فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قلنا : إن اللحم كله جنس واحد ، فلحوم النعم ولحوم الوحش ولحوم الطير كلها جنس واحد ، وهل تكون
nindex.php?page=treesubj&link=5394لحوم الحيتان صنفا منها على وجهين :
أحدهما : أنها واللحم كله صنف واحد : لأن اسم اللحم ينطلق عليه . قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وهذا قول
أبي إسحاق المروزي .
[ ص: 155 ] والوجه الثاني : أن لحوم الحيتان صنف آخر ،
nindex.php?page=treesubj&link=5394وإن كانت اللحوم كلها صنفا واحدا : لأنه لما لم يأكل الحيتان إذا حلف لا يأكل اللحم اقتضى أن لا يكون من جنس اللحم ، فعلى هذا الوجه تكون اللحمان كلها صنفين ، فلحوم حيوان البر على اختلافها صنف واحد ، ولحوم حيتان البحر على اختلافها صنف واحد .
وإذا قلنا : إن اللحمان أصناف ، فلحم الغنم صنف ، ولا فرق بين الضأن منه والماعز ، ولا بين المعلوف والراعي ، ولا بين المهزول والسمين ، ثم لحم البقر صنف آخر ، ولا فرق بين الجواميس والعراب ، ولحم الإبل صنف آخر ، ولا فرق بين المهرية والبخات .
ثم
nindex.php?page=treesubj&link=5394لحوم الصيد الوحشي أصناف ، فلحم الطير صنف ، ولحم الثعالب صنف ، ولحم الأرانب صنف ، ولحم بقر الوحش صنف ، ولحم حمر الوحش صنف ، ثم لحوم الطير أصناف ، فلحم الحمام صنف ، ولحم الدجاج صنف ، وكذلك كل جنس من الطير لحوم جنسها صنف .
ثم هل تكون لحوم الحيتان على هذا القول صنفا واحدا أو تكون أصنافا : على وجهين :
أحدهما : أن جميعها صنف واحد ، وهذا قول من يزعم أنه لا يؤكل من حيوان البحر إلا حيتانه .
والثاني : أنها أصناف مختلفة ، وهذا قول من يزعم أن حيوان البحر كله مأكول : حيتانه ودوابه وما فيه من كلب وغيره ، فعلى هذا يكون الشيء صنفا والنتاج صنفا ، وكل ما اختص باسم يخالف غيره صنفا .
فَصْلٌ : فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ ، فَإِنْ قُلْنَا : إِنَّ اللَّحْمَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ ، فَلُحُومُ النَّعَمِ وَلُحُومُ الْوَحْشِ وَلُحُومُ الطَّيْرِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ، وَهَلْ تَكُونُ
nindex.php?page=treesubj&link=5394لُحُومُ الْحِيتَانِ صِنْفًا مِنْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا وَاللَّحْمَ كُلَّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ : لِأَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَهَذَا قَوْلُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ .
[ ص: 155 ] وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ لُحُومَ الْحِيتَانِ صِنْفٌ آخَرُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=5394وَإِنْ كَانَتِ اللُّحُومُ كُلُّهَا صِنْفًا وَاحِدًا : لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْكُلِ الْحِيتَانَ إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ اقْتَضَى أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ اللُّحْمَانُ كُلُّهَا صِنْفَيْنِ ، فَلُحُومُ حَيَوَانِ الْبَرِّ عَلَى اخْتِلَافِهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ ، وَلُحُومُ حِيتَانِ الْبَحْرِ عَلَى اخْتِلَافِهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ .
وَإِذَا قُلْنَا : إِنَّ اللُّحْمَانَ أَصْنَافٌ ، فَلَحْمُ الْغَنَمِ صِنْفٌ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الضَّأْنِ مِنْهُ وَالْمَاعِزِ ، وَلَا بَيْنَ الْمَعْلُوفِ وَالرَّاعِي ، وَلَا بَيْنَ الْمَهْزُولِ وَالسَّمِينِ ، ثُمَّ لَحْمُ الْبَقَرِ صِنْفٌ آخَرُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَوَامِيسِ وَالْعِرَابِ ، وَلَحْمُ الْإِبِلِ صِنْفٌ آخَرُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَهْرِيَّةِ وَالْبَخَاتِ .
ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=5394لُحُومُ الصَّيْدِ الْوَحْشِيِّ أَصْنَافٌ ، فَلَحْمُ الطَّيْرِ صِنْفٌ ، وَلَحْمُ الثَّعَالِبِ صِنْفٌ ، وَلَحْمُ الْأَرَانِبِ صِنْفٌ ، وَلَحْمُ بَقَرِ الْوَحْشِ صِنْفٌ ، وَلَحْمُ حُمُرِ الْوَحْشِ صِنْفٌ ، ثُمَّ لُحُومُ الطَّيْرِ أَصْنَافٌ ، فَلَحْمُ الْحَمَامِ صِنْفٌ ، وَلَحْمُ الدَّجَاجِ صِنْفٌ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ جِنْسٍ مِنَ الطَّيْرِ لُحُومُ جِنْسِهَا صِنْفٌ .
ثُمَّ هَلْ تَكُونُ لُحُومُ الْحِيتَانِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ صِنْفًا وَاحِدًا أَوْ تَكُونُ أَصْنَافًا : عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ جَمِيعَهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ إِلَّا حِيتَانُهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ كُلَّهُ مَأْكُولٌ : حِيتَانَهُ وَدَوَابَّهُ وَمَا فِيهِ مِنْ كَلْبٍ وَغَيْرِهِ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الشَّيْءُ صِنْفًا وَالنَّتَاجُ صِنْفًا ، وَكُلُّ مَا اخْتَصَّ بِاسْمٍ يُخَالِفُ غَيْرَهُ صِنْفًا .