فرع :
nindex.php?page=treesubj&link=22733من لا يقدر على قراءة الفاتحة ، يلزمه كسب القدرة بتعلم ، أو توسل إلى مصحف ، يقرؤها منه بشراء أو إجارة أو استعارة .
فإن كان في ليل أو ظلمة لزمه تحصيل السراج عند الإمكان . فلو امتنع من ذلك عند الإمكان ، لزمه إعادة كل صلاة صلاها قبل أن يقرأها .
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=27582تعذرت الفاتحة لتعذر التعلم لضيق الوقت أو بلادته أو عدم المعلم والمصحف ، أو غير ذلك ، لم يجز ترجمة الفاتحة ، بل ينظر ؛ إن أحسن قرآنا غير الفاتحة ، لزمه قراءة سبع آيات ، ولا يجزئه دون سبع وإن كانت آيات طوالا .
وهل يشترط مع ذلك أن
[ ص: 245 ] لا ينقص حروف كل الآيات عن حروف الفاتحة ؟ فيه أوجه : أصحها يشترط أن يكون جملة الآيات السبع ، بقدر حروف الفاتحة ، ولا يمتنع أن يجعل آيتين مقام آية .
والثاني : أنه يجب أن يعدل حروف كل آية من حروف آية من الفاتحة على الترتيب ، فتكون مثلها أو أطول ، والثالث : يكفي سبع آيات ناقصات الحروف ، كما يكفي صوم يوم قصير عن طويل .
ثم إن أحسن سبع آيات متوالية بالشرط المذكور ، لم يجز العدول إلى المتفرقة ، وإن لم يحسن إلا متفرقة أتى بها ، واستدرك إمام الحرمين فقال : لو كانت الآية المفردة لا تفيد معنى منظوما إذا قرئت وحدها ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=21ثم نظر ) [ المدثر : 21 ] فيظهر أن لا نأمره بقراءة هذه الآيات المتفرقة ، ونجعله كمن لا يحسن قراءة أصلا .
قلت : قد قطع جماعة بأن تجزئه الآيات المتفرقة وإن كان يحسن المتوالية ، سواء فرقها من سورة أو سور ؛ منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب ،
وأبو علي البندنيجي ، وصاحب ( البيان ) وهو المنصوص في ( الأم ) وهو الأصح . والله أعلم .
أما لو كان الذي يحسنه دون السبع ، كآية أو آيتين ، فوجهان : أصحهما يقرأ ما يحسنه ، ويأتي بالذكر عن الباقي ، والثاني : يكرر ما يحفظه حتى يبلغ قدر الفاتحة . أما
nindex.php?page=treesubj&link=22733الذي لا يحسن شيئا من القرآن ، فيجب عليه أن يأتي بالذكر كالتسبيح والتهليل ، وفي الذكر الواجب أوجه : أحدها يتعين أن يقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ويكفيه هذه الكلمات الخمس .
والثاني : أنها تتعين ، ويجب معها كلمتان من الذكر ، ليصير سبعة أنواع مقام سبع آيات ، والمراد بالكلمات أنواع الذكر لا ألفاظ مفردة .
والثالث وهو الأصح : أنه لا يتعين شيء من الذكر ، ولكن هل يشترط أن لا ينقص حروف ما أتى به من حروف الفاتحة ؟
[ ص: 246 ] وجهان :
الأصح : يشترط . قال إمام الحرمين : ولا يراعي هنا إلا الحروف ، بخلاف ما إذا أحسن قراءة غير الفاتحة ، فإنه يراعي الآيات ، وفي الحروف الخلاف .
وقال في ( التهذيب ) : يجب سبعة أنواع من الذكر . يقام كل نوع مقام آية ، وهذا أقرب ، وهل الدعاء المحض كالذكر ؟ فيه تردد للشيخ
أبي محمد .
قال إمام الحرمين : والأشبه أن ما يتعلق بأمور الآخرة ، يقوم دون ما يتعلق بالدنيا .
ويشترط أن لا يقصد بالذكر المأتي به شيئا آخر سوى البدلية ، كمن استفتح ، أو تعوذ على قصد تحصيل سنتهما ، ولكن لا يشترط قصد البدلية فيهما ، ولا في غيرهما من الأذكار على الأصح . أما إذا لم يحسن شيئا من القرآن ولا الذكر ، فعليه أن يقوم بقدر الفاتحة ثم يركع ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=22733أحسن بعض الفاتحة ولم يحسن بدلا ، وجب تكرير ما أحسن قدر الفاتحة ، وإن أحسن لباقيها بدلا فوجهان : وقيل : قولان : أحدهما يكرره ، وأصحهما يأتي به وببدل الباقي ؛ فعلى هذا ، لو
nindex.php?page=treesubj&link=22733أحسن النصف الثاني من الفاتحة دون الأول ، أتى بالذكر بدلا عن النصف الأول ، ثم يأتي بالنصف الثاني . فلو عكس ، لم يجز على الصحيح .
وأما إذا قلنا : يكرر ما يحسنه ، فيكرر المحفوظ مرة بدلا ، ومرة أصلا .
ولو كان يحسن النصف الأول ، كرره على الوجه الأول ، وأما على الأصح : فيأتي به ، ثم بالذكر بدلا . هذا كله إذا استمر العجز ، فلو
nindex.php?page=treesubj&link=1530_26774تمكن من قراءة الفاتحة في أثناء الصلاة ، بتلقين ، أو مصحف ، أو غيرهما ، فإن كان قبل الشروع في البدل ، لزمه قراءة الفاتحة ، وكذا إن كان في أثناء البدل على الصحيح .
وعلى الضعيف : يلزمه أن يقرأ الفاتحة ، بقدر ما بقي ، وإن كان بعد الركوع ، فقد مضت تلك الركعة على الصحة ، ولا يجوز الرجوع ، وإن كان بعد الفراغ من البدل وقبل الركوع ، فالمذهب : أنه لا يلزمه قراءة الفاتحة ، كما إذا قدر المكفر على الإعتاق ، بعد فراغه من الصوم ، وقيل : وجهان .
[ ص: 247 ] فرع :
يستحب لكل
nindex.php?page=treesubj&link=1565من قرأ الفاتحة في الصلاة أو خارج الصلاة أن يقول عقب فراغه منها آمين ، بالمد أو القصر بلا تشديد فيهما .
ويستحب أن يفصل بينهما ، وبين ( ولا الضالين ) بسكتة لطيفة ، ليميزها عن القرآن ، ويستوي في استحبابها الإمام والمأموم والمنفرد ، ويجهر بها الإمام والمنفرد في الصلاة الجهرية تبعا للقراءة ، وأما المأموم فالمذهب أنه يجهر ، وقيل قولان . وقيل إن لم يجهر الإمام جهر لينبهه وإلا ، فقولان . وقيل إن كثر القوم جهروا ، وإلا فلا ، ويستحب أن يكون تأمين المأموم ، مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده . فإن فاته أمن عقب تأمينه .
قلت : قال أصحابنا : لو ترك التأمين ، حتى اشتغل بغيره ، فات ، ولم يعد إليه ، وفي ( الحاوي ) وغيره وجه ضعيف : أنه يأتي به ما لم يركع .
قال في ( الأم ) : فإن قال آمين رب العالمين ؛ كان حسنا . والله أعلم .
فرع :
يسن للإمام ، والمنفرد ،
nindex.php?page=treesubj&link=1566قراءة شيء بعد الفاتحة في صلاة الصبح ، والأوليين من سائر الصلوات .
ويحصل أصل الاستحباب ، بقراءة شيء من القرآن ، ولكن سورة كاملة أفضل . حتى إن السورة القصيرة أولى من قدرها من طويلة ، وهل تسن السورة في الركعة الثالثة والرابعة ؟ قولان ؛ القديم وبه أفتى الأكثرون : لا تسن ، والجديد تسن لكنها تكون أقصر ، ولا يفضل الركعة
[ ص: 248 ] الأولى على الثانية بزيادة القراءة ، ولا الثالثة على الرابعة على الأصح فيهما .
قلت : هذا الذي صححه ، هو الراجع عند جماهير الأصحاب . لكن الأصح : التفضيل .
فقد صح فيه الحديث ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب ، والمحققون ، ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب ، عن عامة أصحابنا الخراسانيين . لكن
القاضي أبا الطيب خص الخلاف بتفضيل الأولى على الثانية ، ونقل الاتفاق على استواء الثالثة والرابعة . والله أعلم .
ويستحب أن
nindex.php?page=treesubj&link=857يقرأ في الصبح ، بطوال المفصل ، كـ ( الحجرات ) وفي الظهر بقريب من الصبح ، وفي
nindex.php?page=treesubj&link=879العصر nindex.php?page=treesubj&link=899والعشاء بأوساط المفصل ، وفي
nindex.php?page=treesubj&link=889المغرب بقصاره ، ويسن في
nindex.php?page=treesubj&link=990صبح يوم الجمعة أن يقرأ في الأولى ( آلم تنزيل ) وفي الثانية : ( هل أتى ) بكمالهما .
