الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحتاج إلى تغيير شخصيتي الانطوائية وعلاج الخجل والقلق!

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من تلعثم شديد جدًا، سبب لي الخجل والانطوائية منذ الطفولة، وكنت لا أتفاعل، ولا أشارك في الفصل الدراسي، ولا أذهب إلى الجامعة، ولا أحضر إلى الفصول بسبب خجلي الزائد، وبدأت حياتي العملية، وتم عمل مقابلات لشركات كثيرة، وتم الرفض، وكنت منطوياً، ولا أتفاعل، وحياتي متوقفة، وقد بدأت رحلة العلاج منذ 2013، وكانت خطوةً متأخرةً -للأسف-، ثم أوقفت العلاج في سنة 2023، بعد زيارات مختلفة، وجربت عقاقير كثيرة، ولكن التحسن كان بسيطًا جدًا، وتوقفت بعد معاناة الأعراض الانسحابية الشديدة، وحاليًا أنا بدون وظيفة، ولا زواج؛ فقد تزوجت، وتم الطلاق بعد سنتين، وكانت أسوأ أيام حياتي، والحالة النفسية ليست على ما يرام، ومتردد جدًا في اتخاذ القرارات، وعندي تسويف بدرجة كبيرة.

كانت أمامي فرصة سفر لدولة عربية، ولكني رفضتها بسبب السكن المختلط، والمواجهة المباشرة مع أفراد السكن، وحاليًا تم عمل أكثر من مقابلة شخصية، ولم أوفق، وأعتقد أن ذلك بسبب السن، وقلة الخبرة الكافية.

أشعر أني محبط وفاشل، إضافةً لكلام الناس المحبط، لماذا لم أتزوج إلى الآن في هذا العمر، وليس لدي أطفال؟ وحاليًا أمامي فرصة عمل في إحدى الشركات، ولكن براتب قليل، وتحت الاختبار، ولكني أشعر بالقلق لقبول الوظيفة الحالية؛ بسبب المواجهة والحساسية الزائدة.

تناولت عقاقير مضادات الاكتئاب، والقلق، وبعض مضادات الذهان لسنوات، وأريد علاجًا سريعًا بدون تناول عقاقير؛ لأني عانيت من أعراض انسحابية شديدة، وفي الفترة الأخيرة ذهبت لطبيب باطني، وأخبرته بأني أعاني من القلق، وتم صرف عقاقير لارتفاع الضغط، وليبراكس، ودوجماتيل 50، واستمررت لشهر فقط، وتم إيقافها، فبماذا تنصحوني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Momo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب.

أخي: الانطوائية والخجل اللذان لديك -كما تفضلت- قد يكونان جزءًا من البناء النفسي لشخصيتك، وهذه تتغير من خلال تصحيح المفاهيم.

أولًا، أنت لستَ أقل من الآخرين، هذا مهم جدًّا، والله تعالى خلقك في أحسن تقويم، يجب أن تُثبّت هذه الحقيقة.

ثانيًا: قم بتدريب مكثف لما نسميه (السيناريوهات الإيجابية)، بمعنى: أن تتصور نفسك في موقف مُعيَّن، مثلًا: طُلب منك أن تؤمَّ أو تصلي بالناس، فتتخيل، أو تتصور نفسك في هذا الموقف، وتدخل في التفاصيل الدقيقة جدًّا عن هذا الموقف: كيف وقفت أمام الناس، وكيف أنك قد ترددت، وبعد ذلك كبّرت تكبيرة الإحرام، وبدأت تحس بالخفقان في قلبك، ... وهكذا، وتدخل في كل تفاصيل الصلاة.

هذا التمرين يجب أن يستغرق عشر دقائق تقريبًا، وهذا نسميه (التعرض في الخيال)، تكرره يوميًا، ويمكن أن تغيّر مادة المواجهة؛ اليوم في الصلاة، وغدًا مثلًا طُلب منك أن تستقبل ضيوفًا، أو أصرّ عليك بعض الزملاء أن تخرج معهم إلى رحلة، وكيف أنك عانيت في البداية، ولكن في الأخير -الحمد لله -الأمور سارت في الاتجاه الصحيح، وهكذا تُعرّض نفسك في الخيال بصورة منضبطة لهذه المواجهات.

ثالثًا: يجب أن تقوم بأنشطة جماعية مفيدة وإيجابية، أولها: أن تنضم إلى إحدى حلقات القرآن، نعم، حلق القرآن بجانب الأجر العظيم منها، فهي تُنمّي شخصية الإنسان، وتُزيل الانطوائية عنه؛ لأنك تجلس في أمانٍ، وتحيط بك الملائكة مع الآخرين، والنشاط الآخر هو: أن تمارس رياضةً جماعيةً، مثل كرة القدم؛ هذه كلها علاجات مهمة جدًّا، ويجب أن تجعلها برنامجًا حياتيًا.

أخيرًا -وهو مهم جدًّا-: أن تلتزم مع نفسك أن تقوم بالواجب الاجتماعي؛ إذا كان هناك مريض تعرفه فلا بد أن تسعى إلى زيارته في منزله، أو في المستشفى، ويجب أن تمشي في الجنائز، وأن تصلي على الجنائز، هذا مهم جدًّا، ويُطوّر شخصيتك بصورة غير عادية، وعليك أن تصل رحمك؛ فهذا أيضًا من الوسائل العلاجية التي تبني شخصية الإنسان، وعليك أن تُحسّن إدارة وقتك، وألّا تترك للفراغ أي مجال، وبالرغم من أنه ليس لديك عمل، لكن يمكنك أن تنظم وقتك.

وأنا أنصحك أن تبدأ العمل في الشركة حتى وإن كان الراتب قليلًا؛ لأن الهدف ليس الراتب فقط، وإنما الهدف هو أن تطور نفسك اجتماعيًا، وأريد أن أنصحك بالحرص على أن تكون تعبيرات وجهك طيبةً، وأن تكون نبرة صوتك متوازنةً، وأن تكون لغة جسدك -خاصةً حركة يديك- متوائمةً مع الموقف.

ويمكن أن تقوم أيضًا بتمارين حول هذا الموضوع، مثلًا: قف أمام المرآة، وتصور أنك تتحدث إلى جمع من الناس، وكيف أنك بدأت الكلام في الموضوع، أو كنت تجلس في مجلس مع بعض الأهل، يجب أن تطبق هذه التمارين، فهي تمارين جيدة ومفيدة، وقائمة على ثوابت علمية، هذه هي الطرق المتاحة لتغيير نفسك، فأرجو أن تأخذ كل ما ذكرته لك بجدية وتطبقه.

وبالنسبة للأدوية: فلا بأس أن تتناول عقارًا واحدًا فقط، مثلًا: دواء مثل الـ (بروزاك - Prozac)، واسمه العلمي (فلوكسيتين - Fluoxetine)، دواء ممتاز وسليم ويفيدك -إن شاء الله تعالى-، ابدأ بكبسولة واحدة (20 ملجم) يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولتين (40 ملجم) يوميًا، واستمر عليها لمدة عام، وهو دواء سليم، وفعّال، وممتاز جدًّا، ثم بعد ذلك خفّضها إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة عام آخر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله.

هذا هو الذي أريد أن أوجّهه لك، وأنصحك به، وأشكرك على الثقة في الإسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً