود الطيالسي nindex.php?page=showalam&ids=12418وابن راهويه في " مسانيدهم " عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن أبي إسحاق به ، بلفظ السنن ، زاد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيه : فقلت : يا رسول الله إنه مات مشركا ، قال : اذهب فواره ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " سننه الوسطى " ، ثم قال : وناجية بن كعب لا يعلم روى عنه غير أبي إسحاق ، قال ابن المديني وغيره من الحفاظ . انتهى وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " سننه " حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي هذا من طرق ، وقال : إنه حديث باطل ، وأسانيده كلها ضعيفة ، وبعضها منكر ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36834من غسل ميتا ، فليغتسل ، ومن حمله ، فليتوضأ } ، فقد رواه أبو داود والترمذي ، وحسنه ، وضعفه ، الجمهور ، وبسط nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي القول في طرقه ، وقال : الصحيح وقفه ، قال : قال الترمذي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وابن المديني ، قالا : لا يصح في هذا الباب شيء .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14327محمد بن يحيى الذهلي ، شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : لا أعلم فيه حديثا ثابتا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : ليس فيه حديث ثابت ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة { nindex.php?page=hadith&LINKID=64884أنه عليه الصلاة والسلام كان يغتسل من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة وغسل الميت } ، فرواه أبو داود بسند ضعيف ، والله أعلم .
واستدل ابن الجوزي في " التحقيق " للإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في منعه المسلم غسل قريبه الكافر ودفنه ، بحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " سننه " ، عن أبي معشر عن محمد بن كعب بن مالك القرظي عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=64885جاء nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس ، فقال : يا رسول الله إن أمي توفيت ، وهي نصرانية ، وإني أحب أن أحضرها ، فقال له عليه السلام : اركب دابتك ، وسر أمامها ، فإنك إذا كنت أمامها لم تكن معها }. انتهى وهذا مع ضعفه ليس فيه حجة ، كما تراه ، ثم استدل لخصومه بحديث أبي طالب ، وأجاب بأنه كان في ابتداء الإسلام ، وهذا أيضا ممنوع ، والله أعلم .
أحاديث nindex.php?page=treesubj&link=1069الصلاة على الغائب : فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى [ ص: 335 ] المصلى ، فصف بهم ، وكبر أربعا . انتهى وأخرجاه عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث . انتهى ولأصحابنا عنه أجوبة : أحدها : أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع له سريره ، فرآه ، فتكون الصلاة عليه ، كميت رآه الإمام ، ولا يراه المأمومون . قال الشيخ تقي الدين : وهذا يحتاج إلى نقل يثبته ، ولا يكتفى فيه بمجرد الاحتمال . انتهى . قلت : ورد ما يدل على ذلك ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " صحيحه " في النوع الحادي والأربعين ، من القسم الخامس ، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=64886إن أخاكم nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي توفي ، فقوموا صلوا عليه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوا خلفه ، فكبر أربعا } ، وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه .
الثاني : أنه من باب الضرورة ; لأنه مات بأرض لم يقم فيها عليه فريضة الصلاة ، فتعين فرض الصلاة عليه لعدم من يصلي عليه ثم ، ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على غائب غيره ، وقد مات من الصحابة خلق كثير ، وهم غائبون عنه ، وسمع بهم فلم يصل عليهم ، إلا غائبا واحدا ورد أنه طويت له الأرض حتى حضره ، وهو معاوية بن معاوية المزني ، روى حديثه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " معجمه الوسط " و " كتاب مسند الشاميين " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16623علي بن سعيد الرازي ثنا نوح بن عمرو بن حوي السكسك ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد عن nindex.php?page=showalam&ids=16962محمد بن زياد الألهاني عن { أبي أمامة ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك ، فنزل عليه جبرائيل ، فقال : يا رسول الله ، إن معاوية بن معاوية المزني مات بالمدينة ، أتحب أن أطوي لك الأرض فتصلي عليه ؟ قال : نعم ، فضرب بجناحه على الأرض ، فرفع له سريره ، فصلى عليه ، وخلفه صفان من الملائكة ، في كل صف سبعون ألف ملك ، ثم رجع ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبرائيل : بم أدرك هذا ؟ قال : بحب سورة { nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد } ، وقراءته إياها جائيا ، وذاهبا ، وقائما ، وقاعدا ، وعلى كل حال }. انتهى .
ورواه ابن سعد في " الطبقات في ترجمة معاوية بن معاوية المزني " ، قال : ويقال : الليثي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، فقال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ثنا العلاء أبو محمد الثقفي ، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر [ ص: 336 ] نحوه ، أخبرنا عثمان بن الهيثم البصري ثنا محبوب بن هلال المزني عن ابن أبي ميمونة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، فذكر نحوه ، وبسند ابن سعد الأول رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وضعفه ، قال النووي في " الخلاصة " : والعلاء هذا ابن زيد ، ويقال : ابن يزيد ، اتفقوا على ضعفه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وابن عدي وأبو حاتم هو منكر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وروي من طريق أخرى ضعيفة .
وغائبان آخران ، وهما : nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة nindex.php?page=showalam&ids=315وجعفر بن أبي طالب ، ورد أنه أيضا كشف له عنهما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي في " كتاب المغازي " فقال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12265محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة حدثني عبد الجبار بن عمارة عن عبد الله بن أبي بكر ، قال : { لما التقى الناس بمؤتة ، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، وكشف له ما بينه وبين الشام ، فهو ينظر إلى معركتهم ، فقال عليه السلام : أخذ الراية nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، فمضى حتى استشهد ، وصلى عليه ، ودعا له ، وقال : استغفروا له ، وقد دخل الجنة ، وهو يسعى ، ثم أخذ الراية nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب ، فمضى حتى استشهد ، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعا له ، وقال : استغفروا له ، وقد دخل الجنة ، فهو يطير فيها بجناحين حيث شاء } ، مختصر ، وهو مرسل من الطريقين المذكورين .
أحاديث nindex.php?page=treesubj&link=1065رفع اليدين في التكبيرة الأولى . حديث : أخرجه الترمذي في " كتابه " عن يحيى بن يعلى عن أبي فروة يزيد بن سنان عن زيد بن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=64889كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة رفع يديه في أول تكبيرة ، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى }. انتهى .
وقال : حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . انتهى وأعله ابن القطان في " كتابه " بأبي فروة ، ونقل تضعيفه عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وابن معين nindex.php?page=showalam&ids=14798والعقيلي ، قال : ففيه علة أخرى ، وهو أن يحيى بن يعلى الراوي عن أبي فروة ، وهو أبو زكريا القطواني الأسلمي ، هكذا صرح به عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، وهو ضعيف ، ولهم آخر في طبقته " يكنى أبا المحيا " ذاك ثقة ، وليس هو هذا . انتهى .
قلت : قال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في أبي فروة : كثير الخطأ ، لا يعجبني الاحتجاج به إذا وافق الثقات ، فكيف إذا انفرد ، ثم نقل عن ابن معين أنه قال : ليس بشيء .
[ ص: 337 ] حديث آخر } : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " سننه " عن الفضل بن السكن ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17248هشام بن يوسف ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ، ثم لا يعود انتهى ، وسكت عنه . لكن أعله nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي في " كتابه " بالفضل بن السكن ، وقال : إنه مجهول . انتهى ولم أجده في ضعفاء nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان .
{ حديث آخر } : يعارض ما تقدم أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " علله " عن عمر بن شيبة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون أنبأ يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي عليه السلام كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة ، وإذا انصرف سلم . انتهى قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : هكذا رفعه عمر بن شيبة ، وخالفه جماعة ، فرووه عن nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون موقوفا ، وهو الصواب انتهى ولم يرو nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتابه " المفرد في رفع اليدين " شيئا في هذا الباب ، إلا حديثا موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وحديثا موقوفا على nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم ، والله أعلم
[ ص: 223 ] سيرة أبي الحسنين علي رضي الله عنه [ ص: 225 ] علي بن أبي طالب علي بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، أمير المؤمنين ، أبو الحسن القرشي الهاشمي .
وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية ، وهي بنت عم أبي طالب . كانت من المهاجرات ، توفيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة .
قال عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي : قلت لأمي اكفي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة ، وتكفيك هي الطحن والعجن . وهذا يدل على أنها توفيت بالمدينة .
روى الكثير عن النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه القرآن وأقرأه .
عرض عليه أبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو الأسود الدؤلي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى .
وروى عن علي : أبو بكر ، وعمر ، وبنوه : الحسن ، والحسين ، ومحمد ، وعمر ، وابن عمه ابن عباس ، وابن الزبير ، وطائفة من الصحابة ، وقيس بن أبي حازم ، وعلقمة بن قيس ، وعبيدة السلماني ، ومسروق ، وأبو رجاء العطاردي ، وخلق كثير . [ ص: 226 ] وكان من السابقين الأولين ، شهد بدرا وما بعدها ، وكان يكنى أبا تراب أيضا .
قال عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل ، أن رجلا من آل مروان استعمل على المدينة ، فدعاني وأمرني أن أشتم عليا فأبيت ، فقال : أما إذا أبيت فالعن أبا تراب ، فقال سهل : ما كان لعلي اسم أحب إليه منه ، إن كان ليفرح إذا دعي به ، فقال له : أخبرنا عن قصته لم سمي أبا تراب ؟ فقال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة ، فلم يجد عليا في البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ فقالت : قد كان بيني وبينه شيء فغاظني ، فخرج ولم يقل عندي ، فقال لإنسان : " اذهب انظر أين هو " فجاء فقال : يا رسول الله هو راقد في المسجد ، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه ، فأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عنه التراب ويقول : " قم أبا تراب ، قم أبا تراب " أخرجه مسلم . وقال أبو رجاء العطاردي : رأيت عليا شيخا أصلع كثير الشعر ، كأنما اجتاب إهاب شاة ، ربعة عظيم البطن ، عظيم اللحية . وقال سوادة بن حنظلة : رأيت عليا أصفر اللحية . وعن محمد بن الحنفية ، قال : اختضب علي بالحناء مرة ثم [ ص: 227 ] تركه . وعن الشعبي ، قال : رأيت عليا ورأسه ولحيته بيضاء ، كأنهما قطن . وقال الشعبي : رأيت عليا أبيض اللحية ، ما رأيت أعظم لحية منه ، وفي رأسه زغيبات .
وقال أبو إسحاق : رأيته يخطب ، وعليه إزار ورداء ، أنزع ، ضخم البطن ، أبيض الرأس واللحية . وعن أبي جعفر الباقر ، قال : كان علي آدم ، شديد الأدمة ، ثقيل العينين ، عظيمهما ، وهو إلى القصر أقرب . قال عروة : أسلم علي وهو ابن ثمان .
وقال الحسن بن زيد بن الحسن : أسلم وهو ابن تسع .
وقال المغيرة : أسلم وله أربع عشرة سنة . رواه جرير عنه .
وثبت عن ابن عباس ، قال : أول من أسلم علي . وعن محمد القرظي ، قال : أول من أسلم خديجة ، وأول رجلين أسلما أبو بكر وعلي ، وإن أبا بكر أول من أظهر الإسلام ، وكان علي يكتم الإسلام فرقا من أبيه ، حتى لقيه أبو طالب ، فقال : أسلمت ؟ قال : [ ص: 228 ] نعم . قال : وازر ابن عمك وانصره . وأسلم علي قبل أبي بكر . وقال قتادة : إن عليا كان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، وفي كل مشهد .
وقال أبو هريرة وغيره : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، ويفتح الله على يديه " قال عمر : فما أحببت الإمارة قبل يومئذ ، قال : فدعا عليا فدفعها إليه ، وذكر الحديث ، كما تقدم في غزوة خيبر بطرقه .
وقال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن عبد الله بن أبي ليلى ، قال : كان أبي يسمر مع علي ، وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشتاء ، وثياب الشتاء في الصيف ، فقلت لأبي : لو سألته ، فسأله ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر ، فقلت : يا رسول الله إني أرمد ، فتفل في عيني ، وقال : " اللهم اذهب عنه الحر والبرد " فما وجدته حرا ولا بردا منذ يومئذ .
وقال جرير ، عن مغيرة ، عن أم موسى : سمعت عليا يقول : ما [ ص: 229 ] رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهي وتفل في عيني .
وقال المطلب بن زياد ، عن ليث ، عن أبي جعفر ، عن جابر بن عبد الله : أن عليا حمل الباب على ظهره يوم خيبر ، حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها يعني خيبر ، وأنهم جروه بعد ذلك ، فلم يحمله إلا أربعون رجلا . تفرد به إسماعيل ابن بنت السدي ، عن المطلب .
وقال ابن إسحاق في " المغازي " : حدثني عبد الله بن الحسن ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته ، فلما دنا من الحصن ، خرج إليه أهله ، فقاتلهم ، فضربه رجل من اليهود ، فطرح ترسه من يده ، فتناول علي بابا عند الحصن ، فتترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده ، وهو يقاتل ، حتى فتح الله علينا ، ثم ألقاه ، فلقد رأيتنا ثمانية نفر ، نجهد أن نقلب ذلك الباب ، فما استطعنا أن نقلبه .
وقال غندر : حدثنا عوف ، عن ميمون أبي عبد الله ، عن البراء ، وزيد بن أرقم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : " أنت مني كهارون من موسى ، غير أنك لست بنبي " ميمون صدوق .
وقال بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، قال : أمر معاوية سعدا ، فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟ قال : ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، وخلف عليا في بعض مغازيه ، فقال : يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان ؟ قال : " أما [ ص: 230 ] ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " أخرجه الترمذي ، وقال : صحيح غريب . وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، فدفعها إليه ، ففتح الله عليه . ولما نزلت هذه الآية : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم [ آل عمران ] دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : " اللهم هؤلاء أهلي " . بكير احتج به مسلم .
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي : حدثنا إبراهيم بن مهاجر بن مسمار ، عن أبيه ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، قال : أما والله أشهد لقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي يوم غدير خم ، وأخذ بضبعيه : " أيها الناس من مولاكم ؟ قالوا : الله ورسوله . قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " الحديث . إبراهيم هذا ، قال النسائي : ضعيف .
ويروى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة : " قد زوجتك أعظمهم حلما ، وأقدمهم سلما ، وأكثرهم علما " وروى نحوه جابر الجعفي وهو متروك عن ابن بريدة ، عن أبيه .
وقال الأجلح الكندي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا بريدة لا تقعن في علي فإنه مني وأنا منه ، وهو وليكم [ ص: 231 ] بعدي .
وقال الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كنت وليه فعلي وليه " .
وقال غندر : حدثنا شعبة ، عن ميمون أبي عبد الله ، عن زيد بن أرقم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " هذا حديث صحيح .
وقال أبو الجواب : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن البراء ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مجنبتين على إحداهما علي ، وعلى الآخرة خالد بن الوليد ، وقال : " إذا كان قتال فعلي على الناس " فافتتح علي حصنا ، فأخذ جارية لنفسه ، فكتب خالد في ذلك ، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب ، قال : " ما تقول في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ؟ " قلت : أعوذ بالله من غضب الله . أبو الجواب ثقة ، أخرجه الترمذي ، وقال : حديث حسن .
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق : أخبركم الفتح بن عبد الله بن محمد .
[ ح ] وأخبرنا يحيى بن أبي منصور ، وجماعة إجازة ، قالوا : أخبرنا أبو الفتوح محمد بن علي بن الجلاجلي ، قالا : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحسين الحاسب ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن [ ص: 232 ] النقور ، قال : حدثنا عيسى بن علي بن الجراح إملاء سنة تسع وثمانين وثلاث مائة ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سويد بن سعيد ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " علي مني وأنا من علي ، لا يؤدي عني إلا أنا أو هو " رواه ابن ماجه عن سويد ، ورواه الترمذي ، عن إسماعيل بن موسى ، عن شريك ، وقال : صحيح غريب . ورواه يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن جده ، أخرجه النسائي في الخصائص .
وقال جعفر بن سليمان الضبعي : حدثنا يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ، واستعمل عليهم عليا ، وكان المسلمون إذا قدموا من سفر أو غزو أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتوا رحالهم ، فأخبروه بمسيرهم ، فأصاب علي جارية ، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لنخبرنه ، قال : فقدمت السرية ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بمسيرهم ، فقام إليه أحد الأربعة ، فقال : يا رسول الله قد أصاب علي جارية ، فأعرض عنه ، ثم قام الثاني ، فقال : صنع كذا وكذا ، فأعرض عنه ، ثم الثالث كذلك ، ثم الرابع ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم مغضبا ، فقال : " ما تريدون من علي ، علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي " أخرجه أحمد في " المسند " [ ص: 233 ] والترمذي وحسنه ، والنسائي . وقالت زينب بنت كعب بن عجرة ، عن أبي سعيد ، قال : اشتكى الناس عليا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا ، فقال : " لا تشكوا عليا ، فوالله إنه لأخشن في ذات الله ، أو في سبيل الله " رواه سعد بن إسحاق ، وابن عمه سليمان بن محمد ابنا كعب ، عن عمتهما .
ويروى عن عمرو بن شاس الأسلمي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من آذى عليا فقد آذاني " .
وقال فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل ، قال : جمع علي رضي الله الناس في الرحبة ، ثم قال لهم : أنشد الله كل امرئ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام ، فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للناس : " أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم " قالوا : نعم يا رسول الله . قال : " من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " ثم قال لي زيد بن أرقم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له .