وأما المأموم فلا يقرأ السورة فيما يجهر في الإمام إذا سمعه ، بل يستمعه ، وإن كانت الصلاة سرية ، أو جهرية ، ولم يسمع المأموم قراءته لبعده ، أو صممه ، قرأها على الأصح .
قلت : لو قرأ السورة ، ثم قرأ الفاتحة ، لم تحسب السورة ، على المذهب والمنصوص . وذكر إمام الحرمين ، والشيخ
نصر المقدسي في الاعتداد بها ، وجهين .
قال أصحابنا :
nindex.php?page=treesubj&link=1605والمرأة لا تجهر بالقراءة في موضع فيه رجال أجانب . فإن كانت خالية ، أو عندها نساء ، أو رجال محارم ، جهرت .
وفي وجه : تسر مطلقا ، وحيث قلنا : تسر ، فجهرت ، لا تبطل صلاتها على الصحيح ، والخنثى كالمرأة .
وأما نوافل النهار المطلقة ، فيسر فيها قطعا ، وأما نوافل الليل ، فقال صاحب ( التتمة ) يجهر ، وقال
القاضي حسين ، وصاحب ( التهذيب ) : يتوسط بين الجهر والإسرار ، وهو الأصح .
ويستثنى ما إذا كان عنده مصلون ، أو نيام يهوش عليهم فيسر ، ويستثنى التراويح ، فيجهر فيها . والله أعلم .
[ ص: 249 ] فرع .
nindex.php?page=treesubj&link=28896_28895يستحب للقارئ في الصلاة ، وخارجها ، إذا مر بآية رحمة ، أن يسأل الرحمة : أو بآية عذاب ، أن يستعيذ منه . أو بآية تسبيح ، أن يسبح . أو بآية مثل أن يتفكر ، وإذا قرأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=8أليس الله بأحكم الحاكمين ) [ التين : 8 ] قال : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، وإذا قرأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=50فبأي حديث بعده يؤمنون ) [ المرسلات : 50 ] قال : آمنا بالله ، والمأموم ، يفعل ذلك لقراءة الإمام على الصحيح .
فَرْعٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=22733مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ، يَلْزَمُهُ كَسْبُ الْقُدْرَةِ بِتَعَلُّمٍ ، أَوْ تَوَسُّلٍ إِلَى مُصْحَفٍ ، يَقْرَؤُهَا مِنْهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوِ اسْتِعَارَةٍ .
فَإِنْ كَانَ فِي لَيْلٍ أَوْ ظُلْمَةٍ لَزِمَهُ تَحْصِيلُ السِّرَاجِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ . فَلَوِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ ، لَزِمَهُ إِعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَهَا .
فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27582تَعَذَّرَتِ الْفَاتِحَةُ لِتَعَذُّرِ التَّعَلُّمِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ بَلَادَتِهِ أَوْ عَدَمِ الْمُعَلِّمِ وَالْمُصْحَفِ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، لَمْ يَجُزْ تَرْجَمَةُ الْفَاتِحَةِ ، بَلْ يُنْظَرُ ؛ إِنْ أَحْسَنَ قُرْآنًا غَيْرَ الْفَاتِحَةِ ، لَزِمَهُ قِرَاءَةُ سَبْعِ آيَاتٍ ، وَلَا يُجْزِئُهُ دُونَ سَبْعٍ وَإِنْ كَانَتْ آيَاتٍ طِوَالًا .
وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ
[ ص: 245 ] لَا يَنْقُصَ حُرُوفُ كُلِّ الْآيَاتِ عَنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ : أَصَحُّهَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ الْآيَاتِ السَّبْعِ ، بِقَدْرِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَجْعَلَ آيَتَيْنِ مَقَامَ آيَةٍ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَعْدِلَ حُرُوفَ كُلِّ آيَةٍ مِنْ حُرُوفِ آيَةٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ ، فَتَكُونُ مِثْلَهَا أَوْ أَطْوَلَ ، وَالثَّالِثُ : يَكْفِي سَبْعُ آيَاتٍ نَاقِصَاتِ الْحُرُوفِ ، كَمَا يَكْفِي صَوْمُ يَوْمٍ قَصِيرٍ عَنْ طَوِيلٍ .
ثُمَّ إِنْ أَحْسَنَ سَبْعَ آيَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ، لَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ إِلَى الْمُتَفَرِّقَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إِلَّا مُتَفَرِّقَةً أَتَى بِهَا ، وَاسْتَدْرَكَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ : لَوْ كَانَتِ الْآيَةُ الْمُفْرَدَةُ لَا تُفِيدُ مَعْنًى مَنْظُومًا إِذَا قُرِئَتْ وَحْدَهَا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=21ثُمَّ نَظَرَ ) [ الْمُدَّثِّرِ : 21 ] فَيَظْهَرُ أَنْ لَا نَأْمُرَهُ بِقِرَاءَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ ، وَنَجْعَلَهُ كَمَنْ لَا يُحْسِنُ قِرَاءَةً أَصْلًا .
قُلْتُ : قَدْ قَطَعَ جَمَاعَةٌ بِأَنْ تُجْزِئَهُ الْآيَاتُ الْمُتَفَرِّقَةُ وَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْمُتَوَالِيَةَ ، سَوَاءٌ فَرَّقَهَا مِنْ سُورَةٍ أَوْ سُورٍ ؛ مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ،
وَأَبُو عَلِيٍّ البَنْدَنِيجِيُّ ، وَصَاحِبُ ( الْبَيَانِ ) وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي ( الْأُمِّ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
أَمَّا لَوْ كَانَ الَّذِي يُحْسِنُهُ دُونَ السَّبْعِ ، كَآيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ ، فَوَجْهَانِ : أَصَحُّهُمَا يَقْرَأُ مَا يُحْسِنُهُ ، وَيَأْتِي بِالذِّكْرِ عَنِ الْبَاقِي ، وَالثَّانِي : يُكَرِّرُ مَا يَحْفَظُهُ حَتَّى يَبْلُغَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ . أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=22733الَّذِي لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ ، وَفِي الذِّكْرِ الْوَاجِبِ أَوْجُهٌ : أَحَدُهَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَقُولَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَيَكْفِيهِ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الْخَمْسُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ ، وَيَجِبُ مَعَهَا كَلِمَتَانِ مِنَ الذِّكْرِ ، لِيَصِيرَ سَبْعَةَ أَنْوَاعٍ مَقَامَ سَبْعِ آيَاتٍ ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَاتِ أَنْوَاعُ الذِّكْرِ لَا أَلْفَاظٌ مُفْرَدَةٌ .
وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ : أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ شَيْءٌ مِنَ الذِّكْرِ ، وَلَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُنْقِصَ حُرُوفَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ ؟
[ ص: 246 ] وَجْهَانِ :
الْأَصَحُّ : يُشْتَرَطُ . قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَلَا يُرَاعِي هُنَا إِلَّا الْحُرُوفُ ، بِخِلَافِ مَا إِذَا أَحْسَنَ قِرَاءَةَ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ ، فَإِنَّهُ يُرَاعِي الْآيَاتِ ، وَفِي الْحُرُوفِ الْخِلَافُ .
وَقَالَ فِي ( التَّهْذِيبِ ) : يَجِبُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الذِّكْرِ . يُقَامُ كُلُّ نَوْعٍ مُقَامَ آيَةٍ ، وَهَذَا أَقْرَبُ ، وَهَلِ الدُّعَاءُ الْمَحْضُ كَالذِّكْرِ ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلشَّيْخِ
أَبِي مُحَمَّدٍ .
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَالْأَشْبَهُ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ ، يَقُومُ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا .
وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالذِّكْرِ الْمَأْتِيِّ بِهِ شَيْئًا آخَرَ سِوَى الْبَدَلِيَّةِ ، كَمَنِ اسْتَفْتَحَ ، أَوْ تَعَوَّذَ عَلَى قَصْدِ تَحْصِيلِ سُنَّتِهِمَا ، وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْبَدَلِيَّةِ فِيهِمَا ، وَلَا فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْأَذْكَارِ عَلَى الْأَصَحِّ . أَمَّا إِذَا لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا الذِّكْرِ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَرْكَعَ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=22733أَحْسَنَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يُحْسِنْ بَدَلًا ، وَجَبَ تَكْرِيرُ مَا أَحْسَنَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ ، وَإِنْ أَحْسَنَ لْبَاقِيهَا بَدَلًا فَوَجْهَانِ : وَقِيلَ : قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا يُكَرِّرُهُ ، وَأَصَحُّهُمَا يَأْتِي بِهِ وَبِبَدَلِ الْبَاقِي ؛ فَعَلَى هَذَا ، لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=22733أَحْسَنَ النِّصْفَ الثَّانِي مِنَ الْفَاتِحَةِ دُونَ الْأَوَّلِ ، أَتَى بِالذِّكْرِ بَدَلًا عَنِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ يَأْتِي بِالنِّصْفِ الثَّانِي . فَلَوْ عَكَسَ ، لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ .
وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا : يُكَرِّرُ مَا يُحْسِنُهُ ، فَيُكَرِّرُ الْمَحْفُوظَ مَرَّةً بَدَلًا ، وَمَرَّةً أَصْلًا .
وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ النِّصْفَ الْأَوَّلَ ، كَرَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ، وَأَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ : فَيَأْتِي بِهِ ، ثُمَّ بِالذِّكْرِ بَدَلًا . هَذَا كُلُّهُ إِذَا اسْتَمَرَّ الْعَجْزُ ، فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=1530_26774تَمَكَّنَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ، بِتَلْقِينٍ ، أَوْ مُصْحَفٍ ، أَوْ غَيْرِهِمَا ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْبَدَلِ ، لَزِمَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ، وَكَذَا إِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْبَدَلِ عَلَى الصَّحِيحِ .
وَعَلَى الضَّعِيفِ : يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ ، بِقَدْرِ مَا بَقِيَ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ ، فَقَدْ مَضَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَلَى الصِّحَّةِ ، وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْبَدَلِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ ، فَالْمَذْهَبُ : أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ، كَمَا إِذَا قَدَرَ الْمُكَفِّرُ عَلَى الْإِعْتَاقِ ، بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّوْمِ ، وَقِيلَ : وَجْهَانِ .
[ ص: 247 ] فَرْعٌ :
يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ
nindex.php?page=treesubj&link=1565مَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْهَا آمِينَ ، بِالْمَدِّ أَوِ الْقَصْرِ بِلَا تَشْدِيدِ فِيهِمَا .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا ، وَبَيْنَ ( وَلَا الضَّالِّينَ ) بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ ، لِيُمَيِّزَهَا عَنِ الْقُرْآنِ ، وَيَسْتَوِي فِي اسْتِحْبَابِهَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ ، وَيَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ تَبَعًا لِلْقِرَاءَةِ ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجْهَرُ ، وَقِيلَ قَوْلَانِ . وَقِيلَ إِنْ لَمْ يَجْهَرِ الْإِمَامُ جَهَرَ لِيُنَبِّهَهُ وَإِلَّا ، فَقَوْلَانِ . وَقِيلَ إِنْ كَثُرَ الْقَوْمُ جَهَرُوا ، وَإِلَّا فَلَا ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ تَأْمِينُ الْمَأْمُومِ ، مَعَ تَأْمِينِ الْإِمَامِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ . فَإِنْ فَاتَهُ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِهِ .
قُلْتُ : قَالَ أَصْحَابُنَا : لَوْ تَرَكَ التَّأْمِينَ ، حَتَّى اشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ ، فَاتَ ، وَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ ، وَفِي ( الْحَاوِي ) وَغَيْرِهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ : أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مَا لَمْ يَرْكَعْ .
قَالَ فِي ( الْأُمِّ ) : فَإِنْ قَالَ آمِينَ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ كَانَ حَسَنًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
فَرْعٌ :
يُسَنُّ لِلْإِمَامِ ، وَالْمُنْفَرِدِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=1566قِرَاءَةُ شَيْءٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ، وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ .
وَيَحْصُلُ أَصْلُ الِاسْتِحْبَابِ ، بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَلَكِنَّ سُورَةً كَامِلَةً أَفْضَلُ . حَتَّى إِنَّ السُّورَةَ الْقَصِيرَةَ أَوْلَى مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ ، وَهَلْ تُسَنُّ السُّورَةُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ ؟ قَوْلَانِ ؛ الْقَدِيمُ وَبِهِ أَفْتَى الْأَكْثَرُونَ : لَا تُسَنُّ ، وَالْجَدِيدُ تُسَنُّ لَكِنَّهَا تَكُونُ أَقْصَرَ ، وَلَا يُفَضِّلِ الرَّكْعَةَ
[ ص: 248 ] الْأَوْلَى عَلَى الثَّانِيَةِ بِزِيَادَةِ الْقِرَاءَةِ ، وَلَا الثَّالِثَةَ عَلَى الرَّابِعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا .
قُلْتُ : هَذَا الَّذِي صَحَّحَهُ ، هُوَ الرَّاجِعُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ . لَكِنَّ الْأَصَحَّ : التَّفْضِيلُ .
فَقَدْ صَحَّ فِيهِ الْحَدِيثُ ، وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ، وَالْمُحَقِّقُونَ ، وَنَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ، عَنْ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ . لَكِنَّ
الْقَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ خَصَّ الْخِلَافَ بِتَفْضِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ ، وَنَقَلَ الِاتِّفَاقَ عَلَى اسْتِوَاءِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=857يَقْرَأَ فِي الصُّبْحِ ، بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ ، كـَ ( الْحُجُرَاتِ ) وَفِي الظُّهْرِ بِقَرِيبٍ مِنَ الصُّبْحِ ، وَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=879الْعَصْرِ nindex.php?page=treesubj&link=899وَالْعِشَاءِ بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ ، وَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=889الْمَغْرِبِ بِقِصَارِهِ ، وَيُسَنُّ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=990صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى ( آلَمَ تَنْزِيلُ ) وَفِي الثَّانِيَةِ : ( هَلْ أَتَى ) بِكَمَالِهِمَا .
وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَقْرَأِ السُّورَةَ فِيمَا يَجْهَرُ فِي الْإِمَامِ إِذَا سَمِعَهُ ، بَلْ يَسْتَمِعْهُ ، وَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً ، أَوْ جَهْرِيَّةً ، وَلَمْ يَسْمَعِ الْمَأْمُومُ قِرَاءَتَهُ لِبُعْدِهِ ، أَوْ صَمَمِهِ ، قَرَأَهَا عَلَى الْأَصَحِّ .
قُلْتُ : لَوْ قَرَأَ السُّورَةَ ، ثُمَّ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ، لَمْ تُحْسَبِ السُّورَةُ ، عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ . وَذَكَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ ، وَالشَّيْخُ
نَصْرُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا ، وَجْهَيْنِ .
قَالَ أَصْحَابُنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=1605وَالْمَرْأَةُ لَا تَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ رِجَالٌ أَجَانِبُ . فَإِنْ كَانَتْ خَالِيَةً ، أَوْ عِنْدَهَا نِسَاءٌ ، أَوْ رِجَالٌ مَحَارِمُ ، جَهَرَتْ .
وَفِي وَجْهٍ : تُسِرُّ مُطْلَقًا ، وَحَيْثُ قُلْنَا : تُسِرُّ ، فَجَهَرَتْ ، لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ .
وَأَمَّا نَوَافِلُ النَّهَارِ الْمُطْلَقَةِ ، فَيُسَرُّ فِيهَا قَطْعًا ، وَأَمَّا نَوَافِلُ اللَّيْلِ ، فَقَالَ صَاحِبُ ( التَّتِمَّةِ ) يَجْهَرُ ، وَقَالَ
الْقَاضِي حُسَيْنٌ ، وَصَاحِبُ ( التَّهْذِيبِ ) : يَتَوَسَّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ .
وَيُسْتَثْنَى مَا إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مُصَلُّونَ ، أَوْ نِيَامٌ يُهَوِّشُ عَلَيْهِمْ فَيُسِرُّ ، وَيُسْتَثْنَى التَّرَاوِيحُ ، فَيُجْهَرُ فِيهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 249 ] فَرْعٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=28896_28895يُسْتَحَبُّ لِلْقَارِئِ فِي الصَّلَاةِ ، وَخَارِجِهَا ، إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ ، أَنْ يَسْأَلَ الرَّحْمَةَ : أَوْ بِآيَةِ عَذَابٍ ، أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْهُ . أَوْ بِآيَةِ تَسْبِيحٍ ، أَنْ يُسَبِّحَ . أَوْ بِآيَةٍ مَثَلٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ ، وَإِذَا قَرَأَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=8أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ) [ التِّينِ : 8 ] قَالَ : بَلَى ، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ ، وَإِذَا قَرَأَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=50فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) [ الْمُرْسَلَاتِ : 50 ] قَالَ : آمَنَّا بِاللَّهِ ، وَالْمَأْمُومُ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ .